
حكومة بورتسودان لا تبحث عن حلول بقدر ما تبحث عن اعتراف بأي ثمن. فبدلاً من أن تعالج الكارثة التي صنعتها بيدها وتوقف الحرب التي تأكل البلاد، تمضي في لعبتها المفضلة: الضغط والابتزاز، داخليًا على المواطنين وخارجيًا على المجتمع الدولي.
مشروع القرار الذي طرحته لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأمريكي، الداعي إلى نزع شرعية أي تمثيل سوداني حتى قيام حكومة مدنية منتخبة، لم يأت من فراغ. العالم بدأ يقرأ هذه السلطة كما هي: سلطة أمر واقع بلا شرعية، تختبئ خلف بيانات جوفاء ولا تفعل شيئًا سوى تكريس الحرب والفوضى. والأخطر أن القرار الأمريكي قد يفتح الباب لعزلة دولية واقتصادية خانقة، لن يدفع ثمنها البرهان ولا جبريل ولا كامل إدريس، بل المواطن السوداني البسيط.
ورغم هذا الوضع المخزي، تجرأت حكومة بورتسودان على إرسال وفد إلى السعودية يتقدمه جبريل إبراهيم، الرجل الذي تلاحقه العقوبات الأمريكية بتهم التعامل مع حماس وإيران. هذه الحكومة التي تحرّض السودانيين على رفض الاتفاقات الإنسانية وتسيء علنًا للسعودية، تريد في الوقت نفسه أن تستقبلها المملكة بالأحضان! أي منطق هذا؟ أي دولة محترمة ستفتح أبوابها لمن يهاجمها في العلن ويتسول دعمها في الخفاء؟
هذا ليس مجرد فشل سياسي؛ هذه عقلية “الابتزاز الرخيص” التي تحاول أن تجعل من معاناة السودانيين ورقة مساومة مع العالم. حكومة بلا تفويض شعبي، بلا رؤية مدنية، بلا مصداقية، تراهن على أن المجتمع الدولي سيتعب من صبره ويمنحها الاعتراف. لكن ما لا تدركه هو أن هذا الطريق يقود إلى عزلة كاملة ستشطب اسم السودان من الخرائط السياسية الفاعلة، وتترك الشعب وحيدًا أمام الفقر والحصار.
حكومة تحترم شعبها لا تُرسل المتهمين بالعقوبات الدولية في وفودها الرسمية، ولا تهاجم الدول الشقيقة ثم تتوقع منها استقبالها بالورود. حكومة تحترم شعبها لا تُقامر بتمثيله الدولي ولا تساوم على لقمة عيشه مقابل اعتراف سياسي. ما يحدث اليوم ليس دبلوماسية ولا سياسة، بل مقامرة خاسرة على مستقبل وطن بأكمله.




عفيت منك استاذ اواب
مقالك عميق جدا جدا وفي الصميم .!!!
من المعروف عن السياسة السعودية انها تتبنى طول النفس والصمت النبيل تجاه الدول والشعوب خاصة تلك القريبة منها فهى تنأى دائما عن الدخول فى مهاترات لا تغنى ولا تسمن ,,,هذا النهج أكسبها قدرا من الاحترام فى محيطها الاقليمى والدولى .. خطت المملكة خطوات جبارة فى تاهيل كادر سعودى نال التعليم والتدريب فى أرقى الجامعات والمعاهد على مستوى العالم ولم تستنكف المملكة ارسال بعثات الى كل دول العالم شرقا وغربا حتى دخل كادرها المؤهل الى سوق العمل فى قطاعيها الخاص والعام,,,, مما يؤسف له أن زيارة كامل ادريس الى الرياض كانت سيئة التوقيت والبرمجة لانها تقاطعت مع زيارة رئيس الوزراء الباكستانى ومعلوم ان اسلام اباد هى أوثق حلفاء السعودية فى المنطقة بل هى ربما تكون الضامنة الاولى لأمن المملكة من الجوار الاقليمى كما أن هذه الزيارة يبدو أن الترتيب لها تم من مكتب خلفى ( وربما قُصد لها الفشل أساسا) لا من احد مكاتب الدولة السودانية فالذى أصدر أعلان رفض بيان الرباعية والسعودية أحد أطرافها أشار بكلمات فيها قدر من عدم الانضباط فى استخدام مفردات اللغة بل ربما وصل الامر صراحة الى اتهام بعض الاطراف بالتدخل فى الشان السودانى…هذا يبدو أنه كتبه أحد محررى الصحف الحائطية التى كانت تعلق فى مقهى النشاط الجامعى ويمر بها أحد قرائها ويدلق عليها كوبا من مشروب الكركدى او حتى كوبا من ماء من البرٌٌٌٌٌٌٌاد المجاور ولا ننسى بطبيعة الحال التدهور الذى شهده الأداء بشكل عام فى مكاتب الدولة خاصة بعد لوثة التمكين والتى بها تسنم العمل ذوو الكفاءات المتدنية مع ضمور فرص التدريب والتجويد فما يشهده السودان ليس نتيجة خطأ فردى أنما ثمرة انهيار كامل للدولة فى كل مستوياتها فلا يعقل أبدا أن تكون الزيارة الاولى لرئيس وزراء رغم الاختلاف حول شرعيته بهذه الدرجة من السبهللية ولنقل الميوعة وعدم الدقة لقراءة كل الظروف المحيطة بها حتى فى اخر مراحلها.. والسيد كامل ادريس وهو الذى عاش فى سويسرا يعرف معانى الدقة والالتزام بالخطط والبرمجة… السودان يدفع اليوم التكلفة العالية للمحسوبية والفساد فكل يقرب ذويه ومحسوبيه على حساب الوطن ولا يهم أى درك سيصله البلد فى قاع الانهيار… زيارة كامل ادريس كان لا بد أن تفشل وبرفقته جبريل ابراهيم والذى ادرج على قائمة العقوبات الامريكية هل تظنون ان الرياض ستقدم شيكا مصرفيا له…؟؟ مسؤولية فشل الزيارة لا يتحملها كامل ادريس بمفرده وهو من تعذر بتعرضه للتسمم الغذائى بل يتحمل الفشل البرهان نفسه وشلته من العسكر فى بورتسودان ومعهم اولئك القابعون فى المقاعد الخلفية العابثون بأمر البلاد غير ابهئين بمصيره..
التحية و التقدير استاذ أواب كلامك صحيح شكرآ على مقالك الجميل