حزب الحق الخالص

جمعت مناسبة اجتماعية نفراً تخرجوا قبل سنوات في جامعة سودانية مرموقة, تجاذبوا أطراف الحديث في مناحي شتى، حتى وقعوا في مطب السياسة؛ حينها أبدى الجميع تعجبهم من فشل القوى السياسية في استغلال الموارد التي تنعم بها البلاد، وفي توظيف الكفاءات التي ينعم بها الوطن. برزت عندهم خلال النقاش فكرة لتشكيل حزب جديد تتلخص فكرته في كلمة واحدة هي “البساطة”، حيث أجمع زملاء الدراسة أن وضع السودان لا يحتاج إلى خطط معقدة، كل ما في الأمر زراعة كل الأراضي الصالحة، وإيجاد أسواق خارجية إضافية لصادر الثروة الحيوانية الهائلة، وتطوير بعض الصناعات التحويلية، مع تقديم الخدمات الضرورية وفق أولويات معروفة, على أن تسند كل الإدارات لكفاءات مؤهلة, وأن تدار الدولة في كل مستوياتها بشفافية كاملة، بحيث يتم كل أمر مهما كانت ضآلته تحت ضوء الشمس.. أسموا حزبهم (حزب الحق الخالص), ونشروا برنامجهم في عدة صحف, فجاءتهم برقيات التأييد من عدة ولايات, وسجل عشرة آلاف شخص أسماءهم كأعضاء مؤسسين.
سمع أحد الزملاء بخبر الحزب الجديد, فجاء ناصحاً بنصيحة واحدة هي عدم الاستهانة بموضوع “تقدير الحالة”، الذي هو سبب الخلاف والانشقاق في العمل الحزبي في السودان, رغم أنها حالة يسهل استيعابها عند الشعوب الأخرى. طمأنه زملاؤه شاكرين وتساءلوا ساخرين عما إذا كانوا سوف يختلفون على ضرورة توفير مياه الشرب لمناطق عطشى، أو على بناء مدرسة في قرية ..
قرر قيادي سابق في حزب تاريخي, كان قد اعتزل السياسة قبل سنوات بعد أن أعلن يأسه من إصلاح الأداء الحزبي في السودان, قرر الانضمام للحزب الجديد. عندها اقترح رئيس الحزب أن يوكل للوافد الجديد موقع نائب رئيس الحزب أو رئاسة اللجنة المركزية، تقديرا لتاريخه, لكن أعضاء آخرين رأوا أن يكتسب عضوية الحزب بلا تمييز إيجابي, خاصة أنه ليس عضواً مؤسساً ولا من السابقين في تأييد الحزب.. وبعد جدال تقرر أن تكلف لجنة يرأسها رئيس الحزب بدراسة الأمر والخروج بقرار نهائي، قررت اللجنة أن يسند إلى العضو الجديد منصب رئيس مجلس شورى الحزب, فاعتكف على الفور رئيس المكتب السياسي في بيته, ولم تفلح جهود إقناعه لإكمال المسيرة التي بدأت قبل شهرين إلا بعد النزول عند شرطه بقبول التبرع الذي قدمه أحد أصدقائه من رجال الأعمال للحزب, بدون أن ينضم إليه، وكان المكتب السياسي قد قرر الاعتذار لرجل الأعمال عن عدم قبول التبرع، وما إن علم أعضاء المكتب السياسي بهذا التراجع حتى استقال عشرة منهم على الفور، حدث كل ذلك قبل فراغ لجنة المهرجان الخطابي الأول من مهمتها, وقبل أن تبدأ أمانة الشباب حملة تشجير الأحياء, وقبل أن يكمل الحزب خطة تحسين المراعي.
سارع الأعضاء العشرة إلى عقد مؤتمر صحافي، أعلنوا فيه انحراف الحزب عن مبادئه, وأنهم يعلنون تشكيل (حزب الحق الخالص جداً).

العرب

تعليق واحد

  1. حيث أجمع زملاء الدراسة أن وضع السودان لا يحتاج إلى خطط معقدة، كل ما في الأمر زراعة كل الأراضي الصالحة، وإيجاد أسواق خارجية إضافية لصادر الثروه
    الحيوانيه,,

    زراعة كل الاراضي الصالحه للزراعه غريبه انك لم تذكر تسليم تلك الاراضي للفلاح المصري الاسطوري الذي سيخرج لنا زهرا وعنبا من دق الصخور دعك من اراضينا الخصبه

    طبعا ثروتنا الحيوانيه اعطاها المصريون شهاده الجوده مؤخرا وكعادتهم في نكران جميل اهل السودان لم يذكروا رخص تلك اللحوم التي تبيعها حكومة الانقاذ لمصر بسعر اقل بكثير من سعر بيعها للمواطن السوداني !!
    وهذا هو ديدن حكامنا توفير الماء والطعام لاهل مصر لان جل همهم ان يعيش سكان المحروسه في بحبوبه وحريقه تحرق كل اهل السودان..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..