قرية اراك الكاتب ٣٦ عاماً بدون خدمات

مواطنو القرية:
• الأرض مياهها مالحة وحفرنا عدة أبار جوفية كلها كانت مالحة.
• أكثر من ٨٠٠ منزل ،، القرية خالية المدارس
• شبابنا يخرجون للعمل في أعمال هامشية بسبب عدم التعليم.
• تقدمنا بالعديد من الشكاوى ودائماً ما يتم الرد بنعم دون تنفيذ.
الميدان: إلهام عباس
عندما أصاب البلاد الجفاف والمحل في العام ١٩٨٤ وخاصة في الأقاليم للحد الذي أكل الناس فيه من أقوات النمل، نزح الكثيرون من ديارهم نحو الخرطوم واستوطنوا أطرافها بعضهم رجع بعد زوال السبب والبعض الآخر ظل باقياً حتى الآن، منهم في منطقة الشيخ ابو زيد جنوب سوق ليبيا وجزء كبير منهم في منطقة اراك صالح واراك الكاتب وهي المنطقة التي نحن بصدد الحديث عنها في هذا التحقيق والتي تقع شمال شرق جبل أولياء، وبالطبع الحديث عن انعدام التنمية وسوء الخدمات الأساسية في الأقاليم عبر الحقب ومنذ الاستقلال وحتي الآن يعد حديثاً مكررا ولا يحمل الجديد ولكن أن تكون هذه المنطقة (اراك الكاتب) بدون أية خدمات وهي داخل ولاية الخرطوم وأن تظل على هذا الحال كل هذه المدة هو ما يدعو للدهشة والتساؤلات.
• نداء استغاثة:
جاءت فكرة زيارة المكان بدعوة من ابن المنطقة البار فضل المولى جابر الذي التقته الميدان صدفة في محلية جبل أولياء ضمن عدد كبير من المزارعين أتوا لمقابلة معتمد المحلية بخصوص شح الجاز مما أضر بمشاريعهم الزراعية، وحكى عن معاناة إنسان المنطقة وعدم توفر أبسط حقوق الإنسان فيها وقال بأسى شديد للميدان (الناس ديل تعبانين شديد والله) وقال أيضاً إن من أشد ما يقلقه هو عدم وجود من يقرأ أو يكتب في كل المنطقة.
• تلبية الدعوة
قامت الميدان بتلبية الدعوة بالتحرك إلى هناك للوقوف على حقيقة الأمر، وبعد جهد وعناء وصلنا المكان ليس بسبب البعد ولكن بسبب وعورة الطريق الاسفلتي أو من المفترض أنه كذلك ولكنه متهالك جداً وملئ بالحفر العميقة، ويبدو واضحا أنه مرت عليه عشرات السنوات بدون أدنى ترميم وعلى طول الطريق تنمو أشجار المسكيت والكثير من النباتات العشوائية، وأيضاً الكنار الذي من المفترض أنه يسقي المشاريع الزراعية التي يعمل بها غالبية السكان ورغم ذلك يشتكون من عطش الزرع والإنسان.
• مقدمة تاريخية
ومن داخل اراك الكاتب وبعد التجول داخل المكان الذي يبدو خاليا من الحياة والناس ومن داخل منزل أحد كبار المنطقة ويدعى الخضر علي أحمد طلبنا منه إعطاء ملخص تعريفي قصير عن المكان وساكنيه فقال: نحن من قبيلة الكبابيش من شمال كردفان وتحديدا من محلية مندرابة أتينا إلى هنا في العام ١٩٨٤، بعد أن عانينا من الجفاف والتصحر ونحن كقبيلة عرفنا بأننا عمليين وأهل جاه وثروة ولكن أجبرتنا الظروف أن نأتي إلى هنا ونترك ديارنا، جزء منا استقر في منطقة السلمة وجزء في سوبا وهؤلاء لا يعملون بالزراعة وجزء استقر في منطقة العباسية بجبل أولياء، وأما نحن هنا موزعين في عدة أحياء (شرفت بدر، شرفت الكبابيش، بركة الكبابيش، الفكي حسن) وبعد أن استقرينا في هذا المكان صرنا نعمل بالزراعة أما (بالدقندي) أو بالشراكة وأيضا نعمل بالرعي، وعرفت المنطقة بـ(اراك الكاتب) نسبة لرجل جعلي تواجد في المكان من قبل الحكم الانجليزي واسمه فضل المولى الكاتب وذلك لأنه كان الشخص الوحيد الذي يكتب ويقرأ وسجلت المنطقة باسمه، وهنالك أيضاً (اراك صالح) وسكانها من قبيلة الجموعية ولكن طبعا هي حرم الحكومة لا ينازعنا فيها أحد، ولكن الأراضي الزراعية أغلبها يمتلكها الجعليين الذين تواجدوا هنا منذ عهد الانجليز وقد تزاوجنا معهم وناسبناهم.
• أزمة مياه الشرب
سألنا الشيخ الخضر: ماذا عن أزمة المياه؟؟
ابتدر حديثه بالقول هذه الأرض مياهها مالحة وقد حفرنا عدة أبار جوفية ولكن كلها كانت مالحة، واحدة فقط كانت مياهها طيبة ولكنها سرعان ما تعطلت فحفرنا أخرى بالقرب من الكنار على بعد خمسة كيلومترات منه، وقمنا بمد المواسير تحت الأرض وحتى الصهريج الذي يسقي المنطقة ولكن الماء يأتي ضعيفاً وبالتالي يضطر الناس للوقوف صفا لأخذ المياه من الصهريج عن طريق عربات (الكارو) منذ الصباح الباكر وحتى الظهر مقابل مبلغ رمزي يتم وضعه في صندوق خاص بالمنطقة للمساعدة في الأعمال والمناسبات الخاصة بالمنطقة ولدفع مرتبات الثلاثة عمال الذين يشرفون على الصهريج والبئر. ويواصل السيد الخضر حديثه بالقول: الآن يتم حفر بئر جديدة بدعم من محسن إماراتي يعمل معه واحد من أبناء المنطقة وأراد أن يكرمه فسأله بماذا أكرمك؟ فقال له أنا أهلي عطشانين والآن تقريبا انتهي الحفر وتبقي أن يتم فحص المياه لمعرفة ما إذا كانت صالحه للشرب أو لا.
سألناه: لماذا لم يتم توصيل شبكة المياه إلى منازلهم؟؟
أجاب بقوله: أجرينا عدة محاولات كان آخرها قبل ثلاث سنوات احضرنا المهندس وقيم التكلفة بثلاث مليارات ونصف ولم نكن نستطيع دفع المبلغ.
• ماذا عن الكهرباء*
يقول السيد الخضر: بالنسبة للكهرباء فقد قمنا بتوصيلها في العام ٢٠٠٠ وبالجهد الذاتي وفي ذلك الوقت كانت هناك همة ونشاط وقمنا بصناعة الأعمدة الكهربائية بأنفسنا، أحضرنا القوالب وقمنا بصب الأعمدة أما الأسلاك فأخذناها من إحدى الشركات بإيصال أمانة وكان المبلغ في ذلك الوقت ١٢ مليون جنيه تسدد على ثمانية أشهر، وعندما تبقي لسداد القسط الأول عشرون يوماً ذهبنا لمقابلة المعتمد في ذلك الوقت وتحدثنا إليه بلهجة حادة فقام بتصديق خطاب لديوان الزكاة فتم سداد التكلفة والحمدلله.
• بخصوص التعليم والصحة:
وعن هذا الجانب أوضح لنا محدثنا أن (أراك الكاتب) كبيرة جداً تشتمل على أكثر من ٨٠٠ منزل ولكن لا يوجد بها لا مدرسة أساس ولا ثانوي ولا حتى روضه فقط يوجد خلوة ولكن الشيخ نادراً ما يأتي وهنالك مساحات خصصت للمدارس ولكن لم نتمكن من تشييدها حتى الآن وذلك بسبب قلة الامكانيات.
_ هل يذهب الأبناء إلى المدارس خارج المنطقة؟
البعض منهم يذهب لكنهم لا يستمرون وذلك لعدم وجود من يتابع معهم من المنزل فجهد المدرسة يجب أن يقابله أيضاً جهد من البيت ولكن لا يوجد متعلمين أساساً.
_ هل كنتم تلتحقون بالمدارس في شمال كردفان؟؟
أجاب بنعم وقال إن التعليم هناك كان ممتازا وأن خريج رابع أساس مستواه أقوى ممن هم في الثانوي الآن.
_ الم يسبق لكم تقديم شكاوى لجهات حكومية؟؟
_ بالطبع قمنا بتقديم الكثير من الشكاوى ودائما ما يتم الرد عليها بنعم ولكن دون تنفيذ.
وبالنسبة للمراكز الصحية فهي أيضاً معدومة بالمنطقة وأقرب مكان للعلاج جبل أولياء يوجد عيادة قريبة، ولكن من كثر الخلق إذا ذهبت الصباح الباكر تأتي المغرب وذلك لأنها الوحيدة وهي خارج المنطقة وأحيانا كثيرة لا يأتي الطبيب، وكذلك لا توجد وسيلة مواصلات سوى البكاسي ومع شح الوقود يتوقف أغلبها ولذلك إذا مرض شخص فمن الصعوبة إسعافه.
• مشاكل أخرى:
يواصل الخضر في سرد مشاكل المنطقة للميدان قائلاً: أقرب سوق على بعد ١٢ كيلو متر، وأيضاً نواجه صعوبات في توفر غاز الطبخ وإن توفر بأسعار عالية ولذلك نعتمد على الحطب أكثر وأيضاً هنالك بعض المشاكل الأمنية.
• الايجابيات:
قلنا لمحدثنا: مع كل هذه المشاكل لماذا تتمسكون بالسكن في هذا المكان؟؟ فأجابنا بقوله إن سماحة (أراك الكاتب) في الزراعة ونحن نقع في الوسط بين مشروع سندس ومشروع الجزيرة وأضاف قائلاً: وكما ذكرت لكم أغلبنا مزارعين ورعاة وشبابنا يخرجون للعمل في أعمال هامشية بسبب عدم التعليم.
تبقى أن نسألك: هل لديكم أزمة خبز كما في كل البلاد؟ أجاب إن الخبز متوفر بالمنطقة فالغالبية يفضلون أكل الكسرى رغم غلاء سعر الذرة حيث وصل سعر الكيلة إلى ١٤٠٠ جنيه.
انتهت جولة الميدان داخل (اراك الكاتب) وأصابتنا غصة لسوء الأحوال فيها و تبقي أن نقول أن الأوضاع في (اراك صالح) أفضل إذ أن بها مدارس إضافة لتوصيل شبكة المياه وذلك لأن بها شخص كان صاحب نفوذ في العهد البائد رغم أن المنطقتين يفصلهما شارع وذلك بحسب أقوال ابن المنطقة فضل المولى جابر.
__
الميدان 3717،، الأحد 8 نوفمبر 2020م.
لا أجد ردا على مطالب أجيال السودان الحديثة بالمياه و الكهرباء سوى ما حمله مثقفى هذه البلاد من رسائل سامية فى أنتاجهم الفكرى وهم يقبضون على جمر تراثها وهويتها الاصيلة, فهاهى عقد الجلاد تجيبهم موشحا :
يا حسين أنا مانى أمك وانت ماك ولدى
بطنك كرشت غي البنات نافي
دقنك حمست (جلدك خرش مافي)
وكت الوهم وافيت وكت العلم جافي
صدق الوعد نافيت مر الصدق وافي
متين يا حسين أشوف لوحك معلق
لا حسين كتل لا حسين (مفلّق)
فأين نحن من علوم الرعيل الاول وفليقهم ومضارباتهم اليومية, أين المسادير التى كانوا يسدرون بها بعضهم فيستعينوا بها على المسغبة وشظف العيش التى دعا لها كل الادباء السودانيين و حملها التراث السودانى سفرا مقدسا جيل بعد جيل.
ﻗﻮﻝ ﻟﻠﺸﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﺮﺑﻮﺕ ﺯﻣﻨﻜﻢ ﻭﻟﻰ
ﺩﺍ الويكاب … ﻏﺎﻳﺘﻮ ﻣﺎﺍﺍﺍﺍ ﺑﺘﺨﻠﻰ
ﺻﺤﻦ أم تكشو ﻣﺎﺍﺍ ﺑﻨﻨﺴﺎﻛﺎ ﺣﺎﺷﺎ ﻛﻼ
ﻭﺍﻟﺒﻨﺴﻰ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ _ ﻳﺎ ﺩﺍﺍﺍﺍﺑﻮ ﻃﺶ ﻭﺿﻠﺔ.