مقالات وآراء

الأزمة السياسية وآفاق الحل…نحو الطريق الثالث (٤-٦)

 

 

مجدى عبد القيوم(كنب)

 

التسوية التأسيسية تعالج كل قضايا الانتقال

عدم الافلات من العقاب ضرورة حتمية لقطع الصلة مع الحلقة الشريرة

المجلس المركزى غير مخول باعطاء اي ضمانات

المطلوب من مركز الحل الجذرى التقدم باتجاه التسوية التأسيسية

نجاح الحوار رهين بجلوس كل الفاعلين فى منصة وطنية وعلى الثلاثية الدفع فى هذا الاتجاه

منتقدو المجلس المركزى هم الذين اسسوا نظريا للعملية السياسية الجارية
—————–

مقدمة
يبدو أن الأزمة السياسية قد بلغت أعلى مراحلها وهذا يتمظهر فى حالة الانسداد السياسي الذى وسم الساحة ولكن فى التقدير ان هذا الانسداد نفسه هو بداية الطريق نحو حل الازمة الوطنية.
معلوم ان السمات الاساسية لفترات الانتقال تتسم بالهشاشة الامنية والأزمة الاقتصادية ومن ناحية اخرى تتصف بتغير التحالفات التاكتيكية وفقا لتناقض المصالح بين الفاعلين السياسيين سيما فيما يعرف بالبلدان الهشة او بيئات ما بعد الحرب.
كذلك ننطلق من تفكيك مصطلحي الثورة وألتغيير ودلالات كل منهما وما يستلزم من برامج وتاكتيكات وتأسيسا على هذا الفهم النظرى نتناول قضايا الانتقال.
نضوج هذه الأزمة وبلوغها لهكذا مرحلة دفعت الفاعلين السياسيين الى اطلاق دعوة للمركز الموحد فهل بالامكان توحيد كل القوي؟وما هو البرنامج الذى يمكن ان تتراضى عليه جل القوى ويفضى الى حل الأزمةالوطنية؟
السؤال الذى يطرح نفسه بقوة هل الحل فى التسوية التى يتبناها المركزى بصيغة جديدة للشراكة والتى هى فى نظر قطاع عريض اعادة لانتاج الأزمة ام عن طريق ما يسمى بالحل الجذرى الذى يطرحه وتتبناه قوي ثورية اخرى من خارج مظلة قحت؟
فى تقديرى ان هذه الحالة من الانسداد بحاجة الى افتراع طريق ثالث يخرج البلاد من هذا المنعطف الذى دخلت فيه وهذا الطريق يؤسس على فكرة الانتقال الديمقراطى كمنصة انطلاق، كتلة تضم كل القوى التى ادانت الانقلاب وتسعى لتحقيق مدنية الدولة وان تؤطر لذلك تنظيميا بتنسيقية مراكز متعددة وليس مركزا موحدا.
_____

اشرنا فى المقال الثالث الى ان التسوية التاسيسية التى تعيد البلاد الى منصة التأسيس وتعالج كل القضايا المركزية التى ظلت عالقة منذ الاستقلال كمنصة لاحداث قطيعة مع الدولة القديمة بكافة تفاصيلها .
من المؤكد كذلك وحيث ان التسوية التأسيسية تضع البلاد على منصة التأسيس فهى قطعا تحقق كل اهداف الانتقال وتعزز من فرص تحقيق كل الاهداف التى ترجمتها شعارات ثورة ديسمبر المظفرة واشرنا فى المقال نفسه الى انه ينبغى ان ترتكز التسوية التأسيسية على تطبيق العدالة الانتقالية بمعناها الاشمل لمعالجة الظلامات التاريخية التى افرزت غبنا اجتماعيا عبر عن نفسه فى اشكال عديدة نجم عنه عنف رسمي من الدولة وبالتالى فان الخشية من مغبة المسؤلية الجنائية التى ترتب عليها ذلك العنف ستقف حائلا دون تضميد الجراح بل من المؤكد انها ستكون سببا فى افشال اى حوار ان لم نتمكن من التعاطى مع هذه القضية الشائكة بعقلانية.
مؤكد ان احد اهم اهداف عدم الافلات من العقاب والاقتصاص للضحايا فى سياق العدالة الانتقالية هو ضمان عدم تكراره مستقبلا
ان القطيعة مع ماضى الحلقة الشريرة لن يتأتى حال ظل الافلات من العقاب هو سيد الموقف سواء تحت شعار عفى الله عما سلف او عن طريق محاكمات انتقائية لا تنفذ الى جوهر الموضوع او مساومة على شراكة فى السلطة فينبغى قطع دابر هكذا سلوك سياسي بمساومة تاريخية لاستعادة الدولة من المؤسسة العسكرية وفى التقدير ان تطليق العدالة الانتقالية يخرج البلاد من المأزق الذى دخلت فيه وادى الى تعثر الحوار فيما يتصل بملف شهداء الثورة وقطعا المجلس المركزى غير مخول باعطاء اى ضمانات فى هذه القضية الشائكة باعتبار ان هكذا قضايا لا تقف عند حدود الحق الخاص فقط كما يرى الخبراء انما يتعدى ذلك سيما ان القضية لا ترتبط بالشهداء الذين سقطوا اثناء المواكب التى اعقبت انقلاب ٢٥ اكتوبر فقط او جريمة فض الاعتصام انما يشمل كل حالات عنف الدولة التى اشرنا اليها فى المقال السابق وقد شدد بيان لجنة اسر الشهداء على التمسك بعدم الافلات من العقاب فى اجتماعها مع الالية الثلاثية فى ٨ نوفمبر وردها على المجلس المركزى حول ذات القضية فى ٩ نوفمبر كما اشار البيان الى طلب اليوناميتس مناقشة القضية وهذا يؤكد ما ذهبنا اليه ان القضية اكثر تعقيدا بما يتطلب تناولها فى سياق اشمل ومختلف.
اننا نرى انه وبقدر ما ان الفرصة سانحة لاعادة الدولة لمنصة التأسيس فهى كذلك مواتية لمعالجة لترميم العلاقة بين الشعب والمؤسسة العسكرية وهذا ما ينبغى ان يعكف عليه المدنيين والعسكريين.
فى التقدير ان القطاع الاعرض من الشعب يرفض شكل التسوية التى يمضى فيها المجلس المركزى بل نقول وبثقة ان جل القوى المشكلة لتحالف قحت ترفض هذه التسوية ابرزها حزب البعث وحركة(حق)والحركة الشعبية التيار الثورى الديمقراطى والتى اوضحت مواقفها فى بيانات رسمية وفى ذات الوقت لم تجد اطروحة الحل الجذرى الذى يتبناها مركز الحل الجذرى بقيادة الحزب الشيوعى وحلفاءه الالتفاف الجماهيرى وبالتالى فان هذا يعضد من واقعية وجهة النظر التى نطرحها حول التسوية التأسيسية وتاسيسا على هذا هذا نرى انه من الضرورة بمكان ان يتقدم مركز الحل الجذرى خطوة فى اتجاه قيادة مشروع التسوية التأسيسية فهى فى تقديرنا تعالج كل القضايا التى يطرحها هذا المركز.
لا نعتقد ان الموقف الحالى للحزب الشيوعى بكل ثقله الثورى مع تقديرنا له افاد الثورة بالشكل الذى كان من الممكن ان يرفدها اكثر ويوسع قاعدتها بما له من نفوذ كبير فى اوساط الثوريين والديمقراطيين كافة ان كان اتخذ موقفا مغايرا ومضى فى اتجاه تخفيف الحمولة الايدلوجية لمفهوم الحل الجذرى وفى التقدير ان الظرف السياسي الان مواتى لاتخاذ موقف جديد
الكثير من الثوريين والدديمقراطيين من خارج صفوف الشيوعى وان اتفقوا مع الحزب فى تحليله للراهن الا انهم يرون ان التاكتيك الذى اتبعه الحزب لا يتسق مع الواقع ومحددات اللعبة السياسية وانه اغفل تأثير البيئة الخارجية اقليمية ودولية فى صناعة المشهد الداخلى وكذلك افتقار الاطروحة للاليات .
قطعا لا يمكن ان تنجح اى عملية سياسية فى ظل تعقيدات المشهد الحالى وتعدد المراكز والتحالفات الا فى حالة مشاركة كل او جل الفاعلين السياسيين فيها ومن المؤكد ان اى حوار لا يمكن ان يكون منتجا ان لم يقم ابتداء على قضايا اساسية متفق حولها وان كان هناك خلافات شكلية وفى التقدير ان القضية الاساسية التى تشكل قاسما مشتركا بين كل القوى هى قضية الانتقال واسعادة العملية السياسية من العسكر والتاسيس للدولة المدنية ومؤسساتها وبالتالي فاننا لا نرى صوابية فى استبعاد اي مجموعات او مراكز او تحالفات ايا كانت فان كنت تريد التاسيس لدولة مدنية تقوم فيها الحقوق على اساس المواطنة فمن غير المفهوم ولا المقبول انفراد مجموعة ما بتشكيل مصائر الاخرين فلا احد ولا جهة تملك الحق المقدس او شهادة بحث هذه البلاد.
تاسيسا على ذلك فالتقدير ان بجتمع كل الفاعلين على منصة وطنية لبحث كيفية اخراج البلاد من هذا النفق الذى ساهم الجميع فى ادخالها فيه وان تفاوتت الادوار ونرى انه ينبغى على الالية الثلاثية ان تتجه نحو التاسيس لهكذا منصة وتقدم اقصى الجهود كميسر لمثل هذه المنصة وبغير ذلك ستذهب كل مجهوداتها ادراج الرياح.
ثمة رسالة فى بريد المركزى ان يتحلى بقدر من الفطنة واضعاف ذلك من التواضع فان منتقدو سلوكه السياسي هم الذين اسسوا نظريا للعملية السياسية الجارية الان منذ ان حاصرهم شعار اللاءات ولم يجدوا مفرا من مجاراته فانبرى لتلك الموجة نفر ناهضوا الشعار وفتحوا لهم الطريق لقبول مبادرة فولكر وعندما دمغوا بالخيانة وقبول التفاوض ووجدوا من كتبوا ان التفاوض احدى وسائل تحقيق الاهداف وساعة اصابهم رزاز عندما قبلوا التسوية وجدوا اقلاما فى “مدح المساومة”.
اقلام كثيرة اسهمت فى التاسيس النظرى للعملية السياسية لحالية فى الصحف والميديا وفى الورش والمتتديات .
ربما كان لطبيعة اغلب قوى المركزى التى لا تؤسس نظريا لمفهوم النقد دور فى التعاطى السلبى معه الا انه ينبغى القول ان قضية الوطن فوق كل اعتبار .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..