هجرة السودانيين .. المؤقَّت الأبدي

عمر الدقير
كما هو معلوم، شهدت العشرية الأخيرة من القرن الماضي موجات غير مسبوقة من هجرة السودانيين عن وطنهم بعد أن استلَّ نظام الإنقاذ سيف الفصل والتشريد وأعمله في الخدمة العامة، بشقيها المدني والعسكري، وقصر فرص التوظيف والكسب على منسوبيه والموالين له، ليجبر الآلاف على مغادرة وطنهم بحثاً عن أسباب عيشٍ كريم وملاذات آمنة في أصقاعٍ بعيدة .. ثم كان أن خَبَتْ ظاهرة الهجرة – لحد كبير – خلال الفترة الانتقالية لاتفاقية نيفاشا وما صاحب ذلك من تحسن نسبي في الاقتصاد أسهم فيه بشكل رئيس تدفق عائدات النفط وتوقف نزيف الموارد التي كانت تذهب للصرف على الحرب.
ولمّا كانت الدولة، ومازالت، تُدار بشعارات هتافية ينعدم معها الحد الأدنى من التخطيط والاستراتيجية، لم يتم الإلتفات للحقائق والتجارب العلمية البسيطة في الإقتصاد التي توجب توجيه مداخيل النفط لبناء قواعد إنتاج حقيقية تحمي العملة الوطنية من تناقص قيمتها وتقلص مساحات الفقر ونسب البطالة وتُجنِّب البلاد حالة التدهور الاقتصادي الذي ظل يتفاقم منذ أن ذهب جُل إنتاج النفط مع ذهاب الجنوب إلى حال سبيله، ما أدى إلى موجات هجرة جديدة فراراً من ضنك العيش ولحاقاً بالعدل والحرية اللذين سبقا إلى الهجرة من الوطن .. ووفقاً لأحدث تقرير قدمته وزارة العمل للبرلمان، فإن أكثر من 14 ألف مواطن سوداني غادروا بلادهم بحثاً عن فرص عمل في الخارج خلال الفترة من يناير إلى مارس 2018، كما أوضح نفس التقرير أن حوالي أربعين ألف سوداني هاجروا للعمل في الخارج خلال النصف الثاني من العام 2017، هذا غير الذين مَخَروا عُبَاب البحر الأبيض المتوسط في اتجاه الشواطيء الأوروبية بقوارب الهجرة غير المنظمة .. كأنّ هذه الأرقام تؤكد واقعية العبارة التراجيكوميدية المتداولة بين الشباب: “أجمل حِتَّه في السودان صالة المغادرة الخارجية في مطار الخرطوم!”.
أعداد هائلة من الأطباء والمهندسين والأكاديميين والحرفيين وغيرهم من ذوي الكفاءات، من مختلف الأعمار، عبروا الصحارى والبحار والمحيطات وتبعثروا في عديد الدول على ظهر هذا الكوكب، في ظاهرة تؤشر إلى مستوىً بالغ الخطورة يتمثل في إفراغ السودان من “السودان”، لأن الكفاءات باختلاف أنواعها هي في النهاية النخب التي تقود الحراك الإنساني المفضي للتغيير وشقِّ دروب النهضة .. وعندما يعامل الوطن الملايين من أبنائه باعتبارهم فائضاً لا مكان لهم فيه ويسوقهم زمراً إلى شتات المنافي، فذلك يكفي لإعلانه منطقة منكوبة.
حسب تعبير كاتب فلسطيني، فإن الفلسطينيين الذين لجأوا للبلدان المجاورة عندما حلّت بهم نكبة 1948م تركوا قدور الطبخ على النار لتنضج على أمل العودة بعد ساعات، ولكنَّ الساعات امتدت لعشرات السنين وليس ثمة أمل يلوح في الأفق .. وكذلك الحال بالنسبة للمهاجرين السودانيين، فما حسبوه مؤقتاً أصبح دائماً أو “مؤقت أبدي” كما قال أحد الظرفاء .. وقد لا نضيف جديداً إذا تحدثنا عن مأساة نزيف العقول والكفاءات والسواعد التي يحتاجها الوطن في عملية البناء ورفد الحراك اللازم لمقاومة التدهور الذي يعصف بالأخضر واليابس، لكنَّ المأساة الحقيقية هي انسداد الآفاق والتتابع المحموم للكوارث والأزمات السياسية والإقتصادية وتفاقمها لدرجة جعلت الكثيرين من سودانيي الشتات يفقدون الأمل في العودة النهائية ويوطِّنون أنفسهم وأطفالهم على الإقامة الدائمة في دول المنافي ويسعون لذلك بمختلف الوسائل، حتى أصبح لا مكان في واقعهم لقصيدة الشاعر الألماني بريخت التي يخاطب فيها أحد المهاجرين عن أوطانهم بقوله:
لا تـَدُقْ مسماراً في حائطْ ..
لا تُعَلِّقْ صورةً على جدارْ ..
فإنـكَ في غـدٍ عائـدْ ..
أما في داخل الوطن حيث تشحُّ الحرية ويعزُّ رغيف الخبز على غالبية الناس وتنعدم فرص المنافسة الشريفة وتعلو كفة الولاء على كفة الكفاءة، فقد أصبحت الهجرة أمنيةً عامة لأعداد هائلة من المحرومين من حقوقهم، خصوصاً من شريحة الشباب الذين سُدّت في وجوههم أبواب المستقبل .. ففي تحقيق صحافي نُشِر مؤخراً، قالت فتاةٌ حديثة التخرج: “ليس أمامي خيار إلّا مغادرة السودان، وأعتقد أن 90 في المئة من الخريجين يرغبون في الهجرة بسبب إنعدام فرص العمل”، وقريباً من هذا الكلام المفعم باليأس قال مهاجر سوداني في برنامج حواري لإحدى الفضائيات العربية: “أُحِبُّ وطني وما زالت أنفاسي تسري هناك، لكنني لا أستطيع العودة إليه بسبب سوء الأحوال السياسية والإقتصادية والأمنية وبسبب ما يتوفر لي هنا من دعمٍ مادي أقدمه لأهلي الماكثين هناك حيث هم”، بينما ردد مهاجر سوداني آخر عبارة قاسية وأسيانة قال فيها: “ما أعرفه عن الأوضاع في وطني، لا أعتقد أنني سأعود إليه!” .. ولا شكّ أن هذين المهاجرَيْن لم يَعْنِيا بهذه العبارات بُغضاً لوطنهما أو يأساً من مُمْكِناته، وإنما بُغضاً لواقعه الغاشم ويأساً من النواميس التي تهيمن عليه وتكلِّس كل أنشطة الحياة فيه.
ظاهرة الهجرة والغربة التي يعيشها ملايين السودانيين هي أحد تجليات علاقة نظام الإنقاذ بالخبز والحرية .. ولئن صرخ الشاعر الإنجليزي جون ميلتون ذات غربة: “أينما تكن الحرية يكن وطني”، فإن السوداني في غربته ومنافيه العديدة لا يجد بديلاً عن وطنه، بل يظلُّ مشدوداً إليه ومصلوباً على خشبته، ويبقى في مدائن العالم مفضوح الحب والإنتماء بشكله ولونه وعاداته وتقاليده وطبائعه المغروسة في أعماق وعيه ولاوعيه، ويظلُّ من أكثر المهاجرين إقامةً في الوطن ولو كان ذلك من خلال الذاكرة أو من خلال ما يترصده من أخبارٍ لا تجلب عليه غير الحزن جراء ما يعصف بوطنه وأهله .. يعيش السوداني في منافيه العديدة – بين الحنين والأنين – وهو يهفو ليوم العودة لوطنه ليروي عطش الروح من محبته، لكنه يخشى أن يجده قد تعرض لمزيدٍ من النقص من أطرافه أو فقد تلك الفضائل التي طالما ميَّزته عن سواه من الأوطان.
[email][email protected][/email]
مقال رائع وبليغ ومؤثر كعادة الزعيم الدقير .. يلامس الحقائق ومهيج للاشجان، ولكن يجب ان يكون محفزاً للتغيير
شي مؤسف ومحزن
والغبي سبب هذا البلاء فرحان لمن لابس بدله حرجليه قايل نفسه تامر حسني
اللون له دلالات فكل ما لبست وابتعدت عن الألوان الداكنة فهو تعبير وانعكاس لبهجه “وانفتاح نفس!!
الصعلوك نفسه مفتوحه بالرغم من موت 25 سودانيا هذا الأسبوع غرقا بعد ان ضاقت بهم ارض المليون
بالجد حاكمنا “صعلوك”
ليتهم يجدون مبتغاهم فى الغربه فإن هيامهم بوطنهم يهون.
المشهود ان السودانيين بالخارج يستخدمهم اهل الاسلام السياسى فى فعل نفس مافعلوه فى السودان التسلل الى مفاصل الدوله والانقضاض بعها .
ولو لم ينتبه المهاجرون قريبا سيبحثون عن مهاجر اخرى ليس بها جماعه الاسلام السياسى ومنظماتهم التى تدعى خدمه المسلمين والاقليات.
والاخطر تخفيهم تحت ثوب اليسار فى المهجر فى اوروبا وامريكا
(( شهدت العشرية الأخيرة من القرن الماضي موجات غير مسبوقة من هجرة السودانيين عن وطنهم بعد أن استلَّ نظام الإنقاذ سيف الفصل والتشريد وأعمله في الخدمة العامة، بشقيها المدني والعسكري، وقصر فرص التوظيف والكسب على منسوبيه والموالين له، ليجبر الآلاف على مغادرة وطنهم بحثاً عن أسباب عيشٍ كريم وملاذات آمنة في أصقاعٍ بعيدة ))
29 سنة ما العشرية شردوا الشعب عن عمد لتؤل لهم البلاد وقد دنت لهم المشكلة كل المشكلة ليست فى الانقاذ المشكلة فى الاحزاب السياسية ومفاهيمها الخاطئة من شاكلة البهوط الناعم والهبوط الدائم والكلام الفارغ بتاع الحوار هولاء السفلة لا ولن ينفع معهم حوار مطلقا حزب دينى قميء كريه جلهم من شذاذ الآفاق واشياء أخرى ايضا ،قتلة ولصوص عايزين احزاب تسير وفقا لاساليب علمية فى مواجهة حزب ممسك بتلابيب البلد ويدمر فيها يوميا والا فان مئات الالاف سيغادروا قبل 2020
الشي الاخر عليكم كاحزاب ان تبعدوا عن التقسيمات الجدلية التى تقسم الناس ثقافيا وجهويا وقبليا وآثنيا وانتم فى الموتمر السودانى تقولون المركز الكرز المركز الخ وتشيرون الى الخرطوم خرطوم شنو المركز ده صرف صحى ما فيها وهى عبارة قرية كبيرة أو واسعة أو مَوسعة لتحمل بين جنباتها هذا الكم من الهاربين من القرى الاصغر والارياف الكبيرة التى يطلق عليها مدن الناس كان ما شافت شقت المقابر!!!
مقال أكثر من رائع في مظهره ومخبره .. صادق ومؤثر، يدفع الانسان إلى حافة البكاء على حال الوطن المغلوب على أمره بعمايل الكيزان
اعلم اخي الدقير بانني كمهاجر جلست عشرة اعوام بعد التخرج ولكن الجرة اتتني مكرها اخاك لابطل يبدو ان قبورنا خارج تراب وطننا طالما راس الدوله له نفس مفتوحة للبس البدل الشبابية ذات الالوان الشاذة .
( فإن السوداني في غربته ومنافيه العديدة لا يجد بديلاً عن وطنه، بل يظلُّ مشدوداً إليه ومصلوباً على خشبته، ويبقى في مدائن العالم مفضوح الحب والإنتماء بشكله ولونه وعاداته وتقاليده وطبائعه المغروسة في أعماق وعيه ولاوعيه، ويظلُّ من أكثر المهاجرين إقامةً في الوطن ولو كان ذلك من خلال الذاكرة أو من خلال ما يترصده من أخبارٍ لا تجلب عليه غير الحزن جراء ما يعصف بوطنه وأهله .. يعيش السوداني في منافيه العديدة – بين الحنين والأنين – وهو يهفو ليوم العودة لوطنه ليروي عطش الروح من محبته، لكنه يخشى أن يجده قد تعرض لمزيدٍ من النقص من أطرافه أو فقد تلك الفضائل التي طالما ميَّزته عن سواه من الأوطان. )
حقيقة أعجبني المقال و أجبت بهذي كثيرا . سلمت وسلمت يداك باشمهندس الدقير .
تحياتي استاذ عمر
للاسف لم المس من مقالك هذا الا الحزن والأسي علي المهاجرين وعلي الوطن.
نحن في حزن دائم عليهما معا وعلي انفسنا وياليتك رسمت لنا طريقا نسلكه فنصلح حال بلدنا ونعيد طيورنا المهاجرة.
وهذا في رأي الهدف من الكتابة اكتشاف المشاكل ووضع الحلول لها.
مع خالص تقديري
أخي الدقير الا تتفق معي ان المؤتمر السوداني بحكمة أنه المارد الوحيد في ميدان المقاومة و المعارضة والذي بدأ يكسب تعاطف الكثير من عوام الشعب …. أخذ طريقه الى سراية التدجين الكيزاني…… يظهر ذلك جليا بين ثنايا تصريحاتكم… الله يكذب الشينه
Really, well crafted article .. I enjoyed it immensely .. many thanks Mr. Eldigair
في الصيف اضعنا اللبن….
الصوملة مرت بمرحلة أفراغ الكوادر المدنية… كما يحدث الان بالسودان لا الوم ( بني كوز ) و من لف لفهم..فهم رجعية البلد و لا تخلو منهم ارض و الت لهم غلبة الحكم و السلطة لاكثر من ربع قرن هو نتاج طبيعي لعدد من العوامل الداخلية منها عدم مسوؤلية النخب و تفريطهم و ذلك باعتراف عدد منهم (انظر كتابات منصور خالد و كتبه المبهرة)فالترجيحية و التعقل ما بين الديموقراطية و الديموكراسي لزمت دهر ليستيعاب الدرس و لكن..!
أما عوامل الخارج فالامر الان جلي فهناك قوي شيطانية ليست بالجديدة و هو أمر البقاء و الاقوي و محاكات الدويلات و هو امر نعرفه بالاستعماري و تارة بالامبريالية العالمية و هالم مجري . و لا يتم قطع طريقها الا بشرعية الداخل و تماسكه مندرج عرف السياده العالمية و هو حكم التعدد النيابي الديموقراطي و برلمانته المنتخب التي بدونها ترعك دول و شعوب طالما للزمم الوطنية سعر و سوق…!!
ما يحبط تكلس الفرق الاسلاموية بانواعها و استشراء الخطاب الرجعي الديني الذي اقعد الناس و حيدهم طالما هو المنادي بالاحقوقية تحت عرش الرحمن وهو الرازق..!!
نعم كان لنا وطن حدادى مدادى
ولكن سطى عليه من لا يعترف للاخرين
ان يكونوا معه. فعاث فسادا!!!!
لو أندثر السودان لا نأسف عليه لأننا بذلنا بكل ما آتانا الله من العلم والخبره وزد عليه عدم رضوخان لحكم العصابة الكيزانية ولكننا لم نحصد إلا السراب, عدم إعتراف الكيزان بحقنا فى الدولة وإحتضان الأجانب وتمتعهم بمواردنا وإزلالنا وعدم وجود بصيص أمل يخرجنا من هذا النفق المظلم هو ما جعلنا نفضل أن تتلاشى الدولة السودانية غير مأسوف عليها.
لقد مزج الباشمهندس الدقير الأدب بالسياسة فجاءت هذه اللحوحة السريالية الجميلة، التي تدل على حس مرهف لرئيس المؤتمر السوداني.
إن طائر علي الجارم قد بكى وحن لموطنه، فكيف بنا نحن السودانيون أهل “الولف الكتال؟
طائرٌ يشدو على فننِ
جدَّد الذكرى لذي شجنِ
قام والأكوانُ صامتةٌ
ونسيمُ الصُّبْحِ في وَهَنِ
هاج في نفسي وقد هدأتْ
لوعةً لولاه لم تكنِ
هزَّه شوقٌ إلى سكنٍ
فبكى للأهل والسَّكَنِ
وَيْكَ لا تجزعْ لنازلةٍ
ما لطيرِ الجوِّ من وطنِ
قد يراكَ الصُّبحُ في «حلبٍ»
ويراكَ الليلُ في «عدنِ»
وليس بعيداً من ذلك، تنصح عصفورة أحمد شوقي الريح الذي اقترح عليهما الارتحال من الحجاز لليمن لطيب حدائقها ووفرة حبها وماءها:
عصفورتان في الحجاز حلتا على فنن
في خامل من الرياض لا ندٍ ولا حسن
بينا هما تنتجيان سحراً على الغصن
مرّ على أيكهما ريحٌ سرى من اليمن
حيّا وقال درتان في وعاءٍ ممتهن
لقد رأيت حول صنعاء وفي ظل عدن
خمائلاً كانها بقيةً من ذي يزن
الحب فيها سكر والماء شهدُ ولبن
لم يرها الطير ولم يسمع بها إلا افتتن
هيا اركبا فنأتها في ساعة من الزمن
قالت له أحداهما والطير منهن الفطن
ياريح أنت ابن السبيل ما عرفت ما السكن
هب جنة الخلد اليمن لاشيء يعدل الوطن
ولكن طيور السودان، التي تحكي حال المواطن، قد مزرقت جواز سفرها وانطلقت تعبر المتوسط أملاً في حياة كريمة، تاركة للمؤتمر الوطني الجمل بما حمل:
والله نحنّ مع الطيور
الما بتعرف ليها خرطة
ولا فى إيدا جواز سفر
نمشى فى كل المدائن
نبنى عشنا بالغناوى
وننثر الأفراح درر
الوطن مرتهن بأيدي إخوان الشيطان الذين ضيقوا الخناق وقتروا العيش على المواطن، فنشروا الفتنة وسفكوا الدماء:
كانت لنـا دار وكـان لنـا وطـن
ألقت بـه أيـدي الخيانـة للمحـن
وبذلـت فـي إنقـاذه أغلـى ثمـن
بيدي دفنت أخـاك فيه بـلا كفـن
إلا الدماء ومـا ألـم بـي الوهـن
ولكن غداً ينتهي عهد روبوسبيير، عهد الإرهاب، وتشرق الشمس ويعود السودانيون من الخليج ومن أوروبا ومن كندا وأمريكا، يبنون وطناً حدادي مدادي، حيث لا شريعة مدغمسة ولا هوس ولا تمميز.
فقط نرجوكم إلا تندغموا في هذا النظام الهالك ،هلاك فرعون، يا ابن الدقير.
مقال رائع وبليغ ومؤثر كعادة الزعيم الدقير .. يلامس الحقائق ومهيج للاشجان، ولكن يجب ان يكون محفزاً للتغيير
شي مؤسف ومحزن
والغبي سبب هذا البلاء فرحان لمن لابس بدله حرجليه قايل نفسه تامر حسني
اللون له دلالات فكل ما لبست وابتعدت عن الألوان الداكنة فهو تعبير وانعكاس لبهجه “وانفتاح نفس!!
الصعلوك نفسه مفتوحه بالرغم من موت 25 سودانيا هذا الأسبوع غرقا بعد ان ضاقت بهم ارض المليون
بالجد حاكمنا “صعلوك”
ليتهم يجدون مبتغاهم فى الغربه فإن هيامهم بوطنهم يهون.
المشهود ان السودانيين بالخارج يستخدمهم اهل الاسلام السياسى فى فعل نفس مافعلوه فى السودان التسلل الى مفاصل الدوله والانقضاض بعها .
ولو لم ينتبه المهاجرون قريبا سيبحثون عن مهاجر اخرى ليس بها جماعه الاسلام السياسى ومنظماتهم التى تدعى خدمه المسلمين والاقليات.
والاخطر تخفيهم تحت ثوب اليسار فى المهجر فى اوروبا وامريكا
(( شهدت العشرية الأخيرة من القرن الماضي موجات غير مسبوقة من هجرة السودانيين عن وطنهم بعد أن استلَّ نظام الإنقاذ سيف الفصل والتشريد وأعمله في الخدمة العامة، بشقيها المدني والعسكري، وقصر فرص التوظيف والكسب على منسوبيه والموالين له، ليجبر الآلاف على مغادرة وطنهم بحثاً عن أسباب عيشٍ كريم وملاذات آمنة في أصقاعٍ بعيدة ))
29 سنة ما العشرية شردوا الشعب عن عمد لتؤل لهم البلاد وقد دنت لهم المشكلة كل المشكلة ليست فى الانقاذ المشكلة فى الاحزاب السياسية ومفاهيمها الخاطئة من شاكلة البهوط الناعم والهبوط الدائم والكلام الفارغ بتاع الحوار هولاء السفلة لا ولن ينفع معهم حوار مطلقا حزب دينى قميء كريه جلهم من شذاذ الآفاق واشياء أخرى ايضا ،قتلة ولصوص عايزين احزاب تسير وفقا لاساليب علمية فى مواجهة حزب ممسك بتلابيب البلد ويدمر فيها يوميا والا فان مئات الالاف سيغادروا قبل 2020
الشي الاخر عليكم كاحزاب ان تبعدوا عن التقسيمات الجدلية التى تقسم الناس ثقافيا وجهويا وقبليا وآثنيا وانتم فى الموتمر السودانى تقولون المركز الكرز المركز الخ وتشيرون الى الخرطوم خرطوم شنو المركز ده صرف صحى ما فيها وهى عبارة قرية كبيرة أو واسعة أو مَوسعة لتحمل بين جنباتها هذا الكم من الهاربين من القرى الاصغر والارياف الكبيرة التى يطلق عليها مدن الناس كان ما شافت شقت المقابر!!!
مقال أكثر من رائع في مظهره ومخبره .. صادق ومؤثر، يدفع الانسان إلى حافة البكاء على حال الوطن المغلوب على أمره بعمايل الكيزان
اعلم اخي الدقير بانني كمهاجر جلست عشرة اعوام بعد التخرج ولكن الجرة اتتني مكرها اخاك لابطل يبدو ان قبورنا خارج تراب وطننا طالما راس الدوله له نفس مفتوحة للبس البدل الشبابية ذات الالوان الشاذة .
( فإن السوداني في غربته ومنافيه العديدة لا يجد بديلاً عن وطنه، بل يظلُّ مشدوداً إليه ومصلوباً على خشبته، ويبقى في مدائن العالم مفضوح الحب والإنتماء بشكله ولونه وعاداته وتقاليده وطبائعه المغروسة في أعماق وعيه ولاوعيه، ويظلُّ من أكثر المهاجرين إقامةً في الوطن ولو كان ذلك من خلال الذاكرة أو من خلال ما يترصده من أخبارٍ لا تجلب عليه غير الحزن جراء ما يعصف بوطنه وأهله .. يعيش السوداني في منافيه العديدة – بين الحنين والأنين – وهو يهفو ليوم العودة لوطنه ليروي عطش الروح من محبته، لكنه يخشى أن يجده قد تعرض لمزيدٍ من النقص من أطرافه أو فقد تلك الفضائل التي طالما ميَّزته عن سواه من الأوطان. )
حقيقة أعجبني المقال و أجبت بهذي كثيرا . سلمت وسلمت يداك باشمهندس الدقير .
تحياتي استاذ عمر
للاسف لم المس من مقالك هذا الا الحزن والأسي علي المهاجرين وعلي الوطن.
نحن في حزن دائم عليهما معا وعلي انفسنا وياليتك رسمت لنا طريقا نسلكه فنصلح حال بلدنا ونعيد طيورنا المهاجرة.
وهذا في رأي الهدف من الكتابة اكتشاف المشاكل ووضع الحلول لها.
مع خالص تقديري
أخي الدقير الا تتفق معي ان المؤتمر السوداني بحكمة أنه المارد الوحيد في ميدان المقاومة و المعارضة والذي بدأ يكسب تعاطف الكثير من عوام الشعب …. أخذ طريقه الى سراية التدجين الكيزاني…… يظهر ذلك جليا بين ثنايا تصريحاتكم… الله يكذب الشينه
Really, well crafted article .. I enjoyed it immensely .. many thanks Mr. Eldigair
في الصيف اضعنا اللبن….
الصوملة مرت بمرحلة أفراغ الكوادر المدنية… كما يحدث الان بالسودان لا الوم ( بني كوز ) و من لف لفهم..فهم رجعية البلد و لا تخلو منهم ارض و الت لهم غلبة الحكم و السلطة لاكثر من ربع قرن هو نتاج طبيعي لعدد من العوامل الداخلية منها عدم مسوؤلية النخب و تفريطهم و ذلك باعتراف عدد منهم (انظر كتابات منصور خالد و كتبه المبهرة)فالترجيحية و التعقل ما بين الديموقراطية و الديموكراسي لزمت دهر ليستيعاب الدرس و لكن..!
أما عوامل الخارج فالامر الان جلي فهناك قوي شيطانية ليست بالجديدة و هو أمر البقاء و الاقوي و محاكات الدويلات و هو امر نعرفه بالاستعماري و تارة بالامبريالية العالمية و هالم مجري . و لا يتم قطع طريقها الا بشرعية الداخل و تماسكه مندرج عرف السياده العالمية و هو حكم التعدد النيابي الديموقراطي و برلمانته المنتخب التي بدونها ترعك دول و شعوب طالما للزمم الوطنية سعر و سوق…!!
ما يحبط تكلس الفرق الاسلاموية بانواعها و استشراء الخطاب الرجعي الديني الذي اقعد الناس و حيدهم طالما هو المنادي بالاحقوقية تحت عرش الرحمن وهو الرازق..!!
نعم كان لنا وطن حدادى مدادى
ولكن سطى عليه من لا يعترف للاخرين
ان يكونوا معه. فعاث فسادا!!!!
لو أندثر السودان لا نأسف عليه لأننا بذلنا بكل ما آتانا الله من العلم والخبره وزد عليه عدم رضوخان لحكم العصابة الكيزانية ولكننا لم نحصد إلا السراب, عدم إعتراف الكيزان بحقنا فى الدولة وإحتضان الأجانب وتمتعهم بمواردنا وإزلالنا وعدم وجود بصيص أمل يخرجنا من هذا النفق المظلم هو ما جعلنا نفضل أن تتلاشى الدولة السودانية غير مأسوف عليها.
لقد مزج الباشمهندس الدقير الأدب بالسياسة فجاءت هذه اللحوحة السريالية الجميلة، التي تدل على حس مرهف لرئيس المؤتمر السوداني.
إن طائر علي الجارم قد بكى وحن لموطنه، فكيف بنا نحن السودانيون أهل “الولف الكتال؟
طائرٌ يشدو على فننِ
جدَّد الذكرى لذي شجنِ
قام والأكوانُ صامتةٌ
ونسيمُ الصُّبْحِ في وَهَنِ
هاج في نفسي وقد هدأتْ
لوعةً لولاه لم تكنِ
هزَّه شوقٌ إلى سكنٍ
فبكى للأهل والسَّكَنِ
وَيْكَ لا تجزعْ لنازلةٍ
ما لطيرِ الجوِّ من وطنِ
قد يراكَ الصُّبحُ في «حلبٍ»
ويراكَ الليلُ في «عدنِ»
وليس بعيداً من ذلك، تنصح عصفورة أحمد شوقي الريح الذي اقترح عليهما الارتحال من الحجاز لليمن لطيب حدائقها ووفرة حبها وماءها:
عصفورتان في الحجاز حلتا على فنن
في خامل من الرياض لا ندٍ ولا حسن
بينا هما تنتجيان سحراً على الغصن
مرّ على أيكهما ريحٌ سرى من اليمن
حيّا وقال درتان في وعاءٍ ممتهن
لقد رأيت حول صنعاء وفي ظل عدن
خمائلاً كانها بقيةً من ذي يزن
الحب فيها سكر والماء شهدُ ولبن
لم يرها الطير ولم يسمع بها إلا افتتن
هيا اركبا فنأتها في ساعة من الزمن
قالت له أحداهما والطير منهن الفطن
ياريح أنت ابن السبيل ما عرفت ما السكن
هب جنة الخلد اليمن لاشيء يعدل الوطن
ولكن طيور السودان، التي تحكي حال المواطن، قد مزرقت جواز سفرها وانطلقت تعبر المتوسط أملاً في حياة كريمة، تاركة للمؤتمر الوطني الجمل بما حمل:
والله نحنّ مع الطيور
الما بتعرف ليها خرطة
ولا فى إيدا جواز سفر
نمشى فى كل المدائن
نبنى عشنا بالغناوى
وننثر الأفراح درر
الوطن مرتهن بأيدي إخوان الشيطان الذين ضيقوا الخناق وقتروا العيش على المواطن، فنشروا الفتنة وسفكوا الدماء:
كانت لنـا دار وكـان لنـا وطـن
ألقت بـه أيـدي الخيانـة للمحـن
وبذلـت فـي إنقـاذه أغلـى ثمـن
بيدي دفنت أخـاك فيه بـلا كفـن
إلا الدماء ومـا ألـم بـي الوهـن
ولكن غداً ينتهي عهد روبوسبيير، عهد الإرهاب، وتشرق الشمس ويعود السودانيون من الخليج ومن أوروبا ومن كندا وأمريكا، يبنون وطناً حدادي مدادي، حيث لا شريعة مدغمسة ولا هوس ولا تمميز.
فقط نرجوكم إلا تندغموا في هذا النظام الهالك ،هلاك فرعون، يا ابن الدقير.