مقالات سياسية

إعادة تدوير

قبل إجازة الميزانية لم يتحدث وزير المالية عن إعادة لهيكلة الاقتصاد السوداني لأن الأمر يتطلب سياسات أخرى غير رفع الدعم ولا زيادة الضرائب ولا الصرف على القطاعات بطريقة غير متوازنة كما حدث في الميزانية التي جاءت مخيبة للآمال بدليل النقد الذي وجدته داخل الحكومة نفسها ومن قبل الخبراء الاقتصاديين والبرلمان ووزراء الاقتصاد السابقين، ولكن نائب رئيس الجمهورية حسبو محمد عبد الرحمن يحاول تطميننا فقد قال إن موازنة العام 2018 جاءت ملبية للطموحات وإن ما يجرى الآن هو إعادة لهيكلة الاقتصاد السوداني تماشياً مع الإصلاح الاقتصادي، وليت السيد وزير المالية يشرح لنا عملية إعادة الهيكلة التي تجري لاقتصادنا الآن والتي بشرنا بها السيد حسبو حتى (نشيل الصبر واليقين )? عموماً عندما نتحدث عن إعادة الهيكلة لأي شيء يتعلق بالدولة فذلك يعني العملية التي يتم من خلالها إعادة ترتيب الأولويات بما يحقق تعظيم الفائدة بالاستفادة من نقاط ومكامن القوة ومجموعة الميزات النسبية الموجودة أصلاً، وتعني التركيز على إصلاح مكامن الضعف بالدراسة والتحليل لمعرفة أسباب نشوئها ومسبباتها، فيتم معالجتها وفق ما هو متاح وممكن لتتحول إلى نقاط قوة، إعادة الهيكلة تعني إعادة تقييم للواقع ليتم إصلاحة، وتعني التغير مع المتغيرات صعوداً وهبوطاً بما يضمن تعظيم الفائدة في الحالتين، كما تعني التخلص من الجمود الذي الذي يعيق التقدم والتطور واستبداله بالانفتاح والمبادرة بما يحقق التقدم على جميع النواحي، وعندما تريد أية حكومة إعادة هيكلة اقتصاد الدولة مثلاً، لا بد أن تكون مؤمنة سلفاً انها قادرة على تحقيق هذه المعاني، وإعادة الهيكلة هي العلاج الناجع لمشاكل دول كثيرة مثل السودان إذا تم بأمانة، وإلا فأن الأمر لا يكون هيكلة وإنما التفاف حول الحقائق وإعادة لإنتاج الأزمات بشكل أكثر خطورة، وإعادة هيلكة الاقتصاد تؤدي تلقائياً إلى الاستقرار الاقتصادي وتقضي على الفساد ويمكن أن تتم دون أن يشعر الشعب بمعاناة تذكر لأن إعادة الأشياء إلى وضعها الطبيعي يريح ولا يرهق. دائماً ما يتحدث السودانيون عن ضرورة إعادة هيكلة الدولة السودانية حتى يتم التخلص من كافة مشاكلها بطريقة فعالة ودائمة ومنها الاقتصاد، وإعادة هيكلة الدولة يتم بواسطة استراتيجيات محكمة حتى تبدأ البلاد مشوارها في التعافي، وما يتم الآن في السودان ليس له علاقة بإعادة الهيكلة بل إعادة تدوير للمشاكل والأزمات، ولكن ما تقوم به السعودية مثلاً هو إعادة هيكلة وسيعشر المواطنون السعوديون براحة كبيرة بعد التخلص من الوافدين الذين لا تحتاجهم والذين يمكن أن يحل المواطنون محلهم، فهذا الإجراء سيوفر لهم فرص عمل وسيرتفع الصرف على الخدمات وعلى التنمية. حقيقة نتمنى أن تعاد هيلكة كل الدولة السودانية بأمانة وشفافية وليس الاقتصاد فقط، هذا إذا أرادت الحكومة أن تضع قدمها في الطريق الصحيح وتكفر عن ما حدث في السنوات الماضية، ولكن قبل كل ذلك يجب أن تعيد الحكومة هيلكة نفسها لأن فاقد الشيء لا يعطيه.
التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..