جنوب كردفان والنصف الملىء من الكوب…!ا

جنوب كردفان والنصف الملىء من الكوب…!
مجتبى عرمان
[email protected]
الذين ينظرون إلى الحرب التى تدور رحاها فى جنوب كردفان على إنها مشكلة (محلية) ويمكن حلها عن طريق بعض الترضيات وذلك عن طريق إستوزار بعض أبناء تلك المناطق فى نادى السلطة التى تحتكره- وبالميلاد- مجموعة صغيرة تدعى تمثيل الشمال، فهم مخطئون ولايرون ويميزون مابين الغابة والأشجار، والحشائش التى تنمو بين الأشجار……..!
الأمر الآخر، هنالك بعض إن لم تكن الأغلبية من النخبة النهرية الحاكمة والمحكومة تنظر الى الأزمات الموجودة فيما أصتلح على تسميتة بمناطق الهامش بمنظور الستينيات، فالحزب الحاكم ومن شدة حرصه على التمسك بالسلطة يعمل على طريقة (فرق تسد) التى جربتها القوى المستعمرة فى قديم الزمان وسالف العصر، وماتجربة أبوجا والخرطوم للسلام ببعيدة عن الأذهان. والمتأمل والمحلل الحصيف يشتم تلك الرائحة فى بعض المبادرات التى تتبناها بعض القوى التى تدعى معارضة النظام ( ورجلها لم تنقطع من القصر الجمهورى) فى محنة تطاول أمدها، فهى تعتقد أن مالك عقار رئيس الحركة الشعبية بدولة السودان الشمالى يريد أن يحافظ على المكاسب التى حققها عن طريق إتفاقية السلام الشامل أولا ومن ثم عن طريق الانتخابات الحرة(وكمان معها حمرة عين وهى الوصفة المجربة مع حكام الخرطوم)، فالمنطق يقول أن كل من يريد حل مشكلة بين طرفى نزاع عليه بأدانة الطرف الغاشم والمغتصب لحقوق الآخرين، ولكن هو منطق نخب مابعد الإستعمار وسياسة البيع والشراء ومنطق السوق، و(المال تلتو ولاكتلتو) الذى أقعد السودان من اللحاق بالتطور الحضارى وبناء دولة لاتميز بين البشر على أساس اللون أو الجهة أو المنبت الأجتماعى والدينى والذى جعل فى نهاية المطاف شبح الدويلات يلوح فى الأفق.
فلاش باك:
قضايا مايطلق عليه المناطق المهمشة من أقاصى الشمال الى شرق السودان وغربه( وقديما وحديثا جدا جنوب السودان) هى وجه من وجوه الأزمة الوطنية الشاملة، فهى متمثلة فى إقامة وطن يحترم السودانيون بغض النظر عن أديانهم وأجناسهم ويحترم ثقافتهم ولغاتهم( وليس رطانتهم كما يصر ويتمنى حسين خوجلى أندثارها أو محوها من الوجود وعن طريق الأسلمة والتعريب والهندسة الإجتماعية). وأيضا الأزمة تكمن فى التوزيع الغير عادل للثروة والسلطة والتى تم إحتكارها وعن طريق إدخال الدين فى الصراع الإجتماعى والمحافظة على الإمتيازات الإقتصادية والسلطوية.
فقد فرح مدعى وممثلى الشمال ومع إنفصال الجنوب أن بلدهم صار عربيا صرفا وصافى لبن، فلا مكان للدغمسة والجغمسة بعد اليوم بل بلغ بهم الفرح بأن نادوا بتغيير أسم السودان لأنه يرمز إلى السواد!، متجاهلين ومع سبق الإصرار والترصد الحقيقة التى تلقيناها فى دروس التاريخ والتى تقول أن السودان يعنى أرض السود( ذا لاند أوف ذا بلاك).
عليه الأزمة التى يعانى منها مايطلق عليه الهامش تكمن أيضا فى الأستعلاء الثقافى والدينى وذلك لتبرير التكويش على الأمتيازات، لذا يطالب مستعربى الشمال بعدم معاملة اللغة العربية مثل الأخرى والتى يتمنون زوالها. بل هم عملوا لذلك وعن طريق جهاز الدولة ولم يتم الأهتمام بها. بل الأدهى والأمر عملوا على إستحقار غير المتحدثين بغير اللغة العربية، فالفضاء الإجتماعى فى مجتمع الشمال ليس لديه حساسية إجتماعية وثقافية فعلى سبيل المثال لا الحصر ( الزول ده لسانو أغلف) فالإقصاء الثقافى فى نهاية المطاف يودى إلى الإقصاء المادى وخصوصا مع الشحن الأيديولوجى والعاطفى وعن طريق المجموعات المسيطرة تاريخيا، فالشخص الذى يعتقد بأن ثقافتك بدائية ووثنية ولاتنتمى الى الفضاء الإسلامى العربى ومن الجاهلية ومدغمسة يبحث عن المبرر الذى يمكنه من أقصائك ثقافيا ومن إمتيازات السلطة والثروة وهو السبب الرئيسى وراء إحتقار الآخرين والإزدراء بهم وبثقافاتهم.
خلاصة القول، مشكلة جنوب كردفان تعد ملمح واحد من أزمة الدولة السودانية، وهى أزمة بناء أمة تحترم كل الثقافات وتعمل على تطويرها وإفساح المجال الثقافى من وسائل إعلام مرئية ومسموعة ومقروءة لتعبر عن نفسها. وهى مشكلة إقامة دولة علمانية تقيم الحقوق على أساس المواطنة والحقوق المتساوية، فالحقوق لاتؤسس على مبدأ الأغلبية والأقلية، والتى تجعل من الدين تجربة شخصية ولاتفرضه على الآخرين وتستغله كواجهة سياسية وإجتماعية ومن أجل التكسب والضحك على العامة وتصفية الخصوم السياسيين. وإقامة ديمقراطية إجتماعية يتم تداول السلطة فيها وبشكل سلمى وديمقراطى وتنتمى الى فقراء المدن والمهمشين والضعفاء والبشر المهانين وليس تبادلا للكراسى بين حزبين كما كان يحصل فى السابق، فالسودان أحوج مايكون إلى نظام ديمقراطى يرفع من المستوى المعيشى لشعبه، وخصوصا مع نهب الثروات الذى تم فى عهد التمكين وإنهيار الطبقة الوسطى وتحطيم القطاع الزراعى بشقيه التقليدى والحديث مما جعل أهالى الريف يفرون بجلدهم إلى الخرطوم الغير رحبة ويمتهنون المهن الهامشية (وهم الأغنياء). ومن مصلحة البناء الوطنى ينبغى إقامة دولة المواطنة التى تحترم الآخرين وثقافتهم ولغاتهم وليس رطاناتهم، فاللغة كما قال بن جنى هى وسيلة من وسائل الإتصال دعك من مناهج اللغويات النقدية الحديثة التى تنظر إلى اللغة وجدلية السلطة. فأما هذا أو الطوفان وشبح الدويلات الذى يسد الأفق.. والسماء ملبدة بال…..
The Land Of the black my people u must Fight until u Get ur right