سوء الإدارة.. استعينوا بخبراء من الخارج يرحمكم الله

يقيناً أن (سوء الإدارة)، ظل هو مفتاح شخصية أزمة الخدمات في بلادنا، على مر العقود والسنوات الماضية، والمشكلة أننا نعاني من (تضخم ذات) كما يقول (المثقفاتية)، هذا التضخم هو الذي يجعلنا نتوهم قدرتنا على معالجة جميع المشاكل عبر العقول والخبرات المحلية المتوفرة أمام أعيننا.. بل لا نعترف بتجارب الآخرين الذين عبروا مراحل الأزمة وتجاوزوها بعد الاستعانة بمن هم أخبر منهم وأدرى منهم وأسبق منهم نجاحاً .
وهذا بالضبط هو واقع الأزمات المستمرة التي تواجهها بلادنا في توفير الخدمات الأساسية للمواطنين وتحديداً الكهرباء والمياه وحتى الصحة التي لم تنجح فيها إلا تلك البرامج المدعومة فنياً من منظمة الصحة العالمية مثل مكافحة شلل الأطفال ومجالات التحصين الأخرى التي تتولاها الأمم المتحدة.. أما تنظيرات مأمون وأبو قردة فأقرب أمثلة فشلها في موت الحوامل في دارفور والمنشورة تقاريره أمس .
إننا نكابر ولا نقبل الاستعانة بخبرات خارجية لأننا نعيش في حالة الوهم هذه بأن السودانيين والخبرات السودانية تقود مثل هذه المؤسسات في عدد من بلاد العالم وتقدم دورها الاستشاري للآخرين وبالتالي لا توجد حاجة للاستعانة بخبرة أجنبية هنا .
هذا وهم كبير.. مشكلة خدمات المياه والكهرباء والصحة والتعليم جميعها تحتاج الآن على مستوى التشغيل لخبرات خارجية حتى ولو كانت تلك الخبرات خليطا بين خبراء سودانيين اكتسبوا تجارب جديدة متقدمة في الخارج وأصبحوا مواكبين للأساليب والطرائق الحديثة في تشغيل هذه المؤسسات وبين خبراء أجانب لديهم قدرة على تقديم معارفهم وخبراتهم ولو بصفة مستشارين لتشغيل هذه المؤسسات المتعثرة والفاشلة .
ملوك وزعماء وقادة دول عربية وخليجية انطلقت بقوة وزاحمت ونافست مستويات دول متقدمة لا زالت دواوين الحكم والإدارة في بلدانهم مدعومة بخبرات استشارية أجنبية متنوعة التجارب بين خبراء عرب وخبراء أوروبيين ومستشارين سودانيين حتى.. فالفكرة ليست في جنسية الخبير أو المستشار بل الفكرة في نوع الخبرة التي أصبح يمتلكها من خلال تجربته .
ما تدفعه مؤسسات الدولة لمهندسين (نصف استوا) ومهندسين (تعبانين) ومديرين لا يفقهون شيئاً يمكن أن يكفي نصفه للاستعانة بخبراء مقتدرين من الخارج بإمكانهم تأسيس معالجات نهائية لهذه الأزمات .
ولست بحاجة الآن لتذكير القارئ أو لوم الحكومة على استمرار متلازمة القطوعات الأزلية (كهربا وموية) في هذه الأيام سواء كانت المبررات هي أعطال أو برمجة غير معترف بها.. فالنتيجة واحدة وهي غياب الخدمة، ولا فائدة من مطالبتنا للحكومة ولتلك المؤسسات بتوفير الخدمة لأنها ببساطة لو كانت تستطيع ذلك لفعلت لكن المشكلة أكبر.. المشكلة في مستوى القدرات الفنية وفي سوء الإدارة.. وسبب الفشل تلخصه عبارة (هذا هو الموجود وهذا هو المتوفر) فقد جربت الحكومة وجربت أشخاصاً وأنظمة تشغيل متنوعة وسياسات مختلفة لتوفير هذه الخدمات لكنها عجزت عن ذلك، وستعجز أي حكومة أخرى عن معالجة هذه المشكلة لو أصرت على نظرية (جود بالموجود) لأن هذه هي حدود الموجود وهذا هو سقف قدراته ولن يحدث اختراق ونجاح في هذه المؤسسات مالم تستعن بخبرات أخرى وتقتفي أثر التجارب المتقدمة في دول صارت فيها قضية توفير هذه الخدمات هي مرحلة قديمة وتاريخية تجاوزوها تماماً وباتوا الآن على سرج واحد مع دول العالم المتقدمة خطوة بخطوة..
وفي حوار قبل أسابيع مع رئيس وزراء الانتفاضة دكتور الجزولي دفع الله بصحيفة آخر لحظة سألته الصحيفة
كيف استتطعتم أن توفروا للمواطن خلال الفترة الانتقالية المطالب التي خرجتم من أجلها حتى لا يشعر أن البديل أسوأ؟
فقال: (طوال عمر مجلس الانتفاضة لم تقطع المياه أو الكهرباء يوماً واحداً، لأننا أحضرنا مهندساً اسمه عبد العزيز عثمان، والآن موجود بهولندا للإدارة والصيانة، واستطاع هو ومن معه من مهندسين أن يوفروا الكهرباء بالموارد المتاحة، وهذا يفسر سوء الإدارة قبل الانتفاضة).
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. التخطيط هو سبب مشكلة السودان الكبيرة
    والمهندسين غير مسئوليين عن الفشل
    سياسة الدولة العليا و التخطيط الاستراتيجي
    كيف تصفي المؤسسات كالنقل الميكانيكي و عايز العربات تكون في المواصفات الصحيحة بالنسبة للبلد
    نفس الامر بالنسبة للصيانة في الكهرباء و المؤسسات الاخري تحتاج لتخطيط وبرمجة للصيانة و تفوفير قطع الغيار
    انت ما عندك قطع غيار متوفرة في الوقت المناسب كيف تسال المهندس عن الاهمال في صيانة محطات التوليد
    وفي الوقت الضائع تبحث عن البديل بشراء محطات توليد متحركة من تركيا
    لو كان هنالك تخطيط سليم و توفير لقطع الغيار لكانت الصيانة تمت في مواعيدها وكانت الكهرباء تكون متوفرة في الصيف
    نفس المشكلة الغاء مؤسسة كالنقل الميكانيكي من الوجود وشراء البصات الصينية الهالكة دون مواصفات صحيحة و مناسبة لجو البلد و هذا ما كانت تقوم به مصلحة النقل الميكانيكي
    وقس علي ذلك كل التدهور الحاصل في المؤسسات لعدم التخطيط السليم

  2. انتو يا الكيزان لاتعترفوا بالآخر
    والله السودان يمتلك كفاءات من غير الكيزان يسو الهوايل
    لكن انتو ماعايزين الآخرين
    الكثير من الدول تتمنى ان تعين سودنيين مستشارؤيين اقتصاديين وسياسيين وقانونيين ومهندسين وعلماء
    لأنهم يتميزيون بالكفاءات والأمانة والالتزام بسرية المعلومات
    لا خائنين ولايبيعون الاسرار

    لعن الله الكيزن هم السببب في تطفيش الكفاءات
    خراب البلاد والعباد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..