مقالات وآراء سياسية

نصـائح ثورية (2): عن وحدة تنفيذ السدود

محمد عبد المجيد أمين (براق)

قبل المباشرة في تناول موضوع وحدة تنفيذ السدود ، لابد من الإشارة إلي أن مفهوم العدالة لم يطبق بشكل محايد وفعال منذ بواكير الإستقلال وحتي تاريخه  فدائما ما كانت ترجح كفة العنصرية والقبلية والحزبية من قبل الكيانات والأحزاب السياسية التقليدية المعروفة ومعها الكيانات الطائفية الموروثة،المتدثرة بالدين ، لتقدم مصالحها الخاصة علي حساب العدالة ، مما أثبت أنه ليس للحق مكانا في السودان وإنما هي المصالح . لذلك ، أتت هذه الثورة ، ممهورة بدماء الشهداء والضحايا لتغيير هذا النمط العقيم . أتت لتنصف الناس وتحاسب المفسدين  وتنصر الضعفاء وترد الحقوق لأصحابها ولم تأت لخراب البيوت أولخراب الدولة… فهل فعلت “قحت” ،  وريث الكيانات أعلاه ..هل فعلت ذلك؟!!.

من حسن الحظ أن ” العدالة ” هي أحدي شعارات ومطلوبات الثورة ولعل قوي الحرية والتغيير وهي تدير هذه الثورة من وراء ستار تسعي لتطبيق هذه الشعارات بمنتهي الصدق والحيادية وأن ” غبينة” الرد بالمثل ( الفصل التعسفي في 89)غير واردة في قاموسهم كثوار ، لذلك لم يكن من المتوقع معالجة موضوع وحدة تنفيذ السدود بتصفيته وأيلولة ممتلكاته وإختصاصاته إلي وزارة الري بالرأي الصائب . بل هو قرار متهور إلي أبعد الحدود ولا يتطابق مع مفهوم العدالة … لماذا ؟

1-    إذا كان الغرض من التصفية هو أن كل منسوبي الوحدة ” كيزان” كما يٌدعي فهذا قمة الظلم لأنهم ليسوا كلهم “قياديين”  وإنما هي ” المعايش” ياهذا.

2-    إذا كان هذا هو منطق “قحت” في إستهداف الكيزان، فإن جهات إيرادية معتبرة أخري،كديوان الضرائب وديوان الزكاة ، بل ومعظم إدارات الخدمة المدنية ، بما فيها صندوق التأمين الصحي ، بل ، وزارات “قحت” الحالية  ” ملغمة” أيضا بالكيزان، ومع ذلك ،ليسوا كلهم “قياديين” وإنما هي ” المعايش” ياهذا.

3-    ليس من الحكمة معالجة مثل هذا الموضوع الشائك بهذا “التهور” وكأنه يبدو كتصفية حسابات ولكن الأصوب : من أفسد وأثري علي حساب الشعب.. يحاسب ومن تبوأ منصبا غير كفء له يقال وتمنح مستحقاته ومن كان رأيه معارضا لإطروحات الثورة ، فهذا شأنه وفق مفهوم حرية الرأي.

4-    ليعلم من لا يعلم أن بناء الخزانات والسدود الوطنية لم يعرف إلا عبر هذه الوحدة ، فخزان سنار بناه الإنجليز (1926) لري مشاريع الجزيرة التي تنتج  القطن المصدر الي (ليفربول) وخزان جبل أوليا (1937) بني تحت الإشراف الفني والإداري لمصر كي تحفظ حصتها من مياه النيل ، ثم تخلت عنه للسودان بعد بناء السد العالي ، ثم خزان خشم القربة(61-64) الذي أنشئ لاعادة توطين سكان وادي حلفا المتضررين من بناء السد العالي .

5-   هناك ” غبينة” قديمة بين وزارة الري ووحدة تنفيذ السدود ، إذ تري الأولي أن الثانية قد إعتدت علي ” إختصاصاتها” ونالت ” حظوة ” لدي رئاسة الجمهورية البائدة ونفذت مجموعة من السدود من دونها( تعلية خزان الروصيرص ، سد مروي ،سدي أعالي عطبرة وستيت وحصاد المياه) وقد وجدت وزارة الري الأن آذانا صاغية من الحكومة الحالية لتصفية وإستملاك عهدة الوحدة وتسريح منسوبيها. رجال الدولة العقلاء ، إن كانوا عقلاء حقا ،لا يفعلون هذا.

6-إذا نظرت إلي مهام وزارة الري منذ إنشائها ، لن تجد من ضمن إخنصاصاتها انشاء السدود وإنما : تشغيل الخزانات وإدارتها والإشراف على صيانتها ، وضع السياسات والخطط لتنمية الموارد المائية وتطويرها وتحديثها وترشيد إستخدامها ، رصد الموارد المائية في البلاد وتجميع المعلومات والبيانات الخاصة بها وتحليلها وتقويمها ، إزالة الإطماء من بوابات السدود ، قراءة ومتابعة مناسيب المياه.

7-   نعم ، لقد أسرف الوزير السابق أسامة عبد الله ما أسرف وأدخل  البلاد في ديون مهولة وينبغي محاسبته ومعه كل من يثبت تورطه في الفساد ولكن ، هناك جهد مقدر ، شارك فيه منسوبي وحدة تنفيذ السدود ، لا ينبغي التنكر له ، جهد يشكرون عليه ، إذ تعد الكثير من إنجازاتهم قيمة مضافة لممتلكات الدولة السودانية المستفاد منهاالأن.

8-   علي الحكومة الإنتقالية الحالية أن تتوخي العدالة في معالجة الأمور الحساسة ، وتعيد النظر بروية ، خاصة في موضوع تصفية وحدة تنفيذ السدود وتسريح منسوبيها خاصة وأن “قطع” معايش الناس ليس من روح الثورة في ظل ظروف معيشية أكثر من قاسية ، بل عليهم التركيز علي إرساء قواعد وأهداف الدولة المدنية الحديثة خلال الفترة الإنتقالية المحددة وليوفق الله الجميع لدعم وترسيخ مبادئ الحرية والسلام والعدالة  في هذا الوطن.

 

 

محمد عبد المجيد أمين (براق)

[email protected]

‫4 تعليقات

  1. قطع المعايش بقي حار بس هسي لما بقى على ناس السدود .. ياكاتب ما تخاف الله انتو مش قطعتوا معايش الآلاف وبس بل قطعتوا الرقالب .. بعدين اسطوانة قطع المعايش والارزاق اليومين دي بقت حايمة وبكثرة كلما قبلوا على حرامية الانقاذ الفاسدين لابعادهم عن مواقع القرار والمسؤولية لانهم من اكبر معوقات اصلاح دولاب الدولة وأكبر معول لخراب مخططات التصحيح .. حسبي الله ونعم الوكيل فى المبرراتية

  2. ما هذا الهراء؟ من الذي قام ببناء خزان لروصيرص عام 1967؟ هل هي وحدة بناء السدود؟ ومتى كان إنشاء خزان خشم القربة؟ ثم ما هي الفائدة من بناء سدي مروي و سيتيت؟ و هل كانت هنالك جدوى لكل الأموال التي صرفت عليهما؟ و ما الداعي للإبقاء على وحدة تشييد السدود و ليس هنالك من سدود يراد بناؤها -على الأقل في مقبل السنين. و ما الحاجة لهذه الجيوش الجرارة في مشاريع يعمل بها المقاولون المنفذون و الإستشاريون المصممون و المشرفون؟

  3. ((ليسوا كلهم “قياديين” وإنما هي ” المعايش” ياهذا))!
    ما هذا يا هذا؟ المعايش دي بس للكيزان ومحاسيبهم، أليس هناك من يريدون العيش وهم أكفأ وأولى منهم بهذه الوظائف التي شغلوها منذ تأسيس وحدة السدود وكان قبلها قطعاً في وظائف أخرى تم انتقاؤهم منها بمعرفة ورغبة رئيس الوحدة الحرامي وشبكته! أين الظلم في إيقافه من التمتع بوظيفة لم يكن أهلاً لها ابتداء لولا الولاء! ويا ليته ولاء لمصلحة الوطن والمواطن! أظن الكل بات الآن يعرف فيماذا كان تمكين نظام اللصوص وتكالبهم وتعاهدهم على أن لا يدخلنها عليهم مسكين وعلى الاستئثار بكل موارد البلاد دون غيرهم بإقصاء كل من لا يؤمن بهذا الهدف اللصوصي ويكتم سر تمكينهم هذا. مثل هؤلاء يجب فصلهم فوراً وبلا أية حقوق بل تجب محاسبتهم ويجب تغريم او سجن كل من يثبت أنه شغل وظيفة دون مؤهلاتها التي لا يختلف عليها إثنان. فالحقوق لا تكتسب بالباطل وعلى حكومة حمدوك أن تحاسب كافة موظفي الخدمة المدنية، وليس السدود وحدها، في عهد نظام اللصوصية بموجب قانون لجان التحقيق وكل من ثبت شغله للوظيفة بدون المؤهلات المطلوبة لها، ليس من قبل الذين زكوه، ولكن المعلومة بالضرورة كشرط لتوليها من حيث طبيعتها كوظيفة، فلا يعقل أن يختار لوظيفة مهندس من لا يحمل شهادة جامعية في الهندسة معترف بها، حتى لو عين بتزكية مدير السدود نفسه والذي هو نفسه لا يحمل شهادة من جامعة معترف بها كما معلوم للكافة واسأل عن ذلك زميله الكوز مكاوي عوض مكاوي!!

  4. اقتباس (ومن تبوأ منصبا غير كفء له يقال وتمنح مستحقات)
    نقول لكاتب المقال الكوز ما في حاجة اسمها يقال و تمنح له مستحقات، يقال و تصادر ممتلكاته و ممتلكات زوجته و أولاده ثم يحقق معه و يحاسب حسابا عسيرا، ما في كوز نضيف، ما في كوز شريف. كلمة كوز مرادفة لكلمة سرطان، الحل الوحيد الاقتراع و الإزالة التامة. بالنسبة لوحدة السدود من المعلوم للأطفال في الحضانة أنها من بؤر الكيزان النتنة مثلها مثل شركات الكهرباء و سوداتل و غيرهم

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..