
يبدو أن الهتاف الذي ذاع صيته لكريمة وزير المالية – (حكومة الجوع تسقط بس) – غير دقيق وليس كافياً لشمول المعنى المراد، والأصح أن تجويع الشعوب السودانية هواية مارستها جميع الحكومات، وليست حكومة الدكتاتور وحدها، فمنذ أن تفتحت اعيننا على الدنيا وعبر كل المراحل العمرية والمدرسية لم تُزال ظاهرة صفوف الخبز والوقود والغاز من المشهد، فالأمر لا يتعلق بحكومة بعينها ولا برئيس محدد ولا بحزب سياسي معيّن، هذه الكارثة الاخلاقية والمأساة الانسانية التي ألمت بهذا الشعب المسكين، زاد من وتيرتها الاعتماد الكامل للمواطن السوداني على الوعود المقدمة من السياسيين والحكام، الذين يهمهم الحفاظ على كرسيهم أكثر من أي شيء آخر، فكل الوالجين لباب الوزارة لهم دوافعهم الشخصية ولا علاقة لهم بتحقيق احلام الغبش المساكين، وغالبيتهم وصلوا لهذه المواقع عبر التنافس والكيد السياسي، وبناءً على مخرجات الصراع حول السلطة منذ عهود الازهري والنميري والصادق والبشير، فالاحزاب السياسية لن تتخلى عن ثأراتها القديمة وسوف تسعى بكل جد للأنتقام وللانتصار لذاتها، وتحت أقدام أفيال هذه الاحزاب المتصارعة تموت الحشائش والأشجار التي ينتظر ثمارها محمد احمد المسكين.
اسقاط هذه الحكومات المتشابهة في كل شيء لم يعد هدفاً مهماً ولا حلاً جذرياً للمشكلة، لأننا اسقطنا الأزهري وعبود والنميري والصادق والبشير من قبل، لكن النتائج جاءت صفرية بل وهبطت الى ما تحت الصفر، في كل مرة يستبشر المنتفضون خيراً بالحديث المعسول للحاكم الجديد والوعود المخضبة بحناء الجمال، وفي الآخر يثور الثائرون ويكتشفوا أن أحمد هو نفسه حاج احمد، وأن الساقية مازالت تلف وتدور ثم تدور كما غنّى المغني الراحل حمد الريح، لذا واجب سكان البلاد من كبيرهم الى صغيرهم البحث عن حلول أخرى غير هذا الحل التقليدي المجرّب، والذي لم يأت بجديد يذكر وانما كله قديم معاد، فكلما ازحنا حاكماً متغطرساً عن المشهد السلطوي كلما أتى آخر أكثر فتكاً وتجويعاً للمواطن، الحلول الجديدة تستبعد فيها كل آليات الهتاف الجهير والتدافع الخطير المهدد لحياة الشباب والطلاب، لقد دفع الثوار الشباب ثمناً غالياً من الدماء والدموع واليتم جراء مواجهتهم للآلة الحاكمة اللئيمة غير الرحيمة، والمقطّعة لأوصالهم اشلاء على ميدان أرض المؤسسة المنوط بها حمياتهم (ارض قواتهم المسلحة)، لكل هذا وذاك على ابناءنا الحالمين بوطن ذي حضن حميم يحويهم جميعهم أن يبحثوا عن حلول أخرى.
الحل في تجويع الحكومة، الأمتناع عن دفع الرسوم الحكومية والضرائب والجبايات، ومطالبة الحكومة بتقديم الخدمات مقابل ما يجود به المواطن من ماله للمحلية ولدواوين الضرائب والزكاة وشئون المغتربين، والكل يعي ويستوعب أن الوزراء الحاكمين اليوم جلهم قضى وقته في عواصم الغرب، وعاش على نفقة دافع الضرائب الغربي (الكافر) لعدد من السنين، فعليه أن يحرص على الوفاء لبني وطنه بعد أن عرف كيف تساس وتدار أمور حقوق الانسان في تلك البلدان المحترمة، ليس من الأخلاق في شيء أن تحرم المواطن رغيف الخبز وهو المواظب على اداء واجبه المالي تجاه الدولة والحكومة، ومن مدهشات الأقدار أن المواطن السوداني يشتري قطعة الأرض ويبنيها من حر ماله، ويدفع المغتربون ملايين الدولارات والريالات والدراهم لجهاز الجباية المنشأ من أجل خدمتهم، بينما اهاليهم ما يزالون يعرضون في قنوات التلفزة الاقليمية وهم يستجدون حكومتهم بأن تفي لهم بوعدها في توفير الخبز والوقود، تجدهم قائمين على احوال انفسهم واطفالهم بأنفسهم من الألف الى الياء، ولكن عندما يطلبون من حكومتهم دعم السلع و الخدمات، مرة تطالبهم ذات الحكومة بربط الحجارة على البطون والتأسي بصحابة رسول الله رضوان الله عليهم، ومرات أخر بالصبر حتى يحين ميعاد وفاء مؤتمر باريس بالتزاماته تجاه البلاد.
الحل في العصيان المدني الكامل، اذا لم تفي الحكومة بتعهداتها بالمأكل والمشرب والتواصل تجاه مواطنها، من حق هذا المواطن أن يلزم منزله وأن لا يذهب لمكتبه ولا الى مزرعته ولا متجره لمدة اسبوع كامل حتى يرى الحاكمون (هل يجدون شخصاً واحداً ليحكمونه؟) كما قال الممثل المصري القدير عادل امام في احدى مسرحياته، العصيان المدني سلاح قوي وغير مكلف ومرعب للساسة والحكام، وجب استخدامه اليوم قبل الغد من أجل الأطفال الرضع والنساء الحوامل والشيوخ والعجزة ومرضى القلب وغسيل الكلي والسرطان، الحقبة التي اعقبت زوال حكم الدكتاتور سوف تكون مختلفة تمام الاختلاف عن سابقاتها من الحقب، وسوف تصبح ميداناً للتحدي بين جيل التغيير وجيل البيروقراطيين الأفندية الذين تخرجوا في (ذات النخيل) ستينيات وسبعينيات وثمانينيات القرن المنصرم، فالحاكم الذي قضى مراحل تعليمه مجاناً لا ولن يستطع أن يحقق آمال وطموحات أجيال دفعت دم قلبها من مرحلة الأساس حتى التخرج من الجامعة، على شباب الصبّة التخلي عن نظرية التتريس وأن يلجأوا الى حشد قنوات التواصل الاجتماعي بالدعوة للعصيان المدني حتى تفي حكومتهم بالخبز والدواء والرغيف والغاز والوقود.
16 يونيو 2021
ممكن نفس المقال دة ينشر فى مصر ….كل حاجة ذى ماهى ..يلا …كل ثورة وانتم طيبين
يا اسماعيل عبدالله انا عايز اعرف كيف تبنى الدول يعني شعب لا عايز يصبر على الجوع ولا عايز يعمل ولا عايز يدعم وعايز يبني دولة كيف انا ما عارف ممكن فاكرين حمدوك ساحر وحيغير الدنيا في خلال سنتين ثلاثة
هو صاحبنا اسماعيل لغته اصبحت لغة شيوعيين ممكن يكون اصبح شيوعي ولا شنو كده حيدخل موسوعة جنس اول دارفوري وكوز سابق يصبح شيوعي في التاريخ وسبحان الله مجمع المصالح قايتو يا شيوعيين اليومين ديل اتلموا حوليكم كمية كيزان ووساخة في مشروع تسقط ثالث واصبحتوا مشبوهين وملعونيين زي اولاد الحرام الكيزان
ومالو لو اصبح شيوعي مش احسن من يكون من اصحاب الهبوط الناعم يا عبد الله الجاك، الشيوعيون هم اشرف منكم لا سرقوا ولا نهبوا وقتلوا ولا خانوا الثورة زي جماعة ابرهيم الشيخ وشلته.
أيوااااه ما تقولي كدا الراجل كوز سابق !؟ المعنى يعني ديل الكلب عمره ما ينعدل …سبحان الله سيماهم في وجوههم.
والله حيرتونا نعلق نقول شنو ما عارفين ، عموماً نحن البهمنا فعلاً عايزين فريق وزراء حكومة وطنية خالصة 100% وأعتقد حمدوك مثال كويس إضافة لوجدي صالح وعمر قمر الدين والبدوي وأكرم والإستعانة بالخبرات كمثال عائشة موسى إلخ … لكن ناس جبريل ديل ومناوي وحميدتي … إلخ أفضل منهم عبدالواحد النور لأنه إنسان واضح ومصر على رأيه … مشكلة الشعب المسكين ما زالت قائمة أهلنا في دارفور حتى الآن عايشين في المعسكرات دون أي ذنب والعاملين فيها شايلين السلاح عشان قضيتهم طنشوهم وتاكلين في الخرطوم وبقية أقاليم السودان دون إستثناء حدث ولا حرج موت بالبطيء … ربنا لكم بالمرصاد أيها المنافقون والمتاجرين بقضية شعب السودان .