ثلاثة احداث سودانية هامة وقعت في يوم ٣٠ اكتوبر…

١-
في هذا المقال اليوم، رصد ثلاثة احداث سودانية هامة دخلت التاريخ من اوسع ابوابه ومازالت متقدة في اذهان الملايين، هذه الاحداث التي بصدد الكتابة عنها وقعت في يوم ٣٠/ اكتوبر (١٩٦٤) و(٢٠١٤)،وهنا استعرض كل حدث علي حدة.
اولآ:
تنحني الفريق/ ابراهيم عبود عن
الحكم، وحل المجلس العسكري:
(أ)-
“كليف تومسون” الامريكي الجنسية كان مدرساً للقانون في جامعة الخرطوم، ساعة انطلاق شرارة ثورة أكتوبر من عام ١٩٦٤، وكتب مذكراته عن هذه الثور بالتفاصيل الدقيقة وبسرد جميل،(ان الفريق ابراهيم عبود كان مشغولاً كل الانشغال بهيبة الجيش. لم يكن تردّده – وقد رأى الشعب يصرّ على رحيل نظامه- إلا بسبب حرصه على سلامة المؤسسة التي جاءت به إلي سدّة حكم البلاد لسنوات ست. كبار الضباط من حوله مارسوا ضغوطاً عليه، وقد شهدوا بأعينهم غليان الشارع بأكثر ممّا هو متاح لرئيس البلاد. نقلوا إليه الصورة ، ووقف ساعده الأيمن يميل إلى إنهاء الحكم العسكري . لم يكن اللواء حسن بشير نصر ممن يوالون الباطل، بعد ظهور الحق أبلجا، فوقف مع رئيسه الفريق عبود، لكنه استعان بضباط الرتب الوسيطة الأقرب لنبض الجيش وللشارع، فأنصت وأدرك أن الحكمة هي في اتباع طريقٍ، يتيح للرئيس الفريق عبّود خروجاً مشرّفا . لم يختر أن يواجه الرئيس مواجهة صريحة أو يستقيل، بل اكتفى بالتزام بيته، وكأنّه يعفي نفسَه من مهامهِ طواعية . ذلك كان من موجبات الرُّتبة التي يحمل علاماتها على كتفه، فهو لواء ويحترم رئيسه المباشر الفريق عبود).
(ب)-
واصل الكتابة وكتب، (اشتعلت الثورة فبدأت موجات التضامن من طلاب المعهد التقني ومن طلاب معهد المعلمين مع طلاب الجامعة ثم تضامن معهم طلاب المدارس الثانوية، وتضامن معهم ممثلو النقابات في السكة الحديد والمحامين و الأطباء و المهندسين. واشتعلت الثورة من يوم ٢٤ أكتوبر ، فنزل مواطنون غير مسيسون وانضموا للمظاهرات. استمر الحراك يتصاعد والحكومة عاجزة عن القيام بخطوة لوقف المظاهرات، فخرج بيان لمجموعة من ضباط الجيش سموا أنفسهم بالضباط الأحرار ليحيي الشعب السوداني على القيام بهذه الثورة، وكان هذا البيان بتاريخ ٢٨ أكتوبر١٩٦٤ بيانا مفصليا، فحاول إبراهيم عبود إنقاذ نفسه بالدعوة لحوار وطني وتشكيل حكومة انتقالية يكون هو جزءا منها كرأس للدولة. وفي يوم ٣٠/ أكتوبر ١٩٦٤ بعد ٩ أيام من اندلاع الثورة تم اختيار سرالختم الخليفة كرئيس للوزراء، وكان يعمل في وزارة التربية والتعليم كمساعد للوزير.
(ج)-
تنحني الفريق/ ابراهيم عبود في يوم ٣٠/ اكتوبر، ودخل هذا اليوم تاريخ العالم باعتباره يوم انتصار شعب السودان علي ديكتاتورية حكمت البلاد بالحديد والنار، ودخلت ثورة ٢١/اكتوبر التاريخ باعتبارها اول ثورة شعبية في المنطقة العربية والافريقية.
(د)-
الجماهير تحاصر القصر و عبود يتنحي عن الحكم
الرابط (فيديو):
(هـ)-
ثورة 1964 السودانية: أول ثورة عربية ضد نظام عسكري
رابط الفيديو:
https://www.ida2at.com/october-revolution-in-sudan-the-first-popular-revolution/
ثانيآ:
الجماهير بالملايين في الشوارع تحتفل
بنهاية حكم عبود وحل المجلس العسكري-
(أ)-
في تمام الساعة السادسة مساء ٣٠/ اكتوبر اذاع عبود بيان التنحي بنفسه بعد حصوله على ضمانات تحفظ هيبة الجيش وتماسكه، سلم الرجل السلطة بكاملها لمجلسٍ للسيادة، تشكّل من أعضاء خمسة ، وذهب عبود إلى بيته في هدوء. كان الرجل وكل رجاله معه،مستعداً للمحاسبة الجنائية ولكنها ولاسباب كثيرة لم تتم محاسبة ضباط المجلس العسكري المنحل.
(ج)-
ما ان سمعت الجماهير التي كانت تحاصر القصر بيان التنحي، حتي سرت موجة من الاغتباط والفرحة الشديدة بينهم، وسارع كل مواطن كان بالمنزل مهرولآ بالخروج الي الشوارع لينضم الي المظاهرات التي تجمعت امام بوابة القصر الجمهوري وساحة الشهداء (الحديقة التي تقع جنوب القصر) ، وظلوا ساهرين حتي صباح اليوم التالي، كان يوم مشهود تنسم فيه الناس نسائم الحرية بعد كبت وحرمان وقهر طوال ست اعوام.
ثالثآ:
(أ)-
الجيش السوداني مسؤول عن
عمليات إغتصاب في دارفور
(قالت منظمة هيومن رايتس ووتش للدفاع عن حقوق الإنسان في تقرير نشر الأربعاء، أن جنودا سودانيين اغتصبوا أكثر من 200 إمراة وفتاة في تشرين الاول/اكتوبر 2014 في بلدة تابت شمال اقليم دارفور السوداني،ويلقي التقرير الوارد في 48 صفحة شكوكا حول نفي الخرطوم المتكرر لوقوع عمليات الإغتصاب تلك. وبحسب التقرير، فإن 221 امرأة وفتاة تعرضن للإغتصاب خلال “هجوم منظم” على ثلاث دفعات استمر نحو 36 ساعة إعتبارا من الثلاثين من تشرين الاول/اكتوبر، حيث انتقل الجنود من بيت إلى بيت، وبلغ عمر بعض الضحايا 15 عاما. وقال التقرير أن الجنود تنقلوا من منزل إلى آخر ونهبوا الممتلكات وضربوا السكان، واعتقلوا الرجال وإقتادوهم إلى مشارف البلدة، فيما كان يتم اغتصاب النساء والفتيات داخل المنازل. وخلال التحقيق الذي أجرته المنظمة على مدى شهرين، قامت بتوثيق 27 حادثة اغتصاب. وحصلت على معلومات موثوق بها عن 194 حالة أخرى من الهجمات على بلدة تابت. وقال التقرير أن تلك الهجمات ربما كانت انتقاما لخطف جندي أو لمعاقبة السكان على دعمهم للجماعات المسلحة المتمردة خلال السنوات الأخيرة. وأكد منشقان من الجيش السوداني للمحققين في المنظمة أن رؤساءهما أمروهما “بإغتصاب النساء”، لأنهن يدعمن المتمردين رغم عدم وجود مقاتلين قرب تابت وقت الهجوم.).
(ب)-
منظمات حقوقية: اغتصاب جماعي
لـ 200 امرأة وبنت بدارفور والخرطوم ترد
الرابط:
https://arabic.cnn.com/rights-group-report-sudanese-soldiers-raped-more-200-women-and-girls
(ج)-
السودان يعيق تحقق قوات الأمم
المتحدة من صحة جرائم اغتصاب
الرابط:
https://www.alraimedia.com/Home/Details?id=d8665ca0-cadc-43a9-b664-3046cd9ce2ca
(د)-
قائد الجيش في تابت يعترف بإنتهاكات
الجنود ويعتذر لاهالي المنطقة
– تابت / “راديو دبنقا” –
– 11-05-2014 –
الرابط: https://sudaneseonline.com/board/470/msg/1415149107.html
(اقر قائد حامية تابت النقيب اسماعيل حامد ارتكاب قواته ليل الجمعة الماضية اغتصاب جماعى ضد سكان قرية تابت 65 كيلو متر جنوب غرب الفاشر ، الى جانب ضرب واهانة واذلال سكان القرية ، وكشف احد مشائخ القرية لراديو دبنقا ان قائد حامية تابت النقيب اسماعيل حامد جاء صباح امس الاثنين مع قوة تستقل عربتين عليها دوشكا برفقته ملازم اول ، جاء واقر امام جمع من سكان القرية بارتكاب قواته خطأ ضد سكان القرية ، وان الجندى المفقود قد وجد بمنطقة طويلة ، وانه يقدم اعتذارا عما حدث ، وقال الشيخ بان قائد الحامية النقيب اسماعيل حامد طلب من الاهالى تسجيل اسماء المغتصبات والجرحى والمصابين وذلك من اجل ارسالهم للعلاج فى مستشفى الفاشر العسكرى ، وقال الشيخ بان الاهالى رفضوا اعتذار قائد الحامية وطالبوا باجراء تحقيق مستقل وتقديم المتورطين فى الاحداث للعدالة ، واكد الشيخ عدم وصول اية جهة حكومية او اليوناميد للوقوف على احوال المغتصبات والجرحى والمصابين ، مشيرا الى نزوح عدد من الاسر امس الاثنين الى معسكر زمزم ، وان هناك اسر اخرى بدات فى حزم حقائبها وجمع ممتلكاتها توطئة للرحيل غدا او بعد غد ، وكان افراد حامية تابت العسكرية قد قاموا مساء الجمعة باغتصاب جماعى بقرية (تابت) ، طالت اكثر من (200 ) امراة من بينهن ( 8 ) تلميذت بمرحلة الاساس ، و( 72) قاصرة ،و( 105 ) فتاة غير متزوجة.).
بكري الصائغ
[email protected]
يا بكري راجع معلوماتك ،،، سر الختم الخليفة كان مدرساً في المعهد الفني و لم يكن يعمل بوزارة التربية
أخوي الحبوب،
روماريو،
١-
حياك الله ومتعك بتمام الصحة التامة.
٢-
الف شكر علي المشاركة القيمة، وعلي تصحيح معلومة وردت خطأ في المقال، وجل من لا يخطئ.
٢-
السيرة الذاتية:
سر الختم الخليفة الحسن
-(1919 – 18 فبراير 2006)- :
رئيس وزراء لحكومة أكتوبر بعد قيام ثورة أكتوبر الشعبية في السودان عام 1964م. ولد بمدينة الدويم بولاية النيل الأبيض عام 1919 م وتوفي إلى رحمة مولاه في يوم السبت 18 فبراير 2006 م. والده الخليفة الحسن أحمد ووالدته نفيسة الفكي العبيد. تلقى تعليمه الأولي والمرحلة المتوسطة بمدارس الدويم وبخت الرضا ثم تخرج في كلية غوردون التذكارية مدرسة المعلمين عام 1937 ثم كلية اكستر جامعة أوكسفورد (1944-1946) .
عمل مدرساً بمعهد تدريب المعلمين بخت الرضا (1938 – 1944م). وترقى لوظيفة باش مفتش تعليم محافظة الاستوائية جوبا في الفترة (1950 – 1957) ثم عمل مساعداً لمدير التعليم في المديريات الجنوبية (1957 – 1960)، ليقوم بنشر اللغة العربية بالجنوب. ثم عميداً للمعهد الفني بالخرطوم (1960 – 1964).
اختير رئيسا لحكومة أكتوبر الإنتقالية الأولى والثانية (1964 –1965)، ثم سفيرا للسودان في إيطاليا(1966 – 1968) وفي بريطانيا (1968-1969)، ونال لقب (سير) من ملكة بريطانيا. تقلد منصب مستشار وزير التعليم العالي والبحث العلمي (1972 – 1973) ثم منصب وزير التربية والتعليم العالي (1973 –1975). ثم مستشارا لرئيس الجمهورية للتعليم خلال الفترة (1982 – 1985م). منذ عام 1986 كان من المؤسسين لمؤسسة حجار الخيرية وتولى رئيس مجلس إدارتها إلى أن توفاه الله في 18 فبراير 2006م.
٣-
تمر اليوم الاربعاء/٣٠ اكتوبر الجاري، ذكري مرور(٥٥) عام علي تنحي الفريق عبود من السلطة، وما اشبه الليلة بالبارحة، وهاهو الشعب السوداني يستعيد حريته بعد (٣٠) عام من حكم العسكر.
٤-
وايضآ، تمر اليوم الاربعاء/٣٠ اكتوبر الجاري، الذكري الخامسة علي اكبر عملية اغتصاب تمت في تاريخ السودان وطالت اكثر من (٢٠٠) امراة من بينهن (٨) تلميذات بمرحلة الاساس ، و(٧٢) قاصرة ،و(١٠٥) فتاة غير متزوجة،…ومازالت الاغتصابات في دارفور مستمرة، ونشرت صحيفة “الراكوبة” بالامس ٢٩/اكتوبر خبر محبط جاء تحت عنوان:(القبض على جندي يتبع للقوات المسلحة بعد قيامه باغتصاب فتاة بجبل مرة)!!
حوار صحفي اجراه الصحفي/ معاوية يسن بصحيفة “الحياة” في يوم 6 ديسمبر 1998 مع مدير مكتب عبود الفريق/ الفاتح بشارة الذي حكي عن اخر يوم للفريق/ابراهيم عبود في السلطة، وقبل ان يتنحي ويحل المجلس العسكري
السؤال الاول:
كيف يمكن أن تصف لنا تنحي الرئيس عبود عن الحكم؟!!
الاجابة:
يمكن القول إن خروجه من السلطة كان تسليماً وتسلماً على مستوى رفيع. وكانت عملية التنحي ابرز مثال لرفعة أخلاق السودانيين، فقد تحقق وفاق تام بين جبهة الهيئات التي تولت السلطة وبين لجنة الضباط الكبار. وبقي الفريق عبود رئيساً على رغم تنحيه الى أن نجح أعضاء جبهة الهيئات في التوصل الى اتفاق سياسي في شأن تكوين مجلس السيادة القيادة الجماعية التي حكمت البلاد بعد ذلك. وللحقيقة والتاريخ لا بد من أن أقول إن عبود لم يقبل الاستمرار في الرئاسة حباً منه في المنصب ومزاياه، لكنه تشاور مع عدد من زملائه وأصدقائه، أذكر منهم اللواء أحمد عبدالوهاب، ورئيس القضاء السابق محمد أحمد أبو رنات.
السؤال الثاني:
وماذا حصل في آخر يوم له في الحكم؟!!
الاجابة:
– طلب مني وزراء حكومة سر الختم الخليفة في آخر يوم للفريق عبود في القصر الجمهوري أن أعرف منه تحديداً إن كانت له طلبات خاصة أو شخصية. فأبلغني بأنه يتمنى على الحكومة الجديدة أن توافق على استمرار قيام بنك السودان المصرف المركزي بتحويل مصاريف ابنه محمد الذي كان يدرس الهندسة في انكلترا. واجتمعت الحكومة ووافقت على الطلب، وأصدرت قراراً بأن يتحول الراتب الشهري للفريق عبود، وكان يبلغ 130 جنيهاً سودانياً، معاشاً دائماً. ومن المفارقات أن “حكومة اكتوبر” التي ارغمت عبود على التنحي هي التي سمته “رئيس دولة”، بينما كان هو يصف نفسه دوماً بلقب “رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة”. كما أن تلك الحكومة نفسها منحته سلطات “رأس الــدولة”، وكانت تـلك الســـلطات مـــوزعـة في السابق على أعضاء المجلس الاعلى الحاكم.
السؤال الثالث:
وهل تغيرت المعاملة التي لقيها الرئيس
الراحل من جانب الحكومة بعد تقاعده؟!!
الاجابة:
– كل الحكومات التي أتت بعد تنحيه حرصت على احترامه والتعامل معه بما يحفظ له كرامته ومكانته لدى أبناء شعبه. وسعت جبهة الهيئات الى اعتقال عدد من زملائه ووزير الخارجية المحامي أحمد خير ونقلوا الى سجن زالنجي في أقصى غرب البلاد. وهي من السلبيات التي تحسب على جبهة الهيئات. وبعد ذلك حصلت الجبهة على أمر قضائي يقضي باعتقال الرئيس عبود، غير ان القائد العام للجيش ونائبه تدخلا لمنع تنفيذ القرار، وهو – حسب علمي ومتابعتي – القرار القضائي الوحيد الذي لم ينفذ في السودان منذ استقلاله. وأذكر أن عبود انتقل من القصر الجمهوري – مقره الرسمي – الى منزل ابن أخيه الفاتح عبدون، ثم انتقل لاحقاً الى منزله في شارع 49 في حي امتدادا الدرجة الاولى في الخرطوم. وتفضل الرئيس السابق جعفر نميري فأمر بحراسة دائمة للفريق عبود، وذلك في اعقاب حادث اقتحام لص منزل الرئيس الراحل وتهديده بسكين معتقداً أن عبود يملك ثروة طائلة. واتصلت حرمه السيدة سكينة بنميري وأبلغته بالحادث فأمر فوراً بوضع حراسة دائمة أمام المنزل. وللتاريخ أيضاً أذكر أني اتصلت بالرئيس نميري وأبلغته بأن قرينة الفريق عبود مريضة، فأمر بأن تتحمل الدولة علاجها في بريطانيا مع مرافق. وأصدر لاحقاً قراراً آخر بتعديل معاش عبود.
السؤال الرابع:
هل كان عبود يقوم بأي نشاط بعد تنحيه وقبل وفاته؟
الاجابة:
– كنت أحرص على زيارته اسبوعياً في داره. وكان الرئيس الراحل يحرص على شراء حاجة منزله من الخضر والفواكه بنفسه. وعندما انتبه المواطنون بدأوا يلتفون حوله ويهتفون في حسرة: “ضيّعناك وضعنا معاك”. فتضايق جداً من هذا الاهتمام، وقرر الامتناع عن ارتياد الاسواق العامة. لكنه بقي حاضر الذهن متوقداً وفي افضل لياقة بدنية على رغم تعديه الثمانين. وكان – حتى وفاته – يقود سيارته بنفسه. وكانت حرمه السيدة سكينة – عليها الرحمة – امرأة سودانية فاضلة ووقورة، ولم تكن تطيق البروتوكول ومتطلبات الزيارات الرسمية للرئيس، وأوقعنا ذلك في إشكالات كثيرة. أذكر أن جاكلين حرم الرئيس الاميركي جون كينيدي رفضت حضور مأدبة غداء رسمية أقامها زوجها في البيت الابيض على شرف الرئيس عبود، ما لم تحضرها زوجة الضيف. فأسقط في يدنا لأن قرينة الرئيس بقيت في الخرطوم، فاضطررنا الى “استعارة” زوجة سفير السودان لدى الولايات المتحدة لتقف بجوار عبود.
من مكتبتي بموقع “سودانيز اون لاين”
30 أكتوبر1964 الفريق/ ابراهيم عبود
يتنحي عن السلطة…والشعب يسترد عافيته.
١-
في ظل الاضراب السياسي واستقالات القضاة غدت البلاد بلا قانون، وبدأ الانهاك والملل يدخلان في نفوس رجال وضباط الشرطة الذين يئسوا من اصلاح الحال بعـد الفوضي العارمة وتحطيم المواطنين لعـرباتهم الخاصة والعامة، وجاءإعلان نقابة الاطباء ليعلن عن تضامنهم مع المضربين، بعدها اصبحت المستشفيات شبة خالية من الاطباء في العاصمة المثلثة ماعدا من قلة منهم عملت بنظام (الورديات) لمقابلة الحالات الطارئة والمستعجلة.
٢-
جاءت الانباء وافادت ان موظفي ومهندسي الاذاعة والتلفزيون ومعهم الفنيين بادرة المواصلات السلكية والاسلكية قد دخلوا في إضراب مفتوح ونزلوا للشارع مع بقية المضربين من رجال الصحافة والاعلام وموظفي المطار والسكك حديد الخرطوم، كل هـذه العـوامل واخري كثيرة عجلت بالتنحي واستقالة عبود من السلطة.
٣-
في يوم 29 اكتوبر1964، إنقطع السودان تمامآ عن العالم بسبب توقـف كل انواع الاتصالات وخاصة الهاتفية، ومما زاد الطين بلة علي راس المجتمعين في القصر،ان الاذاعة والتلفزيون توقفتا تمامآ عن العـمل مما استحال معها وان يعرف الناس حقيقة ما يجري في البلاد، وجاءت الاخبار من مستشفي الخرطوم وتداولها الناس ان اعداد الوفيات في المستشفيات بالعاصمة المثلة نتيجـة الاعتداء عليهم بالرصاص قد واصلت ارتفاعها، وان المئات من الجرحي يعانون من نزيف مستمر.
٤-
كانت “جبهة الهيئات”هي الهيئة الوطنية التي اشرفت علي كل الترتيبات علي تجميع كل القوي الوطنية والاحزاب والنقابات والمؤسسات الكبيرة والصغيرة والاتحادات تحت بوتقة واحدة متضامنة منعآ للتشتت، قـد راحت تفتح الحوارمع القصر وراسآ مع الفريق عبـود بهدف التنحي وان” زمانك ياعبود قد ولي وراح”، وانه منعآ لمزيد من سفك الدماء خصوصآ وان الشعب مصمم علي التضحيات بالروح والدم فإنه من الاجدي الا تعاند الحكومة وتصرعلي البقاء.
٥-
كان عبود عاقلآ في كلامه وهو يتباحث مع قادة المعارضة،واقتنع ان الامورلا تسيرفي البلاد بصورة حسنة، وقال انه سيتشاورمع بقية زملاءه في مجلس قيادة الثورة والحكومة بخصوص اقتراح التنحي وتسليم السلطة للشعـب.
٦-
كان اللواء/ حسن بشير نصر- (المشهور بالصرامة والعسكرية الجادة والانضباط والضبط والربط)، من أقوي المعارضين العسكريين لتسليم السلطة لـ (رجرجة” الشارع) كما قال!!، وان ثورة (17 نوفمبر) لن تنصاع للمظاهرات وستضرب بيد من فـولاذ !!!
٧-
بقية أعضاء المجلس كانوا مختلفين معه في الرأي، وحملوا اللواء/ حسن بشيرمسئولية تـدهور الوضع بإصداره التوجيهات بضرب المتظاهرين المسالمين بالنار.
٨-
انفعل حسن وكال لهم انواع من السباب امام الرئيسعبود، وهـو شيء كان غريبآ بالنسبة لهم فهم لم يتعودوا علي سماع مثل هذه الشتائم البالغة الحدة من قبل اللواء/ حسن المنضبط المهذب، راح حسن يؤكد لهم انه ملتزم بالقرارالجماعي للأعضاء وان كان سيبقي علي رأيه الذي لن يتزحزح عنه،وان البلاد حتمآ ستضيع في حالة تسليم مقاليد زمام السلطة للأحزاب الرجعية!!!!!
٩-
طلب عبود جلسة مشتركة مابين قيادة” جبهة الهيئات” التي كان من بين أعضاءها الشفيع احمد الشيخ ممثلآ عن العمال، والامين احمد الامين ممثلآ عن نقابة المزارعين، وفاروق ابو عيسي عن المحامين، وممثل عن حزب الامة، وممثل عن الشعب الديمقراطي، وممثل عن الوطني الاتحادي، وممثل عن الحزب الشيوعي، وتلاثة شخصيات قيادية اخري كبيرة ليجتمعوا معه ومع اعضاء المجلس العسكري الحاكم للتباحث حول إيجاد مخـرج للإزمة الـتي تمر بها البلاد وانجع الطرق لحلها بسلام.
١٠-
دارت المباحثات في القصر ما بين الجانبين العسكري والمدني لمدة يومين، وبعد اتفاق علي شروط من بينها الايقدموا قادة انقلاب 17 نوفمبر للمحاكمة، والا تمس املاكهم وممتلكاتهم، بعـدها وافـق عبـود علي التنحي من السلطة وتسليم سرالختم الخليفة كامل السلطات ولمدة ستة أشهرعلي ان تجري بعدها انتخابات عامة.
١١-
ومما زاد الضغـط علي المجتمعين بالقصر، تلك الاخبار التي وصلت اليهم اثناء الاجتماعات ان اعـداد المتظاهرين والمحاصرين للقصر قد ازدادت بعد وصول عشرات الألاف من المدن البعيدة والقري المجاورة، وان الازدحام قد يدفعهم قسرآ لدخول القصر.
قال احد الذين حضروا اجتماع القصر، ان الفريق/ عبود فتح النافذة ونظرمن خلالها الى الجماهيرالمحتشدة خارج اسوار القصر، وقال بصوت مسموع لاعضاء المجلس المجتمعين:
كل الناس ديل ما دايرننا ..طيب انحنا قاعدين ليه؟!!
١٢-
في اليوم ثلاثين من اكتوبر1964، اعلن الفريق/ ابراهـيم عبود عن تـنحيه من السلطة وحل المجلس العسكري والحكومة ،وانهاء حالة الطوارئ في البلاد، وتسليم الراية لجبهة الهيئات.
١٣-
بعد ان غادرعبود القصر مع زملاءه الضباط الكبارولزموا منازلهم، قـدموا إستقالاتهم من القوات المسلحة وخلعوا بزاتاهم العسكرية، تفرغوا لحياة أخري مدنية جديدة،
وبهذا التنحي تكون القوات المسلحة قد ودعت أخرجيل من الابطال العظام الذين عرفتهم العسكرية العالمية كأشجع ابطال سودانيين خاصوا معارك الحرب العالمية الثانية بجسارة وبطولة واقدام قل ان نجدها في ضباط زماننا الحالي…كانوا أخر(دفعة) سودانية شاركت في معارك (العلمين) بالصحراء الكبري ضد قـوات روميل الالماني الملقب ب (ثعلب الصحراء)، والتحمت بقيادة اللواء/ محمد طلعت فريد مع القوات الايطالية في معارك وقعت في منطقة (كرن) و(تسني)، ويقال ان محمد طلعت اثناء احدي المعارك، وضع المدفع الثقيل علي حجره كقاعـدة يرتكز عليها المدفع مما وجعله ( يعـرج ) في مشيته طوال بقية حياته.
١٤-
تعتبر دفعـة ضباط (17 نوفمبر) أخرهي اخر دفعة العـظماء في تاريخ العسكرية السودانية.
١٥-
قال نبينا الكريم “وأعطوا لكل ذي حق حقه “، فوجب علينا ان نعطيهم حقهم من التكريم والتقدير،هؤلاء الذين رفعوا رؤوسنا وحرروا العالم من قبضة النازية.