الشعب موعود بالتضخم الجامح والركود التضخمي وعودة صفوف الرغيف والبنزين(3-3)

سليمان حامد الحاج

مشروع موازنة العام 2006 كانت أول ميزانية بعد التوقيع على اتفاق السلام الشامل بين حكومة الانقاذ والحركة الشعبية لتحرير السودان. واعقبت اتفاق القاهرة مع التجمع الوطني الديمقراطي ـ وبدء التنفيذ في الاتفاقيتين . وتم التوقيع على الدستور الانتقالي للعام 2005 وتشكيل حكومة جديدة وتعيين مجلس تشريعي للإطلاع بمهام نفاذ ما جاء في الاتفاقيتين خلال المرحلة الانتقالية.

قلنا في الحزب الشيوعي عند نقدنا الموازنة ، إنها ينبغي أن تحمل في طياتها جوهر تلك الاتفاقيات وتساهم في خلق الأرضية الملاءمة للتحولات الكبرى التي طال انتظار جماهير شعبنا لها. في مقدمة هذه التحولات الكبرى، التحول الديمقراطي في كافة مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والخدمية. والتقسيم العادل للسلطة والثروة والتنمية المتوازنة لقطع دابر التهميش الذي هو سبب التخلف والفقر والحروب والصراعات القبلية وتضييق هوة التفاوت بين الشرائح الاجتماعية المختلفة.

إن إطفاء هذه البؤر يبدأ بتخفيف معاناة الأغلبية الساحقة من جماهير شعبنا غير أن موازنة 2006 سارت على ذات النهج القديم الذي أفرز الأزمة وعمق منها حتى وصلت إلى ما هي عليه الآن. وهي توضع في إطار سياسة التحرير الاقتصادي التي أسست لتخلي الدولة عن مسؤولياتها تجاه التنمية الزراعية والصناعية وترفع يدها عن توفير العيش الكريم والصحة والتعليم لجماهير الشعب السوداني.

أوضحنا قبل تلك الموازنة خطورة الاعتماد على البترول واهمال التنمية للزراعة والثروة الحيوانية والصناعة فالإنتاج وحده هو الذي يفتح الباب أمام عائد الصادرات من العملات الصعبة ويوفر القوت الضروري للمواطنيين؛ ويقلل من العطالة ويقفل الباب أمام استيراد معظم احتياجاتنا المعيشية. ليس ذلك وحسب، بل أنه يشجع مساهمة القطاع الخاص المنتج والصناعة والزراعة المحلية. المؤتمر الوطني الحاكم ضرب بكل ذلك عرض الحائط وذهب إلى اقصى مدى في تدمير كل ذلك عبر الخصخصة لمعظم المشاريع الزراعية والصناعية والخدمية، مما أدى إلى هجرة مئات الالاف من العاملين وكل التخصصات إلى خارج السودان بحثاً عن العمل بعد أن انسدت أمامهم كل الفرص أمام العمل الشريف.

أدى ذلك إلى ارتفاع نسبة الايرادات البترولية إلى 87.9% من حملة الإيرادات للعام 2006 وتساءلنا عن النصيب الحقيقي لحكومة السودان من عائدات النفط؟ وهل يدخل نصيبها في ميزانية الدولة ، وكيف يتم تسويق النفط السوداني؟ لأن مشروع الموازنة أغفل العديد من مشتقات البترول مثل النافثا والفيرنس وغيرهما.

قلنا أيضاً أن موازنة 2006 اغفلت الايرادات التي تعود إلى الحكومة من تمويلها العديد من الشركات الخاصة. إضافة إلى وجود شركات بواجهات حكومية مختلفة تابعة للقوات النظامية مسمياتها. وهي تدر ايرادات ضخمة ولا ذكر لها من بعيد أو قريب في الموازنة. أكدت كل ذلك الفساد تقارير المراجع العام وتقرير لجنة العمل والإدارة والمظالم العامة أمام دورة المجلس الوطني الثامنة لمراجعة أوضاع الفساد وضمنه هذه الشركات. ذكرت أن هناك شركات تمت تصفيتها أو اسماء عمل تحولت إلى إدارات داخل الوحدات الحكومية. وهناك تصرف في ملكية الشركات سواء بالبيع أو الرهن أوالتصفية أو الدمج أو تحويلها للولايات دون معرفة السجل التجاري أو ديوان المراجعة العامة. وهذا مخالف لقانون الشركات والمراجعة القومي. هنالك أيضاً بعض الجهات الحكومية (شركات ووحدات) تشارك أو تستثمر مع القطاع الخاص أو لوحدها دون موافقة وزير المالية. كذلك وضح أن بعض المسؤولين بجهات حكومية يصدرون قرارات بإنشاء شركات أو دمجها أو تجميد نشاطها?الخ. فهل هنال عبث وإهدار لأموال الشعب أكثر من ذلك.

رغم أن المجلس الوطني كان قد أصدر توصية في قراره رقم(11) في دورته انعقاده الرابعة يقضي بانشاء هيئة أو جهاز مقتدر تناط به صلاحيات ومسؤوليات إعادة النظر في عملية التصرف في مرافق القطاع العام. وهذا لم يحدث ?. وهوأمر مفهوم ومقصود ? فهل يضع السارق الحبل حول عنقه. فكلما ذكر النائب محمد الحسن الأمين رئيس لجنة الأمن والدفاع وقتها أن الفساد غطى ما لا يقل عن(100%) في معظم المؤسسات الحكومية.

في العديد من البيانات وفي صحيفة(الميدان) وضحنا أن ضمان الرقابة الفعلية للصرف تكمن أيضاً في إعادة هيكلة الموازنة لتكون إسبقياتها لحل المشاكل المزمنة للأغلبية الساحقة من أبناء الشعب وفي سبيل التنمية الزراعية والصناعية واستيعاب العطالة وإعادة المشردين وسداد الديون وخفض أسعار السلع الضرورية وتخفيض الضرائب إلى أقصى مدى ممكن؛ وتوسيع قاعدة الخدمات التعليمية والعلاجية وغيرهما.

ضربنا مثلاً بهيكلة الموازنة قبل انقلاب الانقاذ ? رغم أنه لم تكن المثل الذي يرضي طموح الشعب ، فقد جاء ما ذكرناه :

كانت الموازنة قبل الانقاذ وتحديداً موازنة(88 ? 89 ) 800 مليون دولار مقسمة كالآتي:ـ

10% للحكومات المحلية / 10% للجيش والأمن / 10% لسداد القروض/ 70% للأجور والمرتبات مثل الصحة والتعليم الخ?

اليوم تقسيم الموازنة كالآتي:ـ

* 78% من بند الأجور والمرتبات يذهب إلى الدفاع والأمن والشرطة.

* 17% فقط تذهب لكل العاملين في الدولة.

* 5% فقط تذهب لسداد الديون.

أثرنا ولا زلنا نثير أين تذهب أموال تركيز العائدات إلى0SRA .Oil stabilization account فقد كانت حتى الفترة 2007 2008 . لقد سحبت منها دون علم المجلس الوطني مليارات حتى تبقى(249) مليون دولار فقط في 30/6/2008م !! بالرغم من أن شروط سحب أي مبلغ من هذا الاحتياطي الاستراتيجي لا يتم إلا في حالات الضرورة القصوى وباستشارة المجلس الوطني، رغم أن المجلس خارج صورة هذا الحساب كلية. والجهة الوحيدة التي أثارته هي الحزب الشيوعي ونوابه داخل المجلس الوطني .

كل هذا (الخمج) والاستهتار بأموال الشعب كان لا بد له أن يقود إلى النتائج المأسوية التي أشار إليها تقرير مسؤول الاقتصاد في المؤتمر الوطني د صابر محمد الحسن.

انقاذ البلاد والشعب من التضخم الجامح والركود التضخمي وعودة صفوف الرغيف والبنزين لا يمكن حلها بواسطة هذا النظام الفاسد . فقد كونت عشرات اللجان وعقدت العديد من المؤتمرات ولا زالت البلاد موعودة بمؤتمرات اقتصادية، فشلت جميعها في حل الأزمة لأنها تحفر في ذات المجرى القديم المجدب وتسير على ذات الطريق غير القويم وقع الحافر على الحافر. لأنها جميعها تحول حول الأزمة وتبررها وتعلقها على الغلاء العالمي والأزمة العالمية بينما الأزمة الحقيقية هي في نظام الرأسمالية الطفيلية المتأسلمة بكل جشعها وخبثها وحبها للذات وبعدها عن أي ضمير حي أو أخلاق أو دين أوعرف.

الحل بيد الشعب. ويكمن في إسقاطه لهذا النظام الذي لا يؤتمن على أي شيء بما في ذلك وضع أموال الشعب تحت تصرفه.

الجبهة الواسعة العريضة التي تضم كل المعادين للنظام والمستعدين للخروج إلى الشارع مع الجماهير في التظاهرات السلمية مطالبين بإسقاط النظام عبر العصيان المدني والإضراب السياسي.

الميدان

تعليق واحد

  1. إذا (ولد) الجاز شايل معاهو (10 مليون دولار) كمصاريف ! الجاز (الأب) شال كم ؟؟
    أحسب (الناتج) لهذه المعادلة الحسابية ؟؟
    تخريمة : يُسمح إستعمال (ألة حاسبة) ذات ( 12 خانة)

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..