أخبار السودان

تعقيدات السودان تنذر باستقالة عبدالله حمدوك

قالت مصادر سودانية الاثنين إن احتمالات بقاء رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك في منصبه باتت شبه معدومة في ظل تصاعد الخلاف بينه وبين الشق العسكري وعدد من قادة الحركات المسلحة حول استراتيجيات التعامل مع المحتجين وتشكيل الحكومة الجديدة.

وأشار مصدر قريب من مكتب حمدوك إلى أن رئيس الوزراء السوداني طلب رسميا من رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان البحث عن رئيس وزراء جديد، فيما أكد ذات المصدر أن حمدوك لم يباشر مهامه من مكتبه منذ خمسة أيام وطالب معاونيه بتسليم العهد الخاصة بهم.

وأضاف المصدر أن حمدوك عقد اجتماعا مغلقا مع البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو (حميدتي) حول تطورات أزمة البلاد السياسية. وكشف مصدر عسكري مطلع أن حمدوك أبلغ البرهان وحميدتي خلال الاجتماع باستقالته شفهيا.

وقال المصدر الذي فضل عدم كشف هويته إن “جزءا من المكون العسكري يرى ضرورة قبول الاستقالة والتفكير في بديل لرئيس الوزراء، والجزء الآخر يرى ضرورة منحه فرصة”.

ومنذ عودته إلى رئاسة الوزراء في الحادي والعشرين من نوفمبر وفقا لاتفاق سياسي مع البرهان، يواجه حمدوك صعوبات كبيرة في تشكيل حكومة جديدة لأسباب عزاها مراقبون إلى عدم وجود حاضنة سياسية يستند إليها بعد إبعاد حاضنته السابقة المتمثلة في قوى الحرية والتغيير في إطار الإجراءات التي اتخذها البرهان في الخامس والعشرين من أكتوبر.

ورشحت أنباء خلال الأيام الماضية عن مبادرة جديدة لإعادة الشراكة، لكن قياديا بارزا في المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير قال إن الطرح مرفوض، مشيرا إلى أن الأحداث تجاوزته وأن سقف مطالب الشارع ارتفع بشكل كبير.

ومنذ الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي ظل الشارع السوداني في حالة غليان يومي حيث خرج مئات الآلاف في مظاهرات في العاصمة الخرطوم وعدد من مدن البلاد الأخرى رافضين إجراءات البرهان والاتفاق الذي عقده مع حمدوك.

وأما السبب الثاني الذي أفشل جهود إثناء حمدوك عن استقالته فيعود إلى استمرار القمع المفرط للمظاهرات التي قتل فيها 48 شخصا وتعرضت خلالها نحو 13 سيدة للاغتصاب والعنف الجنسي وفقا لتقارير تلقتها مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الأسبوع الماضي.وسبق أن أبدى حمدوك اعتراضه على ما اعتبره “تعاملا عنيفا” من قوات الأمن ضد المتظاهرين الذين يواصلون الاحتجاجات للمطالبة بحكم مدني خالص وفكّ الشراكة مع المكون العسكري.

وحينها قال حمدوك إن السبب الرئيسي الذي جعله يوقّع الاتفاق مع قائد الجيش هو حفظ دماء السودانيين ووقف العنف ضد المتظاهرين السلميين، إلا أن الاتفاق لم يجد قبولا من الشارع السياسي.

الأحداث تجاوزته

ولا يزال حمدوك فاقدا للقدرة على التوافق مع قطاعات واسعة في قوى الحرية والتغيير تصمم على استمرار المظاهرات لإسقاط اتفاقه السياسي مع البرهان، ولذلك عمل على التوصل إلى قواسم مشتركة معها للمحافظة على ظهيره السياسي، إلا أن جميع محاولاته باءت بالفشل.

واصطدم الأخير أيضا بموقف الحركات المسلحة المشاركة في الحكومة السابقة، والتي أصر بعض قادتها على الاحتفاظ بحقائبهم الوزارية رغم أن الاتفاق السياسي نص على تشكيل حكومة تكنوقراط يختارها حمدوك بحرية كاملة.

ويأتي هذا فيما تعيش البلاد أوضاعا صعبة، حيث فقد الاقتصاد السوداني نحو 50 في المئة من إيراداته خلال الأسابيع الأخيرة التي تلت إجراءات الجيش والتي دفعت الولايات المتحدة والبنك الدولي والعديد من البلدان الأوروبية إلى تعليق مساعداتها. وأدت الاحتجاجات الشعبية المتواصلة إلى شلل شبه تام في معظم الأسواق والمنشآت الإنتاجية والخدمية.

ويقول مراقبون إن استقالة حمدوك من المشهد السياسي، إن تمت، توحي بأن الجيش لم يسمح له بممارسة دوره بحرية ولا يتعاون معه في تطبيق الاتفاق السياسي الموقع في الحادي والعشرين من نوفمبر الماضي ما يحرج المؤسسة العسكرية، ويعني أنها على وشك الدخول في صدام مع قوى كبرى تراها أحد أسباب اشتداد الأزمة الراهنة.

ولم تفلح تعهدات البرهان بإجراء انتخابات حرة ونزيهة مع نهاية المرحلة الانتقالية المتفق عليها في تذويب حماسة الشارع المستنفر منذ أكتوبر الماضي والذي يرفع شعار “لا للشراكة”.

العرب

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..