الدولة لا تحترم حقوق المواطن والمواطن نفسه لا يحترم حقوق أخيه المواطن

أجهدت فكرى المحدود لان أجد كلمات بسيطة تعبر عن واقع الحال في السودان ولا ادعى أنى وفقت فان أصبت فلي أجران وإن أخطأت فلي أجر الاجتهاد ولمن يملك كلمات أكثر تعبيرا عن واقعنا أن يعلن عنها بأي وسيلة يملكها أما أنا فأقولها بكل قناعة تامة:

-دولتنا خربانة مما جميعه ) أي خربانة في كل شيء لأننا متخلفين ثقافيا وليس أكاديميا والثقافة هي مقومات النجاح لأي دولة هو أمنها واستقرارها وسيادة قيم العدالة فيها والمساواة بين كافة مواطنيها دون استثناء وعدم انتشار الفساد فيها وترسيخ قيم المؤسسية الديمقراطية فيها واحترام الحقوق على كل المستويات من أدناها لأعلاها

والمفارقة أن دول (الكفار) وان كانوا في حقيقتهم أهل كتاب يؤمنون بالله سبحانه تعالى المفارقة أن تسود بينهم هذه الثقافة وان نفتقد نحن كل قيمها ومبادئها رغم ادعائتنا الباطلة مظهرا وأصدق نموذج لها لو أجرينا مقارنة متجردة بين دول أوروبا ودول التخلف ثقافياً والسودان واحد منها فسنكتشف مفارقة اكبر وهى إن الدول الإسلامية ونحن واحدة منها هي
الأكثر تخلفا ومعاناة من غياب هذه الثقافة مع إن مقوماتها في حقيقتها ليست إلا القيم التي يرسخها الإسلام فلو إننا كنا حقا كدول إسلامية مرجعيتنا هذه القيم لتميزنا نحن ثقافيا على كافة الدول أو الشعوب غير الإسلامية بما في ذلك أوروبا لان أهم قيم الإسلام احترام الحقوق في مساواة وعدالة تامة

ولكنا بكل أسف نعيش إسلاماً في المظهر ونغيبه في الجوهر وهى الحقيقة مهما كابر المكابرون وأدعياء الإسلام الذين يزايدوا باسلاميتهم مظهرا وليس جوهرا ولا اشك في أن كل واحد منا يعرف هذه الحقيقة عن نفسه لأنه مهما نجح في خداع الآخرين بالمظهر فانه لن يخدع الله سبحانه تعالى وثانيا
فهناك شخص واحد من بعد الله لا يملك أن يخدعه وهو نفسه لأنه لا يملك أن يزيف له حقيقته ولا يملك أن يهرب منها ولكم توقفت كثيرا ووالدي رحمة الله عليه ظل حتى مماته يردد جملة واحدة لنا نحن أولاده بلا ملل بقوله (يمكنك أن تخدع الناس بمظهرك فيعطوك من الاحترام ما لا تستحق ولكن لا يمكنك أن تخدع نفسك لأنك تعلم حقيقة نفسك إن كنت جديرا بهذا الاحترام أم لا تستحقه فاحرص على أن تحترم نفسك قبل البحث عن احترام الآخرين لأنك يمكن أن تخدع الآخرين بمظهرك ولكنك لا تملك أن تخدع نفسك ) والدليل هل بيننا من لا يعرف حقيقة نفسه فمن كان منا لصا أو ناهبا مالا فانه بلا شك لن يخدع نفسه وان خدع الآخرين حتى توهموا انه رمز الأمانة والشرف لهذا لن يهرب من عذاب الضمير ومن يوم يلاقى من لا ينخدع

وإذا كان لي أن اختزل واقعنا في كلمات بسطة معبرة فنحن دولة السيادة فيها لمن يملك السلطة أو القوة في أي موقع كان ليقهر الضعيف المواطن المقهور ) وحتى لا يتوهم احد إن هذه الصفة للحكام فقط وإنما هي لكل مواطن تمتع بأي نفوذ على أخيه المواطن في أي موقع وظيفي على أي مستوى كان فهو السيد على المواطن المقهور يشهد على ذلك ما يعانيه كل مواطني السودان في كل مرافق ومكاتب الدولة وما يعانيه من عدم احترام ومراعاة له باعتباره صاحب الحق الأصيل واصل السلطة التي يجلس عليها الموظف وينعم بخيرها بالحق والباطل مهما قلت وظيفته وهو ما لا تعرفه الدول التي تسودها الثقافة الأخلاقية لان تعالى أي موظف في أي موقع على صاحب الحق الأصيل ومصدر السلطة الشرعي المواطن يكفى لان يطيح بالموظف من موقعه وربما يؤدى للإطاحة بالحاكم نفسه أن عجز عن فرض سيادة المواطن على أي موقع في السلطة من أعلاها لأدناه لولا غياب هذه الثقافة.

لننظر بشفافية تامة على هذا المشهد الذي يشهده السودان كما تشهده الدول المتخلفة المغيبة ثقافيا فان من يحمل بطاقة توضح مركزه في السلطة أيا كان هذا الموقع فالويل للموطن الذي لا يحمل بطاقة لعدم انتسابه في موقع في السلطة فيهدر حقه ويصبح هو المخطئ رغما عن انفه بأمر البطاقة التي يخطئ من يحملها في حقه علانية فيطاله هو العقاب رغم انه المظلوم بعد أن أصبحت البطاقة استثناء له من المحاسبة وتصريح له ليخطئ في حق الآخرين من غير حملة البطاقة حتى لو كان مخطئا فيكون المواطن ضحيته وبصفة خاصة حملة البطاقات من القوات النظامية المتنوعة والتي تعددت مع إن حملة هذه البطاقات تضاعف عليهم العقبات لو كانوا هم المخطئين لان مواقعهم تفرض عليهم أن يكونوا احرص على الالتزام بالقانون فأين نحن ومشهد واحد مثل هذا في أوروبا كفيل بان يعفى الحكومة لان السلطة أصلا هو المواطن وليس منسوبي السلطة حملة البطاقات.

ولكن المؤسف حقيقة إن هذا الخلل لا يقف على منسوبي السلطة من مختلف مواقعهم فالمواطن نفسه بسبب غياب ثقافة احترام حق الغير فان المواطن نفسه وان لم يكن في موقع سلطة أو من حملة البطاقات فانه في ممارساته لحياته العادية لا يحترم حق أخيه المواطن في كل أوج حياته حيث انه لا يمانع بل يسعى بالقوة أن يصادر ما هو حق لغيره وهو يعلم ذلك حتى أصبحت هذه ثقافة الشارع السوداني في كل سلوكياته نمارسها في كل أوجه حياتنا اليومية.

من يذهب للمخبز لقضاء حاجته من الخبز ويجده مزدحما يسخر قوته ليسبق من كان اسبق منه ليأخذ قبله ما يريد خاصة لو كان من سبقه ضعيفا أو كبير السن أو امرأة فالمهم عنده أن يتخطى كل من سبقوه والأحق منه لو كان يحترم حقوق أخيه المواطن وان كان سائقا لسيارة فانه يصر على تخطى من هو اسبق منه في الطريق دون مراعاة لأنه أحق منه بالعبور هذا هو المسلك العام للمواطن في الشارع السوداني وهو ما يحدث داخل المؤسسات الخدمية حيث يعمل على أن يتخطى من هم اسبق منه بساعات حتى ساد مبدأ القوى يأكل الضعيف تشهد على ذلك وسائل المواصلات العامة ومعاناة العجزة والضعاف والمرضى وغيرهم لعدم احترام المواطن لحق من هو اسبق منه في موقف المواصلات.

لعلني أعود بالذاكرة لأخر الستينات وكنت وصديق لي في لندن وكنا نرغب في دخول السينما فأخذنا موقعنا في صف الراغبين في دخول السينما وأثناء وقوفنا بانتظار فتح شباك التذاكر تقدم منا انجليزي وفاجأنا بسؤال حسبناه استفزاز وتطفل حيث قال لنا (لماذا انتم وقوف في الصف ) فقلنا له بانفعال وما شانك أنت نحن نرغب في دخول السينما فضخك وقال ساخرا منا إلا ترون إنكم تقفون خلف الخط الأحمر ومعنى هذا إن من يقفون أمام هذا الخط هم الذين سيدخلون السينما حسب العدد المحدد للتذاكر وان هذا الخط الأحمر إعلان لكم حتى لا تهدروا وقتكم بالانتظار لحظتها فقط انتبهنا إلى انه لم يأتي احد ليقف خلفنا في الصف فشكرنا الرجل وانصرفنا بعد أن استوعبنا.

الدرس ونحن نرى الانجليز في محطة الأتوبيس يقفون صفا واحد حتى يأخذ كل مواطن دوره انظروا كيف يكون مسلكنا في السودان بالطبع لن نمانع في استخدام العضلات لنقتحم صف السينما أو استغلال المواصلات دون مراعاة إلى إننا سلينا غيرنا حقه.
هكذا سلوكيات الشعب السودان على مستوى من في أي موقع في السلطة وعلى مستوى المواطن في ممارسة حياته العادية وتعامله مع أخيه المواطن دون احترام لحقوقه.
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. قبل لم اقتنع بافعال اهل الغرب ولكنى الان اقتنعت ان تعيش معهم افضل لك ان تعيش في دول يدعى فيها الناس انهم مسلمين ويمارسوا القتل و الظلم وتعذيب الناس حتى في شهر رمضان الفضيل

  2. قبل لم اقتنع بافعال اهل الغرب ولكنى الان اقتنعت ان تعيش معهم افضل لك ان تعيش في دول يدعى فيها الناس انهم مسلمين ويمارسوا القتل و الظلم وتعذيب الناس حتى في شهر رمضان الفضيل

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..