هل تنجح الدبلوماسية في نزع فتيل أزمة مياه النيل؟

محجوب محمد صالح

تتفاعل على الساحة الإفريقية الصراعات بين دول حوض النيل حول اقتسام مياه النهر بصورة تنذر بتوترات جديدة بين الدول المتشاطئة على هذا النهر وفروعه، وهي توترات قد لا تصل إلى مرحلة (حرب المياه) ولكنها قد تخلق صراعات وتكتلات تشكل تحدياً حقيقياً للدبلوماسية الإفريقية.

لقد ظلت دول الحوض تتعاون منذ عام 1999 في إطار مبادرة حوض النيل المدعومة دولياً إلى أن وصلت مرحلة إعداد (اتفاق إطاري) يؤسس لتلك العلاقة وهنا ظهرت الخلافات وتركزت حول بند واحد من بنود الاتفاقية المقترحة وهو البند (14-ب) الذي ينص على الاقتسام العادل المنصف لموارد النهر بين دول الحوض، وهو نص لم يرضِ طموح وتطلعات كل من مصر والسودان اللتين تعتقدان أن أي اقتسام عادل ومنصف لمياه النهر يجب أن يعترف أولاً بالحقوق والاستخدامات المكتسبة لهما بنص اتفاقية 1929م ومن بعدها اتفاقية 1959 التي تمنح كل مياه النهر التي تدخل السودان (84 مليار متر مكعب) حصرياً لهذين البلدين ولا تسمح لأي دولة أخرى من دول الحوض بحق استغلال مياه النهر في أي مشروع دون الحصول على موافقة مصر والسودان.

دول الحوض الأخرى ترفض الاعتراف بتلك الاتفاقية الثنائية التي لم تكن هي طرفاً فيها ولكنها تعترف بضرورة أن تأخذ في الاعتبار عند اقتسام مياه النهر حق الاستخدام المكتسب بالنسبة لهاتين الدولتين، غير أن ذلك لا يقنع مصر والسودان وهما تصران على الاعتراف الكامل بتلك الحقوق المكتسبة وعدم المساس بها بأي حال من الأحوال؛ لأن مشروعات كثيرة قد تأسست على هذا الحق وأي انتقاص من نصيب أي منهما سيلحق بهما ضرراً كبيراً، ولذلك امتنع كل من السودان ومصر عن التوقيع على الاتفاق الإطاري بينما وقعت عليه 6 من دول الحوض وقبلت به الكنغو ولكنها لم توقع بعد، وترى تلك الدول أن تبدأ تنفيذ الاتفاق حال التصديق عليه من برلماناتها خلال الشهور القليلة القادمة، بينما يتمسك كل من مصر والسودان بأن أي قرار في هذا الصدد يجب أن يكون (جماعياً) وليس (بالأغلبية) وأن أي اتفاق لا يحظى بإجماع دول الحوض يفتقد قي نظر مصر والسودان الشرعية ولا يعتبر ملزماً.

مهما يكن الأمر فأن إثيوبيا لم تنتظر حتى تصديق البرلمانات على الاتفاق الإطاري وشرعت في بناء خزانات على النيل الأزرق دون التشاور مع مصر والسودان اللتين تعتمدان أساساً على مياه النيل الأزرق التي تشكل (%86) من المياه التي تصل السودان ومصر ? وعلى الرغم أن النظام المصري السابق كان يتخذ موقفاً متشدداً تجاه هذا الأمر إلا أن مصر ما بعد الثورة تسعى لحل المشكلة في إطار التفاوض الدبلوماسي مع دول الحوض ولهذا السبب التقى هذا الأسبوع في العاصمة الإثيوبية خبراء في شؤون الري من مصر والسودان وإثيوبيا إضافة إلى خبراء دوليين من دول مختلفة لتقييم الآثار المترتبة على إنشاء السدود على النيل الأزرق، وفي مقدمتها سد (النهضة) أو سد الألفية الذي يقام على النيل الأزرق داخل الأراضي الإثيوبية وعلى مقربة من الحدود السودانية وهو سد ضخم يحجز كميات هائلة من المياه لتوليد أكثر من خمسة آلاف ميغاواط من الكهرباء وهو من أكبر مشاريع الطاقة في العالم، ولكن إثيوبيا تجادل أن مشروعها لتوليد الكهرباء لن يهدر أي مياه من النيل لأنه يحجز المياه ثم يستغل مسقطها في التوليد الكهربائي ويطلق المياه لتجري للسودان ومصر دون فاقد، غير أن الخبراء يقدرون أن تلك العملية ستفقد مصر ما يقدر بعشرة مليار متر مكعب من المياه وهي نسبة عالية وهذا هو ما يشغل بال الخبراء المجتمعين الآن في العاصمة الإثيوبية ويثير هواجس وقلق مصر والسودان.

على أن أمر المياه بالنسبة لمصر أكثر تعقيداً فنصيب مصر الحالي من مياه النيل هو 55 مليار ونصف المليار لكنها حقيقة تستخدم أكثر من نصيبها إذ إن السودان فشل على مدى نصف قرن من استغلال كامل حصته من مياه النيل وظلت أكثر من 6 مليارات منها ?ما يساوي ثلث حصة السودان- تجد طريقها إلى مصر وظلت مصر تستغلها طوال هذه الفترة، والآن اقترب السودان من إكمال تعلية خزان الروصيرص مما يمكنه من استغلال حصته بالكامل وهذا يعني أن مصر ستفقد هذا النصيب، إضافة إلى أن مصر كانت تأمل زيادة حصتها من تنفيذ مشروع قناة جونقلي في جنوب السودان الذي نصت اتفاقية 1959 على تنفيذه واقتسام فائض نصيبه بين مصر والسودان، والآن انتقل مشروع جونقلي إلى دولة ثالثة هي دولة جنوب السودان التي لا تعتبر المشروع ضمن أولوياتها بل هي لم تفتح حتى الآن ملف مياه النيل ضمن الملفات العالقة بينها وبين الشمال مما يضعف فرص مصر من الاستفادة من هذا الفائض، وإذا أضفنا لذلك التهديد الذي تشكله المشاريع الإثيوبية على النيل واحتمال تخفيض حصة مصر نتيجة لتنفيذ المشاريع الإثيوبية أدركنا مدى القلق الذي يساور مصر في موضوع مياه النيل وهو الموضوع الأكثر حيوية بالنسبة لها.

وقد نشرت صحيفة الأهرام في الخامس عشر من هذا الشهر ملخصاً لتقرير نشره مركز دراسات أميركي عن المهددات الأمنية التي يمكن أن تترتب على الصراع حول مياه النيل بين مصر وإثيوبيا وقد تم نشر ملخص التقرير في وقت كانت فيه لجنة الخبراء مجتمعة في العاصمة الإثيوبية بعد أن تفقدت موقع مشروع سد النهضة لتناقش الآثار التي يمكن أن تترتب عليه بالنسبة لمصر والسودان، ويقول التقرير الذي نشرته مجموعة سترتفور للدراسات -ومركزها في مدينة أوستن في ولاية تكساس- إن سد النهضة الإثيوبي سيكتمل بناؤه عام 2017 وهو واحد من أكبر عشرة سدود في العالم ومن المرجح أن يحد من تدفق مياه النيل نحو مصر والسودان، ورغم أن هناك تساؤلات حول قدرة إثيوبيا على توفير التمويل له إلا أن مصر تتخوف من الآثار المترتبة على بناء السد وهي تمارس الآن ضغوطاً على إثيوبيا لتغيير موقفها، ويرى التقرير أن مصر قد تلجأ لخيارات أخرى إذا فشلت مساعيها الدبلوماسية في درء هذا الخطر، ويشير إلى أنه من تلك الخيارات أن تدعم مصر الجماعات المتمردة على الحكومة الإثيوبية بينما تحرص إثيوبيا على بناء السد في إطار استراتيجيتها التي تهدف إلى إنهاء ما تسميه إثيوبيا (الهيمنة المصرية على مياه النيل)، ولا يستبعد التقرير الأميركي (قيام مصر بعمل عسكري إذا اقتضى الأمر) ولكنه يعتبر أن خيار الحرب هو الأقل احتمالاً، وهذا يعني أن السعي سيتواصل إلى حل مشكلات النهر عبر الحوار وعبر النشاط الدبلوماسي المكثف ويبقى السؤال هو هل الدبلوماسية الحوارية قادرة على تجاوز التوترات الحالية؟ في ظننا أن ذلك ممكن في إطار اتفاق أشمل حول التعاون وتقدير ظروف كل بلد وتنوع طرق الاستفادة من مياه النيل ليس في الري وحده بل في الطاقة وفي الثروة السمكية وتقدير حاجات كل بلد من بلدان الحوض تقديراً علمياً منصفاً، فهل يتحقق ذلك؟

صحيفة العرب القطرية

تعليق واحد

  1. هؤلاء المصرين يعيشون على أنانية مطلقه
    ويجب على الشعب السودانى عدم إتباعهم فى أي شيئ
    عند قيام السد العالى خانوا السودان ولم يجد كهرباء ولا غيره ولا زالوا
    هم يراقبون مياه النيل ويعطلون اي مشروع ( مثل مياه الشرب لبورتسودان )
    ولهم عملاء داخل السودان للإنقلابات وغيره لتعطيل السودان
    لقد جعلوا مشاركتنا لهم فى النيل نقمة ما بعدها نقمة
    لماذا لا يساعد المصرين السودان فى زيادة المساحة المزروعة غابات لزيادة الأمطار
    هم المحتاجين وليس السودان ( السودان لم يأخذ حصته كلها الى الان ))
    وحتى حكومات السودان لا تعطى معلوماتها للشعب السودانى بسبب العمالة والرشوة والرخصه (رخيصى النفس ) لا غير
    نحن لا نجد شيئا من النيل وفى كل شيئ تؤيد مصر الطريق الخطأ وحتى الأن (استعمل رئيسهم لحم أبقارنا فى إنتخاباته )
    والفكر الذى اتانا من مصر يؤرقنا منذ دخول الرشيد والترابى فيه والى الأن
    لا عداء مع أفريقيا ابدا غير أن نعرف حقنا كم وخاصة أن اتفاقية مياه الأنهار الدولية تعطينا بطول مرور النهر فى بلادنا

  2. 90 مليون مصري يستهلكون ويستمتعون بمياه النيل كيفما شائوا في شربهم وغسلهم وسقاية الزرع والضرع وعوامات علي النيل لسياحهم ومحشيشيهم,, حتي بدو سيناء الذين لم يعرفوا معني الحمام والغسل وشرب الماء الحلو طيلة حياتهم اصبحت تصلهم مياه النيل في حلهم وترحالهم
    واهلنا في شرق وغرب السودان يموتون من العطش ويقتلون بعضهم البعض بسب شح المياه لهم ولانعامهم
    وما زالوا يخزنون مياه الامطار في جذوع شجر التبلدي والحفائر والدوانكي ان كانوا من اهل الحظوه

    يجري كل ذلك وبلادنا بها من الانهار ما يكفي ويزيد لابناء شعبنا ولكن للاسف الشديد كل حكوماتنا المتعاقبه منذ الاستقلال جل همها ان تنعم المحروسه بفلاحيها وصعايدتها بالامن والامان وترفل في النعيم علي حسابنا,,
    وتمت الناقصه باستلام سفلة الانقاذ سدة الحكم في بلادنا تنازلوا عن اراضينا لقوات الاحتلال المصري وسمحوا لهم بغزوا السودان زمرا وفي كل يوم تتدفق من حدودنا الشماليه افواج من المصريين ياتون الي بلادنا من كل فج عميق داخل الملحوسه اقصد المحروسه واهلنا مغيبون تماما لكل ما يجري من حولهم

    واجب علينا ان نذكر المصريين دائما وابدا انهم يتعاملون مع نظام غير شرعي وبزوال هذا الكابوس الانقاذي لن نعير اي التفاته لكل الاتفاقات التي وقعها سفلة الانقاذ مع مصر

    واذا كانت مصر تريد ان تدخل في حرب مع اثيوبيا فهذا شاْنها اما نحن في السودان فلن لن ندخل في حرب مع اشقائينا الاثيوبيين بل بالعكس سنساندهم ضد مصر فهم الاقرب لنا عرقيا وثقافيا من مصر

  3. بعد ما الانقاذ تنكشح عايزين السودان يتبني خط يحافظ علي مصلحة الوطن العليا فقط وماعايزين تعريص للمصريين وغير المصريين …مصلحة السودان اولاً واخيراً

  4. يجب علينا مراعاة مصلحة السودان اولا واخيرا فاذا كانت اعادة توزيع المياه يصب فى ذلك الاتجاه فعلينا دعمه وتأيده لان المصرين لم يشهد تاريخهم بموقف واحد اقليمى او دولى يدعم السودان وشعبه العظيم.
    بل اقولها واضحة للحكومة السودانية الفاشلة(اسأل الله ان يعجل بهلاكهم) ان اعادة توزيع مياه النيل قائم رضيتم ام ابيتم لان دول كبرى وعظمى تقف وراء ذلك بل خططت له قبل عشرات السنين فالمنطق يفرض علينا التوقيع بتأييد تلك المبادرة حتى نجد لانفسنا قدما فى حضور مراسم اعادة توزيع المياه ونعمل على خدمة مصالحنا من خلال تلك المراسم بعد ان نتغلغل بين تلك الدول وندعم مصالحها دون الالتفات لمصر وفراعنتها والاّ فسوف يتم التقسيم من دون حضورنا وعندها علينا ان نرضى بما قسموه لنا وبما تجود به المجارى والخيران.فاعادة تقسيم المياه يأخذ مليارات المكعبات من مصر الظالمة واعادة تقسيمها بيننا وبقية الدول ولا يهمنا مشاريع مصر فى ستين داهية او ممكن يبادلوا اسرائيل حيث يمدوا اسرائيل بالغاز وتمدهم بمياه من بحيرة طبرية او ممكن يبحثوا عن المياه التى غرق فيها جدهم فرعون ليغطوا بها الفارق من المياه بين الحصة القديمة والحصة الجديدة وايضا يشموا عبق جدهم الهالك فرعون لينالوا من عبيره ويعيشوا ذكراه.

  5. ان السودان لم يستفد من مياه النيل او الأمطار او الآبار الفائدة المرجوة والمعقولة ؟؟؟ ان مزارعينا مظلومين وينظر لهم بأحتقار وتستحل حقوقهم ويدخلون السجون وأصبحنا اضحوكة للعالم عندما نقول السودان سلة غذاء العالم ونحن نستورد البصل من اثيوبيا والنبق من الأمارات والثوم من الصين واللبن من السعودية وذلك لعدد بسيط من اغنياء الخرطوم والمدن الكبيرة وبقية الشعب ليه الحصي ؟؟؟ عدة آلاف من طلابنا بالمدارس في العاصمة لا يتحصلون علي وجبة الفطور ؟؟؟ وآلاف المشردين ينبشون في المزابل الخاوية ؟؟؟ ان المزارع هو الذي يضخ الدم في عروقنا فكيف نحتال عليه بأتفاقيات تسمي اسلامية وهي ( السلم) النظام الذي ابتدعته عقول الكيزان الخربة وهذا النظام المجحف لا يطبق في اي بلد في العالم الا في السودان ولا توجد دولة في العالم يذهب مزارعيها الي السجن غير السودان؟؟؟ اثيوبيا التي تبيع لنا البصل مزارعيها ملوك وسوقها يعج بالفواكه والخضروات التي لم يسمع بها حتي أغنياؤناالمترفين ؟؟؟ فواكه وخضروات لها قيمة غذائية عالية ؟؟؟ من الفواكه الفراولة والبيريز والأفوكادو والقشطة والباباي وغيره ومن الخضروات البروكلي والخص الأحمر والسبانخ والفلفل الأحمر وغيره ؟؟؟ تجارة اثيوبيا مع الأمارت حوالي 7.5 مليار دولار في السنة حيث تصدر اثيوبيا الزهور والفواكه والخضروات واللحوم والبن بكميات ضخمة ودبي تعيد تصدير الزهور والبن الي اوربا وأميركا؟؟؟ اين العقول التي تستطيع ان تجد صيغة مجزية لتشجيع المزارع السوداني ليضخ الدم في عروقنا ونستفيد من المياه موضوع جدلكم يا علمائنا الأفاضل ؟؟؟ حتي الأسماك التي توحشت في بحيرة السد العالي داخل حدودنا يأتي المصريين لإصطيادها ويمنعون السودانيين من ذلك ؟؟؟ لماذا يتعدي نصيب منتجي الصمغ العربي 16% من سعر بيعه ؟؟؟ ماذ حدث لمشروع الجزيرة أكبر مشروع لزراعة القطن في العالم يروي بالري الأنسيابي ؟؟؟انه الفشل والفشل الزريع ياكيزان يا لصوص وقتلة قاتلكم الله ؟؟؟

  6. السودان لن يجر لحرب ضد اهلنا في اثيوبيا ارضاءا لمصر
    الحرب ضد ايثوبيا ستدمر كل منطقه شرق افريقيا وتعطل كل المشاريع الانمائيه وستزداد معناة اهلنا في السودان واثيوبيا وارتريا وهذا ما تهدف اليه مصر

    مصر لايهما ان يدمر السودان واثيوبيا جل هم مصر ان تحافظ علي نصيبها الغير شرعي من مياه النيل وتزداد كيل بعير بعد جرها للسودان لحرب تدميريه ضد اثيوبيا

    سفلة الانقاذ لن يتورعوا في المشاركه لتنفيذ المخطط المصري لضرب السدود الاثيوبيه وشعبنا مغيب تماما لما يدور من حوله والمؤمرات التي تحاك ضده بواسطه مجرمي مصر وسفلة الانقاذ
    لا والف لا للحرب ضد اشقائنا في اثيوبيا

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..