بل أين هو الدستور؟!!

أكتب عزيزي القارئ مقالاً أو قل لأي صحيفة إن هذا النظام يرعى الإرهاب،ويمكن أن تورد ألف سبب تعضيداً لحجتك،فتساق للنيابة بتهمة تقويض الدستور أو النظام الدستوري،مثلما حدث للميدان والناطق الرسمي للحزب الشيوعي قبل فترة .
واعتصم في أي ميدان إحتجاجاً على بيع ميدان،أو إنشاء مصنع لتنقية الذهب بالمواد السامة،أو للحصول على حقك في قطعة أرض خصصت لك بموجب خطة إسكانية قبل أن يستولي السدنة على السلطة في 1989،فإن العسكر يهاجمونك في مقر اعتصامك،وأنت الأعزل،ويضربونك بالبمبان والهراوات والطلقات المطاطية أو الحية،ثم يحبسونك بتهمة تقويض النظام الدستوري.
وتحدث في السوق أو موقف جاكسون عن غلاء الأسعار،فيعتقلوك،ويقدموك للمحاكمة ويجلدوك كما حدث لأعضاء المؤتمر السوداني.
ووزع بياناً بمناسبة انتفاضة أبريل (التي يكرهها الكيزان لأنها أطاحت بزعيمهم المخلوع نميري)فتمكث في سجن كوبر لشهور مثلما حدث لزميلنا علي عسيلات قبل مدة.
ويهاجمونك في مقر عملك،ويصادرون أجهزتك وقد يتهموك بالتخابر وتقويض الدستور ويرفضون إطلاق سراحك بالضمان،مثلما حدث للصديقة أروي ولمضوي،وغيرهم ..
ولو كنت محامياً داخل مكتبك،تهاجمك العناصر الأمنية وتعتقل الطلاب الذين أتوا إليك من أجل أن تترافع عنهم في قضية فصلهم من الجامعة.
وتستقيل من أي جامعة ولو كانت بخت الرضا،وتغادر للخرطوم فيقطعون عليك الطريق وكأنك مجرم،ويرغمونك علي العودة لدارفور،كداري وليس بالبصات التي منعوها عنك .
أين هو النظام الدستوري الذي بموجبه تطلق الإتهامات ويزج بالمعارضين في السجون؟ بل أين هو الدستور نفسه !!
إلي هذه اللحطة فإن الدستور الساري المفعول نظرياً يتيح الحريات العامة بما فيها السياسية وحرية التعبير،وحق العمل والتعليم والتنظيم والتظاهر،فهل نرى هذه الحريات بالعين المجردة؟
الندوات العامة ممنوعة بأمر جهاز الأمن،وحرية التعبير مصادرة بأمر جهاز الأمن،والصحف يصادرها الأمن بعد الطباعة فأين هي حرية النشر؟؟
والدستور ينص على جيش قومي واحد،فانظر للمليشيات المتعددة وقل أين الدستور؟
وتهدم الكنائس كما في سوبا،ويحتدم الصراع في الكنيسة الإنجيلية بمدني والخرطوم،ويفرض علي المدارس الكنسية أن تغلق أبوابها يوم السبت،فأين هي حرية العبادة المنصوص عليها في الدستور؟!!
عملياً لا يوجد هذا الدستور في أي مكان،بل توجد السرقة والفساد والقهر والقمع،والتفريط في السيادة الوطنية والإنبطاح الكامل للولايات المتحدة وصندوق النقد الدولي.
وطالما أن الدستور غائب فإن النظام الدستوري نفسه لا يوجد،فكيف يتهم المعارضون بخرق النظام الدستوري؟؟
وفي كل حين علمتنا التجارب أن من يدوسون الدستور بالبوت،يدوس عليهم الشعب بالمركوب..ويرميهم في آخر المطاف في مزابل التاريخ…والفرق واضح بين السمك الطازج والفسيخ .