الاعلام السالب

درجت الانقاذ منذ ان اطلقت اعلامها الاول ( السودان الحديث، والانقاذ الوطني والقوات المسلحة) ان تبث في الناس روح التخذيل
اضافة الى انها تركت بعض المجال ليكتب بعض الناس نقدهم الخجول بما يتيح نفسا يتنفس منه الناس
ثم تركت المجال قليلا لبعض اقلام المايويين ثم بدات مرحلة اخرى بالنسبة للاعلام المقروء فهو ان تترك الاقلام تكتب ما تشاء دون ان تابه لها او يكون لها رد فعل على ما يكتب
هذه السياسة تسربت الى نفوس الناس فبدأت تكبر فيهم بذرة الاحباط والتي نمت حتى اصبحت ضربا من اللا مبالاة اصاب كل المجتمع
اما الاعلام المسموع والمشاهد فكان مليء بساحات الفداء وما شابهها فاصبح اعلاما طاردا
ولان الاعلام المقروء هو الاكثر تاثيرا في الحياة السياسية والاجتماعية فهو الاجدر بالمناقشة في هذا المقال
فمع ظهور الاعلام الخاص وكثرة الصحف وخاصة الرياضية فقد تشتت انتباه القاريء وانتقل الاعلام الرياضي من تشجيع رياضي سمح الى بغض رياضي سمج
واين نحن من القبطان حاج حسن عثمان من المريخ وعمر علي حسن في الهلال واللغة الادبية الرفيعة تلك التي تسمو بالتشجيع فوقا للعصبية البغيضة
اما كثرة الصحف فهي مرغوبة لذاتها بالنسبة لنظام الانقاذ لانها تعلم ان المواطن غير قادر على شراء كل الصحف فيكتفي بواحدة او اثنين وبالتالي محدودية الانتشار، حيث اننا الدولة الوحيدة في العالم التي تعتمد في ايرادها على المبيعات وعلى الاعلان الحكومي ولان الحكومة اكبر معلن فهي التي تتحكم في
مانشيتات الصحف وفي المادة الخبرية بل ان الرقابة القبلية من جهاز الامن اصبحت السيف المسلط بل وان الصحف تاخد مانشيتاتها من اجهزة الامن وبالتالي اتجه الاعلام الى اخذ ما يمنحه له جهاز الامن فاصبحت المانشيتات تجهر بما لا يفيد
مثل تنامي الاعتداء على المال العام ولكن ليس من معالجات تحليلية ونقدية لظاهرة التعدي على المال العام
ثم ما نشيت عريض لهيئة علماء السودان عن الاغتسال في النيل دون النظر عن لماذا يغتسل الناس في النيل في ظل انقطاع الماء عن المنازل وهكذا بدات تتسع دائرة اغراق الناس في دوائر الاخبار المثيرة الفارغة المحتو
وغير المجدية فاصبح الناس مدمني انتظار اخبار الحكومة الغريبة وكذا تفعل المعارضة كتلك المرأة التي اعتاد زوجها ان يعود كل ليلة مخمورا ويضربها ويكسر وهي كل صباح تذهب لجارتها تشتكي من سوء زوجها
هذه الحالة من الاعتياد والارتباط بالفعل السالب ناتجة من انعكاس الاعلام السالب
ومؤخرا كانت كل الصحف تتحدث عن طه ، ثم بدات تتحدث عن الاوساخ
واليوم المانشيت العريض هو قرار مجلس الوزراء باقامة دورات للموظفين لتعليمهم غسل اليدين قبل الاكل!!!!
هذا الاعلام مقيد بالتوزيع وبالاعلان الحكومي وبالرقابة القبلية فهو اعلام اصم واطرش واعمى
ما لم تبتعد الجماهير عن دائرة الاعلام السالب فلن تتحرر ولن تستطيع ان تتخذ خطوة للامام نحو التغيير الجذري