أخبار السودان

مُصابي الثُورة..(هذه قصصهم)

لماذا تستهدف القوات الأمنية عيون الثُوار ؟! (1)

ابراهيم يوسف: حلمتُ ببناء وطن عادل وآمن
* إبراهيم يوسف: عبوة (بمبان) اصابة العين اليمنى مباشرةً وأجريت (3) عمليات حتى الآن
* الإصابة لم تؤثر على مُجريات حياتي وأُخطط لتأسيس مشروعي الخاص
* تعرضتُ لـ(3) عمليات اعتقال قبل سقوط النظام
احصائية لمنظمة حاضرون: (11) عملية استئصال احد العينين و(3) فقدوا الإبصار
الجريدة: سلمى عبدالعزيز
مُنذ الـ25 من اكتوبر الماضي فقد (14) شاب وشابة احد العينين أو الإبصار جراء الإصابة المُباشرة بعبوات الغاز المسّيل للدموع (البمبان) ، القنابل الصوتية ، الطلق الناري ، الطلق المطاطي ، أو الحجارة ،المستخدمة من قِبل القوات الأمنية لتفريق المظاهرات الرافضة للانقلاب العسكري.
هذه السلسلة توثق للانتهاكات الجسيمة التي طالت المتظاهرين السلميين وتسببت في استئصال احد العينين لـ(11) وفقدان الإبصار لـ(3) تترواح أعمارهم بين الـ(16 إلى 40) عامًا وفقًا لإحصائية أعدتها منظمة (حاضرين). وتطرح سؤالاً مباشرًا حول استهداف القوات الأمنية لـ”عيون” الثُوار.
الثاني من يناير
في الثاني من يناير الماضي ، أُصيب الشاب إبراهيم يوسف محمد أحمد بعبوة غاز مسيّل للدموع (بمبان) مباشرةً في عينه اليمنى ما تسبب في استئصالها بعملية جِراحية استغرقت قُرابة الـ(4) ساعات .قضاها الشاب ذو الـ(22) عامًا غارقًا في منامه القسري.لايزال إبراهيم يذكر تفاصيل ذلك اليوم جيدًا وكأنه حدث مُنذ سُويعات ويذكر أيضًا صدى الصوت الذي خلفته عُبوة (البمبان) وهي ترتطم بعينه.
يقول في حديثه لـ(الجريدة):ذلك اليوم تشائمت من اسم الموكب أذكر أنهم اطلقوا عليه (موكب المفاجأة)، وشهد حالة من “الكر والفر” بين المتظاهرين والقوات الأمنية في محيط موقف (جاكسون).
كنتُ أحمل في يدي (دُرقة) وبمعيتي شابين (راكبين رأس) رفضنا التراجع إلى الخلف.على مقربة من القصر الرئاسي لاحظتُ أن فرق المسافة بيننا والمتظاهرين شاسعًا وأدركنا ضرورة التراجع قليلاً إلى الخلف،أثناء ذلك أطلقت القوة الأمنية عبوة (بمبان) اصابت اطراف اصابعي فألقيت بـ(الدُرقة) على الأرض، ثم الحقتها بمقذوف (قنبلة صوتية)،إلتفتُ إلى الخلف فأصابتني عبوة (البمبان) مباشرة في العين.
يقول إبراهيم :”ظل صوت ارتطام عبوة (البمبان) بعيني يتردد في ذهني لـ(3) أيام، اسمعه وكأنه يحدث مجددًا ( تك ـ تك ـ تك ) لمرات متتالية دُون انقطاع.
أهديته عيني !
خضع “إبراهيم” لعملية استئصال العين اليمنى وزرع (كرة ) للعين داخل السُّودان ولكنها لم تكلل بالنجاح نظرًا إلى أن حجم الكُرة التي تم زرعها صغير جدًا مقارنة مع حجم (العدسة) ما اضطره اعادة اجراء العملية خارج السودان.وهو الآن يترقب إجراء العملية الثالثة والأخيرة والخاصة بتركيب (العدسة) مطلع الإسبوع القادم.ويرى في مواصلة حديثه لـ(الجريدة) إن الاصابة على فداحتها لم تترك أثرًا على حياته الخاصة أو العامة بل إنها تحولت إلى مدعاة للفخر مرددًا ابياتًا من الشعر لشاعر الثورة “معد شيخون” يقول : وطني يُناديني ألا يا منجدي ، أهديته عيني وكان لزاما.
اعتقالات سابقة
تعرض الشاب الذي تعود جذوره لمدينة (الضعين) شرق دارفور لـ(3) عمليات اعتقال قبل سُقوط نظام الرئيس المخلوع عمر البشير صنفها بواحدة من التحديات التي واجهت مسيرته الثُورية التي انطلقت منذ العام (2013) .يقول لـ(الجريدة):أُعتقلت بمعية أصدقاء ليّ في طريق عودتنا من ساحة الحُرية ـ الساحة الخضراء سابقًا ـ حيثُ اوقفتنا دورية واقتادتنا إلى (دفار) وتم اطلاق سراحنا مباشرةً عقب تدخل احد معارفي آنذاك. أمًا حادثة الاعتقال الثانية فتزامنت مع موجة حلاقة الشعر للشباب في الشوارع والأسواق وهذه كانت الأقسى وصنعت هُوة كبيرة بداخلي تجاه الأجهزة الأمنية تم اعتقالنا واقتيادنا بعد أن جابوا بِنا شوارع وأزقة العاصمة إلى قسم (عِد حسين) ، تعرضتُ هُناك للضرب المبرح.
ويتابع : لديّ شقيق كان يعمل في الجهاز ـ له الرحمة ـ صادف وجوده في القسم ، وقد طالبني مرارًا حِلاقة شعر رأسي ولم انصاع له ، فور رؤيته ليّ ، عاد أدراجه ، وجاء حاملاً بمعيته (صوت) ، وقام بضربي وبقية المعتقلين ، ثم تركنا ومضي . تم اطلاق سراحي بعدها مباشرةً.
حُلم صعب المنال
ولد إبراهيم يوسف محمد أحمد في مدينة الضعين بولاية شرق دارفور في العام 2000.مع اشتعال الحرب غادرت الأُسرة إلى منطقة “قريضة” بمدينة نيالا حاضرة جنوب دارفور،وهُناك تلقى تعليمه لمرحلة الأساس ثم انتقلت الأُسرة مرة أخرى إلى العاصمة الخرطوم ليواصل ما قطعه في مدرسة الزعيم الأزهري الأساسية، وأكمل تعليمه الثانوي ويدرس حاليًا في جامعة النيلين.
وفقًا لحديثه فإن الشخص الذي كان يخرج مع رِفاقه للمشاركة في المظاهرات بغرض التسلية واستنشاق رائحة (البمبان) في العام 2013 حيث لم يتجاوز عمره حينها الـ(16) عامًا،تبدل كُليًا فهو الأن يُشارك في المظاهرات لقناعته الكاملة بضرورة اسقاط النظام الحالي.نافيًا انتمائه للجان المقاومة أو ايًا كيان ثُوري أخر ويصف نفسه بأنه مستقل.
يرسم “إبراهيم” لنفسه مستقبل بعيد عن مايعيشه واقعًا الآن فهو يُريد أن يعود عقب انتهاء تعليمه الجامعي إلى مدينته الضعين، والانخراط في الزراعة،وصناعة رأس مال يمكنه من تأسيس مشروع ضخم في العاصمة الخرطوم،ولكنه يرى أن مايحلم بِه صعب للغاية في ظل الأوضاع الاقتصادية التي يعاني منها السودان.
لدى الشاب دوافع عِدة للمشاركة في الثورة أولها تبدد حلمه في دراسة القانون حيث حال مبلغ (7) ألف حينها ـ تكملة الرسوم الدراسية للعام الأول ـ والبالغة (12) ألف، عجزت الأسرة عن توفيرها،دون التحاقه بالكلية الأردنية ودراسة القانون . يقول : شعرت بالظلم و قفزت إلى ذهني أسئلة كثيرة حينها. لماذا مبلغ ضئيل يقتل حلمك؟!.
الجيل الراكب رأس
يقول “إبراهيم” إنه يشعر بالفخر كلما تذكر إنه احد السودانيين الأوائل الذين تمكنوا من دخول القيادة العامة في السادس من أبريل،حيث استعد ومجموعة من رفاقه للمشاركة منذ مساء الـ5 من أبريل ، ثم استيقظ باكرًا وتوجه إلى “السوق العربي” ثم انخرط في الموكب فور سماعه “زغرودة” الانطلاق.لكنه ايضًا فجع وبقية سكان المنطقة باستشهاد صديقه وجاره أحمد المجذوب بعدها بيومين فقط.اضافة لـ6 أبريل فإنتمائه لـ(الجيل الراكب) أيضًا ولكونه سوداني يشعرانه بالفخر والاعتزاز .
ويقول لأبناء جيله الذين يواجهون منذ الـ25 من اكتوبر تحديات تفوق اعمارهم : “بس الأهم ما تشيلوا هم … وإتذكروا زمن المواكب والجري … هَرونا بالتنظير هَري … قفيل شوارع ومسخرة … وإت كنت قدام ما وراء … هما بيقولوا عطالى ساي … وإحنا بنحب الجرجرة”.
الجريدة
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..