متى يندغمون؟!!!..

لشهور مضت ولم تشهد فيها مجرد محاولة لوثبة لا من جانب النظام ولا من جانب معارضته الكسيحة لذلك لم تبدأ مرحلة ما بعد الوثبة والتي هي الاندغام..
وعدم تحقيق مرحلة الاندغام السبب فيها هو عدم اختيار التوقيت، فهل يتم الاندغام حين يتأهب الجميع للوثبة أم يتم أثناء الوثبة أو في مرحلة ستكون الوثبة في أعلى نقطة في الهواء أم في مرحلة الرجوع بفعل الجاذبية الأرضية أم حين يهبط الواثبون على سطح الأرض.
متى يتم التفاعل الاندغامي وهذا سؤال محوري، هل يتم هذا التفاعل قبل الوثبة؟! قال البعض إذا تم التفاعل الاندغامي قبل الوثبة فلا داعي للوثبة من أصلو.!. ويبدو أن هذا الرأي كان مقنعاً لكثيرين، واستعاضوا عن الوثبة ببعض حركات التسخين «أي تنطيط خفيف وإحمائي استعداداً للوثبة الكبرى»!.
وقد ظهر هذا الاستعداد الاحمائي في بعض الأحزاب حيث تم عزل أكبر قيادات حزب الأمة، أما الشعبي فقد مارس التنطيط الاحمائي بإيقاف تصريحات أمينه السياسي النارية، أما الاتحادي الأصلي والتايواني المتعدد الاسماء فهم في حالة سكون تام!
أما أحزاب اليسار فثقافتها موجهة لنوع محدد من الوثبات لا تعرف غيره وقد تندغم في مرحلة من المراحل إندغاماً مرحلياً ومن بعده يبدأ الانشطار الدموي.
وقد قدم بعض الاذكياء في النظام – وما كنت أظن أن ما دار خلال ربع قرن من الزمان أن هناك ذرة ذكاء – قدم بعض الوجبات السريعة والتنشيطية أثناء عملية التسخين التي يقوم بها استعداداً للوثبة ثم الاندغام فيما بعد ولعل في بعض هذه المنشطات السياسية الاستقالات والإقصاءات التي حدثت لبعض الولاة واهتزاز الأرضية التي يقف عليها آخرون بكشف الفساد الذي استشرى في ولاياتهم!.
لكن الأحزاب الكسيحة لم تستثمر هذه الأحداث ولم تستطع الوثوب الى مستوى الأحداث فعجزت عن الوثوب وهو الخطوة الأولى للاندغام.
إن البلاد تعيش حالة سياسية مأساوية، انعكست على الاقتصاد فأصبح مأساة المآسي هو الآخر فبلغ مرحلة العجز التام فدعى الى وثبة أول من يفقد مقوماتها هو، والذين دعاهم للوثوب معه في حالة عجز تام وقد تشظوا جميعاً، والتشظي هذا أصاب أيضاً أركان النظام والذي بدلاً من أن يقول «الروب« دعى إلى وثبة ثم اندغام لا يحمل الداعي والمدعو أياً من مقوماتهما، فالجميع يسير كما الأعرج من جراء التمزق والتشظي مضافاً إلى ذلك صراع مراكز القوى داخل النظام!.
والأمر كله يدور حول السلطة والصراع عليها لا غير، وهذا الصراع انحصر في شخصيات بعينها ناسين أو متناسين أن هناك قوى أخرى عمياء لا تعرف السياسة ولم تمارسها واستعاضت عنها بالبندقية وهي ممثلة في الفصائل التي ما عادت أصابع اليدين كافية لعدها، وهذه أيضاً ما اتفقت على أمر مستقبلي يحفظ للسودان وحدته وهذه ليست من أهدافهم!. لم يقدم النظام برنامجاً للوثبة ولا منهجاً للاندغام هكذا «حبال بلا بقر» ولم يستفد من الوثبة والاندغام إلا المشير السيسي الذي ترشح في الانتخابات القادمة دون برنامج ودون «حملة انتخابية» فهو لا يحتاجها فالحملة الانتخابية لشرح البرنامج للمواطنين والبرنامج لا وجود له فلماذا الحملة إذن!؟ طالما أنه قال لازم ننقح.!!!
العملية الوثباتية والاندغامية بلا برنامج أو منهج تشير الى صراع حول كراسي السلطة وقد ذكرتني بطرفة حكاها لي أحد الأصدقاء قال فيها:
بعد الصلاة أخذ أحدهم يدعو بإبتهال وبصوت عالٍ «اللهم أجعلني من العشرة المبشرين بالجنة» سمع هذا الدعاء من يجلس بجانبه وكان رباطابي لماح وسريع البديهة فسأله: «يعني عاوز ربنا يشيل منو في العشرة ويختك محلو»؟!!.