محكمة الفساد

لم يكن خبر إنشاء محكمة مختصة لمكافحة الفساد يسترعي أحداً أو يثير اهتماماً أو يلفت انتباهاً وإن احتل المينشيت الأول لكل صحيفة، وذلك لسبب بسيط جداً وهو أن الناس ظلوا ولا يزالوا يسمعون “جعجعة” ولا يرون “طحيناً” برغم أن الفساد “طحن” كل شيء ولم يستبق شيئاً.. أعتقد أن الناس قد ملوا الحديث عن محاربة الفساد من كثرة ما تردد ومن كثرة ما لاكته الألسن… فقد تشكلت لجان ومفوضيات وآليات من لدن أبو كساوي وأبو قناية، وقشي وغيرهم، وهناك لجان الحسبة والمظالم ونيابة المال العام وإدارة مكافحة الثراء الحرام بنيابتها ومحكمتها، وهناك قوانين صارمة وإبراء ذمة، كل هذه “الجعجعة” لم نر منها “طحيناً” نُسد به رمق الحاجة إلى محاسبة المفسدين وتقديم الفاسدين إلى العدالة…
في ظني أن القوانين الموجودة الآن والمحاكم والنيابات كفيلة جداً بحماية المال العام، والأمر لا يحتاج إلى تشريع جديد ولا نيابات مال عام ولا محاكم جديدة، فهل المحاكم الموجودة الآن قدموا لها مسؤولاً متورطاً في نهب مال عام، وقدموا لها الدليل وعجزت عن محاكمته؟! كلا والله … المحاكم الموجودة الآن متعطشة لمحاكمة نَهَبة المال العام لكنها لا تجدهم، ولا أحد يقدمهم لها…
في تقديري أن المحك ومربط الفرس هو في تنفيذ القوانين وتطبيقها دون انتقائية أو بطء أو أي نوع من أنواع التدخلات السياسية … المطلوب الآن وبصورة عاجلة تسهيل إجراءات رفع الحصانة عن المسؤولين الذين تحوم حولهم شبهات الفساد، وليس إنشاء محاكم جديدة ولا سن قوانين جديدة ولا نيابات، فهذا في تقديري زيادة عبء على ميزانية الدولة وإرهاقها بزيادة مسؤولين وموظفين ومخصصات ومرتبات وأعباء جديدة الدولة في غنى عنها…
هذه الحكاية ذكّرتني قصة واحد أفندي جابت ليهو نسيبتو جذع شجرة ومعاه الفأس ليشقِّقه للحلو مر، وضع الفاس على جنبه قال ليها جيبي لي شاكوش، ووضعه على جنبه، قال ليها جيبي مارزبة، وضعها على جنب، قال ليها جيبي فاس تاني كبير ، وجيبي فرار جتّار، وهكذا أضاع يومه إلى مغيب الشمس، ولما اكتشفت عجزه وقلة حيلته أخذت الجذع مع الفأس وناولته لجارها فأنجز المهمة في دقائق … في رأيي الحكاية ما عايزة شاكوش ومارزبة وجتّار، و..و..و..و الحكاية عايزة فقط “إرادة” زي إرادة جار نسيبة صاحبنا العاجز عن شق العود..? اللهم هذا قسمي فيما أملك?
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين
الصيحة



