الفونس يبتظر بخنازيره

د, هاشم حسين بابكر

* ما يسمي بالحركة الاسلامية والتي أضفت علي نفسها قدسية ورهبانية ما كتبها الله عليها,تحكمت وما زالت ولو بنسبة أقل علي مصير البلاد ومستقبلها,تبدو وكأنها في مرحلة انعدام الوزن.,,!

*ومصطلح (اسلامي)أصبح عنوانآ حتي للبقالات التي تبيع منتجات فات عمرها الافتراضي,ومخابز تطفف في أوزان الخبز,وقد سمعت ذات مرة مذيعة تليفزيونية تقول ننتقل الآن الي اذاعة خارجية لننقل لكم صلاة الجمعة من مسجد فيصل الاسلامي…!!!

*حركة لا وجود لها قانونآ,فهي غير مسجلة لا كحزب سياسي,ولا كمنظمة خيرية,ولا كمنبر سياسي أو فكري,وأثرها لا يتعدي عضويتها المحدودة كمآ وكيفآ,فالمصطلح اسلامي ليس حكرآ علي فئة بعينها,فالحراك الاسلامي يشمل الجميع من سنة وشيعة وطرق صوفية وانصار سنة وغيرهم بغض النظر عن الخلافات التي تنشب بين هذه الطوائف.فلا مجال هنا للاحتكار والحصرية.

*وهذه أول تناقضات الحركة,فهي باحتكارها للمصطلح,نفت صفة الاسلام عن الآخرين,ومهما ضعف اسلامهم,لا يحق لآخر وصفهم بأنهم ليسوا بمسلمين.وهذا الاحتكار يذكرني,بتلك القسمة التي ابتدعتها الكنيسة,حين اقتسمت الأمر ما بينها وقيصر,فابتدعت عبارة ما لله لله وما لقيصر لقيصر,ناسين أو متناسين أن ذات قيصر يمثل نسبة لا تذكر في ضمن ما لله…!!!

*والأمر سار علي هذا المنوال,مع مراعاة فروق الزمن…!!!

*ومع أن الكنيسة قد لعبت دورآ سلبيآ بمقولتها,الا أنها لعبت دورآ ايجابيآ ولكنه كان لمصلحتها الذاتية,ولتأكد مقولة ما لله التي جعلت من نفسها وصية عليه,وحتي تثبت ذلك للقيصر,قامت بتمويل الحرب التي استرد بها قيصر الصليب,الذي استولي عليه الفرس بعد أن هزموا الروم.

*وسيحان الله فقد تزامنت هذه المعركة مع غزوة بدر الكبري,وقد ذكرها المولي عز وجل في محكم التنزيل,وحمل القرآن الكريم بشري انتصار الروم في (غلبت الروم) وفرح المؤمنين بذلك النصر.فعلت الكنيسة هذا لتوطد من نفوذها,وكانت قد احتكرت المسيحية في مقولتها ما لله وقد مولت الحرب لتثبت لقيصر نفوذها الاقتصادي والذي في اطار تطوره أصبح نفوذآ سياسيآ.

*ماذا قدمت الحركة الاسلامية من مال الله الذي وضعت نفسها وصية عليه باحتكارها وحصريتها لصفة الاسلامية !!!؟

*الاسلام يمتاز بالوضوح والعلانية ولا يجد مناخآ صحيآ يتمدد فيه سوي مناخ الحرية,وقد كفل الاسلام من الحرية لابن آدم لدرجة الكفربه,فكيف لحركة تدعي الاسلام أن تقيم نظام حكم اساسه الظلم والطغيان…!!!؟

*المواطن لا يعرف من هذه الحركة سوي اسمها,أما مضمونها فعلمه عند الله وقيادتها.وهي أقرب الي الحركات السرية منها الي العلنية فهي تعلن عن مؤتمراتها فقط,وفي اماكن نائية تعقدها مع عضوية تدقق في اختيارها,ولا تعلن عن القرارات الا ما هو مسموح به وتبقي قراراتها المؤثرة طي الكتمان.

*آخر مؤتمر لها في العام الماضي انتهي بكارثة,فقد اتهم بعض أعضائها بالتآمر علي قلب نظام الحكم..!!!

*في أيام المفاصلة أطلق البعض علي أنفسهم صفة البدريين وما هم كذلك,هذا كل الذي أخذوه من التاريخ الاسلامي العريق,ومن الأخطاء الجسيمة قراءة التاريخ,لا لتدارك الأخطاء وأخذ العبر,انما محاولة اعادته وتطبيقه بصورة كربونية,وقد طال بادئ الأمر الحديث عن دولة المدينة ونموذجها,في حين أن دولة المدينة كانت اول دولة تكونت علي أرض العرب التي لم تعرف مفهوم الدولة من قبل,وحتي تقوم تلك الدولة الفتية عمل الرسول عليه الصلاة والسلام علي احلال السلام في ربوعها,بأن آخي بين مكوناتها,التي كانت تحارب بعضها البعض من أوس وخزرج.فماذا فعلت الحركة يعد استيلائها علي السلطة؟أججت حرب الجنوب حتي انفصل,وتبعته دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق وما زالت قضية ابيي وترسيم الحدود تؤرقان البلاد أيما أرق.

*لم تأخذ الحركة الاسلامية لا نموذج دولة المدينة للمؤاخاة بين مكونات السودان,وهذا ما كان يجب أن يؤخذ من ذلك النموذج,والمآخاة بين القادمين الجدد والمقيمين,ولكن الاسلاميين الذين استولوا علي السلطة لم يقرأوا التاريخ ليعتبروا,بل بدأوا تاريخآ جديدآ,فبالنسبة لهم أن التاريخ بدأ بهم وسينتهي بهم ايضآ (نسلمها لعيسي).ونظام بلا تاريخ لا حاضر له ناهيك عن مستقبل…!!!

*الكثيرين من منسوبي الحركة يضعون اللوم علي اخفاقهم علي المواطن الذي وصفوه بالكسل,وقد أعلن ذلك وزير المالية أثناء عرضه لميزانيته المهببة,في حين أن مئآت الآلاف يهاجرون الي دول الخليج وغيرها يعملون بجد واخلاص وتفاني حتي أصبحوا مطلوبين من قبل تلك الدول,عشرات الالاف من المعلمين والمهندسين والاطباء واساتذة الجامعات هجروا السودان طلبآ لكريم عيش بخل به عليهم نظام حكم أسسته الحركة التي تصف نفسها بالاسلامية..!!!

*أما الأمر الخطير الذي يجري أمام نظام الحكم الذي جائت به الحركة الاسلامية,وهو أن المواطنين الذين يهاجرون يحل مكانهم مهاجرون آخرون من دول الجوار في عملية احلال وابدال( لا أعتقد أنها عفوية )بل هي عملية منظمة لخلخلة مكونات المجتمع واحداث تعيير ديمغرافي عليه.والغريب أن الكثيرين من هؤلاء أصبحوا يتمتعون بالجنسية السودانية,ورغم كل هذا تقوم لجان الحوار ولا تقعد بحثآ عن الهوية,,,!!!

*والحركة الاسلامية لم تأخذ من قصص القرآن الكريم العبرة ولا من التاريخ,ففي سورة البقرة وردت قصة الملأ من بني اسرائيل وقد طلبوا من نبيهم أن يبعث الله لهم ملكآ يقودهم للقتال قي سبيل الله,ولنا هنا وقفه,نبي لم تتوفر فيه صفة القيادة فطلبوا من يقودهم,والملأ وهم العامة الذين لابد لهم من قائد.النبي قال لهم ان الله اصطفي عليكم طالوت ملكآ,وهنا بدات المقاييس البشرية في التنظير,ليس من أشرافنا ولا من الاغنياء فكيف يكون له الملك علينا؟غير أن المقياس الرباني كان غير مقاييسهم, بسطة في العقل والجسم,عقل متفتح يجيد وضع استراتيجيات الاعداد للقتال,وجسد قوي يتحمل مشاق التدريب,وكانت النتيجة أن تولوا الا قليلآ منهم,واستمرت عمليات التصفية الالهية وفي كل مرحلة تخرج كثرة من القلة التي بقيت الي أن بلغت المرحلة الأخيرة من التصفيات,ان الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني الا من اغترف غرفة بيده,فشربوا الا قليلآمنهم,وهنا اتوقف قليلآ,أي نهر يغري للشراب منه اكثر من نهر السلطة والذي شربتم منه حتي الثمالة!؟

*الأمر لدي طالوت كان واضحآ,فالذي يتخاذل ينسحب ويتواري ويترك المسيرة,أما في حالة السودان فالمتخاذلون هم من يقودون,وقالوا ذات العبارة التي قالها متخاذلو طالوت مع اختلاف الأسماء لا قبل لنا اليوم بأمريكا وكروزها…!!!

*ان التغييرلا زمن له ولا ميعاد,فأثناء تلك المعركة حدث تغيير جذري (وقتل داؤد جالوت وآتاه الله الحكمة والملك) في مرحلة الاعداد كانت بسطة في العقل والجسم,وفي مرحلة الحكم كانت الحكمة,فبأي من هده الصفات يتحلي أيآ من القيادات بين من يحكم أومن ينظرمن قيادات الحركة المسماة اسلامية؟

*الحركة التي تفخر بأنها استولت علي السلطة,تم الانقضاض عليها من قبل من أتت به فرئيس الجمهورية نصب نفسه رئيسآ عليها,أما نائبه فقد أصبح نائبآ لأمينها العام,(الذي يعوم في بحر من الأوهام)…!!

*هذا ما يبكي البعض من قيادات الحركة,ولكن هناك سبب آخر وهو في اعتقادي الأهم,غياب ابن تاشفين يمكن اللجوء اليه,ونصيحتي لمن في هذه الحركة أو في نظام الحكم,أن يفعلوا ما اقترحه العز بن عبد السلام حين أمر قطز بأخذ المال من الأمراء لتمويل الحرب علي المغول عوضآ عن الضرائب التي قررها علي الشعب,وقد كانت الأموال التي أخذها من الأمراء كافية لتمويل الحرب وانتصار المسلمين غلي التتاروالمغول,هذا والباب مازال مفتوحآ لتحلل حقيقي والا فخنازير الفونس تنتظر من يرعاها ولات ساعة مندم.
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. والله يا دكتور رشيت الخنازير دا بى مبيد خنازير مركز شديد

    ** ياخى الاغبياء عاملين فيها مفتحين لكن عليك امان الله شعبنا سلط عليهم حرامية سرقوا منهم الملك والتجاره بالدين

    المؤلفة جيوبهم هم من يتحكمون فى مفاصل المشروع المهبب بتاع الترابى وقومه
    والله شاهدت وجوههم فى المؤتمر
    كانوا كئبين وبوساء
    وآثار سحاق فى ( جبهتهم) على قول العراقى مظفر النواب

  2. اقتباس:(لنا هنا وقفه,نبي لم تتوفر فيه صفة القيادة فطلبوا من يقودهم,والملأ وهم العامة الذين لابد لهم من قائد)

    التعليق:

    لعل في هذه اشارة واضحة الى ضرورة الفصل بين الدين والسياسة حتى لا تنسب اخطاء السياسيين الى النبوة..
    فرجل الدين الحق لا يكون متطلعا الى القيادة والمنصب والدولار بل يجب ان يكون زاهدا يربي السياسين والاجتماعيين والاقتصادين ليقوموا بدورهم في اقامة شئون الدولة التي لا تحتاج الى الصلاة والصيام

    وهكذا فعل عمر بن الخطاب عندما انشاء الدواوين (الوزارات والادارات الحكومية) في ذلك الوقت فعين فيها الفرس والروم وغير المسلمين حتى تعلم المسلمين منهم ذلك بل لقد كان كاتب الجند المسئول عن سجلاتهم غير مسلم ولا ضير في ذلك.

    وهو ما فعله عمرو ابن العاص في مصر حيث استعان بالروم والقبض المصريين في ادارة شئون الدولة والقيراط (اي توزيع الاراضي) وإدارة ديوان الجزية والضريبة..

    المهم في الامر ان الحركة الاسلامية اختطفت الخطاب الاسلامي وتريد بهذا الاختطاف التشبث بالسلطة حتى لو كان اسلامهم من الناحية النظرية والعملية اقل من اسلام الأخرين ولكنها تريد الحكم والسلطة وان تنسب لنفسها الاسلام ولا تريد احد اخر يتحدث باسم الاسلام غيرها.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..