اقتصاد وأعمال

جوهرة التاج” السعودي”.. هل تحتاج الرياض إلى الاكتتاب العام؟

تمكنت أرامكو السعودية من جمع 25.6 مليار دولار من المستثمرين في إطار الاكتتاب العام، ما يعني تقييمها بـ1.7 تريليون دولار.

ويتوقع أن تطرح أسهم شركة النفط العملاقة في السوق السعودية “تداول” في12 ديسمبر بسعر 32 ريالا سعوديا للسهم (8.53) دولار، بحسب المصادر.

ويبقى السؤال لماذا ستقوم السعودية بالسماح للمستثمرين بالمشاركة في امتلاك جزء من “جوهرة التاج” الاقتصادية.

هل تحتاج السعودية إلى الاكتتاب العام؟

لا تزال السعودية تملك 500 مليار دولار في احتياطات الميزانية في البنك المركزي، ونحو 250 مليار دولار تحت إدارة صندوق الاستثمارات العامة السعودي.

وقال الجنرال الأميركي، ديفيد بيترايوس، في مقابلة تلفزيونية في أبوظبي الشهر الماضي، “إنها حقيقة أن أموال السعودية تنفد تدريجيا”.

ورأى بيترايوس “الخلاصة هي أنهم بحاجة إلى المال، وبحاجة إلى الاستثمار الخارجي الذي يعد ضروريا لتطبيق رؤية 2030 التي لا يمكن تطبيقها بدون الاستثمار الخارجي”.

وعلى الرغم من تراجع أسعار النفط و في الميزانية، يقول عدد من المحللين إن المملكة ليست بحاجة للأموال من الطرح الأولي.

ويرى أستاذ إدارة الأعمال الدولية بجامعة جورج واشنطن، حسين عسكري، أن هناك طرقا أخرى لجمع الأموال.

وقال لوكالة فرانس برس إن السعودية “لديها تصنيف ائتماني جيد ويمكنها اقتراض المال بسعر فائدة مخفض”.

وأكد أن أحد الأسباب وراء ذلك هي رغبة ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، في أن “يكون لديه مشروع باهر ليظهر أنه يقوم بإصلاح البلاد”.

وهذه الخطوة تشكل حجر الأساس لاستراتيجية ولي العهد، لتنويع الاقتصاد المرتهن للنفط.

وتقول المحللة في معهد “أميركان انتربرايز”، كارين يونغ، إن الطرح الأولي يتعلق “بالظهور لأول مرة أمام مجتمع المستثمرين الدوليين”.

وبحسب يونغ فإن المضي قدما في طرح أرامكو للاكتتاب العام رغم تقييمها بأقل من 2 تريليون دولار التي كان يتطلع إليها في السابق يتعلق أكثر بـ “الاستمرار بخطاب سياسي من قبل ولي العهد”.

كيف ستقوم السعودية باستخدام هذه الأموال؟

يعد الاكتتاب العام لأكثر شركة تحقيقا للأرباح على مستوى العالم حجر الزاوية في برنامج الإصلاح الاقتصادي المسمّى “رؤية 2030″، والذي يسعى إلى استقطاب عشرات مليارات الدولارات لتمويل مشاريع ضخمة ضمن هذا البرنامج الطموح.

ومن هذه البرامج منطقة “نيوم” التي أطلقها الأمير محمد في أول نسخ منتدى الاستثمار في 2017، متعهدا باستقطاب استثمارات بقيمة 500 مليار دولار لهذا المشروع.

وأكد إحسان بوحليقة، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال في الرياض، أن طرح أرامكو للاكتتاب العام سيؤدي إلى تسريع خطط تنويع الاقتصاد.

وكتب بوحليقة، الذي كان عضوا في مجلس الشورى السعودي في السابق، في تعليق في صحيفة “الاقتصادية” اليومية السعودية في 27 نوفمبر الماضي، أن الاكتتاب سيؤدي إلى” توفير الوقود لتنويع الاقتصاد الوطني بواقع أعلى من السابق”.

لماذا هناك صعوبة في جذب الاستثمارات الأجنبية؟

ترى يونغ أن جذب الاستثمارات الأجنبية أصبح أكثر صعوبة بالنسبة للسعودية بعد أن وصلت إلى درجة عالية من تدفق رؤوس الأموال إلى الخارج عام 2017.

وفي العام ذاته، قام الأمير محمد بإطلاق حملة لمكافحة الفساد أدت إلى توقيف عشرات الأمراء والسياسيين الحاليين والسابقين بتهم تتعلق بالفساد قبل أن تفرج عن غالبيتهم العظمى بعد التوصل إلى تسويات مالية.

وأكدت يونغ لوكالة فرانس برس “جو الخطر السياسي الإقليمي وخيارات السياسة الخارجية السعودية، وقمع المعارضة السياسية، أدت على الأرجح إلى إضعاف حماس المستثمرين”.

وواجهت السعودية انتقادات عالمية متزايدة بعد مقتل الصحافي جمال خاشقجي في قنصليتها في أسطنبول في أكتوبر 2018 وأيضا بسبب اعتقالها نشطاء مدافعين عن حقوق الإنسان.

يضاف إلى ذلك تزايد التوتر بين السعودية وغريمتها إيران وسلسلة هجمات استهدفت ناقلات نفط وهجمات بالصواريخ على منشآت نفطية.

هل سيمنح الاكتتاب العام المزيد من المصداقية لأرامكو؟

لطالما أحاطت أرامكو حساباتها بالسرية، ولكن كان عليها رفع الغطاء عن عملياتها المالية في نشرة الإصدار الخاصة بالاكتتاب العام، والتي أدرجت المخاطر ونقاط القوة التي يجب على المستثمرين أخذها في الاعتبار.

ولكن يبدو أنها لن تقوم بطرح أسهمها في سوق عالمية.

ويرى الخبير في شؤون الخليج نيل بارتريك أنه “عبر التحضير لاكتتاب عام دولي، أصبحت أرامكو بالفعل أكثر شفافية من ذي قبل، والذي لم يكن صعبا”.

وأكد لوكالة فرانس برس “أعتقد أن ارامكو قد تضطر للمضي قدما فيما يتعلق بالشفافية حال سيشجع طرحها في السوق المحلي فكرة طرحها دوليا”.

هل سيساعد الاكتتاب أرامكو أم سيضر بها ؟

بينما قد ينعش الاكتتاب العام الاقتصاد السعودي، يتساءل مراقبون إن كان الاكتتاب العام سيكون أمرا بناء بالنسبة لعملاق النفط السعودي.

وسيؤدي الطرح الأولي إلى زيادة الضغوطات للحصول على هامش ربح أعلى من الشركة التي لم تكن تخضع من قبل لأي مساءلة سوى من الحكومة.

وفي السنوات الأخيرة، زادت الشركة الأكثر درا للأرباح في العالم، من انفاقها على البحث والتطوير.

وبحسب تقرير صادر عن مجموعة انيرجي انتيليجنس فإن “أرامكو تعد المحرك الرئيسي للاقتصاد السعودي”.

وذكر التقرير أن هناك في أرامكو “ما يعكس تفوقها في الإدارة الجيدة، وثقافة الشركات، والكفاءة التي جعلتها معروفة بأنها الأفضل في الشرق الأوسط. وعبر طرح أرامكو، فإن الرياض تجازف بالإخلال بالصيغة التي انتجت شركة مدرَّة للمال”.
الحرة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..