مقالات وآراء سياسية

اعتقالات وراء اعتقالات أفراد وجماعات وعسكر…ولا محاكمات!!

بكري الصائغ

١-

بحكم مهنتي في مجال القانون، اعرف ان التحريات الرسمية مع المتهمين الذين يتم اعتقالهم بتهم مختلفة ايآ كانوا عسكر او مدنيين تاخذ الاجراءات وقت طويل، واحيانآ تطول المحاكمات بالاسابيع والشهور كما نري الان في محاكمة الرئيس المخلوع الذي بدأت محاكمته في يوم الإثنين، ١٩/ أغسطس الماضي ولم تنتهي حتي الان، هذا البطء في سير التحقيقات والمحاكمات شيء لا غرابة فيه حرصآ من المحققين او القضاة علي تجميع كامل الادلة والحقائق حول المطروحة.

 

٢-

اصبح ن المعروف عند السودانيين ، ان الجهة الوحيدة في السودان التي تستعجل دائمآ اصدار احكامها علي المتهمين (بغض النظر ان كانوا متهمين مدنيين او من المؤسسات العسكرية) هي المحاكم العسكرية، واكبر دليل علي ذلك ما حدث في معسكر “الشجرة” في شهر يوليوعام ١٩٧١عندما امر الرئيس السابق جعفر النميري بتشكيل محكمة عسكرية لمحاكمة قادة انقلاب ١٩يوليو بعد فشل انقلابهم، وبعد اعتقالهم وتقديمهم للمحاكمة بتهمة محاولة تقويض نظام الحكم، وكانوا (هاشم العطا، بابكر النور، فاروق حمدناالله، عبدالخالق محجوب، الشفيع احمد الشيخ)، وخلال اقل من (١٦) ساعة من بدء المحاكمات صدرت احكام الاعدامات ، ونفذت الاعدامات في العسكريين في معسكر “الشجرة”، والمدنيين بسجن كوبر.

 

٣-

المحكمة العسكرية التي تم تشكيلها في شهر نوفمبرعام ١٩٨٩ لمحاكمة الطالب/مجدي محجوب بتهمة عدم تسجيل المبالغ المالية لدي السلطات الرسمية، اصدرت حكمها بالاعدام علي المتهم دون ان تسمح له بحق الدفاع عن نفسه، او تكليف محامي، او احضار شهود واثباتات تثبت براءاته من تهمة اخفاء مال هو اصلآ مال يخص الاسرة وكانت مودوعة في خزانة العائلة، تم تنفيذ الحكم بالاعدام في سجن كوبر بصورة عاجلة حسب رغبة الرائد/ ابراهيم شمس الدين (عضو المجلس العسكري العالي لثورة الانقاذ)!!

 

٤-

ان الشيء المثير وملفت للنظر -وهو ما دعاني ان اكتب اليوم هذا المقال اليوم-، وجود مئات من القضايا الجنائية القديمة التي لم تبت المحاكم في امرها منذ سنوات طويلة حتي اليوم، فهناك علي سبيل المثال الألاف من القضايا الكبيرة الخطيرة مازالت في ملفات مغلقة علاها الغبارعند النائب العام، ولا احد حتي الان يعرف لماذا توقفت المحاكم عن المضي قدمآ في اجراءات النظر في عشرات القضايا المتعلقة بتهريب المخدرات الي السودان داخل حاويات كبيرة وصلت الي ميناء بورتسودان والمتهمين فيها سودانيين واجانب وافراد ينتمون لعصابات دولية، وبعد اعتقالهم تشكلت لهم محاكم ، وبعدها ما سمعنا عنهم ولا عن صدور احكام ضدهم …وتم منع نشر وحظر اخبار الحاويات والمحاكمات بتوجيهات من جهاز الأمن !!

 

٥-

في يوم ٣/ سبتمبر ٢٠١٧، وقعت مجزرة في داخلية “الفاتح حمزة” التابعة لجامعة أم درمان الإسلامية ليلة يوم الوقوف في عرفة، فقد استغلت مجموعة تنتمي لطلاب المؤتمر الوطني غياب الداخلية من الطلاب بسبب سفر معظمهم إلى الأقاليم لقضاء عطلة عيد الأضحى، ونفذت هجومها على طلاب دارفور، راح ضحية الحادث ثلاثة طلاب هذا اثر الهجوم المسلح المباغت، تم التعرف علي القاتل وهو الطالب/ ابن كثير عبدالرحيم، عضو “حركة الطلاب الاسلاميين الوطنيين” الذراع الطلابي للمؤتمر الوطني، تم اعتقاله، واختفت اخباره ولم نسمع بصدور حكم ضده!!

 

٦-

(أ)-

في يوم الثلاثاء-٢٠/ يونيو الماضي وبعد (١٧) يوم من مجزرة “القيادة العامة”، اعلن نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي الفريق أول/ محمد حمدان دقلو، التوصل إلى الشخص وراء فض الاعتصام، قائلا إنه لن يكشف عن هويته كي لا يؤثر على لجنة التحقيق، وأضاف دقلو، في كلمة له، أن تسعة مندسين بين قوات “الدعم السريع”، التي يترأسها،تم اعتقالهم ،متعهدا بمحاسبة أي شخص يتجاوز القانون سواء من القوات النظامية أو غيرها.

(ب)-

لم يكن هذا التصريح (الفشنك) الذي صدر من “حميدتي” الا محاولة منه امتصاص الغضب الشعبي العارم ضده وضد قواته، وهنا اسال، هل فعلآ تم القبض علي الشخص وراء فض الاعتصام؟!!، هل تشكلت محكمة عسكرية لمحاكمة التسعة مندسين الذين جاء ذكرهم في التصريح؟!!

 

٧-

حكومة السودان في زمن الرئيس المخلوع تقدمت بطلب الي ادارة الانتربول الدولي لاعتقال الدكتورعلي الحاج، الذي كان يقيم في مدينة بون الالمانية، بتهمة اختلاس(٥٠) مليون دولار من مخصصات تشييد طريق الانقاذ الغربي، وتم فتح البلاغ ضده في الخرطوم، وحتي هذه اللحظة لم يتم الغاء البلاغ!!، ولم يعتقل رغم وجوده في الخرطوم!!،ولم يقدم للمحاكمة!!، ولم تقم ادارة مكافحة “الثراء الحرام” بالتحقيق معه حول المبلغ المختلس!!

 

٨-

اثناء وقوع احداث انتفاضة ديسمبر ٢٠١٨، نشرت الصحف اخبار عن اعتقال “قناصين” محترفين تابعين لجهاز الأمن، وكانوا وراء اغتيالات عديدة تمت من قبلهم، ولم نسمع بتقديمهم الي المحاكمة.

 

٩-

مئات قضايا الاختلاسات الكبيرة لم تنظر فيها المحاكم السودانية، بل وحتي قضية بيع الخطوط الجوية السودانية مازال ملفها مغلق رغم ان السلطات القضائية تملك كل التفاصيل عن عملية البيع والسمسرة!!

 

١٠-

منذ زمن طويل وكل يوم نسمع عن اعتقالات بالجملة والقطاعي!!

ولا يمر يوم الا ويكون هناك خبرعن اعتقال شخصية كبيرة بتهمة ما ثابتة عليه، نقرأ يوميآ اخبارعن ضباط وجنود خضعوا لتحقيقات في القيادة العامة، وسمعنا الآف المرات عن اعتقالات شملت افراد من قوات “الدعم السريع” ارتكبوا جرائم قتل واغتصابات، وهناك مئات الاخبار عن قضايا مرفوعة ضد شخصيات كبيرة اثرت من المال الحرام وانهم يخضعون للتحقيقات…ورغم ان اغلب هذه الاعتقالات قديمة قد وقعت قبل سنوات طويلة مضت، الا انها مازالت قضايا لا تبارح مكانها- (محلك سر)- بفعل فاعل وعن قصد!!

 

١١-

ان يتم التروي الشديد في تقليب ملفات القضايا الجديدة شيء يقبله العقل من اجل العدالة التامة، ولكن ان يتم التاخير في بت قضايا عمرها اكثر من عشرة اعوام، وموجودة امام النيابة العامة، واغلبها امام القضاة فهذا شيء لا يمكن تفسيره.

 

بكري الصائغ

[email protected]

 

‫5 تعليقات

  1. ١-
    السودان: المحاكم الوطنية لم تفعل شيئاً حيال دارفور:
    يجب تدخل المحكمة الجنائية الدولية،
    ولابد أن تسلم الحكومة المشتبه بهم
    المصدر:- Human Rights Watch –
    – يونيو 11, 2007 –
    (قالت سارة دارشوري، مستشارة هيومن رايتس ووتش في برنامج العدالة الدولية: “فشل المحاكم السودانية المستمر في تقديم المجرمين في دارفور للعدالة يجعل من ملاحقة المحكمة الجنائية الدولية للمشتبه بهم أمراً أساسياً. وفي المناقشات التي ستجري مع المسؤولين الحكوميين، على أعضاء مجلس الأمن الإصرار على تسليم الخرطوم للمشتبه بهم الذين حددتهم المحكمة الجنائية الدولية”، قالت سارة دارشوري: “ما فعلته محكمة الخرطوم الخاصة عن دافور هذا العام أقل مما فعلته العام الماضي” وأضافت: “ادعى المسؤولون السودانيون مراراً أن المحاكم الوطنية ستنظر في هذه القضايا، لكن لم يتم فعل شيء بالمرة”.).
    ٢-
    منذ عام ٢٠٠٧ وحتي اليوم لم تصدر محاكم دارفور عقوبات علي مرتكبي جرائم الابادة والاغتصابات ويعدون بمئات الجناة، واشهرهم علي كوشيب، ولم يتم اعتقال “حميدتي” ولا مساءلته عن جرائم “الجنجويد” وفيما بعد جرائم وانتهاكات قوات “الدعم السريع”، موسي هلال تم اعتقاله لصراع بينه وحميدتي!!، احمد هارون اعتقل في شهر ابريل الماضي بعد وقوع الانقلاب، ولم يقدم حتي الان للمحاكمة.

  2. موضوع له علاقة بالمقال:
    ملفات شائكة تنتظر القضاء
    السوداني خلال الفترة الانتقالية
    المصدر:- شركة Media Arabia 2019 © –
    – الأحد 7 يوليو 2019 –
    أعرب المحامي مهدي بخيت، عن اعتقاده بأنه “من الضروري أن يجري خلال الفترة المقبلة اختيار نائب عام مستقل لديه مقدرة على تحقيق العدالة وتحريك كل الملفات الخاصة بمختلف القضايا، خصوصاً قضايا الفساد لأنها قضايا كبيرة وخطيرة وشائكة”، مضيفاً “مطلوب بالدرجة الأولى التحرك السريع لوضع اليد على الوثائق والشهود حتى تكتمل كل المعلومات المطلوبة”. كما أشار إلى “أهمية تكوين لجان تحقيق مثل ما حدث في الفترة الانتقالية عام 1985، من خلال الاستعانة بمحامين ذي خبرة، والعمل على تفريغ قضاة للنظر في هذه القضايا”، لافتاً أيضاً إلى أن “من بين القضايا الملحة قضايا القتل والاعتقالات، وهي تتطلب اهتماماً خاصاً لأن هناك كثيرين من الأسر فقدت أبناءها في إطار خارج القانون، إضافة إلى ذلك، هناك قضايا تتعلق باستغلال النفوذ، إذ لم يكن هناك تنافس شريف في فترة الحكم السابق، وكذلك لا بد من سن تشريعات وقوانين تعمل على التحول الديمقراطي”. واختتم قائلاً إن “القوانين المعمول بها في السودان كافية ورادعة، لكن تحتاج إلى تفعيل”.

  3. قصص وحكايات وقعت
    في زمن الرئيس المخلوع:
    ١-
    شوفو زفة النائب العام الجديد ود عمة البشير … (صورة + فيديو)
    الرابط:
    https://sudaneseonline.com/board/490/msg/1487270606.html
    ٢-
    جلد فتاة سودانية في مركز شرطة في الخرطوم يثير ضجة عالمية.. “شاهد الفيديو” https://www.alwatanvoice.com/arabic/news/2010/12/10/161499.html
    (أثار فيلم فيديو على قناة اليوتيوب تعرض جلد فتاة سودانية في مركز شرطة في الخرطوم هذا الأسبوع موجة من الاستنكار من قبل السودانيين على الانترنت واجمع معظمهم على أن ما حدث يتجاوز العقوبة القانونية بكثير ويرقى للتعذيب البدني الشديد والإهانة البالغة. يظهر الفيلم رجال شرطة ينفذون عقوبة الجلد بالسوط على فتاة سودانية أمام جمهرة من الناس. تلقت الفتاة ضربات السوط على جميع أنحاء جسدها من الأرجل والظهر والأذرع والرأس بصورة عشوائية وبعنف وقسوة ظاهرة، وتظهر الفتاة وهي تتألم وتصرخ مستلقية على الأرض تتلوى من شدة الألم متوسلة الشرطي الكف عن ضربها، قبل أن يهب شرطي آخر لمساعدته بالمشاركة في الضرب. يظهر من خلال الفيلم أيضا أن الشخص الذي قام بتصوير المشهد كان على مرآى من رجال الشرطة، إن لم يكن التصوير بعلمهم. مئات الردود على المواقع والمنابر الالكترونية علي الشبكة العالمية وصفت الحادثة بالجريمة البشعة والبربرية، واستنكرت أن يتم ذلك باسم الإسلام والشريعة. ولم يتسن الاتصال بالخرطوم للحصول على مزيد من التفاصيل.).

  4. الجديد في اخبار اليوم
    الثلاثاء ٥/ نوفمبر ٢٠١٩
    ١-
    مدعي جرائم دارفور يصدر أمر قبض في
    مواجهة (جبريل ابراهيم) و(19) من قياداته
    المصدر:- الخرطوم: “كوش نيوز” –
    *- (أصدر المدعي العام لنيابة جرائم دارفور، محمد الفاتح طيفور، أمرًا بالقبض على رئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم و(19) من قيادات حركته، بتهم تتعلق بالإرهاب والقوة الجنائية والنهب والخطف والقبض غير المشروع والاعتقال غير المشروع والامتناع عن تقديم المساعدة فضلا عن مواد تتعلق بقانون مكافحة الإرهاب. ووفقاً للمجهر، دون (18) من قيادات حركة العدل والمساواة، كانوا قد انشقوا عن الحركة الأم بقيادة محمد بشر، قبل أن يتم الهجوم عليهم في الحدود مع تشاد في مايو من العام 2013م بواسطة حركة العدل وقتل قائدهم وعدد من القيادات واسر الـ (18) لست سنوات في جنوب السودان قبل أن يستطيعوا الهرب والعودة للسودان بلاغاً لدى المحكمة.).

    ٢-
    واسال المدعي العام لنيابة جرائم دارفور، وماذا عن اعتقال علي كشيب، وحميدتي بتهم تتعلق بالإرهاب والقوة الجنائية والنهب والخطف والقبض غير المشروع والاعتقال غير المشروع والامتناع عن تقديم المساعدة فضلا عن مواد تتعلق بقانون مكافحة الإرهاب؟!!، لماذا هذا الاستثناء والكل في السودان يعرف من هو “حميدتي”؟!!، وماهي جرائم كشيب؟!!

  5. اقتباس :
    من خبر نشر في صحيفة “الراكوبة” تحت عنوان
    “عودة اسم الطاغية الى الواجهة مجددا في السودان” بتاريخ:
    – نوفمبر 5, 2019 –
    (عاد الرئيس السوداني المعزول عمر البشير إلى الواجهة مجدداً، وتصاعد الجدل بشأنه في السودان، وتعالت المطالب الشعبية بتسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، التي أصدرت مذكرتي توقيف بشأنه عامي 2009 و2010 على خلفية تورطه في جرائم إبادة وجرائم حرب وضد الإنسانية في دارفور.).
    ٢-
    تعليق:
    لماذا لا يقوم النائب العام بتوجيه اتهام ضد الرئيس المخلوع وتقديمه للمحاكمة خلفية تورطه في جرائم إبادة وجرائم حرب وضد الإنسانية في دارفور، وهناك دليل قوي علي ارتكابه الجرائم، حيث صرح في احدي المقابلات الصحفية علي اغتيال عشرة آلاف من سكان دارفور.).

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..