مقالات وآراء سياسية

الجنجويد إسمٌ آخرْ للموتِ في دارفور!

عثمان محمد حسن

* أعذروا عبدالواحد محمد نور، فإن بعضَّ الحقِّ معه!

* في أكتوبر المنصرم، تحدثت صحيفة التغيير الاليكترونية عن (هجرات “مريبة” إلى دارفور) و عن أن جرائم القتل والاغتصاب تتصاعد..

* كلنا نعلم عن هجرات رعاة غُرباء و احتلالهم حواكير المواطنين الأصليين، قبل سنوات، و تحويلها إلى موطنٍ دائم لهم يدافعون عنه بأفتك الأسلحة، و أن بعضهم اتخذ من ذهب (جبل عامر) مصدراً لمعاشه..

* و شهدت الفترة الماضية تدفقاً كثيفاً و ( مريباً)، للرعاة المسلحين المهاجرين من تشاد و من أعماق الصحراء الكبرى إلى دارفور طلباً للماء و الكلأ.. فالجفاف و التصحُّر يضربان بلدان الساحل الأفريقي الغربي بقسوة.. و بحيرة تشاد تنضب بتسارع، و المناطق المحيطة بها تعاني الجفاف الحاد.. و المواشي تنفق.. و لم يَتَبْقَ أمام  الرعاة سوى الإحتماء بالجنجويد، بني جلدتهم المهيمنين على كل دارفور الكبرى..

* و يستقبلهم الرعاة المحليون المسلحون تسليحاً فتَّاكاً؛ و التسليح الفتاك ليس للدفاع عن أراضي دارفور، إنما لترويع المزارعين المحليين و السطو على حواكيرهم بالقوة لاستقبال بني جلدتهم القادمين من تشاد و من أعماق الصحراء الكبرى.. و  تظل أيادي الرعاة القادمين و المقيمين على الزناد دائماً أثناء رعيهم لمواشيهم في المزارع و الحقول عند العبور نحو المراعي..

* و يعود سبب (الارتياب) في الهجرة الكثيفة إلى مخططات النظام (المنحل) لإحداث تغيير ديموغرافي شامل في النطقة.. ما دفع قمة النظام تحتضن ميليشيا الجنجويد و تكلؤها بكل العناية و الرعاية..

* و صارت للجنجويد دولة و سطوة تتحدى كل  القوانين المحلية و المركزية.. دولة مستمر عنفوانها حتى بعد سقوط النظام..

* و أراد  المجلس السيادي أن يؤكد أن دارفور ليست دولة داخل دولة السودان.. إذ شد رحاله و عقد اجتماعه الدوري في سبتمبر الماضي بمدينة نيالا حاضرة جنوب دارفور..

* لا أدري مدي تأثير اجتماع المجلس على أوضاع الأمن هناك، و لكني أدري صعوبة التقليل من سطوة الجنجويد المستدامة على مدى أكثر من عقد من الزمان.. و بلا حسيب..

* و إليكم بعض الأمثلة للدلالة على سطوة ميليشيا الجنجويد و استهتارها بالقوانين الرسمية و الأعراف الأهلية في دارفور:-

١-تعدَّت أبقار الرعاة على إحدى المزارع بمنطقة بلدة (مرشينج ) غرب مدينة قريضة، في أغسطس ٢٠١٩.. و قام المزارعون بتسليمها للشرطة.. فأغار عدد من الرعاة على مركز الشرطة و أمطروه بوابل من الرصاص أدى لمقتل امرأة وطفل وجرح أحد عناصر الشرطة، و عاد الرعاة بأبقارهم إلى قراهم سالمين..

٢- حاول ثلاثة من المسلحين نهب هاتف محمول لدى شاب من  بلدة (عيدان) على مقربة  من منطقة (مرشينج).. و لما قاوم أطلقوا عليه النار و أردوه قتيلاً .. فخرج سكان المنطقة والمناطق المجاورة في تظاهرة أمام مكتب الشرطة ومكتب جهاز المخابرات احتجاجاً على الحادثة مطالبين بعدم عدم إفلات الجناة من العدالة.. و قامت بعض العناصر من داخل مبنى جهاز المخابرات بإطلاق النيران عليهم.. و أردوا عدداً منهم قتلى، في مجزرة من مجازر دارفور البشرية التي لا نهاية لها!

 

٣- و في قرية عيدان بمنطقة قريضة، هاجم رعاة مسلحون مزارعين إعترضوا ماشية تغولت على أراضيهم الزراعية .. و قتلوا اثنين من المزارعين و أصابوا عدداً أخر منهم.. و تحركت قوات الشرطة بدعم من الرئاسة لمطاردة الجناة، و لما تعرضت لكمين في الطريق قتلت خلاله خمسة من المسلحين، و أصيب شرطي..

* و تقول الأنباء أن لجنة امن الولاية قررت، في اليوم التالي، حماية القرية بإرسال قوة مشتركة.. حيث قام المسلحون بمهاجمة القوات المشتركة إلا أنها صدتهم و طاردتهم، و وقعت في كمين مكون من حوالي 70 مسلحاً على ظهر خيول.. ما أدى إلى إصابة شرطي أجبرتهم على الانسحاب الى منطقة “سرقيلا” المجاورة و قبل دخولها  (سرقيلا)، تعرضت لإطلاق نار كثيف من اسلحة “الرشاش والكلاشنكوف”..  أدى لمقتل ضابط برتبة ملازم و إصابة جندي.. فأُجْبِرت القوة المشتركة على الانسحاب الى محلية (السلام). و قررت لجنة الامن بعد ذلك دعم هذه القوات بقوة قوامها 25 سيارة، توجهت إلى حيث قُتل الضابط.. و بعد عمليات تمشيط عثرت على جثته الملازم!

* إن الجنجويد إسم آخر للموت في دارفور! إنهم جنٌّ أحمرٌّ يمتطي جواداً و يحمل بندقية جيم ثري..  و متى لعلع الرصاص مات خلقٌ كثير..!

* و الموت هو القاعدة في دارفور و الحياة الآمنة هي الإستثناء..

* و تطورت أداة الركوب ميليشيا الجنجويد من الخيول إلى سيارات ثاشر رباعية الدفع.. و تطور سلاحها من بنادق جيم ثري إلى المدافع الرشاشة و بنادق كلاشينكوف الأكثر.. و ضاقت الأرض بما رحبت على مزارعي دارفور.. و قد حُرِموا من حمل السلاح للدفاع عن أنفسهم و مزارعهم..

* أيها الناس، كثيراً ما ظلمنا عبدالواحد محمد نور فوقَ ظلمِ الجنجويد و تعدِّيهم على حواكير و مزارع و قرى أهله و قتل المئات منهم..  فكثيرون مِنَّا ليسوا في ثياب عبدالواحد محمد نور..

* و أتعجب للغاية من حديث مني أركو مناوي لجريدة التيار بتاريخ (27 يونيو) ٢٠١٩، حيث أنكر  أن يكون حميدتي عدواً للحركات الدارفورية.. و زعم أن حميدتي ليس سوى موظف من قِبَل (المركز) في حربه ضد الحركات الدارفورية المسلحة..!

* لاحظوا أنه قال ذلك قبل ٣٠ يونيو ٢٠١٩، أيام كان حميدتي في قمة سطوته..!

*  و أشك كثيراً في أن يتفق معه سكان المخيمات المطرودين من قراهم المحروقة بأيدي ميليشيات حميدتي.. فحميدتي لن يعترف بأي حقوق تاريخية لهم في الحواكير المغتصبة.. و سيظل، بالتالي، عدواً لهم ما دامت حواكيرهم مغتصبة..

 

* و ما أشبه إغتصاب الحواكير في دارفور من قِبَل الجنجويد باحتلال المستطوطنات في فلسطين المحتلة بواسطة الصهاينة.

* و نستطيع أن نجد ل(عناد) عبدالواحد العذر، حتى و إن لم نكن في ثيابه.. و نحن نعيش تحت نظام حكم هجين.. لا هو مدني يفتح الأبواب للأمل في سودان معافىً يعيد الحقوق إلى أهلها و لا هو نظام عسكري يفرض علينا الخروج إلى الشارع لإسقاطه.. و إعلاء شأن الحرية و السلام و العدالة..

* أيها الناس، إن فرض حميدتي سطوته على حواكير دارفور شيئ و فرض سطوته على  وزارة الدفاع السودانية بكل تاريخها الزاخر بالبطولات و الأمجاد شيئ آخر..

* جاء في الأنباء ” أن وزير الدفاع الفريق أول جمال عمر، دفع بمذكرة لمكتب عضو مجلس السيادة محمد حمدان حميدتي مطالبا بسحب قوات الدعم السريع من مقار وزارة الدفاع، بجانب التصنيع الحربي، الذي أحكمت قوات الدعم السريع سيطرتها عليه، و القاعدة العسكرية بمنطقة «وادي سيدنا» … بحجة رفض الجيش لوجود القوة في تلك المناطق وعدم انضباطها.”

 

*  و ” اعتبر حميدتي أن مطالب وزير الدفاع تمثل معاداة لقواته، و أنه لن يسحب أي قوة من المناطق المذكورة..”؛

 

* تراجع وزير الدفاع.. و بكل جبن أصدر ما يشبه الإعتذار لحميدتي..

* إذا كانت هذه هي سطوة حميدتي على وزير الدفاع..  فكيف تكون سطوته على  المطالبين بحواكيرهم التاريخية أمام القضاء الذي لا يزال في بداية تنظيف داره من أوساخ و تشوهات النظام القضائي (المنحل)؟

* هنا يكمن (عناد) عبدالواحد محمد نور.. ذاك العناد الذي يثير غضب كثيرين مِمَّن ليسوا في ثيابه!

 

عثمان محمد حسن

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..