الفساد المجتمعي بداية السقوط في الهاوية

بلا انحناء
فاطمة غزالي
[email][email protected][/email]
الفساد المجتمعي بداية السقوط في الهاوية
اعتداء الحركة الإسلامية على الشرعية الديمقراطية، والاستيلاء على السلطة عبر الدبابة بدعوى إنقاذ البلاد والعباد من مهالك الديمقراطية لا شك في أنّ التقدير لم يكن في محله كما يحدثنا الواقع المتأزم بنهج الإنقاذ الشمولي المُسيطر بأُحاديته في إدارة شأن البلاد مما أدّى إلى خلق تناقضات لم تشوه الخارطة السياسية والاقتصادية فحسب، بل دمّرت الكثير من القيم الاجتماعية السودانية، إذ أنّ الواقع السياسي غيّر مؤشرات المجتمع، حيث سيطرت الحياة المادية على سلوكياته وصارت الرّشوة هي البوابة لتسهيل الأمور، وعرفت الشخصية السودانية مصطلح (الحلاوة) في أيّة خدمة يقدمها شخص للآخر بينما كان السودانيون في الماضي يسخرون من هذا السلوك الذي ينتهجه بعض (جيران السّودان). واليوم صار سلوكاً سودانياً لا حرج فيه عند الأغلبية، حيث يتم الاتفاق على نسبة العمولة في أداء (التسهيلات) اسم (الدّلع) للرشوة قبل تقديمها، وللأسف في بعض المؤسسات المالية يستغل ممتهنو التسهيلات علاقاتهم مع المسؤولين داخل المؤسسة في ممارسة مهنة التسهيلات التي تضاعف من دخلهم الشهري حيث يختلط الحلال بالحرام.
لم يقف انهيار الأخلاق في محطة الرشوة والمحسوبية ورفع (المعانا) والولاء قبل الكفاءة، بل الفساد الأخلاق والسياسي أصبح في حالة تمدد مستمر ونزل من القمم العالية إلى القاعدة المجتمعية.
الفساد اليوم لا حدود له وتراجعت نسبة المتشبثين بالقيم والأخلاق إلى درجة جعلت رد الدَّيْن، والحفاظ على الأمانة، والسمو فوق الإنتهازية والأصولية سلوكاً شاذاً، والطبيعي أن يكون الشخص إنتهازي، أناني، والطبيعي في نظر البعض أن تُبْنَى العلاقات مع الآخرين وفقاً للمصلحة تماشياً مع مبدأ (خلي أمورك تمشي.. ما تصعبا شديد)، (لا تبحث عن مدينة إفلاطون الفاضلة في الزّمن الصعب دا)، وهي مصطلحات تتلقفها ? دائماً- ألسن الإنتهازين في محاولة لتخفيف حدة النظرة التحقيرية لسلوكياتهم الغريبة على المجتمع السوداني، أن يخزلنا برنامج سياسي أو نظام حكم، أو حكومة لهو أمرٌ طبيعي ، ولكن ما يدخل الحسرة في الوجدان هو أن تنهار أخلاق أمة، ونفقد شعباً.
الفساد السياسي والمالي الذي يمارسه البعض في أروقة الدولة يمكن السيطرة عليه وبقطع دابر النظام الفاسد كما فعل ذلك الشّعب التّونسي، والمصري، واللّيبي، والسوري الذي مازال ممسكاً بتلابيب النضال من أجل دك حصون الفساد، حيث لم يقهره النظام السوري بسطوته الأمنية، إلا أنّ الفساد المجتمعي يحتاج إلى مدرسة قيمية ترده إلى حيث تكمن القيم، وتخرجه من أزمة تراجع الأخلاق لأن أول خطوة لإنهيار الدولة يبدأ بإنهيار القيم الأخلاقية. وما سقطت دولة في وحلِ الانحطاط إلا وكان الفساد الأخلاقي في المجتمع، والسياسي والمالي بداية النهاية للسقوط في الهاوية.. إذاً الـ(23) عاماً من نظام الإنقاذ لم تشوه الخارطة السياسية للحكم فحسب، بل شوهت حتى الخارطة الأخلاقية، واحصائيات المدمنيين خير شاهد، وملجأ المايقومة لمجهولي الأبوين، وارتفاع نسب الطلاق، والجرائم في الصّحف الاجتماعية والسياسية التي وصلت إلى درجة بيع لحوم الكلاب للمواطنين.. وهلم جرا.
منع من النشر في صحيفة (الجريدة )التي لم تصدر بسبب تدخلات الرقيب الأمني حيث كان عمود (بلا انحناء) ضمن مجموعة المواد الصحفية التي طلب الرقيب ابعادها من الصحيفة.
فى راى المتواضع هذا المقال ليس فيه ما يدعو لعدم النشر !! اذ لا يمس امن الدولة كما ينص الدستور
اللهم الا اذا كان هؤلاء القوم يستحون من رؤية صورتهم على المرآة ..
(( الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا ))الكهف
بسم ألله الرحمن الرحـيم
المحترمه فاطمه السلام عليكم ورحمة الله
تناولت أخت(فاطمه) جملة من القضايا تتصل بالأخلاق والسياسة السودانيه.. ليتها أضاءت لنا المقصود ب(الأخلاق) عندما تقترن ب(السياسة) وب(السياسة) عندما تقترن ب(الأخلاق)..إن موضوع الأخلاق والسياسة موضوع متشعب يافاطمه..
كقراء نحن أمام مفهومين (السياسةوالأخلاق)ونتساءل ماالأخلاقى سياسياً وماالسياسى أخلاقياً..فالمقال أبرز أسباب ومسوغات النفاق والخداع والمعايير المزدوجة لفساد النظام..
* فالبيئة الداخلية للنظام بما حوته من تناقضات وصراعات واختلافات وتمايزات كان له تأثيراً كبيراً على الحياة السودانيه.. كثرت الأقاويل عن الأسباب الحقيقية(للفساد)ولسنا هنا بصدد سرد الأقاويل أو الخوض فى تفاصيلها بل ان موضع اهتمامنا ينحصر حالياً على مفهوم(الفساد)وهل ما درجنا على عَدِّه أخلاقاً سودانيه فى تراثنا يمكن أن نستمر فى عدّه كذلك فى سياق (عولمة) شباب هذه الايام أم أننا فى حاجة إلى أخلاق (جديدة)..
* هل برزت لنا حاجة الآن للأخلاق؟ أستغرب لماذا كلما طرحنا سؤال الأخلاق بالنسبةإلى الأنشطة الإنسانية السودانيه (إلا) وأفردنا مكاناً خاصاً للسياسة وكأن السياسة أكثر قابلية من غيرها من الأنشطة لأن تنعدم فيها الأخلاق بينما يُشاع مثلا في حياتنا اليومية أن على الناس أن يحترسوا مثلاً من المحاسبين والضرائب يُمكن أن يكونوا هم الآخرون (عديمى أخلاق) والحقيقة أنه يمكن أن نعثر بين المهنيين بصفة عامة على من يتمتع بحد أدنى من الأخلاق كما أن نسبة مهمة منهم (عديمة أخلاق أو ناقصة أخلاق) علينا إذن أن نُطبِّع مشكلة الأخلاق يافاطمه إذ لا يجب أن تُطرح فقط فى مجال السياسة…
* منذ فترة حضرت ندوة بودمدنى عالجت نفس الموضوع..وقد حمل أحد المشاركين وهو أستاذ جامعى بالجزيرة حملة على السياسة مدعياً أنها مرتع للكذب والتزوير والفساد بينما فى نظره أن المجال العلمى هو البديل والحالة أن دعاوى من هذا النوع (مضللة) لحدٍ بعيد لأن البحث العلمى نفسه وضمنه البحث الجامعى غير (برىء) من مظاهر اللاأخلاق فثمة حالات كثيرة تشهد على ذلك وكفى ..
* فاللاأخلاق اخترقت كل الحدود بحيث توجد فى السياسة وفى غير السياسة.. صحيح أن السياسة كثيرا ما تتسرب إليها سلوكيات لا تمت إلى الأخلاق بصلة.. ولكن هذه ليست ميزة خاصة بها فالسماح بتشويه سُمعة السياسة جملة وتفصيلا يؤدي بالضرورة إلى ما يسمى بالعزوف عن السياسة.. ويؤدى فى نهاية المطاف إلى ضمان استمرار هيمنة الاسلامويين (غير) المتخلقين إلى ما لا نهاية يافاطمه ..
ولهذا يجب إعادة الأمور إلى نصابها..ويجب فعلا التشدد فى قضية الأخلاق بصدد السياسة أكثر من أى مجال آخر مجتمعى لأن السياسة تعنى المصلحة (العامة) وبالتالى انعدام الأخلاق لدى السياسى ربما تترتب عليه آثار أوخم من تلك التى قد تترتب على سلوك (المحاسب) غير النزيه ..ففى السودان نوعين من السياسيين: هناك (السياسى الذى يعيش للسياسية) وهناك (السياسى الذى يعيش بِالسياسة ومنها) أىّ يعتاش منها
* فالنظام الحاكم (المؤتمر الوطنى) حزب كبير ومترهل مما حتم توفره على مجموعة من الأتباع والأطر يعيشون من السياسة مما فتح المجال لعدة انحرافات وبالأخص عندما يتعلق الأمر بالمال العام.. طبعا هناك انحرافات كثيرة لا داع للخوض فيها..لكون تداخل الأمور السياسية والمالية فى السياسة السودانيه أضحت من البديهيات..
* سوف أتجرأ وأطُرح سؤال للجميع هل هناك أخلاق إسلامية وأخلاق(غير)؟ فهناك أخلاق بشكل عام ولكن هناك تطبيقات مختلفة (للأخلاق) هل هنالك ثابت ومتطور فى الأخلاق ياشباب .. أفيدونا أفادكم ألله ..
* هل نتمتع بقدر وافر من الاخلاق فى تعاملنا مع أطفالنا وزوجاتنا واخوتنا وأخواننا وأخواتنا ألفضليات فى داخل الاسرة وفى البيت الكبير هل ذابت وتلاشت الاخلاق فى تعامل (كبار) الاسره مع صغارها والعكس .. هل تحولت الروابط والعلاقات العائليه(لشُلليات) بسبب نقص فى انزيم (الاخلاق ) فى بيوتنا..
أفيدونا ياشباب الراكوبا فماعايشناه فى دواخل العائلات والاسر (المحترمه) جعلنا نفتش فى (الاخلاق)..
ياشباب .. أفيدونا أفادكم ألله ..)
* (إنما الأمم الأخلاق ما بقيت …فإن هُم ذهبت أخلاقهم ذهبوا)
* الجـعـلى البعـدى يـومـو خنـق .. من مدينة ودمـدنى السٌُــنى ..