العلمانية: منهج التصحيح والإصلاح الكوني

1- العلمانية جدلية متجددة
تظل الجدلية حول العلمانية قائمة لسوء فهم مرتكزاتها وخصائصها، وتدور حوارات ونقاشات حادة بين دعاة الدولة العلمانية ودعاة الدولة الدينية، وتلك صراعات ذات جزور عميقة في تاريخ البشرية، برزت مﻼمحها منذ أن كانت البشرية تحت سلطة رجال الدين في أوربا الذين تحالفوا مع الملوك، واصبح الإنسان وقتها (دمية) تحركها اصابع الإنتهازيين، حين كانت تباع صكوك الغفران وتجمع الضرائب قهرا ويحرم تحرير العقل البشري واعتباره محرك لعملية التطور الكوني، لكن رغم ذلك بدء الإنسان يتحرر بعد أن دخل العالم الأوروبي في حروب دينية طاحنة، والتي إنتهت بتوقيع صلح (وستفاليا) الذي حدد مﻼمح الدولة وفصلها عن سلطة الكنيسة، وبدء العقل البشري يستوعب عﻼقة الدين بالدولة والسياسة وبرزت العقود الإجتماعية التي ترجع إختيار الحاكم الي الشعب بدﻻ عن الكنيسة التي تقول ان اختياره يأتي بتفويض رباني، وذهب الناس اكثر فأكثر الي أن اتخذ العلمانييون تعاريف واضحة للعلمانية، وفي ذلك قال المفكر جون هوليك ” العلمانية هي (إمكانية إصﻼح حال البشر بالطرق المادية دون التصدي لمسألة الإيمان بالقبول او الرفض)، ومن هنا نقول أن العلمانية منهج عقﻼني يقوم علي اصﻼح حال البشرية في شؤنهم الكونية، وهي ليست دين لتواجه الأديان محاربة ام ناقدة للنصوص الدينية أيا كانت، بل تنظم الحياة وتفصل الأشياء بعضها البعض بحيث لا يقع الخلط والإلتباس المفاهيمي لما هو كوني وما هو غيبي.
فالدولة هنا عبارة عن مؤسسات واجهزة نحن من يصنعها ويحركها ويديرها وﻻ دين لها، بل تعتمد في تسيرها وتطورها علي عطاء الإنسان لا غير.
وكي نطورها قد نتخذ وسائل مختلفة منها إنتخاب الإدارة من أعلم الناس، والعلماء هنا هم الذين تلقوا تعاليم كونية مثل الطب والفيزياء والكيمياء والجيلوجيا والإعﻼم وعلم الإقتصاد وغيرها من العلوم الكونية العلمانية، ننتخبهم او نعينهم لإدارة اجهزة الدولة بهدف تطويرها طبقا لأسس علمية مصحوبة بدراسات واكتشافات وخطط إستراتيجية عقلانية، وكل هذا ينحصر في اطاره الكوني.
وﻻ يوجد أي صراع منطقي بين العلمانية والأديان، والذي نشاهده فقط يعبر عن حالة إرتعاب رجال الدين وخوفهم من فقدان السيطرة علي البشرية بخطبهم وأحاديثهم (المغنطيسية)، لذلك كان بعض اجدادنا حتي في الأعوام القريبة يحرمون التعليم خارج الدائرة الدينية، وكم من مدارس احرقوها بهجة انها من صنع شيطان (الخواجة – الإنجليز)، وكم من علماء تم تكفيرهم مثل إبن سينا وإبن رشد والفارابي، وقريبا قتل خيرة العلماء في السودان مثل الشفيع احمد الشيخ وعبدالخالق محجوب وجون قرن دي مبيور وغيرهم.
وإن نظرنا للدولة الدينية في عصرنا هذا تتبلور في مفاهيم مجموعات الأسلمة السياسية، ومنها الأخوان المسلمين وطالبان والشباب المجاهدين، واكثرها تشددا وتعصب بوكو حرام وداعش، ومعلوم أن هذه المجموعات ليس لها أي طرح فكري او برامجي لحل مشكﻼت البشرية، بل تحاول إحداث عنف غير منطقي لتعبر عن اشيائها التي تجاوزها الزمن، وتعتقد أن الدولة يجب أن تدار من داخل النصوص الدينية فقط، وﻻ مجال للعقل البشري في تنظيم الدولة والحياة العامة.
ومن متناقضاتهم انهم يسبون العلمانيون ويستخدمون كل ما انتجه العلمانيون من اسلحة ودواء وطائرات ومركبات، ويدرسون الزرة والكهرباء في الجامعات، ويدلون بأصواتهم في انتخابات العلمانيين (تنفيذية وتشريعية)، وبل يطالبون بضرورة ترسيخ الديمقراطية رغم عدم صدقهم، وتبين ذلك في انتخابات مصر التي صعد عبرها مرسي ثم تنكر علي صناديق الإنتخابات وأراد أن يرجع عملية اختيار الحاكم الي الشورى بين رجال الدين.
ولنا في المغرب أيضا مثال، حيث جرت هناك انتخابات خﻼل العام المنصرم، والأخوان المسلمين يجوبون شوارع الدار البيضاء وغيرها من المدن، يدعون الناس ﻷن يصوتو لهم، وهذا يعبر عن تعلمن جزئي بدء يظهر داخل هذه المجموعات، لكنها ترفض أن تعترف به وفي النهاية سيفصل الماء عن الزيت.
2-العلمانية والدولة الأفروعربية
العلمانية التي عرفها العلماء بمعنى .. الدنيوية .. او .. العالم .. ثم العلم ..
يمكن استيعابها كمنهج عقﻼني متقدم لتطوير الدولة (الأفروعربية) والحاقها بالحداثة بعيدا عن السلطة الكهنوتية التي دوما نجدها تسوق العداء تجاه العلمانية، وتحاول ايجاد ارضيات لتبرير حربها السطحية والغير منطقية بوصفها علماء وفﻼسفة العلمانية مرة بخيانة الأديان وآخرى بالزندقة وصولا الي التلحيد.
وبالطبع ليست هذه إﻻ اوهام ﻻ اساس لها، فالعلمانية ليست في صراع مع الأديان وﻻ تهدف ﻹقصاء المعتقدات البشرية، بل تنظم الحياة الدنيوية وتحافظ علي الحقوق والحريات، وتضع الأديان في موقعها الصحيح وتطلق سراح العقل، وتمظهر هذا المفهوم بشكل جزئي في مقولة قديمة تقول (ما لله لله وما لقيصر لقيصر)، لكن هذه المقولة لم تعبر عن التعلمن بشكل عميق ومفصل ولسنا بصدد شرح مﻼبساتها بقدر ما نريد توضيح أن الدول العربية والإفريقية تحتاج لنموذج كهذا، حتي تخرج من صراعاتها الدينية والتخبط العشوائي في إدارة الشؤن الدنيوية باشكاﻻتها السياسية والثقافية والإقتصادية.
ويحدث ذلك بفصل الأشياء عن بعضها البعض، واعادة ترتيب الحياة البشرية بلبرلتها وعلمنة الدولة.
فاللبرالية فصل من فصول العلمانية، عرفت بأنها تعني (الحرية) وتشمل الحريات الثقافية والسياسية والدينية وتحرير الفكر من كل القيود، وتحرير الإقتصاد وجعل القانون حكم في الدولة، وبناء الحياة علي تساوي البشرية قض النظر عن اختﻼف الدين واللون والعرق، فالتنوع امر ﻻ ينفصل عن الجنس البشري منذ عهد ما قبل التاريخ، لكن في الدولة العلمانية (المتلبرلة)، يمكن أنيتحقق التعايش السلمي مع حماية الحريات السياسية والدينية، وحماية حقوق الإنسان وضمان المواطنة المتعادلة بين جميع افراد المجتمع، واحترام العقل وما ينتجه.
ولنا بعض النماذج التي يمكن دراسة تنعوعها وكيفية اصتحابها ﻹدارة الشؤن (الأفروعربية)، وذلك بالنظر الي نموذج المملكة البرطانية والوﻻيات المتحدة اﻻمريكية وايطاليا، حيث تمكنت هذه الدول من تحقيق تناغم طبيعي بين الدولة والمؤسسة الدينية بينما النماذج الإسكندنافية والفرنسية تقوم علي الحدة في بعض الأمور، وتحيد الأديان عن الحياة السياسية والثقافية، وطفح صراعها بشكل كبير وحاد في العام 2014م، عندما صوت مجلس الشيوخ الفرنسي لقرار منع (الحجاب) وما شابهه لأسباب امنية تحتم ذلك وقتئذن.
ثم لنا نماذج لعلماء ومفكرين ثوار الشرق الأوسط وافريقيا، قدموا حلول مختلفة ونذكر منهم نيلسون مانديﻼ وجون قرن وإبن سينا وإبن رشد وسيد القمني والخاتم عدلان وغيرهم من العلماء والمفكرين، كانت لهم نظريات في شتى مجاﻻت الشأن الكوني، فقط وقع اصتدام بينهم والكيانات الدينية وبرزت التيارات الإسﻼموية بشقيها المتشددة التي ترى سيطرتها علي السلطة الزمنية والمكانية، وحياة المجتمع وحراكه السياسي والفكري ووضع سقوف وغﻼفات سميكة ومقيدة تعبر عن الهيمنة كبوكو حرام نجيريا وطالبان افقانستان والأخوان المسلمين مصر والسودان، والمعتدلة كحزب الأمة القومي السوداني وحزب النهضة الإرتري وحزب العمل الجمهوري التشادي، وتؤمن هذه الأحزاب بالديمقراطية كأساس للتوالي السياسي، وتؤمن بدولة المؤسسات والقانون، وهذه مداخل لمحاورتها ونعتقد أن هذا تمرحل فكري يحمل مﻼمح التغييرالإجتماعي في تاريخ الإنسان (العافروعربي)، ﻷنهم لم يجدوا الطريق الي الدولة بمواصفاتها الحديثة في الإسﻼم السياسي، حتي في عهود الخﻼفات الإسﻼمية كانت انظمة الحكم ودواوين الدولة مستمدة من الفرس والروم الذين شكلوا حضارات اصيلة في تواريخ التطور الكوني الكائناتي.
لذلك يقع علي العلماء والفﻼسفة دور جوهري في تفسير العلمانية واللبرالية بطرق جديدة، والتأسيس لها بالتناغم مع الأديان كلها خاصة الإسﻼم بمفهوم لبرلته، وكانت في العهود السابقة مصادمة للتوحيديين كروسيا ومكونات حلفها، ﻷن الشيوعية كمرحلة تطور بشري ﻻ تحيد وﻻ تنظم عﻼقة الدين بالدولة وحراك المجتمع، بل كانت تقصيه تماما واختلف الأمر فيما بعد بعد حل الإتحاد السوفيتي، اصبح التنظير للفكرة حسب مفاهيم الفﻼسفة الشيوعيين للوضع السياسي والثقافي في بلدانهم، ومن ابرزهم في العصر الحديث القريب خالد بكداش وعبدالخالق محجوب، وبدء يظهر (التعلمن واللبرلة) في كتاباتهم وتحليﻼتهم للظواهر البشرية وتفسير شكل الدولة والتعاطي معهما بإنفتاح وعقﻼقنية، فتغير النمط التقليدي السالف خاصة في التنظير الإقتصادي والسياسي، وينطبق ذلك علي تمرحل تنظيمات الأسلمة السياسية من التشددية الي الإعتدال، وهذه مقاربات في اتجاها للقبول بالدولة العلمانية الحديثة.
3-العلمانية وصراع العصر
بعد إنهيار نظام الدولة الإسﻼمية في السودان وسقوطها الأخﻼقي والسياسي وتفكك مؤسساتها الهﻼمية، بدء البحث عن كيفية إعادة بناء الدولة بعد سقوط النظام الحاكم، وراح الساسة والمهتمين بالشأن العام يديرون سجاﻻت كثيرة في مختلف منابرهم باحثين عن الكنز المفقود.
وبينما هم يتبارون فكرا وسياسة، نجدهم يعبرون بشكل او بأخر عن مقاصد اساسية في مفهوم العلمانية، ويخفي بعضهم ذلك التقبل (الخجول) خوفا من السقوط المبكر في السباق اﻻيدلوجي او التﻼشي وسط الطريق، لذلك صمت الكثير من المستنيرين عن محاوﻻت رجال الدين زندقة وشيطنة العلمانيين، خاصة المتحالفين مع تنظيمات الأسﻼم السياسي الداعشي في (السر والعلن)، متوهمين بتحقيق (احﻼم ظلوط) اﻻسلمة السياسية علي شعب عرف الحرية وعلم الشعوب اﻻنتفاضة ضد الطغاة منذ عشرات السنين.
ونستطيع تفحص واقع سقوط الهيمنة التي تقودها تلك المجموعات من خﻼل انكشاف اهدافها ورفض المواطن لخطابها السياسي والفكري نسبة لتمادي الفصيل الحاكم في المتاجرة بالدين وارتكاب المذابح البشرية في كافة بقاء السودان، وانكشف ايضا فساد هذه المجموعة وسعيها لجمع الذهب والمال من عرق الجماهير، وبنائها تحالفات المنافقة مرة مع إيران وآخرى مع السعودية، ثم فتح ابواب السودان لروسيا وبيﻼروسيا والصين في ارخص الصفقات السياسية مقابل منح المتأسلم الإنقاذي اسلحة يضرب بها شعوب مسلمة، في تناقض إيدلوجي واضح مع ما طرحته الحركة الإسﻼمية وتابعاتها في مشاريع الأسلمة والعوربة.
فوسط هذا الزخم يدير اليسار السوداني وقوى الديمقراطية نحو دولة علمانية متقدمة حوار يستبطن نوع من الصراع حول الصعود الإيدلوجي والسياسي ﻹختﻼف مشاربهم الفكرية ومقاصدهم السياسية.
وبشكل آخر يمثل تحالف هذه القوى سياسيا وانفتاحها علي الأخر، نموذج كفيل بتوافقها واتفاقها حول كيفية حكم السودان بعد اسقاط النظام اﻻنقاذي الفاشي، وهذا يعبر عن وعي كبير وسطها وكان تواثقها الأخير تحت لواء (نداء السودان) محور دراسة نظرية وعملية لها، واختبار وطني لصدقها في التغيير والتحرر وبناء دولة تقبل وجود الجميع وتحقق العدالة وتبسط السﻼم في كافة ربوع البلاد.
والعلمانية واقع حسب تقيم متطلبات التطور واصﻼح المؤسسات التي جار عليها النظام اﻻسﻼموي، ومدخل لتحقيق تطلعات جماهير شعبنا سياسيا واقتصاديا، ويجب إدارة حوار شامل حول هذا الطرح وسط الطﻼب والشباب والعمال وكافة المثقفين الي أن ينبلج فجر السودان الجديد.
4-العلمانية ومستقبل السودان
السودان دولة ذات تعدد وتنوع اجتماعي وسياسي ومذهبي اطلق عليها مصطلح افريقيا الصغرى طبقا لتحليل وتفسير دراسات وبحوث حول تنوعها وتعددها وكيفية نهضتها منذ تشكلها كدولة حديثة بعد اﻻستقﻼل، قبل أن تفقد بوصلة الإدارة والتوجه السليم نحو التطور.
فلم تكن الحكومات تستنبض دساتيرها وسياساتها من عمق الواقع الذي يعبر عن الهوية السودانية، وسبل إيجاد التشريعات الجيدة المﻼئمة لمناخ الوطن السياسي والحقوقي، بل كلما إنقلب نظام علي نظام جاء بمفاهيم متناقضة من حيث منطق الحياة البشرية الصحيحة وطرائق إدارة موارد البﻼد، ومشوهة للمذاج العام لﻺنسان السوداني، وغير قابلة ﻹحتوائه والإستفادة من مقدراته الفكرية والسياسية والأدبية.
فأغلب الأنظمة التي ساقتها الإنقﻼبات العسكرية إلينا لم تلبي طموحات الشعوب في تحقيق العدالة الإجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات والديمقراطية الكاملة في التوالي السلمي علي السلطة، وفك قيد الحريات التي تمكن الإنسان من الإبداع في انتاجه العقلي للمشاريع الفكرية والسياسية ﻹصﻼح حياته من خﻼل عمله وعطائه.
فكل الحكومات كانت تميل لﻺنفراد بالساحة واجبار الشعوب علي اتباع مناهجها، وفي ذلك تم قهر العقﻼنيون وتم تفكيك الدولة بمفاهيمها الحديثة، ما جعلها مستنقع طارد وغير قابل ﻹستيعاب مكونات مجتمعه، فنفر منه العلماء والمفكرين، وسادته فوضة الخرافات بفعل خطب دعاة الرجعية، وتقهقر الي ما يشبه العصور الحجرية القديمة (عصر الغابة)، وغابة كل مﻼمح التنمية وتجزر الجهل والفقر، ودخلنا عهد النكبة بدخول الدولة في نفق المشروع الإسﻼموي الإنقاذي الذي مهد له النظام المايوي النميروي بإتخاذه العجلة في اعﻼن دستور الشريعة الإسﻼموية (قوانيين سبتمبر)، واكتمل الإنحطاط في العهد النظام الإنقاذي بسطوة الحركة الإسﻼمية وفروعها علي نظام الحكم، وخلط الأوراق كلها، واخرج السودان تماما من احتماﻻت التقدم والتطور، واصبح من الصعب الوصول الي عبارة (السودان سلة غذاء العالم).
وتأتي رؤية إعادة بناء السودان مرتكزة علي العلمانية وفقا لدراسة الواقع الإجتماعي والسياسي ومتطلبات الإنتقال الي دولة المواطنة والسﻼم والمساواة، ونسج هوية مشتركة تتماذج فيها الثقافات والألوان، وتتجاذب بها الأفكار المتشابه والمتناقضة تتحاور، وتتبلور الوحدة الطوعية والتصالح الإجتماعي والسياسي سلميا، وينفصل الدين عن المؤسسات العامة وعن السياسة والتخطيط الإستراتيجي للنهضة الإقتصادية والعلمية وغيرها من المشاريع ذات الأهمية في الحياة البشرية.
واستنادا لمناداة دعاة التغيير والتحرر والتحول الديمقراطي لفتح آفاق اوسع لترميم الدولة السودانية كما يجب أن تكون، نستشعر إقتراب إنبﻼج ضوء العلمانية علي البﻼد بزوال النظام الإستبدادي الإسﻼموي، وذلك لتشابه وتشابك الأهداف الرئيسية لدينا كمجتمع باحث عن دولته المفقودة التي امطرها النظام الإنقاذي بوابل الرصاص في جل اجزائها، فسالت دماء الأبرياء والغﻼبة المهمشين في مناطق النزاعات والقرى الطرفية باسم (الله اكبر) والجهاد المزور، وتمركز الخدمات حول العواصم مع انتشار الفساد المالي والإداري واستﻼب الحقوق والحريات والتدهور المصاحب لكل اساسيات الحياة.
لذلك نحن اليوم في امس الحوجة للتساجل في مفهوم سودان الغد من زاوية مختلفة، ومراجعة تناقضات التاريخ والإعتراف بفشل السودان القديم والمناهج التي سادة سابقا.- العلمانية ومستقبل السودان
السودان دولة ذات تعدد وتنوع اجتماعي وسياسي ومذهبي اطلق عليها مصطلح افريقيا الصغرى طبقا لتحليل وتفسير دراسات وبحوث حول تنوعها وتعددها وكيفية نهضتها منذ تشكلها كدولة حديثة بعد اﻻستقﻼل، قبل أن تفقد بوصلة الإدارة والتوجه السليم نحو التطور.
فلم تكن الحكومات تستنبض دساتيرها وسياساتها من عمق الواقع الذي يعبر عن الهوية السودانية، وسبل إيجاد التشريعات الجيدة المﻼئمة لمناخ الوطن السياسي والحقوقي، بل كلما إنقلب نظام علي نظام جاء بمفاهيم متناقضة من حيث منطق الحياة البشرية الصحيحة وطرائق إدارة موارد البﻼد، ومشوهة للمذاج العام لﻺنسان السوداني، وغير قابلة ﻹحتوائه والإستفادة من مقدراته الفكرية والسياسية والأدبية.
فأغلب الأنظمة التي ساقتها الإنقﻼبات العسكرية إلينا لم تلبي طموحات الشعوب في تحقيق العدالة الإجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات والديمقراطية الكاملة في التوالي السلمي علي السلطة، وفك قيد الحريات التي تمكن الإنسان من الإبداع في انتاجه العقلي للمشاريع الفكرية والسياسية ﻹصﻼح حياته من خﻼل عمله وعطائه.
فكل الحكومات كانت تميل لﻺنفراد بالساحة واجبار الشعوب علي اتباع مناهجها، وفي ذلك تم قهر العقﻼنيون وتم تفكيك الدولة بمفاهيمها الحديثة، ما جعلها مستنقع طارد وغير قابل ﻹستيعاب مكونات مجتمعه، فنفر منه العلماء والمفكرين، وسادته فوضة الخرافات بفعل خطب دعاة الرجعية، وتقهقر الي ما يشبه العصور الحجرية القديمة (عصر الغابة)، وغابة كل مﻼمح التنمية وتجزر الجهل والفقر، ودخلنا عهد النكبة بدخول الدولة في نفق المشروع الإسﻼموي الإنقاذي الذي مهد له النظام المايوي النميروي بإتخاذه العجلة في اعﻼن دستور الشريعة الإسﻼموية (قوانيين سبتمبر)، واكتمل الإنحطاط في العهد النظام الإنقاذي بسطوة الحركة الإسﻼمية وفروعها علي نظام الحكم، وخلط الأوراق كلها، واخرج السودان تماما من احتماﻻت التقدم والتطور، واصبح من الصعب الوصول الي عبارة (السودان سلة غذاء العالم).
وتأتي رؤية إعادة بناء السودان مرتكزة علي العلمانية وفقا لدراسة الواقع الإجتماعي والسياسي ومتطلبات الإنتقال الي دولة المواطنة والسﻼم والمساواة، ونسج هوية مشتركة تتماذج فيها الثقافات والألوان، وتتجاذب بها الأفكار المتشابه والمتناقضة تتحاور، وتتبلور الوحدة الطوعية والتصالح الإجتماعي والسياسي سلميا، وينفصل الدين عن المؤسسات العامة وعن السياسة والتخطيط الإستراتيجي للنهضة الإقتصادية والعلمية وغيرها من المشاريع ذات الأهمية في الحياة البشرية.
واستنادا لمناداة دعاة التغيير والتحرر والتحول الديمقراطي لفتح آفاق اوسع لترميم الدولة السودانية كما يجب أن تكون، نستشعر إقتراب إنبﻼج ضوء العلمانية علي البﻼد بزوال النظام الإستبدادي الإسﻼموي، وذلك لتشابه وتشابك الأهداف الرئيسية لدينا كمجتمع باحث عن دولته المفقودة التي امطرها النظام الإنقاذي بوابل الرصاص في جل اجزائها، فسالت دماء الأبرياء والغﻼبة المهمشين في مناطق النزاعات والقرى الطرفية باسم (الله اكبر) والجهاد المزور، وتمركز الخدمات حول العواصم مع انتشار الفساد المالي والإداري واستﻼب الحقوق والحريات والتدهور المصاحب لكل اساسيات الحياة.
لذلك نحن اليوم في امس الحوجة للتساجل في مفهوم سودان الغد من زاوية مختلفة، ومراجعة تناقضات التاريخ والإعتراف بفشل السودان القديم والمناهج التي سادة سابقا فيه لعشرات السنين حتي يتم تقيم حقيقي للتاريخ ومعرفة علله ووضع مشروع جديد لبناء دولة جديدة.
سعد محمد عبدالله
القاهرة
[email][email protected][/email]
الذين يقولون بسماحة العلمانية والنداء بمناصرتها كارضية صالحة للتعايش بين شعوب الأرض!!!
لطالما لا يوجد نص أو إجماع من أهل السنة يعضد هذا التوجه، فإنه يدخل من باب التدليس والمحايلة والتودد لخدمة أعداء الدين! وهذا صراحة هو عين النفاق أن نجد للعلمانية سبيلا عندنا نحن المسلمين، وهي في ذات الوقت كفر لا تعترف بل لا تؤمن ولا تأخذ بأي دين! أنها من تضع الدين وتحبسه فقط عند المساجد ولا تجعل له حظا في شأن الحياة وإدارتها!!
فمن قال بأن العلمانية ليست عري وكفر ،،، نقول له أنها أم العري واس الكفر والضلال والمناداة بحياة اللادين ودونكم أوربا وما شابهها باجمعهم!!! الإسلام اما ان تأخذه كله أو تتركه كله في أركانه وعقائده واحكامه لعدم احتمال التجزئة والتعطيل، إذ لا يجوز أن نجعل منه بين بين نعمل ببعضه ونترك بعض فهذا ما لا يجوز فيه مطلقا!!!
وأن البحث عن صيغة تعايش يجمع عليها اهل الارض لم تحدث سابقا ولن تحدث اليوم ولن تتحقق حتى مستقبلا! فالله سبحانه وتعالى هو من خلق الإنسان وهو أعلم به من نفسه وما يكنه في صدره! والقرآن يقرر هذه الحقيقة من مواقع معاداة الكافرين وأصحاب الديانات الأخرى في قوله تعالي: ( واغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة) فهنا لا مجال لحدوث أي نوع من التسوية ما بين هؤلاء الفرقاء وتأتي العلمانية المتمم الآخر لهذه الفرقة واتساع دائرة الهوة منعا لتحقيق فرضية التعايش السلمي خارج نطاق الدين!
فإذا جزمنا بميثاق الأمم المتحدة كمحاولة تهدف لتحقيق تلك الغاية، فإنه قد ضرب به عرض الحائط، بل وتم تسخير الأمم المتحدة ذاتها لخدمة أجندة دول بعينها – أعطت لنفسها الفوقية بمجلس الأمن وتركت لغيرها جمعية عامة شأنها كشان سائر البرلمانات في هذا العالم! فمن يقول بأن العلمانية تحقق أرضية للتعايش ولو من الناحية النظرية نقول له أن هذا قول مردود، لا يتعارض مع قول الله الخالق فحسب بل حتى مع الطبائع والمكونات الثقافية والحضارية وحتى الفوارق الجنسية والاثنية التي تغذيها العنصرية ويعززها منطق القوة، كقول الأمريكان أن جندي واحد منهم تتراوح عدلته ما بين 7 إلى 100 جندي اخر حسب دولته في الترتيب الأمريكي للشعوب على وجه الارض!!
فهذه الخلافات ستظل باقية ما بقيت مفاهيم الاستعلاء والقهر والنفوذ والخيرية والدونبة ما بين الشعوب والحضارات! وأنه حينما يتساوى الناس في هذه الاختلافات عندها يمكن ان يكون هناك بصيص للعلمانية أن تصبح أرضية محتملة للتعايش ولكن هيهات هيهات !!!
عايز تفصل الدين عن الدوله ؟؟ عايز تفسد العقيده اكتر ما هي فاسده ؟؟
انت المفروض تناشد الناس للرجوع في المسار الحقيقي للدين لأنو الناس في السودان انجرفت عن المجري الديني والزي بدوره ادي الي فساد عقيدة الناس … والمعرووووف ان فساد العقيده يؤدي الي مشاكل شتي
تجي انت بي كل بساطه عايز تفصل الشريعه عن حكم الدوله
طيب ما ممكن استخدم واطور العقل الرباني ده وفي نفس الوقت اكون متمسك بالدين في سياستي وتشريعاتنا؟؟
زي مااا عمل الصحابه سابقا” ؟؟ امثال عمر بن الخطاب وصهيب الرومي و سلمان الفارس وبعدهم ممن تبعهم
خذ مصر علي ثبيل المثال اين وصلت بها علمانيتها ؟؟ والمعرووووف ان مصر اصبحت دوله علمانيه بحته انتشرت فيها الرزيله والانحلال الخلقي والافساد في العقيده