مقالات وآراء سياسية

ثورة عابرة

هنادي الصديق

ظلت لجان المقاومة بالأحياء ومنذ اندلاع ثورة ديسمبر، صمام أمان الثورة في جميع أحياء السودان في ظل غياب الأجهزة الأمنية والنظامية عن القيام بدورها في الرقابة واستتباب الامن وحماية المواطن، وحماية لدولة العدل والسلام والحرية.
ونجحت في فرض هيبة الثورة وحماية الثوار، وقامت بدورها كاملا حتى الآن في الكثير من الأحياء في حسم ما تسمى باللجان الشعبية (احد اذرع النظام البائد).
الا انه تلاحظ في الفترة الأخيرة ظهور اطنان من الشكاوى ضد هذه اللجان في وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، الأمر الذي يشير إلى أن هناك ما يحاك بظلام ضد الثورة وحماتها.

 

وتأكدت النية المبيتة من فلول النظام ومن شايعهم من خلال البيان الوافي الذي اصدرته لجان المقاومة بالعديد من مناطق العاصمة الخرطوم، والذي تحدث بلغة ثورية جاء فيه (تتعرض لجان المقاومة لحملة هجوم منسق ومنظم تتعدد فيها الاوجه والأدوات بغرض اضعافها وتشويه صورتها وتحييد دورها المقاوم تمهيدا لتصفيتها ، تارة بالاعتداء والترهيب الذي تعرض له عدد من أعضاء لجان المقاومة بالعاصمة والأقاليم .

 

وتارة بمحاولات الاختراق والتخريب وخلق الإشكالات الداخلية من اجل تعطيل خط عمل اللجان وشغلها بمعارك يومية تصرفها عن أهدافها وتعيق مسارها)

 

ولكن العين الساهرة ممثلة في شباب الثورة وثوارها تصدوا لكل هذه المحاولات اليائسة بقوة بعد خطوات من الرصد والمراقبة لأفراد بعينهم والجهات التي يتبعون لها في الاحياء المستهدفة ممن ثبت تورطهم في سيناريو تصفية اللجان وتشويه صورتها.
ما يحدث حاليا امر مؤسف جدا ومزعج للغاية خاصة مع الاستخدام السيئ للوسائط ومواقع التواصل الاجتماعي التي اضحت ساحة للاقتتال الفكري واغتيال الشخصية وتصفية الخلافات السياسية والفكرية، ومساحة موحشة للكسب السياسي الرخيص لبعض الاحزاب الفاشلة.

 

الثورة التي أدخلت الفرح في نفوس ملايين السودانيين، قبل أشهر، يبدو أنها في طريقها لتكون (ثورة عابرة)، وليست ثورة تغيير كما ظن الجميع، فالاختلافات التي من المفترض انها طبيعية وصحية، وضح انها تفاعلت مع حالة الاحباط في الشارع السوداني بعد النجاح النسبي لمخطط الدولة العميقة في زعزعة الاستقرار بخلق الأزمات المتتالية خاصة أزمة المواصلات. وجاءت متزامنة مع مخطط مليشيا الدعم السريع في استقطاب رموز الثورة ولجان المقاومة الذي فشل حتى الآن بنسبة كبيرة جدا، ولكن الخوف كله من انكسار البعض وعودته من منتصف الطريق.

 

نعم هنالك العديد من الأخطاء صاحبت فترة ما بعد الثورة، وحتى مع بداية عمل الحكومة الانتقالية، ولكنها أخطاء يمكن معالجتها ان صفيت النوايا، وخلت من شوائب الغرض.

 

والحفاظ على مكتسبات الثورة ليس بالأمر السهل، نعم قد نشعر باليأس والاحباط احيانا، ويخيفنا البطء الشديد في خطوات تفكيك الدولة العميقة، وعدم التجاوب في بعض الأحيان من قبل المسئولين لما يطرحه المواطن من مشاكل مستفحلة، ولكن الحقيقة التي لا تقبل الجدال، هي أن ما تم من انجاز يستحق أن نعض عليه بالنواجز، والا فالثورة الثالثة قادمة لا محال، ولكنها ستكون باهظة التكلفة هذه المرة.

 

امنحوا لجان المقاومة ثقتكم وامنحوهم العون والرعاية وطوروا من آدائهم وتوعيتهم وابعدوا عنهم سموم التحزب والاستقطاب آلحزبي اللعين لينعموا بالبيئة الصالحة للعمل وينعم معها المواطن بالاستقرار الذي طال انتظاره.

 

هنادي الصديق

بلا حدود

الجريدة

‫2 تعليقات

  1. المشكلة أستاذة هنادي ان بعض لجان المقاومة في الأقاليم تسلل إلى إدارتها اسماء من الصف الثاني والثالث من الكيزان، واصبحو يستعينون بكيزان من مناطق أخرى غير معروفين للمحليين، يعني مثلا تحدث عبد الحميد موسى كاشا من فترة في مدينة الحصاحيصا وباسم لجان المقاومة، لك ان تتحققي من ذلك، بالأمس شاهدت احد الكيزان الكبار من جامعة السودان المفتوحة المدعو د. عبد المجيد يتحدث في تلفزيون السودان ويشير إلى التغيير والثورة والسودان الجديد، واضح جدا انو الكيزان شغالين في موضوع لجان المقاومة باعتباره كان أكثر جبهاتهم صلابة ولو خسرها الشعب خسر ثورته بكل تأكيد، يرجى التوعية بخطورة تحركات الكيزان والتصدي لها.

  2. أنا بعيد عن السودان ولا أعرف ما يجري ويتفاعل بداخله إلا عبركم وعبر وسائل التواصل الأخرى. صراحة أول مرة أسمع بهذه اللجان وهي بالطريقة التي تفضلتِ بشرحها هنا تعتبر من وجهة نظري (خطيئة) في حد ذاتها. هذه اللجان جسم شعبي لا ندري إلى أي جهة تتبع. هل تتبع لوزارة الداخلية عامة أم للشرطة تحديداً؟ هل تتبع لجهاز الأمن؟ هل تتبع لرئاسة الجمهورية أم لمجلس الوزراء؟ أم ماذا؟
    هل هي جسم شرعي لديه قوة إنفاذ القانون؟ وما هي الشرعية التي خولت لهذا الجسم حق إنفاذ القانون؟ هل هي الشرعية الثورية؟
    الدول لا تدار بلجان إلا في مرحلة المخاض الثوري العسير أثناء المرحلة الانتقالية ما بين الشرعية الثورية والشرعية السياسية.
    نحن الآن نعتبر أنفسنا أننا قد عبرنا مرحلة الشرعية الثورية وأخذ الناس بالظنِة، ونعتقد أن الأمن مستتب وأصبحت الحكومة الانتقالية واضحة المعالم والهياكل، فلماذا نقحم لجان من الأحياء لتقوم بأدوار هي من صميم مهام الشرطة السودانية ووزارة الداخلية. تطبيق القانون بواسطة لجان شعبية يسمى في الفقه القانوني (تطبيق القانون باليد) (Vigilantly)، وهذه الحالة تسود عند انفراط عقد الدولة وتفكك أجهزتها كما يحدث الآن في ليبيا وحدث قبلها في العراق واليمن وغيرها الكثير من الأمثلة.
    نفس المنطق الذي يجعلنا مستاءين مما نضح من أخبار عن إرسال حميدتي لقوات لمساعدة حفتر لأنه تصرف حسب تقديره الخاص كمليشيا مرتزقة Mercenary Militia دون علم أو تنسيق مع الجهات الحكومية المنوط بها ترتيب وتنسيق إرسال الجنود السودانيين للحرب خارج الأراضي السودانية وفقاً لمقتضيات المشهد السياسي الإقليمي والعالمي ووفقاً لمصلحة السودان العليا، نفس هذا المنطق والمعيار يجب أن نسقطه على هذه اللجان التي ربما قامت بناءً على نفير شعبي بمبادرة من عدد من الثوار دون اللجوء أو التنسيق مع الجهات المعنية.
    الأمر الآخر هو أننا يجب ألا نلصق أو ننسب أي فشل أو عجز من الحكومة الانتقالية، إلى الحكومة العميقة، ذلك الجسم الهيولي غير المرئي وإن كنت أؤمن بوجود ذلك الجسم وتسلقه عبر وفي كافة الأجهزة الحكومية والشعبية، وهو جسم يملك المال والأعمال.
    يجب أن نبدأ بحل أي مشكلة بأي طريقة بدل أن نُلقي باللوم على هذا وذاك.
    علماً بأننا كنا نعرف سلفاً أن بقايا حزب الاخوان المسلمين المأفون المقبور سوف يؤلب عصابات السرقة والاختطاف والسلب والنهب، وأنهم سوف يحتكرون السلع الأساسية، والنفط والبنزين والغاز ويرمونها في النهر من أجل خلق مشكلات معيشية ضاغطة تجعل البسطاء يتوقون ويتحسرون على عهد البشير. والحنيين إلى الماضي سجية بشرية عامة وسودانية خالصة.
    الانشغال التام والاستغراق الكامل في بتر رأس الحية وسحقها يجب ألا يُقعدنا عن المهام الجسام التي تنتظر هذه الحكومة. وبصراحة أكثر إسقاط ومحو بقايا وفلول (الكيزان)، لا يحتاج إلى أكثر من (محاية- إستيكة) وقرار محلي، أما التنمية وحل المشكلات الجسام فتحتاج إلى عزم الرجال وتضافر جهود النساء والشباب والشيوخ من أجل رفعة السودان واحتلاله للمقعد الذي يستأهله بين الأمم. لذا فإنني أرى أنه يتوجب عليكم أن تنظروا في أمر هذه اللجان، لأنه سوف يأتي اليوم الذي سوف تنقلب فيه على من أسسها وأقامها. كهذا علمنا التاريخ ودروسه وعبره. أي جسم غير قانوني ونظامي يخضع لقانون حاكم وآمر يمكن أن ينقلب بين عشية وضحاها ضد من أسسه واقامه وصرف عليه ورعاه، وما قصة قوات الدعم السريع والبشير عنا ببعيد. اللهم هل بلغت اللهم فاشهد.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..