مقالات وآراء

ماذا تعني حكومة انتقالية؟

إنّ الإشكال المركزي للسلطات الانتقالية بشقيها المدني والعسكري يكمن في عدم التقيد بالمهام الانتقالية. ويعود والسبب الأساسي هاهنا لعدم المعرفة التامة بهذا المفهوم الدقيق. لذلك نتجت مخالفات عديدة تُرجأ جُلهّا إلى المخالفة المركزية، أعني عدم التقيد بمهام هذه المرحلة.

تمارس حكومة قوى الحرية والتغيير مهام هذه الحقبة بأريحيّة مدهشة وتتحجج بأنها مفوضة تفويضا صريحا من قبل من قام بالثورة، دونما دون تحديد لهذا التفويض المزعوم. فهذا الأمر يسدل الستار إما عن جهل تام بمهام هذه المرحلة أو – أغلب الظّن عن استبداد واستغلال لحال الثوار الذين يتحرجون في نقد حكومتهم ويضعون جلّ اهتماماتهم في سياق الكشف عن عناصر النظام البائد بيد أن الفرد منا يجد أيدي هذا الأخير قد بسطت قبضتها على كل جنبات حكومة حمدوك. دعونا نمثّل لذلك: نجد صلاحيات اللجنة الفنية التي عُينت من قبل المشير المخلوع لإدارة ملف مياه النيل والسد الأثيوبي تستمر كما كانت عليه حتى وبعد أن أُعيد تشكيلها ليترأسها ياسر عباس بدلا عن عثمان التوم أو خضر قسم السيد، آخر وزراء البشير. من المدهش أن هؤلاء ظلوا يمارسون صلاحياتهم وإلى الآن، كمفاوضين ومستشارين وآمرين. ومما يدهشني يا سادتي أن السيد الوزير المخوّل إليه حسم الأمر في هذه القضية المصيرية لا يتحرج من أن يخالف اتفاقيات تاريخية صارت من المسلمات لكافة البرلمانات الديمقراطية المنتخبة سيما اتفاقية 1902 التاريخية مع أثيوبيا، ضف على ذلك اتفاقيات مياه النيل، والتي بغض النظر عن وجهات النظر حولهما، فليس من صلاحيات السيد الوزير من إعادة التفاوض حولهما، لكن ذلك يرجأ لصلاحيات حكومة يتم انتخابها من قبل برلمان أتى عبر صناديق الاقتراع. وتكمُنُ مهام الوزير الانتقالي فقط في نقل وزارته من وزارة شمولية حزبية إلى وزارة مدنية ديمقراطية وقومية ومن ثمّة تصريف أعمال الريّ إلى حين مجيء نظير منتخب.

ولابد لنا يا أخوتي من وقفة تعكس مصيبة جلل، ألا وهي أن الوزير نفسه لا يخالف مهامه الانتقالية فحسب، بل يرتكب في هذا وذاك مخالفات جدًا مخجلة: مثل تصريحاته المتناقضة على حد قوله: “أن مخاطر السد الأثيوبي مثل مخاطر السد العالي!”.

ذلك على الرغم من أن هذا الأخير مصريّ الهويّة، ومخاطره تقع على المصريين الذي يعون بعمق الخطورة، وأحسب أن لديهم خطة طوارئ محكمة لمعالجة احتمالات الخطر التي ربما تُلمّ به. بينما الآخر أثيوبي لكن خطره يقع على السودان بحكم أنه يتربع مكانه في إقليم بني شنقول السوداني المحتل المتاخم لحدودنا ويهدد بلاد النيلين بالدمار الشامل وفقا لشهادات خبراء ومهندسين مختصين، نجد في مقدمتهم البروف قريش والمهندس حيدر بخيت وغيرهم من العلماء الوطنيين الذين حذروا مرارا وتكرارا من خطر السعة الضخمة للسد والتي تبلغ 74 مليار متر مكعب، وأن السعة بعد التعلية قد تبلغ ٩٠ مليار متر مكعب، ذلك يعادل – للتوضيح – مئتين بحيرة على شاكلة بحيرة سد سنار. ومن جهة أخرى نجد السيد وزير الري يناقض نفسه مرة تلو الأخرى مطمئنا أهل السودان بأمان السد الاثيوبي، ذلك ودون أن يقدم دراسة فنية من مكتب استشاري مختص ومعترف به دوليا، فضلا عن عدم وجود دراسة تأمين أو المطالبة بالتأمين على المخاطر مهما كان حجمها.

ولنحمدن الله الآن أن أمريكا والبنك الدولي قد وضعوا ضرورة أمان السد في لب الاتفاق الذي ينشد أن يُوقّع في غضون الشهر الجاري، ذلك يعني بالضرورة أن نعود مرة أخرى إلى موضوع المخاطر، من جهة حصر المخاطر والتنويه بها، ومن جهة أخرى ضرورة وجود دراسة فنية جادة والاستعانة بخبرات المكتب الاستشاري الفرنسي في الأمر. نرى تترد أثيوبيا في التوقيع على الاتفاقية إذ أنه سيقودها بالضرورة لتخفيض السعة الضخمة والتي يمكنها دون أدنى شك أن تمحو سودان الأزرقين من الخارطة كما أدلى بذلك بعض المختصين في مجال دراسة السدود. (وللحديث تتمة)

محمد عثمان الفاضلابي
[email protected]

‫3 تعليقات

  1. طيب يا فاضلابي هل تقصد أن تمتنع الحكومة الانتالية ووزير ريها من التوقيع على أي اتفاية إقليمية أو دولية في هذه الفترة الانتالية وتُرجيء أي رار بشأنها انتظاراً للبديل المنتخب كما أسميته؟؟
    يا خي دا انت الما فاهم مهام الفترة الانتقالية، فهذه المهام محصورة في القضايا المصيرية للضعب السوداني داخل السودان مثل الهوية والنظام الدستوري ونوع وشكل الحكم والتقسيم الاداري ونحوه. ولا تعني مهام الفترة الانتقالية أن الحكومة الانتقالية لا تمل السودان في العلاقات الخارجية الدولية ومع الجيران وغاية الأمر إن رأت الحكومة الانتقالية أن ترجيء شيئاً من ذلك للحكومة المنتخبة هو أن تمتنع أو تتحفظ في التوقيع لتعودالحكومة المنتخبة لاحقاً وتجيز أو تسحب هذا التحفظ – ولكن هذا لايجوز في حالة اتفاقية سد النهضة التي لا ينفع معها التحفظ فإما الموافقة على بناء وتشغيل السد أو رفض بنائه بالمواصفات المخطط لها أو خطة تشغيله. إنت بس عاوز تطعن في الحكومة الانتقالية – طيب ومالو – بس اطعن في موضوعية التصرف المعني وليس في صلاحية الوزير ممثل الانتقالية الذي اتخذه!

  2. طيب يا فاضلابي هل تقصد أن تمتنع الحكومة الانتقالية ووزير ريها من التوقيع على أي اتفاقية إقليمية أو دولية في هذه الفترة الانتالية وتُرجيء أي قرار بشأنها انتظاراً للبديل المنتخب كما أسميته؟؟
    يا خي دا انت الما فاهم مهام الفترة الانتقالية، فهذه المهام محصورة في القضايا المصيرية للشعب السوداني داخل السودان أو التي تخصه وحده مثل الهوية والنظام الدستوري ونوع وشكل الحكم والتقسيم الاداري ونحوه. ولا تعني مهام الفترة الانتقالية أن الحكومة الانتقالية لا تمل السودان في العلاقات الخارجية الدولية ومع الجيران وغاية الأمر إن رأت الحكومة الانتقالية أن ترجيء شيئاً من ذلك للحكومة المنتخبة هو أن تمتنع أو تتحفظ في التوقيع لتعودالحكومة المنتخبة لاحقاً وتجيز أو تسحب هذا التحفظ – ولكن هذا لايجوز في حالة اتفاقية سد النهضة التي لا ينفع معها التحفظ فإما الموافقة على بناء وتشغيل السد أو رفض بنائه بالمواصفات المخطط لها أو خطة تشغيله. إنت بس عاوز تطعن في الحكومة الانتقالية – طيب ومالو – بس اطعن في موضوعية التصرف المعني وليس في صلاحية الوزير ممثل الانتقالية الذي اتخذه!

  3. طيب يا فاضلابي هل تقصد أن تمتنع الحكومة الانتقالية ووزير ريها من التوقيع على أي اتفاقية إقليمية أو دولية في هذه الفترة الانتالية وتُرجيء أي قرار بشأنها انتظاراً للبديل المنتخب كما أسميته؟؟
    يا خي دا انت الما فاهم مهام الفترة الانتقالية، فهذه المهام محصورة في القضايا المصيرية للشعب السوداني داخل السودان أو التي تخصه وحده مثل الهوية والنظام الدستوري ونوع وشكل الحكم والتقسيم الاداري ونحوه. ولا تعني مهام الفترة الانتقالية أن الحكومة الانتقالية لا تمثل السودان في العلاقات الخارجية الدولية ومع الجيران وغاية الأمر إن رأت الحكومة الانتقالية أن ترجيء شيئاً من ذلك للحكومة المنتخبة هو أن تمتنع أو تتحفظ في التوقيع لتعود الحكومة المنتخبة لاحقاً وتجيز أو تسحب هذا التحفظ – ولكن هذا لايجوز في حالة اتفاقية سد النهضة التي لا ينفع معها التحفظ فإما الموافقة على بناء وتشغيل السد أو رفض بنائه بالمواصفات المخطط لها أو خطة تشغيله. إنت بس عاوز تطعن في الحكومة الانتقالية – طيب ومالو – بس اطعن في موضوعية التصرف المعني وليس في صلاحية الوزير ممثل الانتقالية الذي اتخذه!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..