في ضيافة امرأة عظيمة!

سعدت غاية السعادة بلقاء سيدة تجلس على قمة هرم من التاريخ وتعتز باصولها وجذورها السودانية رغم إحتفاء الحكومة المصرية بها على أرفع المستويات.
ابتسامات محمد عبد الله ،أول ضابطة في الجيش المصري وترجع أصولها – من جانب والدتها – إلى منطقة واو بجنوب السودان ،فوالدتها هي فاطمة بنت السلطان فضل نورالتي توزجها الضابط المصري محمد عبد الله بعد أن دفع مهرها مجموعة كبيرة من المواشي كما جرت العادة هناك.
التقيت بهذه السيدة العظيمة ،بصحبة الزميل صلاح المليح وهو زميل صحفي ويعمل الآن في سفارة جنوب السودان بالقاهرة ،لكن داره مفتوحة لكل الشماليين والجنوبيين وقبل داره ،فإنّ قلبه يسع السودان كله ” شماله وجنوبه “.
وقد وجدت معه إثنين من الشباب الشماليين، أحدهما من الحلفايا والآخر من الحاج يوسف جاءا خصيصا للاستمتاع بوجبة كوارع “كاربة” وارد الخرطوم وكانت التحلية بأناناس من وارد جوبا الحبيبة وقبل الغداء والتحلية اندلعت معارك حامية الوطيس في لعبة الكوتشينة بالنكهة السودانية!
بصحبة المليح ،توجهت في اليوم التالي إلى دار السيدة ابتسامات وهي كريمة “بالميلاد” حيث جاء اسمها هكذا “ابتسامات” وليس ابتسامة واحدة لأنها عندما ولدت لم تصرخ في باديء الأمر- كما جرت العادة- وظلت توزع في في الابتسامات ،مما جعل والدها لا يتردد أبدا في اختيار هذا الاسم.
تعتز ابتسامات بأصولها الجنوبية وكذلك تعتز بسودانيتها التي لم يؤثر فيها انفصال الجنوب “او استقلاله” كما يسميه مواطنيه اليوم . وتتذكر بدقة زيارتها لواو قبل أكثر من ثمانين عاما بالرغم من أن عمرها آنذاك كان خمسة اعوام فقط وحكت لنا تفاصيل دقيقة لملامح الحياة في ذلك الوقت ،و هي تريد الآن أن تزور منطقة والدتها وبالفعل تعرفت على مجموعة من أهلها وعلمت أنهم لازلوا موجودين في مسقط رأس والدتها.
عاشت هذه المرأة خمس سنوات في الخرطوم فقد كان زوجها الضابط بالجيش المصري مدربا ماهرا في كرة السلة وتم استقدامه لتدريب الفريق القومي السوداني وحقق معه كأس افريقيا في مبارة شهيرة وتذكر ابتسامات الكثير من تفاصيل الحياة السودانية في الخرطوم والموردة.
كان “شقتها” التي استضافتنا ،دارا للضباط السودانيين ورجال السلك الدبلماسي الذين يزورون مصر باستمرار، يحضرون فيها اللقاء الشهري لأم كلثوم في مذياع ضخم لا يزال موجودا. وربطتها علاقة قوية باللواء محمد نجيب قائد الثورة المصرية ،هو من أصول سودانية أيضا ،حكت لنا الكثير من أسرار ثورة يوليو المصرية منذ التخطيط لها حتى الإنقلاب على مفجرها والذي كان يريد تسجيل نفس الموقف الذي حققه سوار الذهب في ثورة أبريل السودانية.
ابتسامات التي أصبحت رمزية حقيقية لثلاث دول “مصر ،السودان وجنوب السودان” تحمل حبا حقيقيا لهذه الشعوب وترى بصدق أنهم شعب واحد فرقته الحدود التي رسمها الإستعمار، وهي من دارها بمصر الجديدة، تحن لطقوس الحياة السودانية في الموردة وتدفع باقي عمرها لتملأ صدرها من أريج الجنوب.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..