أخبار السودان

جدل في السودان بشأن تسليم البشير للجنائية الدولية

أعلنت قوى “إعلان الحرية والتغيير” في السودان عزمها على تسليم الرئيس المخلوع عمر البشير إلى المحكمة الجنائية الدولية، في حال برّأه القضاء المحلي من التهم الموجهة إليه حالياً، أو تلك التي ينتظر أن تطاوله في وقتٍ لاحق.

 

وخلال العام 2009، تحوّل البشير لأول رئيس في سدة الحكم تصدر ضده مذكرة توقيف حمراء من قضاة المحكمة الجنائية الدولية، في تهمٍ تتصل بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية في إقليم دارفور، غربيّ البلاد.

 

وقال القيادي في “قوى إعلان الحرية والتغيير” إبراهيم الشيخ، خلال مؤتمر صحافي بالعاصمة الخرطوم، الأحد، إنّ “قوى الحرية والتغيير توافقت على تسليم الرئيس المخلوع عمر البشير إلى المحكمة الجنائية الدولية، ولا توجد أي مشكلة في ذلك”، مضيفاً: “إذا نجا البشير من المحاكمات بالداخل جراء الجرائم التي ارتكبها، سينال عقابه في المحكمة الجنائية بالخارج”.

 

ويمثل البشير، هذه الأيام، أمام قاضي محكمة محلية في العاصمة الخرطوم، في بلاغاتٍ تتصل بالفساد المالي، وحيازة النقد الأجنبي بطريقة غير شرعية.

 

ويأتي قرار “قوى إعلان الحرية والتغيير” بشأن تسليم البشير للجنائية الدولية، متماشياً مع توجيهات سابقة لرئيس الوزراء عبد الله حمدوك، بمصادقة السودان على كافة المواثيق والمعاهدات الدولية.

 

وخلال زيارته لمعسكرات النازحين في إقليم دارفور الذي عانى من نير الحرب، تعهد حمدوك بإنفاذ مطالب أهالي المعسكرات، والتي شملت، بحسب أهالٍ حضروا اللقاء، تسليم البشير إلى الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية وفظائع ضد الإنسانية.

 

واندلع الصراع في إقليم دارفور خلال العام 2003، وتسبّب في مقتل ونزوح مئات الآلاف من سكان الإقليم الذي تصل مساحته إلى نصف مليون كلم مربع. وكان حمدوك قد قال، في وقتٍ سابق، خلال مقابلة تلفزيونية، إنّ تسليم البشير إلى “الجنائية الدولية” أمر يعود إلى القضاء الوطني في بلاده.

لكن تسليم البشير لا يبدو بالأمر السهل، أخذاً بالاعتبار عوامل عدة، إذ دفع المحامي طارق عبد الرحيم، المنتمي إلى حزب البشير، بعدة موانع تحول دون تسليم الأخير إلى المحكمة الجنائية الدولية.

 

ولفت عبد الرحيم، في حديث لـ”العربي الجديد”، إلى “وجود معضلة أخلاقية تتمثل في ممارسة ضغوطات على القضاء السوداني للدفع باتجاه إدانة البشير، عبر التشكيك المسبق في أي قرار لا يتضمن إدانته، والتهديد بإحالة ملفه إلى قضاة لاهاي”.

 

المسارعة في التسليم

في المقابل، حثّ القيادي في هيئة محامي دارفور صالح محمود، الحكومة السودانية على المسارعة في تسليم البشير إلى الجنائية الدولية. وأشار صالح إلى أنّ السودان من ضمن الدول الموقعة على ميثاق روما المؤسس للجنائية الدولية، وهو الأمر الذي يجعله ملزماً، بصورة أكثر صرامة، بالتعاون مع قضاة المحكمة.

 

وفي معرض رده على من يصف تسليم البشير للجنائية بانتهاك صريح للسيادة الوطنية، قال صالح، لـ”العربي الجديد”، إنّه “لا توجد مكانة للسيادة الوطنية في جرائم الحرب والإبادة الجماعية والفظائع ضد الإنسانية، باعتبار القانون الدولي مسؤولاً عن حماية الإنسان مطلقاً، وعن تحقيق الأمن والسلم الدوليين”.

 

مواجهة مرتقبة

واللافت للنظر في قضية تسليم البشير للجنائية، بروز رأي المكون العسكري في الحكومة الانتقالية، إذْ أبدى الجنرال عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الحالي، رئيس المجلس العسكري سابقاً، اعتراضه على تسليم البشير للجنائية الدولية، والقول بدعم محاكمته داخلياً بواسطة القضاء الوطني “المؤهل”، على حد تعبيره.

 

وأخيراً، عُين رئيس المجلس السيادي، نعمات محمد عبد الله رئيساً للقضاء، ومحمد الحافظ نائباً عاماً للجمهورية، وذلك بعد جدل امتد لأشهر حول الجهة صاحبة القرار في عملية التعيين.

وسيّر الثوار في السودان عدة مواكب تطالب بتعيين رئيس جديد للقضاء ونائب عام للإسراع في عملية الاقتصاص لشهداء ثورة ديسمبر/ كانون الأول الماضي.

 

ويذهب المحلل السياسي محمد نورين، في حديث مع “العربي الجديد”، اليوم الاثنين، إلى أنّ إحالة البشير للمحكمة الجنائية الدولية “أمر يقلق قادة النظام البائد، والقادة العسكريين الذين شاركوا في مجزرة فض اعتصام القيادة العامة في الخرطوم، بشأن إمكانية تسليم ملفاتهم لقضاة لاهاي”.

 

وقبل يومين من عيد الفطر، في 3 يونيو/ حزيران الماضي، قُتل أكثر من 100 ثائر سوداني في عملية عسكرية استهدفت فض اعتصام القيادة العامة في الخرطوم، الذي كان بمثابة ورقة الضغط الأبرز في الإطاحة بالبشير.

 

ولا يُستبعد أن يُساهم تسليم البشير في مزيد من تعاملات الخرطوم ولاهاي، ما يفتح الباب على مصراعيه أمام تسليم قيادات عسكرية بارزة بتهمة التخطيط والمشاركة في مجزرة القيادة.

وكان رئيس لجنة التحقيق المستقلة في واقعة فض الاعتصام المحامي نبيل أديب، قد أشار، في تصريحات صحافية، إلى إمكانية رفع الحصانة عن عضوية مجلس السيادة، في حال ثبوت تورطهم في واقعة المجرزة.

لكن نورين توقع “تجاوز المعضلة الحالية، بتجنب أي عمليات ملاحقة ربما تؤدي إلى نسف الشراكة القائمة حالياً بين المدنيين والعسكر، بالمراهنة على القضاء الوطني، بجانب إعمال قانون الطوارئ ضد أي تحركات في الشارع لمناهضة تسليم البشير للجنائية الدولية”.

 

وفي السياق، لفت القيادي في هيئة محامي دارفور صالح محمود، للوضع الدستوري القائم حالياً، بقوله إنّ “قادة المجلس العسكري تحولوا منذ لحظة حل المجلس، إلى أعضاء في السلطة الانتقالية، التي تقود البلاد في المرحلة الحالية”.

 

ويذهب كثيرون إلى أنّ تدشين الخرطوم لمعاملات مع الجنائية الدولية، لن ينتهي بتسليم البشير وقادة حزبه، وسيطاول، ولو بعد حين، جميع القادة المتورطين في مجزرة فض اعتصام الخرطوم.

 

العربي الجديد

‫2 تعليقات

  1. أوكامبو لـ”الشرق الأوسط”:
    يمكن للخرطوم اعتقال البشير كما فعلت تشيلي مع بينوشيه
    المصدر: صحيفة “الشرق الاوسط” اللندنية –
    – السبت 06 حزيران 2009 –
    طالب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو الحكومة السودانية باعتقال الرئيس عمر البشير، ومسؤولين آخرين هما الوزير السابق أحمد هارون وقائد ميليشيا الجنجويد علي كوشيب، الذين صدرت مذكرات اعتقال بحقهم من المحكمة الجنائية، لاتهامهم بارتكاب جرائم حرب في دارفور.

    ورفض أوكامبو في تصريحات إلى “الشرق الأوسط” وصف هذا الطلب بالتعجيزي أو الساذج وقال “لا يبدو الأمر كذلك وهناك عدة قضايا لجأت فيها الحكومات إلى اعتقال رؤسائها، منها على سبيل المثال اعتقال الرئيس بينوشيه في تشيلي، وكذلك في الأرجنتين وهناك عدة نماذج مشابهة لذلك وفي عدد من الدول ترى فيها أن رئيس الدولة قد قدم إلى العدالة”.

    وأضاف أوكامبو “صحيح ربما يختلف النظام الحالي في السودان عما عليه في تشيلي وفي الأرجنتين اللتين تتمتعان بنظام ديمقراطي ولكن يجب أن تظهر العدالة والمسألة هي مسألة وقت”. وأشار إلى المحاكمة التي تعرض لها الرئيس الأميركي السابق ريتشارد نيكسون بعد فضيحة ووترغيت. ونفى أوكامبو وجود أي خلافات بينه وبين الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بعد صدور مذكرة اعتقال الرئيس السوداني عمر البشير وقال “إن الأمين العام لم يطلب مني أبدا وقف ملاحقة الرئيس البشير وأن الأمين العام بان كي مون رجل محترم وهو يحترم نظام العدالة”، ووصف علاقته مع الأمين العام بان كي مون بالمهنية جدا وقال “دائما نتبادل وجهات النظر ولدينا علاقات مهنية جدا”.

  2. أوكامبو من واشنطن:
    سأضع البشير في السجن
    المصدر:- “سودانيز اون لاين” –
    – 09-18-2010 –
    *- (جدد لويس أوكامبو، مدعي محكمة الجنايات الدولية ، جدد تأكيده بمثول الرئيس عمر البشير أمام محكمة الجنايات الدعوة لمحاكمته على التهم التي وجهتها له المحكمة بإرتكاب جرائم ضد الإنسانية وممارسة الإبادة الجماعية ضد سكان إقليم دارفور، وأضاف:” سأضع البشير في السجن”. كان ذلك لدي مخاطبته مؤتمر كتلة النواب السود في الكونغرس الأميركي يوم امس بقاعة المؤتمرات في قلب العاصمة الأميركية واشنطن. وكشف أوكامبو عن رفض الرئيس البشير لنصيحة قدمتها له بعض الدول تقضي بتسليم أحمد هارون للمحكمة. وقال مدعي محكمة الجنايات الدولية أن قضاة المحكمة فسروا هذا الأمر بأن البشير هو المسؤول المباشر عن الإبادة الجماعية في دارفور. عزأ ذلك:” لان أحمد هارون يتلقي الأوامر منه، والبشير أعلن صراحة لانه لن يسلمه للمحكمة”. وكشف أوكامبو للحضور الكثيف الذي حضر الندوة عن أن تعيين هارون واليا لجنوب كردفان للتحضير لإبادة جماعية اخرى في ابيي وجنوب السودان –على حد تعبيره. وحث أوكامبو الإدارة الأميركية بالضغط على نظام البشير “لتحسين سلوكه” عبر إجتماعات نيويورك المزمع عقدها في الرابع والعشرين من الشهر الجاري.).

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..