أخبار السودان

الفساد ينتصر

أسماء محمد جمعة

بعد العام 2010 لم يعد الحديث عن الفساد في حكومة المؤتمر الوطني- وهي تبلغ عقدها الأول- سرا، فقد فاحت رائحتة، وسممت الأجواء، وأزكمت الأنوف، ولم يعد في حاجة إلى أدلة تثبته؛ فقد أصبح مكشوفا للجميع، موجود في كل شارع ولفة، في كل حلة ومستشفى، في كل مؤسسة أو مدرسة، حتى المقابر والمحكمة.

في بداية العام 2013 أعلن الرئيس تأسيس مفوضية لمحاربة الفساد؛ علها تفعل شيئا، وقال: إنها لن تتسامح مع المفسدين، ودعا المواطنين إلى تقديم المعلومات والوثائق، التي يمكن أن تدين المفسدين، ولأن المواطن لا يمكنه العثور على تلك المستندات ظل المفسدون يفسدون بلاء توقف، ألم يقولوا أن كل متهم بريء حتى تثبت إدانته، ولن يتمكن المواطون من إدانة أي مفسد، ولذلك لن يتم القبض عليهم؛ فزاد الفساد، وارتفع صوت المواطنين أكثر، وتلك المفوضية ماتت قبل أن ترى النور، في العام 2015 أصبح المفسدون في السلطة هم أهل الحل والربط في السودان، وتحولوا إلى أثرياء بلا تعب أو جهد، وازداد الشعب فقرا، في هذا العام صنف السودان واحدا من أكثر الدول فسادا في العالم، ومرة أخرى أعلن الرئيس تكوين مفوضية جديدة لمحاربة الفساد بصلاحيات واسعة، وتحت إشرافه المباشر، وعيَّن عليها مولانا بابكر أحمد قشي رئيسا، وعضوية كل من السلطة القضائية، ونقابة المحامين، والمعهد القضائي، وديوان المراجع العام، وأيضا لم نر لها نتيجة، وفي حضور هذه المفوضية ها هو الفساد يتفوق على نفسه، وينتصر للمفسدين.

ديوان المراجع العام عضو تلك اللجنة يقف كل عام أمام البرلمان يقدم تقريره عن المؤسسات القومية فلا يحتوي على شيء غير أرقام الفساد، التي قفلت باب النزاهة نهائيا، والواقع- يقدم تقاريره إلى القضاء وهو- أيضا- لا شغل له غير ملفات الفساد التي يعجز عن إدانة صاحبها، وكذلك المحامون الذين يترافعون عن تلك القضايا بعض يبحث عن حق ابتلعه الفساد، وأخرون يبحثون عن براءة مفسدين تثبتها ثغرات القانون الذي لا يحمي المواطنين، والحكومة كلها أصبحت تمتهن الفساد جهرا، وبلا خوف، وكل عام تتلو تقرير أدائها المالي تخبرنا عن مدى التطور الذي حققته في الفساد لتقدم لنا العام القادم ما هو أسوأ.

بالأمس القريب كشف تقرير ديوان المراجعة القومي لولاية الخرطوم لفترة 6 شهور جملة من جرائم المال العام، التي بلغت مليون و1 جنيه لعدد 7 حالات، بزيادة قدرها (285%) عن تقرير العام 2015م، الذي أسست فيه مفوضية مكافحة الفساد، وكأن تلك المفوضية قد قدمت كل التسهيلات والضمانات للفساد والمفسدين.

وبغض النظر عن محتوى ذلك التقرير الذي لم يقل غير جزء يسير من الحقيقية التي بلا شك أعظم بكثير، فهو يثبت أن الحكومة لم تفعل شيئا تجاه الفساد، وأن تأسيس المفوضيات كان ذرا للرماد في العيون، وبصفة عامة يعكس الأمر حقيقة واحدة- فقط- أن الحكومة لن تحارب الفساد حتى لو دخل الجوامع، ووقف بين المصلين؛ فمشكلة الفساد ليست قوانين، إنما أشخاص، وما دام السودان تحت سلطة المؤتمر الوطني، الذي يجمع في داخله عباقرة الفساد، فلن يتغير الحال وسينمو ويكبر إلى أن يقتل السودان.

للفساد أوجه كثيرة وليس من السهل محاربتها لأن المفسدين ينعمون بحماية السلطة- نفسها-، فقد قال مدير المباحث الجنائية السابق: إن عباءة الإجراءات القانونية لا تتسع لأوجه الفساد الهائلة؛ إذ لا شيء ينفع مع الفساد في السودان غير بتر المؤتمر الوطني من السلطة.
التيار

تعليق واحد

  1. الدلول البشكير هو نفسة حرامى وكذلك زوجتة الجديدة .مدام. جداد أو وداد خلى يبدأ لآل البيت العوقة الدلاهه

  2. الدلول البشكير هو نفسة حرامى وكذلك زوجتة الجديدة .مدام. جداد أو وداد خلى يبدأ لآل البيت العوقة الدلاهه

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..