لا تغلقوا أبواب الأمل..

إذا قُدِّر للمواطن العادي أن يفقد ثقته في حكومة د. عبد الله حمدوك فإن ذلك لن يحدث في تقديري نتيجة إستحكام الأزمات من حوله، ولكن سيكون بسبب سوء الأداء الذي سيؤدي إلى فقدان الأمل..
فنظام البشير سقط في ظني أو أصبح في حكم الساقط، وأجبر الشعب للخروج عليه في ثورة ديسمبر المجيدة، عندما أغلق ذلكم النظام في وجه شعبه كل أبواب الأمل في الإصلاح وتغيير الواقع للأفضل، وذلك عندما عجز عن محاربة الفساد الذي استشرى بصورة غير مسبوقة، وعندما أستنفد كل مافي جعبته من حلول ترقيعية وتخديرية لتغيير الواقع المزري، وعندما أراد قائده التجديد لنفسه في الحكم بعد ثلاثين عاماً حُسُوماً قضاها في السلطة، فأيقن المواطن عندها بإفلاسه وعدم جديته في الإصلاح، فكان الإنفجار العظيم.
لذا تاريخ الثورات يعلمنا أن العنصر الهام والواجب توفره لقيام أي ثورة هو فقدان الأمل. فمتىٰ ما ظل باب الأمل مفتوحاً يتجلَّد الشعب بالصبر، ويُمَنِّي نفسه بتغييرٍ آتٍ، يُحوِّل واقعه للأفضل. والعكس صحيح، فمتىٰ ما سُدَّ باب الأمل في وجه الشعوب كانت الثورات العظيمة.
لذا على السيد حمدوك وطاقم حكومته أن يعملوا على إبقاء باب الأمل في المستقبل الأفضل دائماً مفتوحاً، ولا يكون ذلك بالوعود الهلامية، أو الأماني الكاذبة، وإنما بمواجهة الشعب بالحقائق المريرة للواقع المزري، وإشراكه في إقتراح الحلول، وإلقاء اليقين في رَوْعِه أن الحكومة جادة في إحداث التغيير المنشود. ومتى ما استشعر الشعب منه الجدية والصدق كانت وقفته بجانب الحكومة عظيمة.
ويصح هذا الزعم أيضاً على فلول النظام البائد وزبانيته. لذا عليهم أن يُدركوا أن الظروف المواتية للإنقلابات والتغييرات السياسية الكبرى لا تأتي إلا بعد إنسداد باب الأمل في المستقبل، وهذا لا يكون إلا بمرور فترة كافية تُعطىٰ للحكومات لتنفيذ برامجها كاملةً، قبل أن تتيقن الشعوب من فشلها، فتهب للثورة عليها، أو تكون مستعدة للترحيب بالتغيير القادم أيَّاً كان شكله. وهذا لا يمكن تحقيقه ضد حكومة لم تكمل في الحكم ٦ أشهر أيَّاً كان أداؤها. لذا عليهم أن يكفُّوا من وضع العراقيل لهذه الحكومة، والتشكيك في كل ما تقوم به، ونشر الإشاعات والأكاذيب، لأن ذلك لن يُجْدِي فتيلا. كما أن عليهم الخجل من أنفسهم، والبدء في مباشرة نقدٍ ذاتيٍّ لتجربتهم الممتدة لثلاثين عاماً، قبل أن يعملوا على إفشال الآخرين. هذا إذا كان لا يزال في الوجه حُمْرَةَ خجلٍ.. والسلام.
علي مالك عثمان
|[email protected]