مقالات سياسية

للمحتجين على تعيين النساء أقول

د.معتصم بخاري

أدهشني الى حد الصدمة إرتفاع بعض الأصوات المعترضة علي تعيين بعض النساء في منصب الوالي في بعض ولايات السودان.

مصدر دهشتي و صدمتي لا ينبع فقط من أن هذا التفكير المتخلف لا يتسق و تطور الحياة في القرن الحادي و العشرين، بل لا يأخذ في الإعتبار الواقع المعاش. و لا يري معطوبي الفكر هؤلاء ما يحدث في العالم حولهم..بريطانيا سيدة العالم يوما، قادتها بحكمة وقوة مارجريت تاتشر في فترة من أهم الفترات في تاريخها.. المانيا اقوي اقتصاد أوروبي تقودها الآن بحنكة وقوة و إقتدار المستشارة انجيلا ميركل… وزيرة الدفاع في فرنسا صاحبة واحد من اقوي جيوش الأرض أمرأه.. رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا ارديرن تقود بلادها بحكمة و دراية يحسدها عليها رجال الأرض أجمعين. رئسية صندوق النقد الذي يدير و يتحكم في إقتصاد العالم إمرأة.. بل إن مرشحة الرئاسة في أقوي دولة في العالم الآن، الولايات المتحدة الأمريكية، لم تكن إلا هيلاري كلينتون التي كانت تشغل منصب وزيرة الخارجية. هذه مجرد أمثلة تؤكد قدرة المرأة دون أدني شك أن تكون حقا شقيقة الرجال في كل شأن.

إذا نظرنا الي واقعنا في السودان لرأينا أن المرأة لم تتخلف يوما عن القيادة و الريادة، فتاريخ السودان يحكي عن ملكات ضربن أعظم المثل في الحكم الرشيد، و لا يعلم محدودي الخيال هؤلاء الذين استنكروا عليها أن تكون والي ولاية إنها تبوأت من المناصب في السودان أعلاها و أخطرها، فكانت رئيسة حزب، وزيرة، قاضية، مديرة جامعة، طبيبة، مهندسة و هلم جرا..

و لدي تساؤل لعاطلي الفكر محدودي الخيال هؤلاء، أين كانت أصواتكم المنددة هذه و النساء وقفن جنبا الي جنب مع الرجال في الثورة الباذخة التي أطاحت بحكم الأبالسة الذي جثم علي صدر بلادنا لثلاثين عاما، لماذا لم تستنكروا عليهم تضحياتهم ووقوفهم كتفا بكتف مع الرجال في التصدي لإجرام النظام المقهور المقبور و بطشه.. تحملن الضرب و الإعتقال بل و الموت بعزيمة و جلد و بشجاعة أذهلت العالم، و كانت كل أيقونات الثورة من النساء..

لا أدري أي ضعف و خوار ذلك الذي يدفع رجل ليرفع عقيرته منددا بتولي إمرأة لمنصب والي ولاية.. و الشاهد أن النساء أكثر أمانة و حرصا علي المال العام من الرجال إلا منسوبات نظام الأبالسة المقبور.

يجب أن ترتفع أصوات الرجال مساندة و داعمة لتولي النساء للمراكز القيادية علي اساس الكفاءة و ليس علي اساس الجندر فحسب، و أن تستنكر كل صوت يطالب بإبعادهم عن المشاركة في قيادة البلاد.. السودان يحتاج الي جهد كل أبنائه رجالا و نساءا من اجل النهوض به و لتجاوز هذا المخاض الصعب. والله من وراء القصد.

د. معتصم بخاري

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..