مقالات وآراء

حوار عثمان – حمدوك.. نظرة مغايرة

تأمُلات ـ كمال الهِدي

· طبيعي أن يرى الكثيرون أن الباشمهندس عثمان ميرغني وبحكم خلفيته الإسلامية قد (عصر) ضيوفه من مسئولي حكومة الثورة مساء الأمس.

· لكن، وبغض النظر عن هذه الخلفية واتفاقنا أو إختلافنا مع بعض ما يطرحه عثمان ، أرى أن المهنية كانت تقتضي أن تكون الأسئلة صعبة ومباشرة وأن يلح المُحاور على ضيوفه ولا يترك لهم مجالاً للهروب من إجابة أي سؤال.

· ومن هذه الناحية أرى أن آداء الباشمهندس كان عشرة على عشرة.

· لم يكن قاسياً مع ضيوفه كما رأى بعضنا.

· بل على العكس، فقد أغفل المزيد من الأسئلة التي توقعنا أن نسمعها.

· بالأمس عندما طرح عثمان على الفيس بوك فكرة الحوار وطلب ممن لديهم أسئلة تقديمها، كتبت سؤالاً تمنيت لو أنه طُرح على الدكتور حمدوك ضمن الأسئلة العديدة التي أمطره بها الباشمهندس، لكن ذلك لم يحدث.

· سؤالي كان أن العديد من السودانيين يرون أن الحكومة لم تف بوعد العمل سوياً للعبور ببلدنا، وأنها تصر على دعم الخارج قبل أن تحشد إمكانيات وطاقات مواطنيها الذين قادوا الثورة، فلماذا يحدث ذلك، ولم لا تعمل الحكومة مثلاً في تطوير المسالخ لكي نضمن خلال أسابيع فقط تصدير المزيد من اللحوم السودانية التي ستدر على الخزينة أموالاً مهولة، بالإضافة للإستفادة من بقية مواردنا المحلية التي لا تحصى ولا تعد في إيجاد الحلول العاجلة على المدى القصير.

· هذا السؤال أعتبره من الأسئلة الصعبة التي لم تُطرح، وهو ما أراه مؤشراً على أن الباشمهندس لم يُفرِط في القسوة مع ضيوفه كما اعتقد بعضنا.

· المطلوب من حكومة أتت بها ثورة عظيمة فقدنا فيها الكثير جداً من الأرواح العزيزة هو أن يكون مسئولوها دوماً في أعلى درجات الشفافية والوضوح.

· ألم نردد دوماً أن زمن الغطغطة قد ولى إلى غير رجعة، فلماذا نشفق الآن على بعض المسئولين إن تمت مواجهتهم بأسئلة ساخنة!!

· ليس مِنة أن يُجيبوا على الأسئلة الصعبة، أو أن يصارحوا الشعب، فقد قدم هذا الشعب أرواح أعز أبنائه مهراً لهذه الثورة التي أتت بهم.

· كما لا أتفق مع الرأي القائل بأن إجابات المسئولين كانت مثالية ومطمئنة.

· فأداء الدكتور حمدوك ودكتور البدوي كان جيداً في جزء من الحوار، لكن فشل الجميع في أوقات عديدة في طمئنتنا.

· ولو تذكرون أن دكتور حمدوك حين سُئل عن الأرقام في بداية الحلقة أمسك بملف، لكنه سريعاً ما وضعه جانباً ولم يستمر في تقديم بعض الأرقام المطلوبة.

· ثم كيف نسيتم تلك اللجلجة والتلعثم والكدر الذي ظهر على الوجوه حين سُئلوا عن من يقفون وراء ارتفاع الدولار هذه الأيام!

· لحظتها شعرت بأن البشير ما زال رئيساً للبلاد وتذكرت برامج بعض هتيفة الإنقاذ التي كثيراً ما استضافوا فيها بعض من يترددون في قول الحقيقة الكاملة.

· ارتبك الجميع ولو لا الضغط المستمر من الباشمهندس عثمان ميرغني لربما لم نسمع إجابة شافية حول من يقفون وراء ارتفاع الدولار.

· لماذا ترددوا في قول الحقيقة التي يعلمها القاصي والداني، ولم يقل أي منهم بالفم المليان أن الكيزان هم من يشترون الدولار هذه الأيام بأي سعر من أجل خلق الضائقة وتثبيط همة الثوار وإفقادهم الثقة في حكومتهم!!

· ما الذي كان يخيفهم من الرد بهذه الطريقة!

· نعلم أن وضعية رئيس الوزارء تحتم عليه التعامل بشيء من الدبلوماسية في بعض المواقف.

· لكن هذا لم يكن موقفاً يتطلب دبلوماسية إطلاقاً.

· السؤال حول أداء وزيرة الخارجية أيضاً بدت إجابة حمدوك عليه ضعيفة للغاية.

· فالكلام عن أن وزارتها لعبت دوراً كبيراً في عودة السودان للمجتمع الدولي قد دحضه عثمان ميرغني بالقول أن الثورة هي التي فعلت ذلك.

· وهو كلام سليم مائة بالمائة.

· وواهم من يظن أن الأستاذة أسماء ووزارتها هم من أعادونا لحظيرة المجتمع الدولي (جزئياً)، وأقول جزئياً لأننا ما زلنا نعاني من بعض العقوبات والعزلة من أمريكا تحديداً.

· من أعادونا لهذا المجتمع الدولي هم شهداؤنا الأبرار وكنداكاتنا اللاتي تحملن الأذى وواجهن الغاز المسيل للدموع والرصاص من أجل البلد وكرامة إنسانها.

· ولا أدري كيف يفترض دكتور حمدوك أن أداء وزارة الخارجية هو الذي فعل ذلك وغالبية من يسيطرون على هذه الوزارة هم الكيزان حتى يومنا هذا.

· إن سلمنا بصحة طرح حمدوك فمعنى ذلك أن ( بعض الكيزان ليس سيئيين) على قول ابنة الإمام الصادق المهدي!!

· كيف لوزيرة خارجية أن تعيد للسودان علاقاته الخارجية وهي من فشلت في فصل ولو كوز وحيد منذ يوم تعيينها في المنصب!!

· توقعت أيضاً من عثمان ميرغني (تفريع) هذا السؤال بإشارة للتعيينات التي تمت لبعض وزراء الدولة، وما إذا كان القصد مثلاً التغطية على ضعف أداء وزيرة الخارجية بإختيار قمر الدولة ( الذي تحوم حوله شكوك كثيرة أيضاً) كوزير دولة للخارجية!!

· وعلينا أن نشكر عثمان ميرغني على إلحاحه أيضاً في الجزئية المتعلقة ببنك السودان.

· وهنا أيضاً لم يشأ دكتور حمدوك أن يقدم إجابة مباشرة لو لا ضغط المُحاور.

· فقد (لت وعجن) كثيراً حول تبعية المركزي لرئاسة جمهورية صارت في حُكم الأموات.

· لكن مع إصرار الباشمندس لم يجد طريقة للتهرب من السؤال ليجيب بأنه يتبع حتى يومنا هذا لمجلس السيادة.

· ما زلنا نذكر أن تعيين البروف بدر الدين عبد الرحيم كان بأمر الفريق البرهان، وهذا يوضح تبعية البنك المركزي لمجلس السيادة.

· لكن الغريب في الأمر هو التوتر الذي بدا على مُحيا رئيس الوزراء الذي أكد بعضمة لسانه أن وضع تبعية المركزي لرئاسة الجمهورية لم يكن سليماً، لكنه تردد في قول أن ذات التبعية لمجلس السيادة خطأ أيضاً.

· ثم بعد جهد جهيد قالها، وأكد أنهم ساعون بجدية لتعديل هذا الوضع.

· ولا أدري لماذا كل هذا الضغط، ولا أفهم كيف يردد حمدوك دائماً (حتى مساء الأمس) أن شراكتهم مع العساكر متفردة وغير مسبوقة في المنطقة، وفي ذات الوقت يعجزون كمدنيين في إقناع البرهان بتصحيح مثل هذا الوضع الخاص بأهم مؤسسة اقتصادية في البلاد!!

· وما دور المدنيين المعينين في مجلس السيادة طالما أنهم يفشلوا خلال أشهر طويلة في اقناع البرهان بمثل هذه الخطوة!

· والعجيب في الأمر أن الوثيقة الدستورية المثقوبة نفسها نصت على أيلولة كل سلطات وصلاحيات رئيس الجمهورية ذات الطبيعة التنفيذية الواردة في أي قانون سارِ لرئيس مجلس الوزراء.

· قرار أيلولة بنك السودان لرئيس الوزراء يفترض أن يُتخذ بجرة قلم ودون أدنى نقاش لو كانت هناك شراكة متفردة كما يقول حمدوك.

· فتبعية المركزي لمجلس السيادة تعني سيطرة تامة للعساكر على مفاصل الاقتصاد.

· ولا أظن أن البرهان يملك ذكاءً وقدرات تفوق ما لدى بعض الوزراء المدنيين لتمكنه من انتزاع سلطات بعضهم.

· وحتى قوة السلاح لا يمكنه أن يُراهن عليها كثيراً بإعتبار ما فعله الثوار في مواجهة آلة بطش المخلوع.

· وهذا يعيدنا للسؤال الذي تمنيت طرحه على دكتور حمدوك، أعني ما إذا كانت هناك أيادِ خارجية تعبث بثورتنا وتحدد بعض مساراتها.

· استمرار تبعية المركزي لمجلس السيادة تشير إلى أننا سنظل ندور في فلك الشركات والمؤسسات الإقتصادية العسكرية والأمنية، وهو وضع أضاع البلاد وثرواتها طوال سنوات حُكم الطاغية البغيض.

· فالعساكر مكانهم الثكنات وتوفير الحماية للوطن والأمن لمواطنيه، لا الأسواق والمؤسسات المالية.

· وهنا لا نلوم حمدوك أو وزراء الثورة كثيراً، بل نوجه سهام نقدنا لقوى الثورة التي لم تعرف كيف تحسم العديد من الملفات.

· نقسو على بعض من تواطأوا وملأوا الوثيقة الدستورية بثقوب وضحت منذ الوهلة الأولى لأهل القانون الذين قدموا النصائح بمراجعتها دون أن يفعل من أعدوها ذلك.

· أعجبني جداً كلام رئيس الوزراء حول عبارة ” شكراً حمدوك”.

· فكثيراً ما قلنا أن الشعب يفترض أن يشكر نفسه على ما قدمه طوال أشهر الثورة ، وأن يتذكر دائماً تضحيات وإيثار شهدائه لنبدأ في تغيير مفهوم التهليل للأفراد ونستعيض عن ذلك بإحترام المؤسسات.

· لكننا ظللنا دائماً نبحث عن المبررات لترديد العبارة، فتارة نقول أنها (تفرس) الكيزان، ومرة نزعم أن المقصود الرمزية للمدنية وليس حمدوك في شخصه.

· ولا أدري ما الذي منعنا من ترديد (مدنياو) كلما سعدنا لأمر بدلاً من ( شكراً حمدوك).

· المهم أن صاحب الشأن نفسه قال لكم أنه لم يحب سماع هذه العبارة لأنها تؤطر لفردية غير مرغوبة.

· حدثنا وزير المالية عن دخل يومي مهول لمعدن الذهب، ولا أدري ماذا ينتظرون طالما أنه يمكن أن يدر على الخزينة 25 مليون دولار في اليوم الواحد!!

· بمثل هذه الأرقام لن نحتاج لأكثر من ثلاثة أشهر لكي نعبر تماماً، أليس كذلك يا سعادة الوزير، أم أن الحساب قد تغير!!

· أما أداء وزير التجارة والصناعة المدني خلال الحوار فحدث ولا حرج.

· أعود وأكرر أن الحوار مثلما تضمن كلاماً طيباً، لم يخل أيضاً من مؤشرات على ضعف الحجة وقلة الحيلة.

· وما تقدم وضع يحتاج لمراجعات سريعة ويقظة أكثر من الثوار، وفتح حوار جاد وصارم مع قوى الحرية والتغيير وتجمع المهنيين وضغط شعبي مهول على المكون العسكري في مجلس السيادة وبعض الوزراء المتقاعسين.

· فلا يعقل أن ننتظر نتائج (عواستهم) ونحن نرى أن مفاصل كل اقتصادنا لا تزال بيد من ثرنا ضدهم.

· كفانا تهليلاً ودفناً للرؤوس في الرمال وعلينا بمواجهة الحقائق كما هي دون مساحيق.

· لا أدعو لفوضى أو مظاهرات يستغلها المخربون، لكن من الممكن جداً أن تُحاصر قوى الثورة ويخوض معها شباب لجان المقاومة في نقاش جاد.

· وتظل كل الخيارات متاحة أمام الثوار لتصحيح المسار، وبدون ذلك سيعاني الوطن كثيراً.

‫2 تعليقات

  1. اتدرون لماذا تصر السياده العسكريه علي تبعيه المركزي لهم . ذلك ان لنائب رئيس المجلس النفوذ الأكبر في المركزي اكبر من الرئيس نفسه لما يملكه من أموال مهوله تم جمعه من الذهب و ايجار الجنود في الحروب الإقليمية و نشاطات اخري ، بجانب جهاز الامن الذي أيضا يملك أموالا مهوله يخشي كشف سرها بجانب اتباع الفلول و الذين ما ذالوا لديهم علاقات سريه قويه مع أعضاء السياده العسكريه و هم يسعون بحكم هذه الصداقة بحفاظ علي أموالهم المنهوبه من الشعب و عدم كشف ذلك السر للعامه بجانب أموال مرصوده لنشاطات عسكريه سريه لا يريد العسكر وصول انباءها للشق المدني و بالاحر للشعب المدني بدليل تبعيه شركات تصنيعية عديده و شركات اتصالات و شركات تجاريه ما ذالت تحت استحواذ النفوذ العسكري و يخشون تبعيتهم للشق المدني و ضياعهم لتلك الاموال السايبه ، لذلك سيستميتون في ابقاء الأمر كما هي مع إصرارهم دوما في تعيين من يفهمون معضلتهم تلك .

  2. بالنسبة لأزمة الدولار ولماذا لم يقل حمدوك إن الكيزان وراء ذلك ربما يكون سببه أن الكيزان ليسو وراء ذلك!! نحن لا يهمنا تسييس الامور بقدرما تهمنا الحقيقة.
    في العهد البائد الدولار وبارتفاعات جنونية متوالية اسقط الكيزان.. فمن كان وراء ذلك؟ قحت؟!!!!! ولماذا لم يوقفوه للنجاة بأنفسهم ما دام هم (الذي يحيي الدولار ويميته)؟ هذا تحليل سطحي وساذج…
    ارتفاع الدولار سببه كما قال حمدوك أنه لا يوجد احتباطي داعم له بالبنك المركزي، ولذلك يرتجف مع كل طلبية في السوق، وكل السوق يعتمد في وارداته على دولار السوق الاسود الذي نستجلب به من الابرة إلى الصاروخ من الخارج… وفي المقابل ما هي صادراتنا التي تاتي بدولارات لنقول إن ارتفاع الدولار بفعل فاعل.. الذهب المهرب عبر المطار؟ صادرات المواشي المتوقفة؟ أم صادرات السلع الاخرى الهامشية وغير الهامشية.. فسلعة مثل الصمغ العربي وهي من سلع الصادر المهمة لا تصل عائداتها 200 مليون دولار في العام وهذا قد لا يغطي قاتورة بعض الادوية المهمة؟!!!
    يجب الا نعمل على خداع الناس ليسلكوا هذه المنهجية الساذجة والسهلة في التحليل لأن التشخيص الصحيح نصف العلاج.. لا أبرئ الكيزان من افتعال المشاكل لافشال الجكومة لأن بين الطرفين حرب واضحة.. ولكن أعود وأسأل لماذا كان الدولار يرتفع في العهد البائد حتى اطاح بالحكومة وهذا ربما يلقي لنا الضوء على لماذا يرتفع الدولار اليوم، والاجابة الصحيحة هي اجابة حمدوك !!!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..