أمن الوطن والمواطن أو السلعة الاندر في سودان الیوم

أسامة ضي النعيم محمد
كان السفر باختیار الطائرات السودانیة في ستینیات وسبعینیات القرن الماضي معناه الامان عند الاجنبي ، یحدثك الاوربي بأنه اختار
سودان ایر وسیلة لرحلته لخلو سجلھا من حوادث اختطاف الطائرات ، السیاحة في السودان عند الاجنبي معناھا التجول في واحدة من أكثر بلاد الدنیا أمانا ، في الداخل كان السفر بالعربات یأخذ أسابیعا بین المدن ، لا یقابلك قطاع طرق أو حركات مسلحة في الطریق ، حملات جمع السلاح الابیض في الاسواق عمل روتیني تقوم به الشرطة ، السیر لیلا تحمیه دوریات السواري وھي علي ظھور
الخیل في أغلب المدن .
تلك صورة الامن المحفورة في ذاكرة جیل من السودانیین ، تقابلھا الان الصورة المغایرة والمقلوبة تماما ، تُختطف حقائب النساء عنوة في شوارع الخرطوم ، تسعة طویلة بدیلا في اتجاه معاكس للسواري تمتطي ظھور المواتر وتسیر بدون لوحات ، مھمتھا ترویع
الامن والمواطن ولا تسجل محاضر البولیس شكوى في مواجھتھا ، ھى عند السلطات عصى غلیظة توجه للمواطن بقصد الترویع لتثبیت خیار عسكرة الحكم في السودان ، النتیجة أن خرجت عن الطوع وصارت التفلتات عددا ، جلبت وضمت الیھا حركات مسلحة طُردت من الداخل اللیبي حیث كانت تمارس نھب البنوك وترویع الامن .
الفترة الانتقالیة في مواثیقھا أوكلت مسئولیة ضمان أمن البلاد الي المكون العسكري ، اختیار وزیري الدفاع والداخلیة من مھام المجلس السیادى في شقه العسكري ، الاخفاقات في ضبط الامن تزداد وتخرج البیانات لتحمیل حكومة حمدوك انفراط عقد الامن ، في الخفاء یمد المكون العسكري لسانه ساخرا وممجدا صنیعه ونجاحه في خلق حالة التفلتات الامنیة ، یذھب بعیدا في شین العمل ویحرك فزاعته ترك في الشرق لقفل المیناء والطریق القارى الذي یربط السودان بقارتي آسیا وأوربا ، تضیف بدورھا اتفاقیة سلام
جوبا تفلتات أمنیة تھدف الي بسط سیطرة بعض الحركات نفوذھا علي مناطق التعدین في جبل مون وجبال النوبة ، شجع علي ذلك صمت الحكومة لإبقاء تعدین الذھب في السودان في أیدي أفراد وحركات مسلحة وإبعاد الدولة عن تملك مناجم الذھب والمعادن الاخرى.
التدھور الامني ووصول الانفلات الي معاناة یومیة متلازمة سودانیة ، علاجھا یحتاج الي وقفة احتجاجیة وحكمة تُستدعى من المخزون السوداني العاقل ، كان النظار والعمد والمشایخ والشراتى منذ عھد الحقبة الاستعماریة ھم من یساھمون في تعقب
المجرمین ، اذا حدثت سرقة كبیرة مثلا في الخرطوم تستنفر مجموعات رجال الادارة الاھلیة في المناطق التي یعیش فیھا المتھم ،
في أغلب الاحیان یستطیع الشیخ والعمدة مساعدة رجال الامن في القبض علي المسروقات والمتھم .
الامن أصبح سلعة نادرة في السودان ، یعود ذلك الي رغبة بعض الساسة في جعله ھكذا لضمان البقاء في حكم الفترة الانتقالیة
وتمدید آجالھا ، ترفیع الحاجة الي تحقیق أمن الوطن والمواطن الي مرتبة الضروریات كما الھواء و الطعام والشراب یساھم في ایجاد آلیة .
الحدیث عن تكوین حكومة بعد انقلاب 25 أكتوبر ، یجب أن یسبقه خلق جسم یحكم أمن الوطن والمواطن ، تضافر جھود لجان
المقاومة والنظار والعمد والشیوخ وبقیة رجال الادارة الاھلیة مع جھد القوات النظامیة ، تلك الجھود توجه لابتداع تكوین شركات
أمن عملاقة تحمي السودان وتعید طائر الامن الي البلاد . نواة تلك الشركات ھم رجال أمن سابقین ، الامن صار سلعة نادرة في سودان الیوم ، ھي خدمة یبحث عنھا المواطن والوطن قبل الخبز . في عھد حكومة حمدوك كان الفشل في تأمین أمن الوطن
والمواطن یُحمله المجلس السیادي الي اخفاق الحكومة التنفیذیة ، مع غیاب تلك الشماعة منذ 25 أكتوبر ازدادت حالات التفلتات الامنیة حتي وصلت الي ایقاف حقول البترول ، لم نسمع بعضو في مجلس السیادة یخاطب الشعب ویعلن استقالته ویرد الامانة الي
الشعب لانفراط عقد الامن،
حلایب تقف شاھدا علي فشل مجلس السیادة – حاكم الامر الواقع – في التفریط في حدود السودان. امن