عودة المهدي..!!

كل المؤشرات تقول إن حزب الأمة قد قرأ الواقع الحالي بالسودان قراءة متأنية، ولذلك حاول منذ نفض يده من الحوار الوطني في مهاده بعد اعتقال زعيمه الامام الصادق المهدي أن يفرض واقعاً جديداً ، فهو يريد أن يكون الحوار جامعاً على غرار المؤتمر الدستوري أو المائدة المستديرة وأن الحوار لن يكون جامعاً وفقاً لهذه الشروط إلا من خلال مشاركة المعارضة المسلحة ممثلة في الحركة الشعبية لتحرير السودان وحركات دارفور، وهذا الموقف يجرد الحزب الحاكم من ثنائية المفاوضات مع الحركات، والتي ظلت سياسة قائمة منذ أمد بعيد، وهذا الموقف لا يختلف عن موقف الترويكا الغربية التي أكدت أهمية مشاركة المعارضة المسلحة في أي حل للأزمة السودانية وأيضاً لا يختلف عن موقف الحزب الحاكم الذي أعلن عن تقديمه ضمانات لقادة الحركات المسلحة للمشاركة في الحوار.
ولكن السؤال الذي ظل قائماً من الذي يستطيع توحيد هذه الحركات ..يبدو أن حزب الأمة نجح في ذلك بانخراطه في تحالف نداء السودان.
بعد أن أكمل حزب الأمة ترتيب البيت الداخلي لتحالف نداء السودان، هاهو يسير بنجاح في طريقه لامتلاك زمام المبادرة السياسية بالسودان، ومن الواضح أن أي حل للأزمة الحالية لن يتم بمعزل عنه ، وتهديد حزب الأمة بخيار الانتفاضة ليس سلاحاً جديداً رفعه في وجه الحكومة ، فقد رفعه من قبل بعد اعتقال المهدي لادراكه أن الشارع السوداني في ذلك الوقت لا يزال مهيأً للانتفاضة وينتظر من يقوده، فجذوة أحداث سبتمبر 2013 التي قادها الشباب غير المنتمي للأحزاب كانت متقدة في انتظار من يشعلها وقد كان فقد فعلها الشباب مرة أخرى في العام 2018 ومستمرة حتى الآن، والحكومة من جانبها كانت تدرك هذه الحقيقة ، لأن الأسباب هي ذات الأسباب ولكنها لا تملك غير حلولها التقليدية وهي سياسة القمع في مواجهة المحتجين.
طريق حل أزمات السودان واضح وشباب السودان حددوا ملامحه وحزب الأمة وضع الآن مشروع خريطة طريق ليسلكه الجميع بغية الوصول للحل، وبدا المهدي بعد خطبته الأخيرة هو الزعيم المؤهل لقيادة التغيير خاصة وأن حزبه يمتلك الأدوات اللازمة لهذا التغيير، وأن المطلوب تفعيل هذه الأدوات لإجبار الحزب الحاكم على تغيير مواقفه لصالح الحوار الذي سيقود إلى تفكيك دولة الحزب لصالح دولة الوطن للجميع. فالشعب السوداني والمعارضة بجميع أطيافها السياسية والمسلحة كانت في انتظار حزب الأمة، وهاهو قد فعلها هذه المرة؟ ولكن المحطات القادمة التي تنتظر قطار الامام ليست مفروشة بالورود بل مليئة بالأشواك التي تعمل جماهير الأمة على عزلها من الطرقات لأن الفرصة لن تأتي مرتين ولا مجال للتفريط في هذه الفرصة الأخيرة.. عموماً حزب الأمة عاد اللاعب السياسي الأول وبادر باحراز اولى اهدافه في شباك الحكومة.
الجريدة