لا عيد لا معيشة

لم يبقَ من العيد غير أربعة أيام فقط، وحتى اليوم لم يستطع الكثير من الموظفين صرف مرتباتهم، رغم مضي عشرة أيام من شهر مايو بسبب عدم تغذية الصرافات وزحمة البنوك. والمصيبة الأكبر أنه لا يمكن صرف أكثر من ألفين فقط، وكثير من الموظفين تورطوا فقد ظلوا يوفرون جزءاً من المرتب لمدة كم شهر حتى يستطيعوا تلبية مصاريف العيد، ولكنهم تفاجأوا بعدم السماح لهم بأخذ كل ما وفروه في يوم واحد ولا بد من صرف ألفين كل يوم، أي أن الموظف إن كان لديه ستة آلف مثلاً، عليه أن يذهب إلى البنك ثلاثة أيام متتالية وينتظر كم ساعة.
حدثتني إحدى الموظفات أنها ظلت توفر 500 جنيه لمدة 8 أشهر من راتبها الذي لا يتجاوز ألفين، إلى أن بلغ مع راتب شهر مايوم 6 آلاف، ذهبت يوم الخميس للبنك قبل الساعة 8 حتى تتمكن من الذهاب إلى السوق لشراء ملابس لأطفالها الأربعة، ثم تعود إلى البيت باكراً حسب برنامجها، وبعد عناء وصلت الكاونتر الساعة 12 لتفاجأ بالموظف يمنحها ألفين فقط، وعندما احتجت قال لها أنا موظف بنفذ الأوامر اذهبي للمدير أو تعالي يوم الأحد والإثنين لتصرف كل يوم ألفين، عندما ذهبت إلى المدير وجدت العشرات أمام مكتبه لديهم نفس مشكلتها وإن انتظرت لن تحصل إلا على ألف زيادة، وإن حاولت أن تأتي كل يوم لتحصل على ألفين ستفقد اليوم كله في البنك. هكذا يستقبل آلاف المواطنين هذا العيد بلا مصاريف، بل الأسوأ لن يستطيعوا الحصول على مصاريف المعيشة خلال الأيام القادمة.
يبدو أنَّ الحكومة لم تعد قادرة حتى على الإيفاء بمرتبات الموظفين في جميع قطاعات الدولة، ويبدو أن الأمر يمضي نحو الأسوأ، والآن هناك حالة رعب عامة تنذر بما تخاف منه الحكومة، وهو ما جعل السيد وزير المالية الأربعاء الماضي يتعهد بحل مشكلة انعدام السيولة في الصرافات، وتوفير احتياجات عملاء البنوك في غضون الأيام القليلة القادمة، وأن أي شخص (داير مصاريف العيد حيلقاها) مع أن العيد يوم الجمعة، ولو كانت هذه السيولة جارية مع النيل لن يستطيع الوزير توفيرها في هذه الأيام القليلة، ولكن هي محاولة يائسة لتطمين المواطنين الذين لم يصدقوا الحكومة يوماً، ولن يصدقوها اليوم وإن امتلكت عصا موسى.
المصيبة الأكبر ستأتي بعد العيد، فتفكير الحكومة الإجرامي لا يهديها إلا لحل مشكلاتها من خلال الضغط على المواطن رغم كثرة الحلول الأخرى، فهي ستستقبل المواطنين بأزمة جديدة وهي تغيير العملة فئة الخمسين التي قالت إنه تم تزويرها بكميات كبيرة، وبهذه الفكرة إنما تريد أن تسحب كل الأموال الموجودة في أيدي المواطنين، وتمنحها لهم بطريقتها وليس مستبعداً أن تحرمهم منها نهائياً، لم يتبقَّ لها إلا أن (تتلب في بيوت الناس).
عموماً الحكومة استفحل عندها عمى البصر والبصيرة وعليه متوقع منها أكثر مما يحدث الآن، أما المواطنون فتنتظرهم أيام أكثر سواداً، فهل يستطيعون تحمل المزيد من برامج الموت البطيء، أم سيلبون نداء الخلاص والحياة.
التيار