الإقتصاد نصف المعيشة

الإقتصاد نصف المعيشة

رشيد خالد إدريس موسي
[email protected]

تعني كلمة إقتصاد في أصلها الإغريقي Oikonomos , تعني إدارة شئون المنزل. أي كيف تدير ربة البيت , شئون بيتها من مأكل و مشرب و ملبس و غيره من لوازم المعيشة. و الإقتصاد , هو منزلة بين الإسراف و التقتير. يقول تعالي في محكم تنزيله ( و الذين إذا أنفقوا لم يسرفوا و لم يقتروا و كان بين ذلك قواما ) سورة الفرقان, الآية 17. و تقتضي الحكمة أن يوازن الإنسان بين دخله و إنفاقه, لكي يعيش حياة كريمة لا ضغوط فيها.
لكن طرأت في السنين الأخيرة , ظاهرة سالبة, هي ظاهرة الإنفاق الإستهلاكي البذخي , الذي لا داع له, غير التقليد و محاكاة الآخرين, و حتي يظهر الفرد بمظهر لا يتفق مع حقيقة دخله, فيدخل في مصيدة الديون, عملاً بالمثل الذي يقول ( إدين و إتبين ). هؤلاء هم ( ناس أقرع و نزهي ) كما أشارت الكاتبة مني أبوزيد, في مقالها القصير ( مفارقة إقتصادية ).
إن المشكلة الأساسية التي تواجهها الدول النامية و منها بلادنا , هي مشكلة التكوين الرأسمالي Capital formation. و يلعب الإستثمار السالب Dissaving دور في نشوء هذه المشكلة , إذ بدل من أن يعمل أفراد المجتمع علي تعلم فضيلة الإدخار , لمقابلة مشكلات الحياة , نجدهم يستحدثون بنود صرف لا داع لها.
كانت تعمل الأسر في الماضي , علي الدخول في صندوق التوفير ( صندوق الختة ) و هو نوع من التأمين التعاوني Co-operative insurance , بحيث يتوفر للأسر , بعض المال يعينها علي مواجهة ظروف الحياة, مثل تزويج الأبناء. و كان يساعد المال الذي يتوفر علي حل مثل هذه المشكلات. لكن مع تطور الحياة و تعقدها , تم إستحداث بنود صرف أخري , عملت علي إستنزاف هذه المدخرات , مثل متابعة موضة الهواتف النقالة ( موبايل ) و العمالة المنزلية التي تعمل في خدمة المنزل و تلك التي تعمل في التجميل, و الحديث الكثير في الهاتف. و الأخيرة تعمل علي تآكل هذه المدخرات دون مقابل. لنحسب الهدر الذي يحدث جراء المكالمات هذه. و معلوم أن السودانيون, أكثر الناس حديثاً في الهاتف. و قيل أن أصحاب كبائن الإتصالات في دولة عربية, يسرون حين يدخل عليهم السوداني, للتحدث من الكبينة, فهو يتحدث كثيراً. لكنه حديث لا طائل من ورائه , غير تبديد المال.
لقد سادت النزعة الإستهلاكية Consumerism في الولايات المتحدة الأمريكية , في القرن الماضي, بفعل وسائل الإعلان و الدعاية الضخمة للسلع, و من ثم أصيب الناس هناك بشره إستهلاكي لم يسبقه مثيل. دفعت هذه الحالة , جمعيات حماية المستهلك إلي مقاومة هذه النزعة الإستهلاكية , من أجل حماية المواطن الأمريكي من الوقوع في هذا الفخ الذي تم نصبه, لإستنزاف مدخرات المواطن.
لابد من تنمية فضيلة الإدخار في مجتمعنا, و العمل علي محاربة بنود الصرف التي لا داع لها , و حفظ القرش الأبيض لليوم الأسود.

تعليق واحد

  1. لكن طرأت في السنين الأخيرة , ظاهرة سالبة, هي ظاهرة الإنفاق الإستهلاكي البذخي , الذي لا داع له, غير التقليد و محاكاة الآخرين, و حتي يظهر الفرد بمظهر لا يتفق مع حقيقة دخله, فيدخل في مصيدة الديون, عملاً بالمثل الذي يقول ( إدين و إتبين ). هؤلاء هم ( ناس أقرع و نزهي ) كما أشارت الكاتبة مني أبوزيد, في مقالها القصير ( مفارقة إقتصادية ).
    انت بتتكلم عن نسبة 5%من الشعب وهم الجماعه السارقين اموال الشعب اما السواد الاعظم من الشعب دخولهم لايغطى10%من ضروريات الحياه
    فمن اين لهم ظاهرة الإنفاق الإستهلاكي البذخي اتقى الله فيهم.

    لابد من تنمية فضيلة الإدخار في مجتمعنا, و العمل علي محاربة بنود الصرف التي لا داع لها , و حفظ القرش الأبيض لليوم الأسود. اظن انك عايش خارج دائرة الغلابه الذين لايملكون قوت يومهم ومن الجماعه اياهم كن واقعيا فى طرحك يارشيد

  2. هذا ينطبق علي حكومتنا الرشيدة التي تستورد النبق والشعيرية والبصل والماجي وغيرها من السلع الأستهلاكية بالعملات الصعبة ؟؟ بدلاً من ادوات الأنتاج والعلاج والتعلم ؟؟؟ تطبيقاً لنظرية الأنفتاح والعولمة؟ والأقتصاد الحر الذي تطبقه الدول المتقدمة والمرفهة ؟ اما رجل افريقيا المريض المتسول المديون ينفتح علي ايه ؟؟؟ اول ما لقت حكومتنا المجيدة شوية عملة صعبة من البترول وغيره تكالب علي سرقتها اعضائها وعملوها سيارات فاخرة وعقارات و كدسوها في حساباتهم بالداخل والخارج الخ والآن بعد ما اتبخرت تسارعوا للتسول علي موائد دول الخليج ويتوسلوا لأعفا الديون (يدين ويتبين) ؟ ؟ اما عن الأفراد فالأستاذ / رشيد الظاهر عايش برا السودان منذ الستينيات ؟؟ وموضوعه هذا ينطبق علي واحد من عشرة اآلاف من السودانيين ؟؟؟ ولا يعرف الآن ان معظم الأطباء يكتفوا في اكلهم بموية الفول التي كانت في الستينيات غذاء للغنم حتي تدر حليب أكثر ؟؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..