الديمقراطية هي الترياق

بعد الحرب العالمية ومؤتمر يالطا قرر استالين الرئيس السوفيتي والامريكي روزفلت والانجليزي تشرشل منح المستعمرات والمحميات حريتها . وكانت الدعوة الي عالم جديد . وتكونت الجمعية التشريعية كأول برلمان سوداني . وقال البريطانيون بانهم سيتركوا السودان لحكم نفسه في ظرف 10 سنوات .
ليس هنالك من اتي بالاستقلال . الاستقلال فرض كوضع طبيعي ، لانه صار مكلفا جدا الاحتفاظ بجيوش وادارة مكلفة . والغرض من الاستعمار في المكان الاول هو خلق اسواق وانتاج مواد خام رخيصة في المستعمرات . وصار هذا ممكنا في النظام العالمي الجديد . وكسر احتكار الاسواق لدول استعمارية معينة .
التجاذب الذي كان يحدث في السودان لم يكن بسبب الحصول علي الاستقلال لانه قد تحدد . ولكن كيف تقسم كيكة الاستقلال السلطة والثروة . ويكذب كل من يدعي في السودان بانه قد اتي بالاستقلال . انه فقط تراكم كمي ادي الي تغيير نوعي .
في الاربعينات والخمسينات كانت هنالك ديمقراطية محدودة والصحافة كانت تتكلم بحرية معقولة . وقدم اثنان من المسئولين البريطانيين للمحكمة وحكم عليهم بتهمة الفساد . وسجنوا في كوبر . البريطانيان تعرضا للرشوة واشتركا في ماعرف بتجارة البرشوت . وهي التلاعب ببضائع التموين التي كانت تقسم بعدالة علي الجميع في ايام الحرب وبعد الحرب مباشرة . وقام مولانا الدرديري بالحكم علي بريطاني بالجلد ونفذ فيه الحكم بتهمة السرقة. وكانت الصحف تتابع كل شئ .
في الحكم العسكري الاول كان هنالك بعض المعقولية . ولكن لان الصحف لم تكن تكتب بحرية وبعضها قد توقف ، فلهاذا كانت هنالك تجاوزات وعنتريات . ولفترة صار المقبول الامين الحاج وزيرا للداخلية . والمقبول كان انسانا اجتماعيا ومحبوبا . وله معارف واصدقاء في كل السودان ولم يكن المقبول يحب الانضباط . وحدثت كثير من التجاوزات في زمنه .
في بداية الستينات قام استاذنا في الاحفاد الطيب ميرغني شكاك بأخذ مجموعة من طلاب الاحفاد منهم علي النور ابن كبير خلفاء السيد علي وطه امام عبد الله شقيق بطل اكتوبر مولانا عبد المجيد امام والمعز مالك ابراهيم مالك والشنقيطي ابراهيم بدري وعبد المنعم عبد الله حسن عقباوي واظن عبد الرحيم نوراني، لزيارة الدكتور سلمان بدري في شندي في الاجازة المدرسية . الرحمة للجميع . وكان المسجل لايرتاح ليلا او نهارا .
وعندما رجع سلمان من عمله اكتشف ان الجميع في صمت والركوردر يشاركهم الصمت في ذالك المنزل الحكومي الضخم . والسبب ان جارهم قد اتي غاضبا وقرعهم ووصفهم بالصعاليك . فاخذ سلمان التلفون بعد ان وضع المسجل علي اعلي صوت وشتم الجار وهدده بانه سينقله من شندي . والتلفون الثاني كان الي الخرطوم طالبا نقل الموظف . وقتها كان لعمنا القاضي احمد بدري نفوذا وسط رجال الحكم العسكري كما كان مستشارا لكبري الشركات . والستينات كانت سنين الانتعاش والاقتصاد العالمي القوي . وكان االمقبول من المترددين علي منزل احمد بدري .
.
صديقي ابراهيم صالح في براغ والذي كان مبعوثا من المالية وبعد تحصله علي الدكتوراة صار مديرا لصك العملة . كان يستغرب من عدم تدخيني وشربي للخمر. وكان يقول لي كيف لاتشرب وابن عمك هو من ساعد في فتح اول بار في شندي بواسطة مسلم .وكان محرما حسب القانون البريطاني . فلم يكن مسموحا ببيع الخمر للسودانيين . ومؤتمر بروكسل في بداية القرن الماضي منع بيع الخمور للافارقة وبيع السلاح الناري والذخيرة حتي لا تعود تجارة الرق . فلقد كان الخمر يعطي للافارقة مع السلاح الناري لخطف ابناء القبائل الاخري . مثل ما حدث عندما سلح المراحيل ضد الدينكا .
القصة كما عرفت فيما بعد ،ان بعض اهل شندي كانوا في حفلة عرس ، وتلك الحفلات كانت قديما تستمر لايام وربما اسابيع . وعندما خلصت الخمر ذهب الناس وايقظوا اليوناني خريستو والد خرلمبو او العكس . ورفض اليوناني ان يفتح البار في وسط الليل . وغضب الناس . واقترح سلمان علي احد اهل شندي والذي صار من المشاهير بانه سيأتي له برخصة بار . ورفض اعضاء المجلس البلدي اعطاء رخصة لمسلم . ولكن الخرطوم اصرت عل اعطاء الرخصة . وبعدها صار للسودانيين بارات . منهم بار الريس في الموردة بالقرب من بار حليم القبطي .
راس المال اتي من سلمان . ولكن عرفت فيما بعد ان سلمان تصرف في مال الدولة . وهو كطبيب بيطري ومسئولا عن بعض المال لتمويل الحملات وتوظيف العمال . ولكن حدثت تسوية واعاد سلمان مال الدولة . وكان ابن عمتي وزوج اختي المحامي مالك ابراهيم مالك يعمل في مكتب المدعي العام . وعرفت ان له اليد في اطفاء ا تلك النار التي بدأت كنوع من ردة الفعل والغضب .
المثل السوداني ماقلتو مصريون يعود الي المخمور برعي الي كان يضرب به المثل ويقولون قايل نفسك برعي . فعندما رفض صاحب البار في المحطة الوسطي الخرطوم ان يعطي البعض اي مشروب لانهم سودانيين . هددوه وامسكو بخناقه وقلوا له انهم مصريون . وعندما ربط كومر البوليس فجأة بدئوا في الاعتذار . فقال برعي الذي يتواجد دائما امام البار ,, ما قلتو مصريون ,,
القصة الاخري هو ان ابن عم والدي العم احمد مالك وصديقه وجارنا في العباسية وزوج عمتي قد تصرف في بعض مال الدولة الذي كان بحوزته . والحقيقة ان الثراء قد ظهر علي عمنا . وكانت له سيارة امريكية فارهة . وعندما تلاحقت الكتوف في الثمانينات . سمعت هذه القصص . وعرفت ان ابن عمتي مالك ابراهيم مالك قد ساعد في ارجاع المال وانتهت المشكلة وخلص عمه .واظن ان انعدام الشفافية في النظام العسكري الاول وضع اولي لبنات التهاون .
ابن عمتي بابكر مخير يحب ان يستعمل المثل السوداني الذي يقول ,, دسي يا اختي كروك عشان اشاتم ام كرو ,, والكروا هو الدبرة الكبيرة التي تصيب عادة الساق ويصعب شفائها . فيجب ان نفكر في الوطن. وان لانحابي قريب او صديق عندما يتعلق الامر بسلامة الوطن . ولا شئ يعلو علي الوطن . التجاوزات قديما كانت قليلة ومنعزلة . ولكن في زمن الانقاذ صارت من ضروب الشطارة والفلاحة . والتحلل والمال تلتة ولا كتلتو كلام خطأ . وعندما يطالب سبدرات من ضحايا سوق المواسير ان يقبلوا بالواقع او جزءمن الفلوس ، اعتقد ان هذم مسخرة من رجل مفروض ان يكون قانونيا .,
قديما لم تكن هنالك سوي قضيتين شهيرتين . الاولي قضية ود البدوي الصراف الذي اختلس مبلغا مهولا وقتها 10 الف جنيه وهذا في الخمسينات . وكانت تقام الحفلات علي شرفه . وغنت له الغواني يا ابو البدوي زورنا مرة يا ابو بدوي عيرنا نظرة . وبعد ان اعتقل بواسطة ظابط البوليس الشهير ابارو وحكم علية بالسجن ، تغيرت الاغنية الي ,, ياابو البوي غادي غادي ويا ابو بدوي السجن بعادي . يا ابلو البدوي البيرة مرة ويا ابو البدوي السجن امر ,, وحكم علي الصراف ابراهيم زكي بالسجن لنفس السبب . وكان الناس في حالة صدمة .
ع . س . شوقي

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. الديموقراطية وعي وسلوك يا عمنا شوقي..والمجتمع السوداني اصلا ليبرالي اشتراكي ولمن الانجليز جونا وضعو نظام الحكم البشبه السودان وشعب السودان ديموقراطية وست منستر-النموذج الغربي الليبرالي السائد الان في كوريا الجنوبية والهند واليابان …ومجدوا السودان وشعب السودان في كل كتبهم ومذكراتهم…لكن ناس قريعني راحت البسمهيم منصور خالد “النخبة السودانية ادمان الفشل” ويسميهم “النعر ايضا”.. المتعلم والمثقف السوداني “اب شريحتين” خلى السايس الانجليزي وبارا الحصان المصري”مقولة السايس والحصان ترجع للاسطور السيد عبدالرحمن المهدي” وثورة يوليو المزعومة المصرية جاب لينا بضاعة خان الخليلي المختسكة “الناصريين +الشيوعيين” وجربناهم في 1969-1971″ والاخوان المسلمين 1978-2014 لحدي يوم الليلة وضاع نصف قرن من عمر السودان والسودانيين حاصل فارغ ساكت…لانه حقبة الكولونالية اعقبتها الامبرالية وصناعة الانتلجنسيا المسرطنة عبر “الماسونية” وبناتا “العاهرات الثلاث” اعلاه…واصيب حزب الامة بسرطان الاخوان المسلمين في مرحلة مبكرة 1964 استعصت عن الفشاء حتى الان واستمر السرطان بعد تغيب المضادات لحيوية محمود محمد طه وجون قرنق ….الى يومنا هذا..
    هل الطائفية والجمهوريين والحركة لشعبية هي التي “مسخت خارطة السودان وعلم السودان وهوية والسودان و سلوك السودان؟؟!!!!
    ام بضاعة خان الخليل المصرية؟؟؟؟!!! ولو تنظر النظرة الدونية التي تمارسها نخب مصر علنا للسودان وحتى الان ومصر تعيش في متاهتها لا وصلت ولا وصلتنا معاها محل… والتمجيد الذى مجده الانجليز لي السودان-تعرف تماما جريمة.. ما يكون السوداني ليبرالي اشتراكي يعني جمهوري او حركة شعبية او مستقل..او ختمي اوانصاري .. يكون السوداني ناصري او شيوعي او اخوانجي حتى هذه اللحظة 2014
    والحمام لو طار كبو ليه شمار…فشخرة واوهام….كلام يا عوض دكام والله يرحم عوض دكام وود المقبول والفريق عبود وكل السودانيين “الاصل” رحمة واسعة وخلينا نشوف اخرتا وسلامي للجميع

  2. بالله ياعم شوقي….الانجليز يحاكموا ناسهم وهم مستعمرين البلد…..يجي في اخر الزمن اوالاد الحرام الاسلامويين باسم الله والاسلام يسرقوا ويستعمرونا ……امس اولمرت في اسرائيل حكم عليه 7سنوات….يجي اولياء الشيطان في اخر الزمن يعملوا عمايل ما انزل الله بها من سلطان ….حسبي الله في الاسلامويين .

  3. ما سر الذين يبخسون من قيمة ( استقلال السودان ) …!!! بمناسبة او لا مناسبة تذكر … هل هو التهكم بقيمة يراء مثيريها اننا كسودانيون لا نستحقها ام نوع من استنهاض الذات بمناهزة الاخرين بأثر رجعي … و الاخرين هنا منهم الاموات و منهم من تشرد او قتل او سلب حقه او تشبث بالصاري لرفع علمه.
    ماذا فعل الذين يستسهلون الكتابة في شان هو اكبر منهم او حتي من جينة يورثونها لابناهيم قد لا تأتي بالفعل الأيجابي لوطن الان اقل ما يوصف بانه بغرفة الانعاش أهذه اخلاق المعاودون للمريض ام يا تري أنهم يستعجلون التشييع…؟؟؟
    اظنها مخيلة من استلب ثقافيا فتشاكل عليه الامر و اصبح من يصابون بلوثة التنكر في الا وعيهم تارة وانجزاب المتنمي الذي لم يجد ضالته بعد…!!!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..