مقالات وآراء سياسية

عيب يا دكاترة!

زهير السراج

* من المفارقات الغريبة جداً في بلادنا أن أكثر الأماكن تواضعاً واتساخاً هي عيادات الأطباء، تليها المطاعم ومحلات بيع الطعام .. وأكثرها أناقة ونظافة هي محلات بيع الأحذية .. !!

* حاولت كثيراً أن أفهم هذه المفارقة وسألت كثيرين بينهم أطباء مشهورون لأعرف السبب ولكنني فشلت، قد يكون مفهوماً أن تكون المطاعم متسخة نتيجة لعدم إلمام او اهتمام العاملين بالقواعد الصحية، أو لضعف الميزانية الذي لا يساعد على تحمل نفقات النظافة وزيادة عدد العاملين.. ولكن ما السبب الذي يجعل العيادات أوسخ الأماكن العامة على الاطلاق واكثرها تواضعاً من حيث البيئة والاثاثات وكل شئ؟!

* بعض العيادات لا يوجد بها ماء للشرب، وإذا وُجد فالحافظة متسخة ومقرفة تصيب الانسان بالغثيان، ويوجد كوب واحد قديم لاستعمال الجميع، بينما تحتم قواعد الصحة العامة خاصة مع طبيعة مرتادي العيادات ان تكون الاكواب من النوع الذي يستخدم مرة واحدة فقط، مراحيض معظم العيادات او بالأحرى (غالبية) العيادات ترغم الانسان على التبول او التغوط في ملابسه بدلاً من استخدام المرحاض.. الكراسي مهترئة ومتهالكة، والوقوف على الرجلين ساعات طويلة أفضل كثيراً من الجلوس دقائق قليلة!

* لا يوجد شيء نظيف داخل العيادة، بما في ذلك غرفة الطبيب التي غالباً ما تكون متربة تفوح منها رائحة الاتربة وفضلات الفئران، مليئة بالكراكيب، قديمة الأثاثات وباهتة الطلاء لدرجة انك تعجز عن معرفة لون الجدران الحقيقي، والجدران نفسها قديمة وفي كثير من العيادات تعاني من مرض الجدري او آيلة للسقوط ، وللعناكب غرام متبادل مع السقوف، أما المراوح فلا تسكت عن الصرير أو الهدير، ونادراً ما تجد مبرد هواء يعمل بكفاءة، إذا وجد في الأصل، الغريب أن هذا الوضع المزري كان كذلك في الزمن الجميل عندما كان السودان دولة نظيفة وجميلة يضرب بها المثل في النظافة والجمال، وصفتها مجلة النيوزويك الأمريكية بـ (نقطة مضيئة في قارة مظلمة)!

* تُرى ما هو السبب الذي يجعل العيادات اوسخ الاماكن، فالطبيب شخص متعلم بل هو في نظر الكثيرين القدوة ومضرب المثل والقائد الذي يستمع إليه ويطيعه الجميع، ولا يمكن ان نقارنه بعامل المطعم او البائعة التي تبيع الطعام على قارعة الطريق، ولا حتى بالموظف او المواطن العادي، كما ان الالتزام بقواعد الصحة العامة والنظافة الشخصية هو أساس الصحة والوقاية من الامراض، والاطباء أصحاب العيادات والاختصاصيون لهم دخول معقولة، وكثيرون تدر عياداتهم دخولاً ضخمة وقد يكفي دخل يوم واحد لجعل العيادة جنة الله في الارض بها كل المقومات التي تجعلها تليق باسمها ووظيفتها، فما الذي يجعل أغلبية العيادات متواضعة ومتسخة ومقرفة لدرجة الغثيان .. ألا يخجل الطبيب من قذارة عيادته وهو ينصح المريض باتباع قواعد النظافة، وكيف يلتزم المريض بقواعد النظافة وهو يرى الطبيب الذي ينصحه يجلس وسط كومة من القاذورات والميكروبات اسمها (عيادة) .. والعيادة منها براء !

* لماذا غالبية العيادات متسخة ومتواضعة حتى عيادات اشهر الاطباء واكثرهم ثراءً .. لماذا ليس ربع العدد او نصف العدد، أو ثلاثة ارباع العدد .. لماذا الغالبية، أين تكمن المشكلة إذا لم تكن مشكلة فلس او جهل .. هل هي ثقافة متوارثة بين الاطباء ان تكون عياداتهم وسخانة، أم انهم يرون المرضى غير جديرين بالنظافة والبيئة الصحية الجميلة المريحة؟!

* عيب والله ان يكون الاطباء بمثل هذا المستوى من الاهمال الشديد للنظافة وقواعد الصحة العامة، وعيب أن يضطر الانسان لتوجيه مثل هذا النقد لحملة مشاعل النور وملائكة الرحمة وقادة المجتمع، وعيب كبير أن تطاردهم السلطات لترغمهم على نظافة عياداتهم وتحسين بيئتها والتزامها بقواعد الصحة العامة ..!

* إذا كان ذلك هو حال الأطباء في بلادنا، فماذا يكون حال الباعة المتجولين وبائعي الأطعمة على الأرصفة والطرقات؟!

 

زهير السراج

الجريدة

‫6 تعليقات

  1. هذا الكلام ينسحب علي معظم النخبة السودانيه التي لم يجنِ السودان من تعليمها وتأهيلها شيئًا

  2. دور المجلس الطبى لعمل مواصفات للعيادات والمستشفيات العامه والخاصة انسفوهم نسفا
    الان العرض للكوادر الطبيه اكثر من الطلب لان المستشفيات لا تتجاوز 300 فى كل أنحاء البلاد
    وهناك 8000 طبيب يمتحنزن للجزء الأول لدلك الان الوقت مناسب للبحث عن الجوده والصالح المواطن
    زمن الحوجه للأطباء ولى من غير رجعه ولدينا الحل لكن فى سبيل الكيزان الأطباء لكى لايستقلوه سنصمت قليلا فيكفى 30 سنه خرجوا هكر من الأطباء الأخصائيين لكى يتمنوا من هذا القطاع أبدوا بارباب وعبدالماجد مساعد وغيرهم من الهكر

  3. صدقت يا استاذ زهير..والله دخلت عياده من فتره قريبه والله وضع مزري جدا.. والادهي انه بيبني في منزل نسبيا ممتاز…لكن هذا يدل عن جهل وعدم احترام لا لمهنته ولا لمرضاه وزوار العياده…شي مخجل والله…ارجو ان يراجع كل طبيب وضع عيادته….والله المستعان

  4. ولا حملة نور ولا مشاعل معرفة ولا حاجة. هؤلاء الإطباء السودانيين (مركبين) مكنة كل حاجة، زاحموا السياسيين في السياسة، وزاحموا الشعراء في النظم، وزاحموا شباب السودان في خطف الفتيات الجميلات والحسناوات. يبرطمون بالإنجليزية أمام مريضهم المسكين الراقد على سرير متسخ بغطاء ملون متسخ……. لو زرت الأقاليم لشاهدت العجب……. لو كان هناك إنجاز واحد يذكر للإنقاذ فهو كسر كبرياء الأطباء وزهوهم الكذوب بذواتهم …. لقد أصبحت كليات الطب في عد الناير وبلاد الباير….. واصبح القريش يعتلي ركشه لكي يكسب عيشه، ولم يعد بتلك النفخة الكذوبة والتعالي المريض الذي شهدناه على أيدي أطباء كذابين همهم أنقسهم قبل كل شيء
    أطباء السودان ينتهكون حرمات مرضاهم وإنسانيتهم….. فهم يطلبون من معظم النساء خلع ملابسن الداخلية وهو انتهاك صريح لإنسانية الإنسان وهتك لستره…… عندما عشنا في دول الخليج ونضجنا أكثر وأكثر علمنا أن مثل هذا النوع من (الانكشاف) لا داع له أصلا ولا يحتاجه الطبيب أصلا…
    النوع الثاني من الانتهاك للمرضى الذي يحدث كثيراً في الأقاليم هو إدخال الطبيب لمريضين في وقت واحد….. لزوم السرعة والكلفته……

    كل ما ذكرت في زاويتك صحيح، لذا يجب على وزارة الصحة الجديدة والمجلس الطبي وضع مواصفة للعيادة الطبية من حيث المساحة…. وأساليب الراحة (كراسي، بردات مياه، دورات مياه، مصلى،أجهزة تكييف حديثة، و..و…و)…… الشيء الآخر الذي يجب الانتباه له هو أن العيادات عندنا تحرص على وجود معمل طبي (داخل حوشها) تماما كالجزار الذي يحرص على وجود بائع خضروات معه أو حوله او تحته….. ههههه
    يجب تكوين جسم للتفتيش والمتابعة يسمى بأي اسم (الحرس الطبي مثلا) مهمته التفتيش على العيادات والتأكد من مراعاتها للضوابط والاشتراطات الصحية والمهنية……… برضو ما شفت عيادة واحدة في السودان العريض دا فيها طفاية حريق واحدة!!!!!
    صدقني يا أخ زهير أنني شممت بأنففي رائحة (Feces) من أحد المعامل نسبة لضيف مساحته وسوء تهويته (مروحة فقط) ويزيد الطين بِلة الانقطاع المتكرر للكهرباء…. لذا من المفترض إلزام العيادات والمعامل بتركيب مولدات احتياطية ذات سعات كهربائية محددة…..و…و……… ياخي الأطباء عايزين تأديب وتهذيب أكثر

  5. قد يكون جزء من الأسباب أن معظم هذه العيادات مستأجرة بايجارات نسبيا رخيصة و الأطباء المؤجرين يستخسرون فيها تجميلها أو صيانتها , للأسف كثير من الأطباء لا يهمه شعور أو انطباعات المرضى عن المكان وهى نظرة فيها احتقار للمرضى , أخيرا البخل و الجشع لهم أيضا دور في ذلك , على وزارة الصحة سن نظم للنظافة وأماكن تحترم كرامة الانسان.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..