يوتوبيات الشيوعيين: قراءة نقدية في مسارات الحزب الشيوعي السوداني للمنعطفات الثورية

كما اعتمد الكاتب على التعميم المخل عند مناقشة مواقف الحزب، متجاهلًا التعقيد الداخلي للحزب الشيوعي السوداني وتباين التيارات الفكرية داخله. وكأن المقال يفترض أن الحزب كيان أحادي الرؤية، متناسيًا أن أي حزب سياسي هو ميدان لتفاعل الأفكار وتعدد الآراء. هذا التبسيط أضر بالتحليل وجعله بعيدًا عن تمثيل الواقع. علاوة على ذلك، تضمنت المقالة إسقاطات تاريخية غير دقيقة حول مواقف الحزب الشيوعي في لحظات فارقة من التاريخ السوداني. الإشارة إلى أن الحزب “فشل دائمًا في قراءة الواقع السوداني” دون تقديم أمثلة محددة تدعم هذا الطرح جعل النقد يبدو غير متماسك. كان من الأجدر استدعاء الأحداث التاريخية بعين تحليلية دقيقة وتجنب الاتهامات العامة التي تخلو من المصداقية.
افتقر المقال أيضًا إلى المقترحات البناءة، وهو ما يُعد من أبرز أوجه القصور فيه. حتى مع الافتراض بوجود أخطاء في مواقف الحزب الشيوعي، لم يكلف الكاتب نفسه عناء تقديم رؤية نقدية إيجابية يمكن أن تسهم في تحسين الأداء أو معالجة الثغرات. النقد الهادف ليس غاية في حد ذاته، بل وسيلة للتطوير، وهو ما لم يتحقق هنا. يمكن كذلك ملاحظة تأثير سياق الهجرة على الخطاب الذي تبناه الكاتب، حيث ظهر اعتماد المقال على سرديات مستهلكة تتسم بالبعد العاطفي أكثر من المنهجية العلمية. قد يكون ذلك انعكاسًا للبعد عن الواقع السوداني المعيش، وهو أمر يتطلب التريث والتعمق في فهم الظواهر قبل إصدار الأحكام.
في الختام أقول ، يبدو المقال بحاجة إلى الانطلاق من منطلق النقد المسؤول، الذي يتسم بالموضوعية والحياد ويستند إلى وقائع مدروسة وتحليل معمق. هذا النمط من النقد هو القادر على الإسهام في تطوير المشهد السياسي والفكري، بدلاً من الاقتصار على استعراض المواقف النقدية السطحية التي لا تخدم سوى تأكيد الانطباعات المسبقة.