خطة التسويق قبل خطة الانتاج.. قد يكون الحل.. بل هو الحل

يحمّل مزارعو ولاية كسلا الحكومة مسئولية فشل موسم البصل ليس من ناحية الزراعة – المدخلات المطلوبة- ولكن بسبب تدني الاسعار و التى هى”عرض وطلب”… ياساتر.. الموسم ينجح “نخسر و نشتكى”.. الموسم يفشل” برضو نخسر و نشتكى”.. كما أنّ اتحاد منتجي الخضر والفاكهة في الولاية يتوقع بل يطالب الحكومة لأيجاد حلول للأزمة..ويتساءل نائب رئيس أتحاد منتجى الخضر و الفاكهة فى الولاية عن أمكانية تدخل الدولة بمستوياتها المختلفة( ولائية أتحادية) فى تسويق المحصول , بل يطالب بتدخل الدولة على مستوياتها المختلفة لأنقاذ الموسم …وزير الزراعة بولاية كسلا يقول أنّ وزارته تسعى لأيجاد الحلول..و مع الاحترام للأخ الوزير و التمنيات له بالتوفيق ألاّ أن الامر ليس بالسهولة خاصة و نحن نتحدث عن البصل الذى يختلف عن القنديلة و البركاوى و حتى المحاصيل الحقلية الاخرى كالذرة و القمح و الفول..و هو أى البصل مع رصفائه الطماطم و البطاطس ( رغم عدم أنتمائه لعائلتهما ) محاصيل غذائية أقتصادية هامة على مستوى العالم.. ينجح الموسم الزراعي ويكرمنا الكريم بحصاد ممتاز نحوله الى ازمة …. نشتكي من الغلاء وارتفاع الاسعار في المواد الغذائية الاساسية او المحاصيل التجارية ..الموسم ينجح .. يتحول الانتاج الوفير الى مشكلة و و… ومايحدث الان في المحاصيل الشتوية البصل الطماطم البطاطس ياتي تحت باب غياب التخطيط للموسم على كل المستويات وبدلا عن الحمد الشكر لنجاح الموسم يكابد المزارع لتسوية اموره مع الممول و التاجر و الدائن ..الزراعة “مثلث” تتداخل اضلاعه الثلاث ويؤثر كل ضلع على الاخر ويتأثر به…الزراعة: أنتاج , تسويق (محلى ? تصدير),تصنيع ..اعتقد واتمنى ان اكون مخطئا اننا ( برانا كده)البلد الوجيدة التي تشتكي فى الحالتين خلال الموسم الزراعي: نجح الموسم او فشل و الاخير مفهوم و قد يكون لأسباب غير مقدور عليها وكذلك نجد من غرائبنا اننا دائما من عشاق فعل الماضي ..كنا..كان..وحين.. وعندما كان …الخ.. وحتى لا اخرج عن عاداتنا وتقاليدنا وانا اتكلم عن الزراعة نعود للخلف ..للماضى … كنا نمارس التخطيط الزراعى و البرمجة قبل اكثر من اربعة عقود ربما افضل من اليوم .و كان الاهتمام بقطاع الزراعة و حتى لا نعمم خاصة و الحديث أنطباعى ,كان االتخطيط الزراعي في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي افضل من ناحية البنيات التحتية و تأهيل الكادر البشرى (طبعا لا يمكن أن ننسى الطفرة التى حدثت فى الطرق)… مشروع الجزيرة , هيئة البحوث الزراعية وكادرها العلمى الزراعى المميز على مستوى العالم .. كان التصنيع الزراعي يتطور بخطى سريعة و على أسس مهنية علمية : التمور والخضر (الطماطم ) في كريمة الى مصانع تجفيف البصل في الشرق (كسلا) ..البروف الحلو عليه الرحمة يقود فريقا من المساعدين و الفنيين و يستنبط البصل الابيض (التحايا لشباب ذلك الزمن الجميل الذىن تتواصل بصماتهم فى المواقع المختلفة و الرحمة لمن غادروا الفانية )..مصنع الكرتون في اروما والالبان و الكركدى في بابنوسة , تعليب الفاكهة و الخضر فى شندى (للتصدير ? تصنيع ? أستهلاك محلى )..و تم أنشاء فرع لابحاث البساتين فى المنطقة لضمان علمية و مهنية الفكرة .. و أنتدب الاخوه دكتور عوض الفحل و دكتور سيف الدين فقير للقيام بالبحوث اللازمه لانتاج الخضر للتصنيع والتصدير و الاستهلاك المحلي فى منطقة شندى بعد أنشاء فرع لابحاث البساتين هناك مع التركيز على الباذنجان , الكوسه , الطماطم و الفلفل الاخضر و الفاصوليا الخضراء كمحاصيل صادر .. كانت هذه البرامج البستانية تحت أشراف و قيادة البروفيسور تاج الدين البيلى و البروفيسور الحلو عبدالله الحلو عليهما الرحمة و البروفسور محمود صالح و مجموعة طيبة من الخريجين على رأسهم بروفسور قنيف و العقد الفريد معه فى محطة ابحاث الحديبة فى الدامر و محطة شمبات كأول مجموعة قادت النشاط البحثى البستانى ..و ما زالت ..و شهدت سبعينات القرن الماضى محاولات تصدير الخضر ( الكوسة , الطماطم, الفلفل االحلو ).. و بالفعل تم تصدير كميات معقوله منها لاوروبا.. قصدت بأستعادة هذه الذكريات توضيح المجهودات و البرامج التى كانت تعم السودان فى كل مناطقه الجغرافية المتنوعة فى ستينات و سبعينات القرن الماضى…كان الاهتمام بالانتاج البستاني في اوجه لدرجة ان دكتور البيلي رحمه الله نجح في اقناع مدير عام البحوث الزراعيه( H.I. ) باستثناء قسم البساتين من قرار تجميد استيعاب مساعدي باحثين للهيئة مؤقتا في ذلك العام.. نخلص من هذا السرد بان الانتاج البستاني للصادر و الاستهلاك المحلي كان علي راس الاوليات فى تلك الحقبه مع قيام مراكز بحوث في كل مناطق السودان والاهتمام الكبير بالكادر البشري و اعدادهم جيدا داخل و خارج السودان لقياده العمل البستاني في كل السودان من واو الي كريمه من النيل الازرق الي كسلا و اروما من بابنوسه الي شمبات و حلفا الجديده ..
.. المزارع دبّر المدخلات المطلوبه.. زرع و اجتهد ليلا نهارا و اخذ يمني نفسه بموسم جيد وربما في البرنامج زواج الولد أو زيارة بيت الله معتمرا او حاجا.. يتابع المحصول و كل يوم يشعر بالاطمئنان و عشرة الونسه بعد صلاة العشاء .. الموسم ما شاء الله تبارك الله ما شوفنا مثيله ..و..يأتي الحصاد و يجمع المحصول.. الخير كثير ما شاء الله و الحمد لله و الانتاج ممتاز و يتحرك قانون العرض و الطلب و للاسف في الدائره المحليه يعني لم نعمل و نجتهد لفتح قنوات التصدير و العملات الصعبه ..ثمّ تأتى الصدمة الكبرى: الانتاج وفير والاسعار تتدحرج الى درجة اللامعقول ..أنخفاض كبير فى الاسعار مع ارتفاع تكاليف الانتاج بنسبة كبيرة وكما جاء فى بعض التقارير فقد انخفض شوال البصل لدرجة “اللامعقول”..نحن كمستهلكين ربما نسعد بمثل هذه الاشاعات أو الاخبار التى فى النهاية قد تقود الى أحباط المزارع أن لم يكن أصبح من نزلاء السجون لفشله مقابلة أستحقاقات تكاليف الانتاج..نحن الان أمام موقف صعب لكل الاطراف و ليس من المفيد أهدار الوقت فى نقاش و جدل بيزنطى..نحن أمام حالة يجب النظر أليها ك “كارثة” يجب أن نتعامل معها لعلاج الواقع ماخذين فى الاعتبار المستقبل..وفى تقديرى أنّ هذا الموقف يتطلب تدخل المسؤولين فى أعلى المستويات للبحث عن حلول لأن القضية تتعلّق بمحاصيل غذائية هامة و لا يجوز ان نترك المزارع يكابد بحثا لمخرج ..بوضوح أكثر الامر يتطلب تدخل الجهات المالية الحكومية و نحفيز القطاع الخاص للمساهمة بعد التأكد و دراسة الوضع و الاضرار التى قد تلحق بالاطراف المعنية المختلفة..أنّ تدخل الدولة أو الحكومة لأنقاذ الموسم الزراعى و المزارع معمول به كمبدأ أسترتيجى حتى فى الولايات المتحدة ? عقر دار الاقتصاد الحر- و لا يختلف أثنان فى أنّ الرزاعه مهنه مقدسه و مقدره في كل العالم المتقدم, مثلا نجد المزارعين في امريكا.. نعم في امريكا اهم طبقات المجتمع (مال ووضع أجتماعى) و يسعي السياسيون و رجال الاعمال للاحتفاء بهم و ترضيتهم و حلحله مشاكلهم و الزراعه هناك ليست حرفه ولا مهنه يلتجىء اليها المضطر بل هى من أعظم المهن و الحرف.. ما أسعى لطرحه أنّ تدخل الحكومات ? حتى فى اعتى النظم الرأسمالية مبدأ معمول به و تسعى الحكومات لجعل الزراعة مهنة امنه مكرّمة و فى عقر دار ملتون فريدمان تقوم الدولة بشراء القمح مثلا ” وحرقه” لو تطلّب الامر لتفادى تعرض المزارعين للخسارة و هجرة الزراعة..وبناء على نقول نقترح على الدولة التدخل لانقاذ الموسم الشتوى خاصة و نحن نتكلم عن البصل و البطاطس و الطماطم ..نرى ? بعد أن نثبت بأنّ الامر حقيقة على الارض مش زوبعة مفتعلة من أصحاب المصالح و اللعب تحت الطاولة – بأن توجّه الحكومة الجهات ذات الصلة لانقاذ الموسم ..كيف؟ و منو ؟ولماذا ؟ ده شغل أهل الاقتصاد و السياسة ..همسة (أذا المزارع أحبط و جدع الطورية و الملود وخت عنقلاريبو فى ضل الحيطه) فعلى البلد السلام.. و الله المستعان و عليه الاتكال…..

البروفسور عبدالفتاح عبدالله طه
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. السؤال الاول لماذا لاتكتب اسمك فقط بدل هذه الكلمة الطويلة والغير محببة خاصة عندما يطلقها الشخص على نفسه ؟

    التخطيط الزراعى فى زمن البروفيسورات التى تحكى عنه والان ظل على طول الخط مأزوم ويعانى من جهل العلماء – وهنا السؤال الثانى – لماذا يبوظ البصل السودانى بعد شهر من تاريخ انتاجه – بينما البصل الهندى يظل صالح للاستعمال لمدة سنة – الاجابة فى غاية البساطة وهو ان واضعى الاستراتيجيات الزراعية فى السودان لم يدركوا ان يستثمروا فى جهاز التعقيم للمنتجات الزراعية والذى يعمل بالطاقة الذرية وتكلفته لاتتعدى العشرين مليون دولار – ويمكن ان يستخدم لتعقيم جميع المنتجات الزراعية وبالتالى اطالة فترة الصلاحية –

    وهذا البلانت من المشاريع الاستراتيجية التى يجب ان تفكر فيها اى دولة مهتمة بالانتاج الزراعى . لانه تكلفة مثل هذا المشروع يمكن استرجاعها فى زمن وجيز

    لذا فالمزارعون محقون فى لوم الحكومة فى جميع الاحوال .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..