إدمان الغيب: الاعتقاد بالأبراج.. اضطرابات نفسيّة تختبئ خلف الحظوظ

الخرطوم: دُرّية منير
يقفز من أعلى مقعده يتشابى لخطف الصفحه التي احتوت على الأبراج أو ربما يستحي قليلا فيقول لك بكل احترام (اقرا لي القوس)، حظك اليوم هدوء نسبيا في الوضع العام عاطفيا يجب عليك الحذر وكسب ثقه الحبيب.. مهنيا يضايقك زملاء العمل فلا تجاريهم، ماليا ستنهمر عليك أمطارا من الأموال توفر لك احتياجاتك التي تحلم بها، اجتماعيا خلافات بينك وبين أحد أفراد أسرتك تؤدي إلى خلاف حاد.. هكذا احتوى هذا الصندوق الذي أخذ مساحة في معظم الصحف أو ربما كانت له نافذة إذاعية في إحدى القنوات أو الإذاعات، وهناك من أدمنه حتى صار يتصفح الإنترنت يوميا لمعرفة مجريات يومه، حيث يطالع يومه من خلال أربعة أسطر.
أحيانا يصادف
في فترة انتكاسة ألمت بها جراء مطالعة الأبراج بشكل راتب تقول آلاء عبد الرؤوف – طالبة – عندما اقرأ ما يشعرني بالخوف أتوجس، وعندما أجد ما يفرحني ولا يصادف، أُصاب بالإنزعاج وعدم المصداقية. وأوردت: كانت قصتي مع الأبراج أشبه بقصة سيدنا إبراهيم مع الكواكب التي تعجب في النور وتحزن في الظلام. وأردفت: في بعض الأحيان يصادف البرج تفاصيلي اليومية، كنت أحملها على محمل الجد، ولكن مع كثرة التعثرات كفرت بها وأخرجتها من اهتماماتي، وصرت أطالعها من حين لآخر عبر المواقع الإلكترونية إلى أن تركتها نهائيا وآمنت بأنها اعتقادات شخصية لأناس ما، يلهون بها الآخرين.
كذب المنجمون ولو صدقوا
مجدي التاج – أستاذ – يقول مبتسماً “خزعبلات بس”، ثم يواصل حديثه: كل هذه الارتباطات نفسية لا تمت للواقع بأي صلة، وأحيانا طيلة الأسبوع تكون غير متوافقة، فالشخص يقرأها من باب التسلية وليس العلم بالشيء، وتلك الأشياء والظواهر والمتابع لها يجد أنها كانت في حين من الزمان ثورة أفردت لها وسائل الإعلام حيزاً من التداول، ولكن مع الوعي الذي حدث اندثرت ولم تعد مقروءة كما سبق. وأورد في حديثه أن ابنته كانت مدمنة لدرجة أنه غير الصحيفة بسببها لأن توقعات البرج لو كانت مخالفة تجد أن تعاملها يتغير فجأو. وأضاف أنها صارت مهتمة بالتوقعات والأحجار، وتوافق الأبراج مع صديقاتها وارتباطاتها مع الآخرين، وهذه عادة سيئة بكل المقاييس، أتمنى لو أنها حسمت، وأفردت تلك المساحة لمعلومات أكثر أهمية، ولو كانت تسلية أو غيرها. وأشار مجدي أن هناك من يتوهم في تلك الاعتقادات التي يسألك البعض عن برجك، هوائي أو ترابي، فهي لا تقل عن السحر والدجل في شيء.
حالة من الترقب
حيث تقول ثريا إبراهيم، خبيرة علم النفس والاجتماع: يؤمن كثير من الناس بالأبراج ومنهم من لا يؤمن بها تماما، ولكن من المهم أن لا يضع الإنسان نفسه أسيرا لهذه التنبؤات حتى ولو كانت صادرة من علماء الفلك، لأن الإيمان بها قد يجعل الفرد غير متوازن مع نفسه ومع الآخرين، خاصة إذا كان التنبؤ سلبياً مما يتعرض الشخص إلى الاضطراب النفسي والسلوكي، ويجعله في حالة من (الترقب) أو المصيبة القادمة، لذا أنا أنصح أن الأبراج يمكن أن تكون من باب التسلية فقط، وليس بالاعتقاد بها بالشكل التام الذي يسيطر على حياة الأفراد في المجتمع، كما أنصح بعدم الإدمان عليها أو قراءتها بالشكل المستمر والمزعج، لأن عواقبها يمكن أن تتمثل في الطلاق أو التفكك الأسري أو العزلة عن المجتمع، ومن خلال ذلك تصبح مضارها أكثر من منفعتها، كما أؤكد أنها من باب التسلية فقط وليس الاعتقاد بها بالشكل الجازم
اليوم التالي