الولايات المتحدة أمام فرصة لتحويل السودان إلى حليف دائم

واشنطن – وقّع مجلس السيادة وتحالف “الحرية والتغيير”، أكبر كتلة معارضة في السودان، في ديسمبر من العام الماضي اتفاقا سياسيا إطاريا وسط حضور إقليمي ودولي بهدف إنهاء الأزمة السياسية في السودان وإعادته إلى الحكم المدني.
ويقول الدكتور فيليبي باثي دوارتي الأستاذ المساعد في المعهد العالي لعلوم الشرطة والأمن الداخلي بجامعة لشبونة المستقلة، إن هذا الأسبوع حاسم بالنسبة إلى توجه السودان الغربي.
وسيقوم القادة العسكريون والأطراف الفاعلة السياسية والمدنية في البلاد بوضع خارطة طريق لتنفيذ الاتفاق الإطاري الذي وقعوا عليه الشهر قبل الماضي ويقضي بتنظيم انتخابات في السودان بعد فترة انتقالية مدتها عامين.
وعند توقيع الاتفاق الإطاري، رحبت به الولايات المتحدة في بيان مشترك مع النرويج والسعودية والإمارات والمملكة المتحدة باعتباره “خطوة أولى أساسية نحو إنشاء حكومة بقيادة مدنية وتحديد الترتيبات الدستورية”، ودعت إلى “حوار مستمر وشامل حول جميع القضايا ذات الأهمية، والتعاون لبناء مستقبل السودان”.
على واشنطن زيادة مشاركتها مع الجهات الفاعلة التي تدعم أولويات سياساتها لتحويل السودان إلى حليف دائم للغرب
وبحسب دوارتي، تشكل مفاوضات هذا الأسبوع عنصرا مهما في هذا الحوار، وينبغي على الولايات المتحدة وشركائها أن يعتبروها فرصة لتقييم كيفية تنفيذ مختلف الجهات الفاعلة السودانية للاتفاق الإطاري.
ويجب على الولايات المتحدة أيضا استخدام المفاوضات كفرصة لتقييم دور هذه الجهات الفاعلة السودانية في بناء الدعم للاتفاق الإطاري، وضمان وجود مشاركة ودعم مستمرين للأطراف السودانية التي يمكنها تعزيز السياسات الموالية للغرب ومنع توسع النفوذ الروسي والصيني والمتطرف في البلاد.
ويقول دوارتي إن الاتفاق الإطاري الموقع في الخامس من ديسمبر كان تتويجا لأشهر من الاضطرابات السياسية في أعقاب “انقلاب” أكتوبر 2021 الذي قام به قائد الجيش عبدالفتاح البرهان والذي أطاح بحكومة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك.
وأوضح أن “الانقلاب” أدى إلى توتر العلاقات بين الجيش السوداني والأحزاب السياسية والمجتمع المدني، مما أدى إلى اشتباكات عنيفة بين المتظاهرين والجيش، مما تسبب في إعادة حمدوك إلى منصبه بعد شهرين. ومع ذلك استقال حمدوك في يناير 2022 وسط مظاهرات مستمرة ضد الحكومة.
ويضيف أنه بالنظر إلى “بداية السودان الهشة” للحكم التعددي، والتي بدأت بعد الإطاحة في عام 2019 برئيس البلاد السابق عمر البشير، فإن الاتفاق الإطاري الذي وقعه القادة العسكريون في البلاد و40 جماعة سياسية ومن المجتمع المدني هو أفضل طريق نحو السلام في البلاد، وهو ما تعترف به الولايات المتحدة وشركاؤها.
ومع ذلك، مع بدء المفاوضات هذا الأسبوع، لن يكون من السهل التوفيق بين القضايا الخلافية المدرجة على جدول الأعمال، والتي تشمل العدالة الانتقالية والأمن وإصلاح الجيش، وتنفيذ اتفاق جوبا للسلام الذي يعود إلى أكتوبر 2020 بين الحكومة الانتقالية السودانية وممثلي الجماعات المسلحة في دارفور، وتفكيك هياكل السلطة المتبقية لنظام البشير.
ويرى دوارتي أن الاعتراف بالصعوبة التي تنتظر البلاد يجب أن يكون مصحوبا بتقييم لما هو على المحك بالنسبة إلى الولايات المتحدة في السودان، وهو التعاون متبادل المنفعة في مكافحة الإرهاب، واعتراف السودان بإسرائيل بعد توقيعه على اتفاقيات أبراهام، والجهود المبذولة لتعزيز العلاقات السودانية – الإسرائيلية، والحاجة إلى مواجهة النفوذ الصيني والروسي في البلاد، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمنشآت البحرية والموانئ السودانية على طول البحر الأحمر.
وتعتبر المخاطر كبيرة بالفعل بالنسبة إلى مصالح الولايات المتحدة. وعلى هذا النحو، يجب على الولايات المتحدة التعاون مع القادة السودانيين الذين دعموا الاتفاق الإطاري من أجل إنشاء هيكل تحفيزي للنخب السودانية لتنفيذ الاتفاق واتباع مسار موال للولايات المتحدة في البلاد.

ويضيف أن أحد هؤلاء القادة السودانيين هو الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) الذي ندد علنا بـ”انقلاب” أكتوبر 2021 باعتباره فاشلا ودعا الجيش إلى الانضمام إلى الاتفاق الإطاري في الخامس من ديسمبر.
ومن المهم أن ندرك أن الاتفاق، الذي هو الخطوة الأولى نحو الانتخابات في السودان، لم يكن ليحدث بدون دعم حميدتي الذي يمكن القول إنه صانع القرار الأكثر نفوذا في السودان.
وعلاوة على ذلك، دعا حميدتي إلى وجود أميركي أكبر في السودان وكان القائد السوداني الرئيسي في توسيع علاقات البلاد العسكرية والاقتصادية والسياسية مع إسرائيل.
وفي حين أن الجهات العسكرية الفاعلة في السودان وفي جميع أنحاء المنطقة لديها سجلات سيئة في مجال حقوق الإنسان ومجال الحكم، فمن الأهمية بمكان أن تدرك الولايات المتحدة متى تتماشى هذه الجهات الفاعلة مع السياسات الموالية لها وأن تزيد واشنطن من التعاون معها عندما تفعل ذلك.
ويخلص دوارتي إلى أن بعض شرائح مؤسسة السياسة الخارجية الأميركية ترغب في تجنب المشاركة العسكرية من أجل المشاركة المدنية في السودان، مشيرا إلى أن هذا لن يخدم الأمن القومي الأميركي بالمرة، بل سيحد من النفوذ الأميركي في السودان والمنطقة المجاورة الأوسع. وينبغي أن تأتي جميع الجهات الفاعلة غير المتطرفة إلى طاولة المفاوضات للتفاوض على شروط العملية السياسية و الانتخابية في السودان.
وسيعتمد نجاح هذه المفاوضات على اتفاق جميع الأطراف، المدنية والعسكرية. وستكون محاولة العمل فقط مع الجهات الفاعلة المدنية نهجا قصير النظر من قبل الولايات المتحدة، مما يعرض للخطر أول فرصة حقيقية للسودان للتقدم منذ الإطاحة بالبشير في عام 2019.
ويجب على واشنطن زيادة مشاركتها مع جميع الجهات الفاعلة ذات الصلة في الخرطوم التي تدعم أولويات السياسة الأميركية لتحويل السودان إلى حليف دائم للغرب.
العرب
الامريكان قالوها ألف مره … لا يوجد حليف دائم لامريكا إنما يوجد فقط مصالح مستركه…. إنتهى