أخبار مختارة

كواليس الوثيقة .. هذه هي الحقيقة !!

سيف الدولة حمدناالله

مضى الوقت الذي كان تُكتب فيه الحقيقة بأقلام أجيال المُستقبل، حينما كانت القاعدة تقول: أن المُنتصِر هو الذي يكتب التاريخ، فبفضل تقنية العصر، أصبح “المضيوم” هو صاحب القلم الذي يستطيع من هاتف “خليوي” أن يُطلِق حقيقة وفصول أحداث الحقبة التي عاشها ساعة بساعة، وأهمية تناول موضوع الوثيقة الدستورية يكمن في أن كتب التاريخ سوف تُسجِّل أن هذه الوثيقة كانت وراء إجهاض آمال وأحلام الشعب الذي صبر ثلاثون عاماً لتتحقق له العدالة والقصاص، ودفع ثمن ذلك شباب وصبيان توسّدوا الطين تحت التُراب وهم يعتقدون أنهم تركوا أوطانهم تحت أيدي أمينة.

في هذا المكتوب – وبغرض التركيز – سوف أتناول ما حدث في خصوص النصوص التي وردت بالوثيقة الدستورية بشأن القضاء والنيابة العامة فقط، وقد إقتصر النص في هذا الباب بالوثيقة على آلية تعيين رئيس القضاء والنائب العام وقضاة المحكمة العليا، دون أن تقوم تلك النصوص بمعالجة إصلاح هذين الجهازين في غياب الآلية التي تضمن تنظيفهما من كوادر التنظيم السياسي الذين يُسيطرون حتى الآن على مقاليد الأمور فيهما، وأدهى من ذلك، أن أصبح لهم الصوت الأعلى والمسموع في تعيين قيادات هذين الجهازين.

ما حدث أن الوثيقة الدستورية، منذ صدور المسودة الأولى، إحتفظت بنص واحد ويتيم يقول بأن تعيين رئيس القضاء والنائب العام يتم بواسطة مجلسي القضاء والنيابة، وبمجرد نشر المسودة، تم التنبيه لعُطب هذه الآلية لكونها قد وضعت العربة أمام الحصان بحسب التفصيل الذي ورد في وقته (وهو منشور ومتيسِّر للرجوع إليه) وقد قمت بوصف ذلك في مقال يحكي عنوانه ما ورد في مضمونه (فزورة تعيين رئيس القضاء).

إستمر هذا النص على حاله، بإصرار غير مفهوم من اللجنة الفنية وقوى الحرية والتغيير برغم إخطاري برسالة مكتوبة للأخ عمر الدقير بمخاطر ذلك، كما فعل الأخ محمد سليمان القيادي بحركة (حق) الشيئ نفسه بإخطار قوى الحرية والتغيير بموجب مذكرة ساعدت في إعدادها.

خرج الأستاذ ساطع بعد كل هذا الصراخ بالصوت والصورة في مؤتمر صحفي وقال بالحرف أن هذه الوثيقة نهائية وسوف تسري بدون تعديل، وقد كان له ما أراد، حتى دخلت الوثيقة مرحلة التوقيع. حينها أدركت “قحت” خطورة الموقف، فقامت قبل يومين من توقيع الوثيقة بالطلب من المجلس العسكري مساعدتها في إنقاذ الموقف بأن يقوم الفريق البرهان بإصدار قرار بتعيين مرشحيها للمنصبين بموجب سلطاته كرئيس للمجلس العسكري، وهي السلطة التي تسري حتى لحظة التوقيع على الوثيقة، وقد إستجاب المجلس العسكري للطلب، ووافق على منح “قحت” هذه المكرمة الودِّية.

تقدمت “قحت” بحسب الإتفاق بمرشحيها الأستاذين عبدالقادر محمد أحمد ومحمد الحافظ محمود قبل موعد توقيع الوثيقة بيوم واحد، ثم كان إعتراض المجلس العسكري على إسميهما لأسباب لم يُفصح عنها حتى الآن، وبسبب ضيق الوقت وإكتمال ترتيبات توقيع الوثيقة وإبلاغ الضيوف الأجانب بموعدها، حاولت “قحت” إنقاذ الموقف مرة أخرى بأن أدخلت تعديلاً على الوثقة في اللحظات الأخيرة يقضي بأن يكون للمجلس السيادي سلطة تعيين شاغلي المنصبين بشكل إستثنائي، هذه حقائق وما يعزز صدقها ما يلي:

– أن الأستاذة إبتسام سنهوري ذكرت في توضيحها أنها قامت بشطب هذا التعديل بمنح سلطة التعيين للسيادي بالمسودة بعد التوافق الذي حدث بموافقة البرهان على تعيين رئيس القضاء والنائب العام.
– ثم قولها بأنها عادت وأدخلت التعديل بعد إعتراض المجلس العسكري على المُرشَحين، وقولها بأنها نصحت “قحت” بعدم التوقيع على الوثيقة ما لم يُعتمد التعديل.

ملاحظة أخيرة، أن ما ورد في بيان الأساتذة كمال الجزولي وتاج السر الحبر ومحمد الحافظ محمود فيه تأكيد (وليس نفي) على أنهم دعموا الآلية التي إقترحتها الوثيقة في التعيين، بمبرر أن في ذلك ضمان لإستقلال القضاء.

مُحصلة ما جرى، أن كلمة المكوِّن العسكري في رفض مُرشَحي الثورة للمنصبين أصبحت هي النافذة، وأن “قحت” ومن بعدها المُكوّن المدني بمجلس السيادة قبِلوا بأسماء البدائل للمنصبين إنقاذاً للموقف وحفظاً لماء الوجه.

هذه هي الحقائق مُجرّدة، ولا يزال الذين تسببوا في هذه الكارثة يعملون في نشاط بلجان “قحت”.
سيف الدولة حمدناالله

‫8 تعليقات

  1. المخرج الوحيد هو الإسراع في عملية السلام خصوصا هنالك ضغط دولي علي الحركات المسلحة بالقدوم دون شروط تعجيزية علي عملية مباحثات السلام.. والتوقيع علي وثيقة السلام الدائم يبداء مباشرا تكوين المجلس التشريعي واول قراراته هو حل معضلة المجالس القانونية والعدلية

  2. الأخ مولانا سيف الدولة ما لخصته هو فعلاً ما حصل ومحصلته أن العسكر استغلوا غشامة هؤلاء القانونيين الأغرار الذين أقحموا بأنفسهم مستشارين فنيين وخبراء صياغة قانونية وهم تعوزهم الخبرة والحنكة السياسية اللازمة والروح الثورية المفترضة كدافع لإقحام أنفسهم في هذا العمل وغفلوا جميعاً عن حقيقة أن التغيير المنشود يقوم كله على الحسم الثوري بآليات العدل والمساواة في يد الثورة وليس الثورة المضادة التي خبرنا قضاءهم وعدلهم بما فيه الكفاية لأي قانوني شهد حكم الأنجاس خلال الثلاثين عاما الماضية.
    لقد تمسك هذا الرهط الأرعن بقيم عدلية مثل استقلال القضاء ولم يفطنوا إلى الجهة التي يفترض بها تطبيقها، بل ظنوا أنها شروط لقوى الثورة لتطبيقها في الفترة الانتقالية ولتصير دستورا دائماً فيما بعد. وهذه فكرة استراتيجية ولكن، ويا للحسرة، نسوا بل فرطوا في كيفية إزالة الأجهزة العدلية والذين يقومون عليها من الفلول وهي الأجهزة التي كانت محتكرة تماماً لهم وإلى اليوم، فجاء تمسكهم بقيمة استقلال هذه الأجهزة لصالح الفلول الذين يسيطرون عليها، استقلال بلا حيادية فتأمل، وكان المأمول أن تكون هذه الأجهزة في يد الثورة وهي رافعة لشعارات العدالة والمساواة وهي الأقدر وهي الأعدل على تحقيقها واقعا ملموسا مع الكل ومع كل الذين تطالهم يد العدالة الثورية من الفاسدين والمجرمين سواء من الفلول أو خلافهم. أفلا تأنس قوى الثورة في نفسها الكفاءة في إقامة العدل وهي التي جاءت بهذه الشعارات والتي لم يعرفها النظام السابق وقضاؤه إلا تطبيقات معكوسة ومقلوبة على غيرهم أما هم أنفسهم فقد كانوا فوق القانون وقيمه التي رفعتها الثورة شعارات للتطبيق وتعليم الطامحين لحكم السودان مستقبلاً. وإنني لأستعجب كيف لم يفهم هؤلاء الرهط من القانونيين هذه المسألة وفيهم السياسيون والثوريون الذين يقودون بعض قوى الحرية والتغيير ومن أحزاب ما زالت تدعي قيادة الثورة!! كيف غفل هؤلاء أن قيمة استقلال القضاء هذه قيمة استراتيجية لا يمكن تأسيسها إلا على أنقاض النظام العدلي القائم، إذ كيف تمنح نظاما قضائيا فاسدا ومرتشيا وظالما وقائما على المحسوبية السياسية والتمكين حصانة استقلال القضاء وقد قامت الثورة أساساً لاقتلاعه؟! لقد كان يلزم قبل التمسك بقيمة استقلال القضاء تحديد أي قضاء وأي نظام قضائي مؤهل لاستيعاب هذه القيمة. فهي إن أعطيت لنظام قائم أصلاً على نقيض هذه القيمة فلن تكون إلا تحصينا له وتمكينا على تمكين له. فكيف نمكن لاستمرار نظام منحاز بالكامل للثورة المضادة بدعوى مراعاة مباديء استقلال القضاء؟!
    ما ذكرت ينطبق كل الرهط، أما الثنائي ابتسام سنهوري وساطع الحاج، فقد خدعا الجميع بمثلما انخدعا للعسكر! فهما بدلاً من وضع وثيقة مكتوبة تثبت بنود وثيقة دستورية يقوم عليها الحكم الانتقالي وبما يحسم أي نزاع في العمل بين أجهزة السلطة الانتقالية، هذا إذا عفيناهما من تمثل أهداف الثورة، تركا إثبات النصوص واعتمدا على وعود العسكر الخادعة وهم أساساً ليسوا أهلاً للتعامل بالثقة العمياء بعد كل الذي حدث ورأيناه منهم! ثم كيف لقانوني أن يغفل عن حقيقة كون المتهم، أي متهم، لا يمكن يسلمك رقبته وهو يدري أنك تسوقه إلى حبل المشنقة! فكيف جاز لهذا الثنائي أن يسحبا نصا من المسودة قبل التوقيع اعتمادا على وعد من الطرف الذي يملك القرار في حينه باصدار القرارات المطلوبة قبل زوال سلطته؟ ألم يسألا نفسيهما وماذا إذا لم يفعل ذلك الطرف حتى دخول النص المغاير حيز النفاذ وانتهت صلاحية صاحب الوعد؟ لقد تم تنبيههما حتى إن فات عليهما سؤال نفسيهما ذاك السؤال كما جاء في مقال مولانا سيف الدولة ولا عذر لهما، مع ابتسام سنهوري تحاول أن تعتذر بأن ترشيح قوى الحرية والتغيير للشخصين المعينين بالذات هو الذي جعل العسكر يتراجعون عن وعدهم، وهو عذر أقبح من الذنب، فأنت التي منحتيهم فرصة هذا الزوغان ولو كنتما مهنيين بما يكفي لما قمتما بسحب التعديل مقابل وعد شفوي!!

  3. المطلوب الان شيءان : محاسبة الذين تسببوا في هذا الأمر الخطير وكشف أسماءهم وإبعادهم من اي عمل له علاقة بالثورة ، الشئ الثاني السعي لطرح مقترحات للخروج من هذا المأزق

  4. يا مولانا لك التحية و الاحترام
    دايرين نمشى خطوة للأمام بدلا من ساطع غلط و ابتسام ما عندها خبرة، قلنا الكلام ده و عدناه كتير.

    الوثيقة الموقعة نشرت بالغازيتة الان، دعونا من الكواليس و حصل كذا و حصل كذا.

    الآن سيتم تعيين رئيس قضاء و نائب عام، ماذا بعد؟

  5. مولانا الف تحية لك
    الثورة لم تنتصر والحرية والتغيير لم تنال سوى مجلس الوزراء وهذا ما يريده أعداء الشعب
    واتحدى اي واحد يقول الثورة انتصرت

  6. يقولون ثورة ويقولون العهد البائد .. اي عهد بائد وبرهان ربيب عمر البشير ومسوق المرتزقة في اليمن وشريك عمر البشير واحمد هارون وحميدت في الابادة الجماعية متربع على عرش مجلس السيادة؟ هذا الرجل يجب ان يسلم مع اؤلئك للجنائية الدولية
    على الشعب السوداني الا ينخدع بالثورة التي اجهضها برهان ورفاقه
    وعليه الا يعول على مجلس الوزراء الهش

  7. مولانا اسلوبك متعالي دايما
    مقالاتك كلها الصحيح كذا وليس من الصحيح كذا
    لا تنصب نفسك مصحح للثورة
    سيتجاوزك قرائك

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..