السودان … زيف التاريخ ومسخ الواقع (2)

كما سبق وان اشرنا فى مقالنا السابق فان معرفة التاريخ بأبعاده المختلفة يعتبر امر ضرورى وحتمى فى ازالة اللبس حول العديد من المسائل التى حدثت فى الماضى ولاتزال اثارها تمتد الى واقعنا اليوم مثل الممارسات الاجتماعية و السياسية والاقتصادية التى قادت بالتراكم الى وضع الازمة الحالى فى السودان والتاريخ كمفهوم لم يتم الاتفاق على تعريف محدد له ولكن يمكن الاستناد الى التعريف الذى يعرف التاريخ history على انه مجمل احداث الماضى ويقوم على قاعدة من المتغيرات اركانها المكان(الارض) الذى تجرى فوقه الاحداث ، الزمان الذى تجرى به الاحداث والانسان الذى يصنع هذه الاحداث وعليه فان حديثنا عن التاريخ بهذه التعريف فالمقصود به المساحة الجغرافية التى تسمى الان السودان و بمختلف الازمنة و بما يتكون منه من مجموعات سكانية وذلك لتوضيح العلاقات التى كانت تسود بين تلك المجموعات سوى أن كان اجتماعيا أو اقتصاديا أو سياسيا وذلك لضرورة تحليل ذلك الماض لاهميته لاحداث اليوم فتاريخ السودان المكتوب الان قد تمت كتابته من قبل عدد كبير من الكتاب الذين حتما لابد من أن نسأل ماهى مواقفهم من السلطة حينما كتبوا ماكتبوا من تاريخ؟ هل لهم امتيازات تتقاطع مع السلطة؟ ماهو موقفهم الايدلوجى من السلطة السائدة؟. وهكذا فلكل مؤرخ منظور ومنطق مبطن يحدد من خلاله أهمية الحدث ويصفه ويصنفه ويرتبه ضمن أحداث أخرى ويفسره ويدلي برأيه فيه. مثال لذلك ما كشفه شيخ أنتا ديوب (Cheikh Anta Diop) في كتابه الأصل الأفريقي للحضارة (The African Origin of Civilization).وبالتالى يظل من البديهى أن ننظر من هذه الوجهة الى ماكمايكل، نعوم شقير ، القدال، ابوسليم…..الخ من كتاب التاريخ السودانى الى جانب ذلك فان المناهج التاريخية تضم التقنيات والمبادئ التوجيهية التي يستخدمها المؤرخون ليعاينوا بواسطتها المصادر الأولية وغيرها من الأدلة للبحث وبعد ذلك لكتابة التاريخ.
ومن أساسيات المنهج التاريخي أن يسأل المؤرخ الأسئلة التالية ويحاول الإجابة عليها، وهي:
1ـ متى تمت كتابة الوثيقة أو متى تم إنتاج الأثر/الشاهد؟ وهو سؤال يختص بالزمان.
2ـ أين تم ذلك؟ فيما يختص بالمكان
3ـ من الذي أنتج الوثيقة/الأثر/الشاهد؟ فيما يختص بالمنتج/الفاعل
4ـ من أي مادة موجودة تم إنتاج الأثر؟ فيما يختص بمادة التحليل.
5ـ ما هو الشكل الأصلي للأثر ؟ فيما يختص بالإتساق.
6ـ ما قيمة المحتويات كأدلة تاريخية؟ فيما يختص بالمصداقية المتعلق بالوثائق والآثار والشواهد.
وبالتالى فان كان التأريخ هو البحث في الأحداث وتحقيقها، أي البحث عن صحتها وسلامتها (validity) ووصفها، فإن فسلفة التاريخ هي البحث عن المغزى (significance) من هذه الأحداث وتفسيرها. فهي تبحث عن إجابة لأسئلة مثل:
ـ هل يصنع الإنسان تاريخه أم أن الإنسان نفسه هو صنيعة التاريخ؟
ـ هل يجري التاريخ إلى غاية محددة هو مدركها بالزمن أم أن غايته نهاية لا تدرك به؟
ـ هل للقدرة الإلهية دور في بواعث التاريخ ومحركات علله وقيام أسبابه أم أن قدرة الطبيعة ومؤثرات البيئة والمناخ الاجتماعي والثقافي هي المسئولة عن ذلك؟
ـ هل الظروف الاجتماعية والثقافية والاقتصادية السائدة في المجتمع هي التي تشكل التاريخ، أم أنه يتشكل نتيجة لسيكولوجيات فردية تخص الفرد في ذاته وتحفزه لصناعة التاريخ؟
ـ هل يسلك التاريخ في مسيرته خطاً تصاعديا يجري بالبشر في غير تكرار أم أنه يكرر نفسه في حركات حلزونية أو دائرية؟
ـ وهل مسيرة التاريخ متصلة أم متقطعة؟
ان طرح هذه الاسئلة والاجابة عليها يمثل العصب الفقرى لكتابة اى تاريخ وبالتالى يمكننا ننظر الى مايتم تدريسه فى المدارس من تاريخ من هذه الزاوية حيث انه يمثل التاريخ الرسمى للدولة السودانية وبالتالى من كتب هذا التاريخ؟ و إن الحقيقة التي أدركها الكثير من المفكرين هي أن أي تاريخ رسمي يكتبه الغالب أو المنتصر.
معرفة الذي يكتب التاريخ مهمة جدا. لأن:
ـ التاريخ عادة ما يكتبه الغالب وليس المغلوب. ولذلك نجد أن كتب التاريخ تمتلئ بسير الحكام والملوك والغزاة المنتصرين.
ـ نفس الحدث يحكى بأشكال مختلفة.
ـ حقائق مهمة يتم تجاهلها (الإقصاء).
ـ تاريخ المغلوب يحرق أو يمنع. وحتى إن صنع المغلوب تاريخاً فإنه يمنع ويدمغ ويزيف أو في أقل الأحوال سوءا يتم تجاهله. مثال لذلك تاريخ النساء، وتاريخ العمال (فمن يعرف الناس الذين بنوا هرم خوفو؟) والشعوب التي تعرضت للغزو الذي يسمى في كتب التاريخ “فتحاً.”
ـ حقائق صغيره يتم تهويلها (التحوير والأسطرة).
ـ سياسات الذاكرة وذلك بمحو آثار ورموز مجموعة واستبدالها بآثار ورموز المجموعة الغالبة. وخاصة من خلال التسميات (كما في أسماء الأنهار والبحيرات والشلالات في أفريقيا) والتخريط، أي رسم الخرائط بما يتوافق مع إيديولوجيات المستعمرين والمسيطرين.
ـ مركزية المنظور Centrism التي تسوق إلى التحيز Bias مما ينعكس في أشكال عديدة مثل:
ـ شرعنة العدوان، كما يفعل مؤرخو كل استعمار بأن يسموا الغزو “فتحاً” لإخراج الآخرين من الظلمات إلى النور أو من التوحش/البدائية إلى الحضارة.
ـ التحيز العقدي: مثل الذي يحدث في تاريخ السنة حين يتحدث المؤرخون السنة عن الشيعة أو العكس، وكما عند المؤرخين الكاثوليك حينما يتحدثون عن تاريخ البروتستانت والعكس أو المؤرخين المسيحيين حين يتحدثون عن تاريخ الإسلام والمسلمين والعكس.
ـ التحيز الإثني: مثل النظريات العنصرية في تفسير التاريخ.
ـ التحيز الجندري: تغييب صوت المرأة في التواريخ.
ـ التحامل prejudice: وهو تبخيس الآخرين.
ـ جدلية تكبير الذات بالتقليل من قيمة الآخر.
ـ محاكمة بحكم قيمة مستمد من خارج المعيار المناسب.
ـ المحاكمات النمطية مثل (الجاهلية = الظلام) أو (ما قبل الاستعمار = التوحش).
عليه هذا مايفسر مثلا لماذا يتم تدريس أطفال الاساس (دخول الانسان السودان ? بدلا عن دخول العرب السودان) فلحقيقة المهمة التى تم اغفالها فى هذا الجانب هو أن السودان كمساحة جغرافية كان بعنى به الارض من اثيوبيا الى المحيط الاطلسى و السودان الحالى هو جزء بسيط من السودان الشرقى والذى يسكنه سكان سود البشرة هم النوبة الذين امتدت حضارتهم الى ماقبل 250000سنة ق.م واسسو حضارة انسانية تشير الدراسات الى امتدادها منذ العصر الحجرى القديم الى الحديث واسسوا من خلالها نظم للرى ولهم اساليب فى الكتابة نقشت فى اهراماتهم والتى تشكل تقدم تاريخى فى الهندسة المعمارية وقد امتدت علاقاتهم وسيادتهم الى خارج القارة الافريقية ( انظر الخريطة ) وهذا يمثل الاقصاء التاريخى لهذه المجموعات وبالتالى استبعادها من المشاركة فى السلطة سوى أن كان ذلك سياسية او اجتماعيا او اقتصاديا ، حين يظل السؤال الموضوعى بالنسبة للسودانى البسيط اين كان العرب ومجتمعهم فى الجزيرة العربية فى ذلك الحين؟ اليس سؤال يستحق الاجابة؟ و هذا نفسه هو الذى يضع بصيص من الضوء حول لماذا ظلت المجموعات ذات الثقافة العربية الاسلامية فى حالة اغتراب ونزوح دائمين نحو ت الجزيرة العربية رغم عن ايماننا بأنهم نوبة تم استعرابهم فالواقع أن التاريخ الرسى المدرسى ظل يكرس لذلك تاريخيا فبدلا من توضيح الارث العظيم للحضارة السودانية من المجتمع الانسانى ظلت الدولة تتجاهل ذلك وتقصيه خوفا من أن يتحول رأس المال الرمزى الذى يتمتعون به الى المجموعات الاخرى السودانية رغما عن ايماننا بوهم العروبة الذى لم يكسبنا احترام العرب أو الافارقة او حتى ذاتنا فهذه المركزية العروبية لم تكسبنا ولن تكسبنا خيرا اذا لم ندرك أن انتمائك الى العرب او النوبة او الفلاته او الجعلية او البجة او الفور او الزغاوة او الفديجا اوالبطاحين او الدناقلة لايمثل امتياز من خلاله تستطيع أن تنال حقوق وتؤدى واجبات .
ونواصل
كلامك عميق الى الامام
والله المفروض انو الشعب السوداني يعرف تاريخه من بداية الحضارة , وليس تاريخاً من بداية عبدالله بن ابي السرح الذي لخبط تاريخنا, لدي مقالة تتحدث عن فحوي (الجدل البيزنطي حول الهوية السوداني) في موقع النسابون العربون في قسم السودان , اقترح لمن يقراءه ان يتطلع لجزء من الحضارة السودانية ومع انها ليست كاملة تماماً لكن يتكلم عن بداية الحضارة السودانية من مملكة كوش.
من المفترض ان تعاد كتابة التاريخ السوداني هذا اذا ذهبت هذه الحكومة الطاغية الي غير رجعة.
انا ما عارف الناس دي قرت وين ؟
يا ناس انتو ما قريتو عن ترهاقا وبعانخي ومروي ؟ احيانا بتخيل الحاجات دي انا درستها براي ..
لكن الثابت ان تاريخنا لم يكتب منه الجزء الاعظم ، لانه لم يجد من يكتبه .. يعني المواضيع التاريخية البندرسها هي مجرد رؤوس مواضيع بسيطة ، الممالك النوبية ، دخول العرب السودان الفور ، سنار، التركية ، المهدية و الانجليز .. وكل المادة التي تدرس في هذه المواضيع هي عبارة عن كرونولوجي ، معركة كذا سنة كذا والسلطان مين ما عارف استلم بعد مين وهكذا .. لكن لايوجد اي حديث عن الثقافة وطرق العيش والاقتصاد وغيرها من جوانب الحياة .. كلوا معارك وحصين وموت ودم ، وما اكثر الدماء التي اريقت في السودان ..
ياخوانا تاريخنا غالبيته ضاعت ولا سبيل لاستردادها لانها احداث انقضت منذ عصر بعيد ولم تسجل ، يمكن فقط اكتشاف بعض الحلقات في التاريخ النوبي من خلال الكشوفات الاثرية ، خلاف ذلك انسوا .. ياهم نعوم شقير وسلاطين واوهروالدر والقدال ويوسف فضل وابوسليم .. حتجيبوا تاريخ من وين يعني ، شيلو العايزين تشيلوهو وسيبو الباقي ..
قديتونا بالتاريخ التاريخ .. يا ناس شوفو بكرة ، ما ياها دي امريكا سجم تاريخ ما عندها وفي امانة الله سيدة العالم ؟؟ بكرة اهم .. الكيزان ضوقونا شراب الكيعان وطلعوا عيننا وانتو لسة في الجدل البيزنطي ، مين سرق التاريخ ومين رجع الجغرافيا ؟ حا تجيبوا تاريخ من وين يعني ؟