حاميها حراميها!

ماذا تقول تلك الطبيبة المريضة؟

صرحت د. عطيات مصطفى، مديرة وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل، لوكالة السودان للأنباء، في يوم 31/7/2013، بأن قانون الأحوال الشخصية السوداني لم يحدد سنا معينة للزواج. وأقرت عطيات بعدم وجود فقرة، في المادة 40 من قانون الأحوال الشخصية السوداني، تحدد سنا للزواج. لم تتساءل تلك الطبيبة المريضة، ولو للحظة، عن مهامها التي تمارسها كمديرة لمكافحة العنف ضد المرأة والطفل! والأنكى من ذلك أنها قد واصلت في طرح الموضوع وكأنه مشروع جارٍ البحث فيه، بل ودعت، سيادة الطبيبة، كل الجهات لأن تشارك وتواصل في المغالطة وزعم أن الخلاف هو في الأصل بين الرؤى التاصيلية والعلمية والقانونية. وتشير الطبيبة المديرة إلى أن قانون الطفل حدد سن المسؤولية للفتاة باثني عشر عاماً قائلة إن التشريع واضح دون أن تذكر ماهو ذلك التشريع الواضح! “التشريع واضح هنا”، قالت الطبيبة المديرة، ثم أشارت، دون أي ذرة من حياء، إلى أنه إذا بلغت الفتاة في سن مبكرة، وأصبحت “مكتملة”، من الناحية الصحية، يمكن لها أن تتزوج وأن تنجب.

ماذا تقول تلك الطبيبة المريضة عن مستقبل الطفلة السودانية؟! ماذا تقول تلك المريضة، المنفصمة، نفسياً، والمتخلفة، فكرياً، عن التشريع الذى نعرفه كلنا، والذي يبيح زواج الصغيرات! ثم ماذا تقول، تلك الطبيبة الانتهازية، عن ضرب الزوجة من قبل زوجها الذى يبيحه الشرع! وماذا تقول، مديرة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل تلك، عن ختان البنات، بكل أشكاله، فرعونية كانت أم سنية؟! وماذا تقول، تلك الطبيبة الانتهازية، المنفصمة، نفسياً، والمتخلفة، فكرياً، والتى تعمل ضد بنات جنسها، لطفلة لم تبلغ، بعد، سن الثامنة عشر في حالة تعرضها، وهي بعد طفلة صغيرة، لتجربة ممارسة جنسية قد تؤدي لتمزيق أعضائها التناسلي، وهي طبيبة متخصصة في أمراض النساء والولادة؟! فيا للعجب! ألم يكفى تجار الدين، حكام الابادة الجماعية، انتهاك كل حرمات الشعوب السودانية ونسائهم حتى لم يبق لهم الآنَ شيء سوى اغتصاب الاطفال وافتراسهم، باسم الزيجات المتأسلمة، المبتكرة مؤخراً، الخربة البالية؟!

قد يتبادر لأذهان الكثيرين أنه ليست هنالك جهة مسؤلة عن وقف العنف ضد النساء والأطفال في السودان وذلك على ضوء ما يتعرضون له، باستمرار، من عنف ممنهج ومكرس من قبل حكومة الإبادة الجماعية. لكن، لدهشة الجميع، توجد، بالفعل، تلك الجهة التي هي، في حقيقة الأمر، تعمل على سن القوانين التي تعمل على تكريس وتشجيع ممارسات العنف ضد النساء والأطفال. أين تلك الطبيبة المريضة من آلاف النساء اللائي تم اغتصابهن في سجون نظام الابادة الجماعية؟ أين تلك المريضة من الآلاف من النساء والأطفال الذين اغتصبوا وذبحوا في دارفور ومناطق الحروب المختلفة؟ أين تلك الطبيبة من تجنيد الاطفال في الجيش السوداني ليقتلوا أهلهم من شعوب السودان المهمشة؟ أين تلك الإدارة من زواج الصغيرة الذي كان يتستر عليه رجال الدين في السابق والآن يتم الإعلان عنه، بكل بجاحة، من قبل هيئة جهلاء السودان؟ أين تلك الطبيبة المريضة من كل دعاوي النكاح.. النكاح.. النكاح.. وتعدد الزوجات السائد الذى يهدد أمن واستقرار الأسرة والطفل؟ وأين هي من صفوف الزوجات المهجورات الطويلة المرابطة على أبواب المحاكم الشرعية، الباحثات عن أزواج غائبين هاربين لا يدري أحد عن مكانهم شيئا؟ ما هو موقف تلك المريضة من حق الزوجات الإنساني، الديني والدنيوي، في طلب الطلاق بدعوى غياب الزوج الكامل عن بيت الزوجية وعدم التزامه بتأدية واجباته ومسؤلياته الشرعية والقانونية والمادية تجاه زوجته وأطفاله؟

إن الهدف الأساسي من وجود تلك الإدارة هو التجميل والتغبيش والتحريض على العنف ضد المرأة والطفل السوداني. ومهمة تلك الطبيبة المريضة الانتهازية ماهي إلا تجميل وجه حكومة الإبادة الجماعية وتمكينها، في ذات الوقت، من ممارسة كل أشكال العنف ضد المرأة والطفل دون وازع أوضمير أو رقيب، محليا كان أوعالميا، لما يحدث في السودان. فتلك الإدارة أداة من أدوات النظام الإبادي لممارسة العنف، وليس لمحاربته، ضد المرأة والطفل السوداني. لذا يجب علينا كشف ومحاسبة تلك الطبيبة المريضة بواسطة القضاء الجنائي، محليا وإقليمياً، وعالميا لما تمارسه من تحريض وتحايل وعنف ضد المرأة والطفل السوداني. كما ويجب شطب اسمها من السجل الطبي لممارسي مهنة الطب في السودان.

إن الطفلة، أيتها الجاهلة، لايمكن أن تكون “مكتمله” وصالحة للزواج، كما تدعين، صحيا ونفسيا و عقليا واجتماعيا ومعرفيا، قبل سن الثامنة عشر-على الاقل- ولممارسة الجنس والحمل والولادة وتربية النشئ. وإن كانت تلك الطفلة قادمة من القرى أو المدن فلا فرق بينهما في ذلك. وأود التنبيه هنا إلى أن كل مواثيق حقوق الانسان تحمى الأطفال من الزواج المبكر لما له من أضرار فظيعة وعنيفة ومستدامة على إنسانيتهم. وحتى لو كان الشرع يبيح زواج الصغيرة نقول هنا إنه لا مجال للشرع هنا في التشريع وذلك حماية للأطفال من الاستغلال الجنسي والتلذذ باجسادهم وحرمانهم من مواصلة التعليم وممارسة الحياة الإنسانية الطبيعية. فهل تدرين، أيتها الطبيبة الجهولة، مع كل ما تقومين به من مهام وظيفية وواجبات مهنية، أن الحيوانات، وهي أدنى مرتبة من الانسان، الذي يتميز بالعقل والتفكير، لا تمارس الجنس مع صغارها ولا تشبع غرائزها بالتلذذ بالحيوانات الصغيرة؟! وهل تعلمين أن عدد النساء الناضجات الصالحات للزواج في السودان يفوق عدد الرجال المؤهلين للزواج؟ لماذا، إذاً، والحال كذلك، الدعوة لزواج الصغيرات في هذا الوقت بالذات اذا لم يكن هدفه هو التحرش والتلذذ الجنسي بالأطفال؟ وتلك ممارسة يعاقب عليها القانون الدولي وتدينها كل الأعراف والأخلاق الإنسانية الرفيعة.

أخيرا أبشرك، أيتها الطبيبة المريضة، بأن قوى التغيير السودانية الكاسحة قادمة، لا مفر من ذلك، وسوف تقيم عليكم جميعكم القانون والمحاسبة الفورية على ممارساتكم كلها بما فيها من إنتهاكات لحقوق الإنسان والمرأة والطفل. أنت شخصياً، إذاً، في أعلى قائمة المتواطئين والمشاركين في نظام الإبادة الجماعية الظلامي القمئ.

حقاً إن حاميها حراميها!
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. لك التحية
    الأنكى والأمر يا باشمهندسة أنها متخصصة في طب الأطفال وليس نساء وولادة ، تخصص محلى!!، دى زولة أى كلام

  2. الحديث ذو شجون يا حضرة الكاتبة …مبدئيا كلامك صاح مية المية …ولكننا نعيش فى زمن عجيب فالضائقة الاقتصادية والظروف القاهرة التى تعيشها الاسر …وبالذات الخريجين .هى فوق طاقة البشر واصبح شىء عادى ان تجد من تخطت سن الخمسين ولم تتزوج بعد وهى لا ينقصها شىء ….نحن فى زمن عز الزواج وندر ..واصبحت الفتاة هم وكابوس حقيقى لاسرتها من خوفهم ان يفوتها سن الزواج فى مجتمع لا يرحم ولا يعذر ….لذلك ما هو الافضل للفتاة ان تتزوج فى عمر مبكر اذا سنحت لها فرصة أم تجازف بعدم الزواج اطلاقا اذا ضيعت مثل تلك الفرصة ..؟؟

  3. مقال ممتاز ويلزم كل مسلم قراءته :

    إسلام بحيرى

    زواج النبى من عائشة وهى بنت 9 سنين كذبة كبيرة فى كتب الحديث

    الخميس، 16 أكتوبر 2008 – 00:17

    إسلام بحيرى رئيس مركز الدراسات الإسلامية بـ«اليوم السابع»

    > السيرة و أمهات الكتب ترد على أحاديث البخارى وتؤكد أن ابنة أبى بكر تزوجت النبى وهى فى الثامنة عشرة من عمرها < حينما تظهر أصوات العقلاء لتدافع عن الرسول عليه الصلاة والسلام مؤكدة بالتاريخ والروايات الموثقة عدم دقة الكثير من الروايات التى يأخذها البعض على الإسلام مثل رواية زواج النبى عليه الصلاة والسلام من السيدة عائشة وهى فى عمر تسع سنين، تواجهها تلك العقبة المقدسة التى تقول بقدسية المناهج الفقهية القديمة، وكتب البخارى ومسلم، وتعصمها من الخطأ، وترفض أى محاولة للاجتهاد فى تصحيح روايتها حتى ولو كانت محل شك، فهى العلوم وحيدة زمانها، والتى لا تقبل التجديد ولا الإضافة ولا الحذف ولا التنقيح ولا التعقيب ولا حتى النقد. وكذا هو الحال مع الرواية ذائعة الصيت التى يكاد يعرفها كل مسلم, والتى جاءت فى البخارى ومسلم, أن النبى (صلى الله عليه وسلم) وهو صاحب الخمسين عاما قد تزوج أم المؤمنين (عائشة) وهى فى سن السادسة, وبنى بها-دخل بها- وهى تكاد تكون طفلة بلغت التاسعة, وهى الرواية التى حازت ختم الحصانة الشهير لمجرد ذكرها فى البخارى ومسلم, رغم أنها تخالف كل ما يمكن مخالفته, فهى تخالف القرآن والسنة الصحيحة وتخالف العقل والمنطق والعرف والعادة والخط الزمنى لأحداث البعثة النبوية, والرواية التى أخرجها البخارى جاءت بخمس طرق للإسناد وبمعنى واحد للمتن-النص- ولطول الحديث سنورد أطرافه الأولى والأخيرة التى تحمل المعنى المقصود, (البخارى - باب تزويج النبى عائشة وقدومها المدينة وبنائه بها-3894): حدثنى فروة بن أبى المغراء: حدثنا على بن مسهر، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة رضى الله عنها قالت: «تزوجنى النبى صلى الله عليه وسلم وأنا بنت ست سنين، فقدمنا المدينة،... فأسلمتنى إليه، وأنا يومئذ بنت تسع سنين». بالاستناد لأمهات كتب التاريخ والسيرة المؤصلة للبعثة النبوية ( الكامل- تاريخ دمشق - سير اعلام النبلاء - تاريخ الطبرى - البداية والنهاية - تاريخ بغداد - وفيات الأعيان, وغيرها الكثير), تكاد تكون متفقة على الخط الزمنى لأحداث البعثة النبوية كالتالى: البعثة النبوية استمرت (13) عاما فى مكة, و(10) أعوام بالمدينة, وكان بدء البعثة بالتاريخ الميلادى عام (610م), وكانت الهجرة للمدينة عام (623م) أى بعد (13) عاما فى مكة, وكانت وفاة النبى عام (633م) بعد (10) أعوام فى المدينة, والمفروض بهذا الخط المتفق عليه أن الرسول تزوج (عائشة) قبل الهجرة للمدينة بثلاثة أعوام، أى فى عام (620م), وهو ما يوافق العام العاشر من بدء الوحى، وكانت تبلغ من العمر (6) سنوات, ودخل بها فى نهاية العام الأول للهجرة أى فى نهاية عام (623م), وكانت تبلغ (9) سنوات, وذلك ما يعنى حسب التقويم الميلادى أى أنها ولدت عام (614م), أى فى السنة الرابعة من بدء الوحى حسب رواية البخارى، وهذا وهم كبير. نقد الرواية تاريخيا: 1 - حساب عمر السيدة (عائشة) بالنسبة لعمر أختها (أسماء بنت أبى بكر-ذات النطاقين-): تقول كل المصادر التاريخية السابق ذكرها إن (أسماء) كانت تكبر (عائشة) بـ(10) سنوات, كما تروى ذات المصادر بلا اختلاف واحد بينها, أن (أسماء) ولدت قبل الهجرة للمدينة بـ (27) عاما, ما يعنى أن عمرها مع بدء البعثة النبوية عام (610م) كان (14) سنة, وذلك بإنقاص من عمرها قبل الهجرة (13) سنة وهى سنوات الدعوة النبوية فى مكة, لأن (27-13= 14سنة), وكما ذكرت جميع المصادر بلا اختلاف أنها أكبر من (عائشة) بـ (10) سنوات, إذن يتأكد بذلك أن سن (عائشة )كان (4) سنوات مع بدء البعثة النبوية فى مكة, أى أنها ولدت قبل بدء الوحى بـ (4) سنوات كاملات, وذلك عام (606م), ومؤدى ذلك بحسبة بسيطة أن الرسول عندما نكحها فى مكة فى العام العاشر من بدء البعثة النبوية كان عمرها (14) سنة, لأن (4+10=14 سنة), أو بمعنى آخر أن (عائشة) ولدت عام (606م), وتزوجت النبى (620م), وهى فى عمر (14) سنة وأنه كما ذُكر بنى بها-دخل بها- بعد (3) سنوات وبضعة أشهر» أى فى نهاية السنة الأولى من الهجرة وبداية الثانية، عام (624م), فيصبح عمرها آنذاك (14+3+1= 18سنة كاملة), وهى السن الحقيقية التى تزوج فيها النبى الكريم (عائشة). 2 - حساب عمر (عائشة) بالنسبة لوفاة أختها(أسماء-ذات النطاقين): تؤكد المصادر التاريخية السابقة بلا خلاف بينها أن (أسماء) توفيت بعد حادثة شهيرة مؤرخة ومثبتة، وهى مقتل ابنها (عبد الله بن الزبير) على يد (الحجاج) الطاغية الشهير, وذلك عام (73هـ), وكانت تبلغ من العمر (100)سنة كاملة, فلو قمنا بعملية طرح لعمر( أسماء) من عام وفاتها (73هـ), وهى تبلغ (100) سنة فيكون ( 100-73=27 سنة) وهو عمرها وقت الهجرة النبوية, وذلك ما يتطابق كليا مع عمرها المذكور فى المصادر التاريخية, فإذا طرحنا من عمرها (10) سنوات- وهى السنوات التى تكبر فيها أختها (عائشة)- يصبح عمر (عائشة) (27-10=17سنة) وهو عمر (عائشة) حين الهجرة, ولو بنى بها - دخل بها - النبى فى نهاية العام الأول يكون عمرها آنذاك(17+1=18 سنة) وهو ما يؤكد الحساب الصحيح لعمر السيدة (عائشة) عند الزواج من النبى، وما يعضد ذلك أيضا أن (الطبرى) يجزم بيقين فى كتابه (تاريخ الأمم) أن كل أولاد (أبى بكر) قد ولدوا فى الجاهلية, وذلك ما يتفق مع الخط الزمنى الصحيح, ويكشف ضعف رواية البخارى، لأن (عائشة) بالفعل قد ولدت فى العام الرابع قبل بدء البعثة النبوية. 3 - حساب عمر (عائشة) مقارنة (بفاطمة الزهراء) بنت النبى: يذكر (ابن حجر) فى (الإصابة) أن (فاطمة) ولدت عام بناء الكعبة, والنبى ابن (35) سنة, وأنها أسن-أكبر- من عائشة بـ (5) سنوات, وعلى هذه الرواية التى أوردها (ابن حجر) مع أنها رواية ليست قوية, ولكن على فرض قوتها نجد أن (ابن حجر) وهو شارح (البخارى), يكذب رواية (البخارى) ضمنيا, لأنه إن كانت (فاطمة) ولدت والنبى فى عمر (35) سنة, فهذا يعنى أن (عائشة) ولدت والنبى يبلغ (40) سنة, وهو بدء نزول الوحى عليه, ما يعنى أن عمر (عائشة) عند الهجرة كان يساوى عدد سنوات الدعوة الإسلامية فى مكة وهى (13) سنة, وليس (9) سنوات, وقد أوردت هذه الرواية فقط لبيان الاضطراب الشديد فى رواية البخارى. نقد الرواية من كتب الحديث والسيرة: 1 - ذكر (ابن كثير) فى (البداية والنهاية) عن الذين سبقوا بإسلامهم: «ومن النساء... أسماء بنت أبى بكر وعائشة وهى صغيرة فكان إسلام هؤلاء فى ثلاث سنين ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) يدعو فى خفية, ثم أمر الله عز وجل رسوله بإظهار الدعوة», وبالطبع هذه الرواية تدل على أن (عائشة) قد أسلمت قبل أن يعلن الرسول الدعوة فى عام (4) من بدء البعثة النبوية, يما يوازى عام (614م), ومعنى ذلك أنها آمنت على الأقل فى عام (3) أى عام (613م), فلو أن (عائشة) على حسب رواية (البخارى) ولدت فى عام (4) من بدء الوحى, معنى ذلك أنها لم تكن على ظهر الأرض عند جهر النبى بالدعوة فى عام (4) من بدء الدعوة, أو أنها كانت رضيعة, وهذا ما يناقض كل الأدلة الواردة, ولكن الحساب السليم لعمرها يؤكد أنها ولدت فى عام (4) قبل بدء الوحى أى عام (606م), ما يستتبع أن عمرها عند الجهر بالدعوة عام (614م), يساوى (8) سنوات وهو ما يتفق مع الخط الزمنى الصحيح للأحداث, وينقض رواية البخارى. 2 - أخرج البخارى نفسه ( باب - جوار أبى بكر فى عهد النبى) أن (عائشة) قالت: «لم أعقل أبوى قط إلا وهما يدينان الدين ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله طرفى النهار بكرة وعشية، فلما ابتلى المسلمون خرج أبو بكر مهاجرا قِبَلَ الحبشة», ولا أدرى كيف أخرج البخارى هذا, فـ (عائشة) تقول إنها لم تعقل أبويها إلا وهما يدينان الدين, وذلك قبل هجرة الحبشة كما ذكَرَت, وتقول إن النبى كان يأتى بيتهم كل يوم, وهو ما يبين أنها كانت عاقلة لهذه الزيارات, والمؤكد أن هجرة الحبشة، إجماعا بين كتب التاريخ كانت فى عام (5) من بدء البعثة النبوية ما يوازى عام (615م), فلو صدقنا رواية البخارى أن عائشة ولدت عام (4) من بدء الدعوة عام (614م), فهذا يعنى أنها كانت رضيعة عند هجرة الحبشة, فكيف يتفق ذلك مع جملة (لم أعقل أبوى) وكلمة أعقل لا تحتاج توضيحا, ولكن بالحساب الزمنى الصحيح تكون (عائشة) فى هذا الوقت تبلغ (4 قبل بدء الدعوة، + 5 قبل هجرة الحبشة = 9 سنوات) وهو العمر الحقيقى لها آنذاك. 3 - أخرج الإمام (أحمد) فى (مسند عائشة): «لما هلكت خديجة جاءت خولة بنت حكيم امرأة عثمان بن مظعون فقالت: يا رسول الله ألا تتزوج, قال: من، قالت: إن شئت بكرا وإن شئت ثيبا, قال: فمن البكر قالت: أحب خلق الله إليك عائشة ابنة أبى بكر», وهنا يتبين أن (خولة بنت حكيم) عرضت البكر والثيب-المتزوجة سابقا-, على النبى فهل كانت تعرضهن على سبيل جاهزيتهن للزواج, أم على أن إحداهما طفلة يجب أن ينتظر النبى بلوغها النكاح, المؤكد من سياق الحديث أنها تعرضهن للزواج الحالى بدليل قولها (إن شئت بكرا وإن شئت ثيبا) ولذلك لا يعقل أن تكون عائشة فى ذاك الوقت طفلة فى السادسة من عمرها, وتعرضها (خولة) للزواج بقولها (بكرا). 4 - أخرج الإمام (أحمد) أيضا عن (خولة بنت حكيم) حديثا طويلاً عن خطبة عائشة للرسول، ولكن المهم فيه ما يلى: «قالت أم رومان: إن مطعم بن عدى قد ذكرها على ابنه, ووالله ما وعد أبو بكر وعدا قط فاخلفه... لعلك مصبى صاحبنا», والمعنى ببساطة أن (المطعم بن عدى) وكان كافرا قد خطب (عائشة) لابنه (جبير بن مطعم) قبل النبى الكريم, وكان ( أبو بكر) يريد ألا يخلف وعده, فذهب إليه فوجده يقول له لعلِّى إذا زوجت ابنى من (عائشة) يُصبى أى (يؤمن بدينك), وهنا نتوقف مع نتائج مهمة جدا وهى: لا يمكن أن تكون (عائشة) مخطوبة قبل سن (6) سنوات لشاب كبير- لأنه حارب المسلمين فى بدر وأحد- يريد أن يتزوج مثل (جبير), كما أنه من المستحيل أن يخطب (أبو بكر) ابنته لأحد المشركين وهم يؤذون المسلمين فى مكة, مما يدل على أن هذا كان وعدا بالخطبة, وذلك قبل بدء البعثة النبوية حيث كان الاثنان فى سن صغيرة، وهو ما يؤكد أن (عائشة) ولدت قبل بدء البعثة النبوية يقينا. 5 - أخرج البخارى فى (باب- قوله: بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر) عن (عائشة) قالت: «لقد أنزل على محمد [ بمكة، وإنى جارية ألعب «بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ», والمعلوم بلا خلاف أن سورة (القمر) نزلت بعد أربع سنوات من بدء الوحى بما يوازى (614م), فلو صدقنا رواية البخارى تكون (عائشة) إما أنها لم تولد أو أنها رضيعة حديثة الولادة عند نزول السورة, ولكن (عائشة) تقول (كنت جارية ألعب) أى أنها طفلة تلعب, فكيف تكون لم تولد بعد؟ ولكن الحساب المتوافق مع الأحداث يؤكد أن عمرها عام (4) من بدء الوحى، عند نزول السورة كان (8) سنوات، كما بينا مرارا وهو ما يتفق مع كلمة (جارية ألعب). 6 - أخرج البخارى ( باب- لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاها) قال رسول الله: «لا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا يا رسول الله وكيف إذنها قال أن تسكت», فكيف يقول الرسول الكريم هذا ويفعل عكسه, فالحديث الذى أورده البخارى عن سن أم المؤمنين عند زواجها ينسب إليها أنها قالت كنت ألعب بالبنات - بالعرائس - ولم يسألها أحد عن إذنها فى الزواج من النبى, وكيف يسألها وهى طفلة صغيرة جداً لا تعى معنى الزواج, وحتى موافقتها فى هذه السن لا تنتج أثرا شرعيا لأنها موافقة من غير مكلف ولا بالغ ولا عاقل. نقد سند الرواية: سأهتم هنا ببيان علل السند فى رواية البخارى فقط: جاء الحديث الذى ذكر فيه سن (أم المؤمنين) بخمس طرق وهى: حدثنى فروة بن أبى المغراء: حدثنا على بن مسهر، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة. حدثنى عبيد بن إسماعيل: حدثنا أبو أسامة، عن هشام، عن أبيه. حدثنا معلى بن أسد: حدثنا وهيب، عن هشام بن عروة، عن عائشة.حدثنا محمد بن يوسف: حدثنا سفيان، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة.حدثنا قبيصة بن عقبة: حدثنا سفيان، عن هشام بن عروة، عن عروة. وكما نرى ترجع كل الروايات لراو واحد وهو (عروة) الذى تفرد بالحديث عن أم المؤمنين (عائشة) وتفرد بروايته عنه ابنه (هشام), وفى (هشام) تكمن المشكلة, حيث قال فيه (ابن حجر) فى (هدى السارى) و(التهذيب): «وقال عبد الرحمن بن يوسف بن خراش: كان مالك لا يرضاه، بلغنى أن مالكا نقم عليه حديثه لأهل العراق، قدم-جاء- الكوفة ثلاث مرات، قدمةً -مرة- كان يقول: حدثنى أبى، قال سمعت عائشة، وقدم-جاء- الثانية فكان يقول: أخبرنى أبى عن عائشة، وقدم-جاء- الثالثة فكان يقول: «أبى عن عائشة». والمعنى ببساطة أن (هشام بن عروة) كان صدوقا فى المدينة المنورة, ثم لما ذهب للعراق بدأ حفظه للحديث يسوء, وبدأ (يدلس) أى ينسب الحديث لغير راويه, ثم بدأ يقول (عن) أبى، بدلا من (سمعت أو حدثنى), والمعنى أنه فى علم الحديث كلمة (سمعت) أو (حدثنى) هى أقوى من قول الراوى (عن فلان), والحديث فى البخارى هكذا يقول فيه (هشام) عن (أبى) وليس ( سمعت أو حدثنى), وهو ما يؤيد الشك فى سند الحديث, ثم النقطة الأهم أن الإمام (مالك) قال: إن حديث (هشام) بالعراق لا يقبل, فإذا طبقنا هذا على الحديث الذى أخرجه البخارى لوجدنا أنه محقق, فالحديث لم يروه راو واحد من المدينة بل كلهم عراقيون ما يقطع أن (هشام بن عروة) قد رواه بالعراق, بعد أن ساء حفظه ولا يعقل أن يمكث (هشام) بالمدينة عمرا طويلا, ولا يذكر حديثا مثل هذا ولو مرة واحدة, لهذا فإننا لا نجد أى ذكر لعمر السيدة (عائشة) عند زواجها بالنبى فى كتاب (الموطأ) للإمام مالك, وهو الذى رأى وسمع (هشام بن عروة) مباشرة بالمدينة, فكفى بهاتين العلتين للشك فى سند الرواية فى البخارى، وذلك مع التأكيد على فساد متنها - نصها - الذى تأكد بالمقارنة التاريخية السابقة. أما ابتناء الفقهاء والمحدثين وأولهم البخارى على هذا الحديث أوهاما من الأحكام عن زواج الصغيرات فهذه صفحة سوداء من صفحات التراث, سنؤجل المناقشة فيها إلى حين, والغريب أننا نجد الوهابيين يروجون مقولة، إن البلاد الحارة تجعل البنت تبلغ باكرا وهى صغيرة, وهذا كلام البلهاء والسفهاء لأن البلاد الحارة وهى الجزيرة العربية، مازالت حارة, بل إن الحرارة قد ازدادت أضعافا مضاعفة، فلماذا لم نجد البنات تبلغ قبل أوانها فى السادسة أو حتى فى التاسعة, كما أن ذلك يتناقض مع الحقائق العلمية التى تؤكد عدم وجود دور يذكر للمناخ فى البلوغ المبكر. الخلاصة: أن السيدة عائشة تزوجت الرسول بعمر الـ (18) سنة على التقدير الصحيح, وليس (9) سنوات, وأن هذه الرواية التى أخرجها البخارى ببساطة رواية فاسدة النص ومرتابة السند, لأنها تخالف الشرع والعقل والأحاديث الصحيحة والعرف والذوق والعادة، كما تخالف بشدة قصوى الخط الزمنى لأحداث البعثة النبوية, فلا يجب أن نجل البخارى ومسلم أكثر مما نجل الرسول الكريم, فلنا أن نقبل ما رفضوه وأن نرفض ما قبلوه, فالإسلام ليس حكرا على الفقهاء والمحدثين ولا على زمانهم فقط, لذا فإننا نستطيع وبكل أريحية أن نستدرك على كل كتب الحديث والفقه والسيرة والتفسير, وأن ننقدها ونرفض الكثير مما جاء بها من أوهام وخرافات لا تنتهى, فهذه الكتب فى النهاية محض تراث بشرى لا يجب ولا ينبغى أن يصبغ بالقدسية أو الإلهية أبدا, فنحن وأهل التراث فى البشرية على درجة سواء, لا يفضل أحدنا الآخر, فصواب أعمالهم لأنفسهم والأخطاء تقع علينا.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..