اسقاط النظام ام الدولة

النظام و الدولة مصطلحات تحمل مفاهيم و معاني و دلالات مختلفة و متنوعة طبقا للصبغة الايديولوجية و المؤثرات البيئية و المتغيرات الثقافية ؛ فاصبح من العسير تحديد تعريفات محكمة و قطعية لهما غير ان عالم اليوم أصبح يطلق اصطلاح الدولة اجمالا على مجموعة من النظم القانونية و الاجتماعية و السياسية و المؤسسات السيادية التي تسود مساحة جغرافية محددة ذات تكتل ديموغرافي محدد ، و النظام هو منظومة من الاشخاص أو التكتلات ذات الطبيعة المتجانسة التي تدير و تتحكم و تصرف شؤون الدولة وفقا لنصوص تشريعية و لوائح ثابتة .
على الرغم من التقاطعات الكثيرة بين النظام و الدولة الا ان لكل منهم كينونة مستقلة تماما عن الاخر و مختلفة و يظهر هذا الاختلاف بوضوح في الأنظمة الديمقراطية ذات التنظيم القانوني و التداول السلمي للسلطة و على النقيض من الصعوبة بمكان التفريق بين النظام و الدولة في الدول التي تسود فيها الأنظمة الديكتاتورية و الشمولية ذات الايديولوجيا الواحدة حيث يتم تفتيت و اعادة تشكيل هيكل الدولة لتسخيرها لخدمة و تمكين النظام كما حدث في روسيا بعد الثورة البلشفية و كما حدث قبل وقت ليس بالبعيد في مصر حيث أعيد تشكيل مؤسسات الدولة من تشريعات و قضاء و جيش و شرطة و خدمة مدنية و غيرها لترسيخ و تثبيت اقدام نظام الرئيس عبدالفتاح السيسي .
منذ وصول الاسلامويين للسلطة بقيادة الجنرال عمر البشير عبر انقلاب حزيران يونيه 1989 لم يألوا جهدا ولا ادخروا سعة في تحويل نظام حكمهم الشمولي إلى دولة عميقة تمسك بزمام البلاد سرا و علانية و تقف حائلا و مانعا امام أي محاولة لتغيير نظام حكمهم ، فكانت سياسة الاسلمة للتشريعات للهيمنة القانونية و التمكين للسيطرة على الجيش و الشرطة و القضاء و التعليم و السوق و المؤسسات الاقتصادية و الخدمية متبوعة بسياسة ) الصالح العام ( للتخلص من المناوئين و المعارضين لنظامهم في جميع أجهزة الدولة .
رغم بذل الاسلامويين الغالي و النفيس لاتمام ) كوزنة ( الدولة و نشر اذرع اخطبوطية الا ان معظم مؤسسات الدولة ﻻ زالت تحتفظ الى حد ما باستقلالية مهنية -ايديولوجية حالت دون تحول نظام الرئيس البشير إلى دولة تضرب جذورها في اعماق كل ما هو سوداني .
ان تغيير و اسقاط هذا النظام الذي استنفد كل القيم الأخلاقية و الانسانية و دمر كل كل شيء جميل و قفز بالبلاد في هوة يصعب الخروج منها و ارجعها سنوات للوراء و تقهقر كل شيء فيها و ستمر بلا شك أمر واجب لكن المحافظة على هيكل الدولة الأساسي و القبضة المركزية القوية أوجب .
إن إسقاط النظام و الدولة و نشر الفوضى ولو لفترة زمنية وجيزة سوف يجعل من المستحيل اعادة بناء دولة موحدة بسبب وجود عدد من التشكيلات العرقية التي تشغل مساحات جغرافية شاسعة تشعر بالظلم و الغبن من السياسات المركزية الخاطئة حينا و الظالمة أحيانا أخري و سوف تكون الفوضى فرصة ذهبية لها لرفع سقف طموحاتها نحو تعزيز استقلاليتها في أحسن الأحوال و انفصالها عن المركز تماما في أسوأ الأحوال .
ان النظام بمثابة الورم السرطاني الذي ألم يجسد الدولة فامكن منها و أمكن فيها الاعياء و التعب ، و اشتدت الحوجة لجراح ماهر يجتث الورم من جذوره و يحافظ على بقية الجسد بلا اذى جسيم أو جرح غائر يصعب تعافيه .
***************
آخر الكلام
**********
من المحبط أن معظم الذين تبنوا مبدأ اسقاط النظام لا يحملون في جعبة افكارهم خططا أو تخطيطا محكما لمرحلة ما بعد النظام و كذلك شخصنة العداء للنظام أو وضعه في قالب ايديولوجي ضيق و جره بعيدا عن الحقل الوطني الوارف أكثر الما و احباطا.
توحيد الجبهة الوطنيه و القبول بالآخر بعلاته و اختلالاته و عدم ربط النضال الوطني باشخاص أو لونية فكرية سياسية معينة بكل تأكيد هي أولى الخطوات في الطريق الصحيح لكنس النظام و قذفه في مذبلة التاريخ الانساني .
*******************
آخر الحكي
*********
من استنشق عبير الحرية لثانية سوف يقاتل لاجله مليون ثانية .

[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..