الحركة الطلابية وصناعة الفعل الوطني

الحركة الطلابية وصناعة الفعل الوطني

محمد ناجي الأصم
[email][email protected][/email]

تاريخ الأمة السودانية ومنذ البدايات الأول للتحرك الجماهيري نحو التحرر والاستقلال والذي بدأ أول مابدأ الصورة المنظمة له بواسطة طلاب الكلية الحربية الذين أقاموا حركة اللواء الأبيض بقيادة المناضل علي عبداللطيف وعبدالفضيل الماظ واستمر الحراك نحو الانعتاق من البطش ومن ذل الاستعمار ووصل ذروته مع تأسيس مؤتمر الخريجين في 1938 م الجسم الذي ضم أول مجموع مستنير من طلاب السودان ، هذا المؤتمر هو الذي قاد من بعد عملية التحرر الشاملة للشعب السوداني من قيود الاستعمار البغيضة .
بعد الاستقلال استمرت الحركة الطلابية في رسالتها التنويرية للشعب السوداني واتسعت دائرة نشاطها في مختلف أنحاء السودان وتنوعت وأخذت تتشكل داخل كيانات مختلفة وأيدلوجيات متنوعة ، تواصلت المسيرة الوطنية من أجل الحرية والديمقراطية فوقفت الحركة الطلابية عند أول محطة للاستعمار الداخلي من قبل العسكر وقاومت حكم الدكتاتور عبود إلى أن توجت نضالها بثورة أكتوبرالمجيدة (وكان القرشي شهيدنا الأول) وسقط من أجلها عديد من أبطال الحركة الطلابية الوطنية شهداء روت دماؤهم شجرة الحرية الوريفة في بلادنا ، نفس العملية النضالية هي التي كان لها القدح المعلى في انتفاضة أبريل وإزاحة الدكتاتور الثاني نميري من على صدر الأمة .
هذا الحراك الطلابي والذي يتضح جليا من المختصر التاريخي السابق أنه كان الصانع الحقيقي بل وربما الأوحد لأمجاد الأمة السودانية لم يتكاسل عندما قفز دكتاتور ثالث وتعدى على حق الشعب بل تقدم الصفوف الأولى في سبيل مجابهته و عمل بصورة جادة من أجل إسقاطه ،فاستشهد في الشهور الأولى لحكومة الانقلاب عدد من الأبطال منهم على سبيل المثال وليس الحصر (بشير ، التاية ، طارق ) ولكل ذلك فطنت الإنقاذ ومنذ أيامها الأول لخطورة هذا الحراك على بقائها فجندت طاقاتها المختلفة من أجل تفتيته وتفكيكه، ولما كانت الحركة الطلابية وقوتها تعتمد أساسا على درجة وعي الطالب(الفرد) بقضايا المجتمع والوطن ،عملت الإنقاذ حثيثا على تشويهه وتغبيشه بكل السبل بدءا بالتعليم الذي فرغ من موجهاته الوطنية حتى أصبح جل الطلاب بعيدون تماما عن قضايا الوطن المصيرية مرورا بتشويه كافة صور التأهيل والمطالبة بالحقوق من عمل سياسي ونقابي والذي عملت الإنقاذ حثيثا على إدخال ثقافة العنف والتعصب في هذه المفاهيم التي كانت في يوم من الأيام مواعين تصنع الأحداث وتحدد قرار الطلاب ومصيرهم . فاليوم أصبح جل الطلاب بعيدون تماما عن قضايا الوطن المصيرية مندفعون متشوقون لمغادرته والذهاب بعيدا عنه وعن همومه التي لاتعد ولا تحصى ، بل يمكن القول صراحة أنه لا يوجد الآن من الطلاب من لا يفكر بصورة أو بأخرى في الهجرة والاغتراب بحثا عن واقع أفضل قادر على توفير أبسط سبل العيش الكريم ، وبالتالي استطاعت الإنقاذ أن تخرج مجموع الطلاب من واقع البقاء الحتمي والذي يجبر الفرد على أن يفكر في الوسائل المختلفة التي يستطيع من خلالها أن يغير الواقع حوله ليحسن واقعه المباشر وواقع وطنه ، إلى واقع آخر يجعل التفكير البديهي لأي شاب يتجه نحو السبيل الذي يقوده بعيدا عن كل تعقيدات الوطن فحلت الهجرة والمغادرة بدلا عن البقاء ، لكل ذلك نجد أن هذه الحركة الطلابية التي كانت في يوم من الأيام في قمة سلم الوعي المجتمعي قد أصابها الوهن والتراجع ، فأضحت اليوم في عدسة التصوير الجمعية أبعد ماتكون عن واقع وطبيعة المجتمع المتأزمة ، ليتشتت تبعا لذلك الأفراد في ذواتهم ويغرقوا في انفراديتهم البعيدة عن الإحساس بالأوضاع المأساوية التي تضرب الوطن .
ولكن إنهم الطلاب أي الحركة والنشاط ، التجديد والتغيير الذي لايؤمن بالسكون والجمود إنها الديناميكية التي سترجع هذه الحركة الطلابية قريبا إلى مساحة الفعل الوطني الفعل الذي لن يقوم به أحد سوى الطلاب ،بل يمكننا أن نقول اليوم أن الطلاب فعلا قد عادوا بصورة جادة إلى القيام بأدوارهم الحتمية … ولنا عودة
محمد ناجي الأصم

تعليق واحد

  1. الطلاب هم من سينقذون هذا الوطن ، حاليا هم لفئة الأكثر فعالية حتى داخل الأحزاب نفسها نتمنى أن تنهض الجامعات وتثور جميعها على شرذمة الكيزان والمنتفعين …

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..