أخبار السودان

تنسيقية لجان مقاومة مايو.. انتصار الشباب على مسلسل الرعب (1)

الخرطوم: حافظ كبير

قصة ميلاد الثورة في جنوب الحزام بصورة عامة، وفي منطقة مايو بصورة أخص، يحفها الكثير من التعقيد، فالمنطقة التي تقع جنوب الخرطوم شهدت تعاملاً عنيفاً من قبل قوات الأمن في هبة سبتمبر 2013، أودت بحياة العشرات من أبناء المنطقة، الأمر الذي لم يستطع تجاوزه محمد أبكر محمد عمر عضو تنسيقية لجان مقاومة جنوب الحزام، تعتبر تنسيقية مايو أكبر تنسيقية منضوية تحت تنسيقية لجان مقاومة جنوب الحزام، فالمنطقة كبيرة نسبياً، تقدر مساحتها بـ 26 الف كيلو متر مربع، تحدها شمالا منطقة الازهري ومن الشمال الشرقي منطقة عد حسين، ومن الجنوب المشاريع، مشاريع سندس، ومن الغرب الكلاكلة شرق، وود عمارة من الغرب الشمالي، يقدر عدد السكان في مايو بحوالي 65 الف نسمة، وبها 15 حارة، ومناطق سكن عشوائية، مثل مانديلا وانغولا وغبوش، وكذلك مربع 5 ومربع 6 وحي الوحدة.

(الجريدة) عقدت جلسات توثيقية مطولة مع قيادة شباب لجان المقاومة بالمنطقة في مقرهم الجديد، المتنازع عليه بينهم ومنظمة الدعوة الإسلامية، وخرجت بقصة ميلاد الثورة في منطقة مايو، المحفوفة بالمخاطر، والمسكونة بالخوف منذ هبة سبتمبر الماضية، حيث تترسخ في ذاكرة هؤلاء الشباب بأنهم بخلاف المناطق الأخرى، حياتهم رخيصة في نظر السلطات، واطلاق الذخيرة الحية وحصد أرواحهم أمرٌ في غاية البساطة.

اللجان السرية.. المخاض العسير:

محمد عبدالرحمن كجور المسؤول عن المكتب القانوني بتنسيقية مايو، وهو كذلك محامي وناشط حقوقي، يتحدث عن الأدوار التي قاموا بها في المنطقة رغم المحاذير والمخاطر التي تحفهم، حيث يقول لـ(الجريدة): ” أنا دوري ما كبير، لكن أنا والرفيق الماحي وبكري، كنا من أوائل الناس الذين أنشأوا لجان مقاومة سرية في الحارة الرابعة والسادسة، وأول ترس في مدخل غبوش بالحارة الرابعة قمنا به، لكننا لم نخرج كثيراً في مواكب مايو، كانت لجان المقاومة السرية تتكون من الرفيق الماحي وبكري وعمدة وقاسم ومحمد الصادق وآخرين، ما يقارب عشرة أشخاص ” يواصل كجور في روايته بأنه ناشد الناس عبر منابر المساجد لتكوين لجنة لحماية الحي، دون أن يسميها لجان مقاومة، لأن الأجهزة الأمنية كانت ترصدهم في الحي، لكنه ورفاقه كانوا يقصدون بها لجان مقاومة، وكانوا يريدون أن يخرجوا للعلن وزيادة عددهم، بعد أن كونوا لجاناً سرية، وبعد المناشدة، اجتمع أكثر من ألف شخص في ميدان الكتيبة بالحارة الرابعة، وفي نفس الليلة حضرت قوات الدعم السريع للمكان، وفي اليوم الثاني أعاد محمد عبدالرحمن كجور مخاطبته للناس عبر منبر المسجد، مذكراً إياهم بأن لا يدخلوا في مواجهات مع قوات الدعم السريع.

يحدثنا سكرتير لجان مقاومة جنوب الحزام الماحي محمد آدم عن بداية الثورة في منطقة مايو، حيث يذكر بأنهم أنشأوا تنظيماً سرياً تحت مسمى تحالف قوى التغيير لمنطقة مايو، في بدايات شهر فبراير، وكان الهدف الأساسي بالنسبة لهم، تحريك الشباب في مايو، ونسبة للقبضة الأمنية القوية، وبسبب أن معظم أفراد الأجهزة الأمنية التي تمارس القمع يسكنون هنا في مايو، كانت محاولة الخروج وحرق لستك في الطريق هي محاولة انتحارية، الأمر الذي جعل ثوار مايو يخرجون في “غنجات” ليلية، بالإضافة إلى مشاركتهم في المواكب المركزية ومواكب المناطق الأخرى، مثل بري والكلاكلة، كل ذلك بسبب تاريخهم مع سلوك السلطات العنيف في محاولات ثورية سابقة.

موكب كسر حاجز الرعب:

يقول الماحي بأنهم في مايو قدموا كثيراً من الشهداء في هبة سبتمبر 2013، واستعانوا هذه المرة بشباب مايو في الخارج، للتعرف على الثوار الحقيقيين في المنطقة، وبمساعدة من أبناء المنطقة بالخارج، التقى عدد من الثوار ببعضهم البعض، وتزايدت الثقة بينهم، وقدم أبناء المنطقة في الخارج دعماً سخياً لثوار مايو، وانتظمت المظاهرات الليلية في فترة القمع بعد أن زاد عدد الثوار الموثوق بهم، كانت تخرج التظاهرات في لفة المجمع ومحطة الصهريج، وأحس الناس بالحراك يتزايد تدريجياً في مايو، والجسم الذي تم تكوينه أصبح أكبر، وبعد اجتماع شهير في منتزه راما الترفيهي، شرق نفق السوق المركزي، اتفق الاجتماع على موكب نهاري كبير، تحت مسمى موكب الشهيد وارقو، وهو اسم الشهرة للشهيد معتصم محمد أحمد، ابن المنطقة الذي استشهد في هبة سبتمبر 2013.

تم تحديد مكان وزمان الموكب، يوم 19 فبراير 2018 بمحطة الصهريج، وتم توزيع المهام بين المشاركين، كذلك ابتدأ توزيع القصاصات الدعائية ليوم الموكب يوم 18 شهر فبراير، وقبل الموكب بليلة تعرض بعض الشباب لمطاردات واعتقال من ضمنهم نزار وحمدي.

الموكب التمويهي:

ابتدع ثوار مايو خطة ذكية جداً في خداع الأجهزة الأمنية، بعد أن تعرضت منطقة الكلاكلة لعنف شديد، أعلن ثوار مايو عن موكب تمويهي في وسائل التواصل الاجتماعي، وسرعان ما امتلأت المنطقة بسيارات الجهاز والشرطة والدعم السريع في الموعد المحدد، استعداداً لقمع الموكب، وكان اتفاق بين ثوار مايو وثوار الكلاكلة على أن يكون الإعلان عن مكان الموكب في مايو، بينما يخرج الموكب حقيقةً في الكلاكلة، رداً للاعتبار وللروح المعنوية للثوار الذين واجهوا عنفاً مفرطاً في الكلاكلة، ويقول إبراهيم يحي كنجف بأن الخطة نجحت، وحشد جهاز الأمن سياراته في المحطات الكبيرة حول مايو، في المجمع والصهريج، وخرج الثوار بالتنسيق المحكم بينهم في موكب هادر في الكلاكلة.

أحد المؤسسين للجان السرية في مايو وأحد المعتقلين في مواكبها، نزار عبدالرحيم، حكى لـ(الجريدة) الميلاد العسير للجان المقاومة في مايو، في ظل القمع والشكوك، ويقول نزار: ” كنا نشارك بصورة فردية من مايو في المواكب المركزية في العربي، وعندما اشتد القمع في العربي، في يناير، اتخذ تجمع المهنيين خطة بديلة وطرح رؤيته لتشكيل اللجان في الاحياء، وكنت أقول أن مايو قدمت شهداء في سبتمبر وبها ثوار كثيرون، لماذا لا نحرك المنطقة ؟ كنا متخوفين من تدني الوعي الثوري، ومن أن تنجرف الثورة للعنف، كأن يداهم الناس السوق ويحدث خراب مثلاً، وكانت التوجيهات الأمنية بالذات في منطقة مايو، الضرب في المليان ” shoot to kill” والناس هنا في مايو معروفين، ميالين للعنف بطبعهم وطبيعة المنطقة، ونحن كنا حريصين جداً على سلمية الثورة، ومع نهايات شهر يناير وبداية شهر فبراير، كنت أنا واحمد سكوتا، خرجنا وحرقنا لستك في الردمية، وسرعان ما جاءت السلطات، واخمدت الحراك وهربنا، وبعد ذلك مع إبراهيم كنجف والفاتح ونزار آخر، في لفة المجمع عملنا تظاهرة ليلية، وجاءت الشرطة وفضت التظاهرة، تعرفت على قاسم وصابر وفتحي وشبكنا مع بعض للعمل المشترك، واليوم التالي، جاءنا قاسم بشنطة وبها بخاخات وكتبنا على الحوائط والواجهات، كتبنا الشعار الشهير “تسقط بس” و”سلمية سلمية ضد الحرامية”، ونظمنا موكباً دون إعلان، لم تأت الشرطة وقتها، وكل مرة يزداد العدد أكثر، وتعرفت على الماحي ونسقنا لحركة ليلية بعد لفة بشائر، كنا نتجه شمالاً لنبتعد عن السوق تحسباً للتفلت المحتمل، وحدث في ذلك اليوم أن جاءنا أفراد جهاز الأمن يستغلون حافلة وطاردونا، ومرة أخرى التقينا بالثوار في بداية شارع المدارس، وزيّنا المجمع كله بشعارات الثورة، وتوزعنا، وعقدنا اجتماعاً في ميدان الكتيبة، في محل ست شاي، وناقشنا خطة المرحلة القادمة، وهي تنشيط المنطقة وادخالها خط الثورة بشكل قوي، اتفقنا على تكوين جسم، وقدم لنا تجمع أبناء منطقة مايو بالخارج دعماً كبيراً، ونظمنا تظاهرة ليلية في الحي الغربي، استقطبنا خلالها عدداً كبيراً من الشباب، وبعد ذلك عقدنا اجتماعاً كبيراً في منتزه راما، ذلك الاجتماع الذي كانت أحد مخرجاته الموكب النهاري الكبير باسم الشهيد وارغو،

نسقنا مع شباب السلمة وعد حسين وشباب الازهري، وحددنا نقطة جامعة بين المناطق الثلاث، واتفقنا مع شباب السلمة، وقبل يوم الموكب وزعنا القصاصات، جهزناها في منزل الماحي، كل واحد منا كان يأخذ حصته من البخاخات والقصاصات، وكنت أوزع في المجمع والصهريج والسلمة عن طريق يوسف في عد حسن وقاسم في السلمة، وزعت لهم القصاصات وواجهنا مطاردة في المجمع من قبل الأمن،

الموكب قام وتم فيه اعتقال بدر الدين عثمان، ويوسف بابكر، وأنور عبدالكريم، وكان موكباً كبيراً، استمر لساعة قبل أن تحضر قوات الأمن، وبعدها جاءت وفضت التظاهرة بالقوة، بعد هذا الموكب، توجس الناس من العمل الجماعي، واتجهنا نحو المشاركات الفردية، كنا نذهب لنشارك في بري والكلاكلة حتى الموكب الدعائي يوم 3 ابريل الليلي، واكملنا النشاط بأكمل وجه، وبعدها وصلنا ليوم 6 ابريل.

الجريدة

تعليق واحد

  1. الثورة بدأت يوم ١٣ من الدمازين

    الاحتفال لازم اكون يوم ١٣
    ما يوم ١٩

    عاوزين اقولو عطبرة عشان كل سنة احتفلو بوم ١٩ بسك عطبرة

    واكونو ضحكو عليكم ذي كل مرة علي أساس مشي مشي ما مشكلة

    دة تاريخ يوم ١٣ يعني ١٣
    السنة الجاية احتفال من الدمازين

    واذا ناس عطبرة بقول الحق وما يحب ربي ويرضي

    امشو يوم ١٣ السنة الجاية الدمازين

    زمن هضم الحقوق انتهي
    والاولاد الكلب ديل مَصميين اعمل فيها اذكياء

    بوم ١٩ مابمشي عيلنا لفو دخلو في طيزكم

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..